كشفت دراسة أميركية حديثة نشرتها مجلة "Journal of Psychology"، في 16 تموز/يوليو 2024، عن علاقة مقلقة بين الشعور بالوحدة وزيادة رؤية الكوابيس والأحلام المزعجة في أثناء النوم.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعات أريزونا، تامبا، وويتوورث، وجامعة ولاية أوريغون في الولايات المتحدة الأميركية، ووجدوا أن الأشخاص الذين يعانون من الشعور بالوحدة هم أكثر عرضة لرؤية الكوابيس.
وأوضح الدكتور كولين هيسي، أحد الباحثين المشاركين من جامعة ولاية أوريغون، أن هذه النتائج تعتبر مهمة للغاية لأن الوحدة واضطرابات النوم هما مشكلتان خطيرتان على مستوى الصحة العامة، حيث ترتبطان بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، السكتات الدماغية، وحتى الوفاة المبكرة.
وأشار الباحثون إلى أن التوتر النفسي يشكل جزءاً من العلاقة بين الشعور بالوحدة وتكرار الكوابيس ومدى شدتها، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل الانشغال الفكري، القلق، وفرط التيقظ، وهي حالات ذهنية ترتبط بالشعور بالوحدة.
الشعور بالوحدة ورؤية الكوابيس
سلّطت الدراسة الضوء على التأثير السلبي المحتمل لقلة التواصل البشري، وتوافقت نتائجها مع النظرية العلمية التي تشير إلى أن الشعور بالانتماء ضروري لبقاء الإنسان.
من جانبه، أكد الدكتور هيسي على أهمية التواصل البشري والعلاقات الاجتماعية، مشيراً إلى أن غياب هذه العلاقات يؤدي إلى مشكلات جسدية، عقلية، واجتماعية.
وأضاف: "العلاقات الشخصية تُعد حاجة أساسية للإنسان. عندما لا تُلبى هذه الحاجة، يعاني الشخص على مستويات جسدية وعقلية واجتماعية، تماماً كما ينبهنا الجوع إلى نقص الطعام، أو الإرهاق إلى نقص النوم".
كيف تؤثر الوحدة على جودة النوم؟
أشار الباحثون إلى أن الشعور بالوحدة يعتبر حالة منتشرة تؤثر بشكل كبير على صحة الإنسان وتسبب معاناة بعدة أشكال، بما في ذلك قلة النوم.
وأكد الدكتور هيسي أن العلاقة بين الوحدة ورؤية الكوابيس هي علاقة إحصائية وليست سببية، بناءً على استطلاعات شملت أكثر من 1600 شخص بالغ تتراوح أعمارهم بين 18 و81 عاماً في الولايات المتحدة.
وقدمت النتائج أيضاً تفسيراً مبنياً على التطور لرؤية الكوابيس، مشيرة إلى أن الإنسان قد تطور ليختبر مشاعر التوتر والانشغال وفرط التيقظ عند الشعور بالوحدة، بدلاً من التعرض لعوامل بيئية مثل الصدمات. ورغم أن الحديث عن تدخلات علاجية محددة ما زال مبكراً، إلا أن الدراسة تشير إلى أن معالجة الشعور بالوحدة قد تقلل من تكرار الكوابيس، ما يستحق الدراسة في أبحاث مستقبلية خاضعة للرقابة.
ووفقاً لمؤسسة النوم في الولايات المتحدة، يعاني ما بين 50 إلى 70 مليون أميركي من اضطرابات النوم. وعلق الدكتور هيسي على ذلك قائلاً: "النوم الجيد عنصر أساسي في الوظائف المعرفية، تنظيم الحالة المزاجية، وعملية التمثيل الغذائي، ولهذا السبب من الضروري دراسة الحالات النفسية التي تعيق النوم، مثل الوحدة".
الوحدة تزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة
أفادت إحصائيات طبية أميركية تتعلق بمشكلة الوحدة والعزلة أنه حتى قبل جائحة كورونا، كان نحو نصف البالغين الأميركيين يعانون من مستويات كبيرة من الوحدة، وأن قلة التواصل الاجتماعي تعادل التدخين في زيادة خطر الوفاة المبكرة، وشملت الإحصائيات أن الوحدة الاجتماعية ترتبط بما يلي:
- زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 29%.
- زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 32%.
- زيادة خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن بنسبة 50%.
- زيادة خطر الوفاة المبكرة بنسبة تزيد عن 60%.
كما أشارت إلى أن الأشخاص الذين غالباً ما يشعرون بالوحدة هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمقدار أكثر من الضعف مقارنة بالأشخاص الذين نادراً ما يشعرون بالوحدة أو لا يشعرون بها على الإطلاق.
المصدر: دراسة جديدة تظهر العلاقة بين الشعور بالوحدة ورؤية الكوابيس (صحتك)