لم يعد امتلاك جهاز حاسوب محمول "لابتوب" أو حتى كومبيوتر مكتبي عادي أمراً سهلاً في سوريا، فسعر متوسط الجودة منه يتجاوز الـ 2 إلى 3 ملايين ليرة سورية، في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه المواطنون وارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى مستويات قياسية.
وتواجه أسواق بيع تلك الأجهزة ركوداً ملحوظاً، حيث لا تتمكن العائلات من شراء الحواسيب المحمولة لأبنائها، رغم الحاجة الأساسية إليها مع تغول الإنترنت والتغيير الجذري الذي صاحبه على جميع الأصعدة.
وزاد من أزمة غلاء "اللابتوبات" وأجهزة الكومبيوتر، استمرار انقطاع التيار الكهربائي في مناطق سيطرة النظام السوري، ما تسبب في ضرب العديد من هذه الأجهزة أو شواحنها، مع القطع المفاجئ أو اختلال قوة الشبكة.
16 مليون ليرة ثمن لابتوب في سوق البحصة
موقع تلفزيون سوريا زار سوق البحصة في العاصمة دمشق، أبرز أسواق بيع الأجهزة والأدوات التقنية في سوريا، ورصد الأسعار التي تصدم كل من يسأل عنها، بحسب الباعة، حيث يتجاوز سعر أفضل اللابتوبات الـ 16 مليون ليرة سورية (4500 دولار بحسب سعر الصرف اليوم الثلاثاء)، وصولاً إلى 500 ألف ليرة (نحو 150 دولاراً) مع الأجهزة المستعملة أو البطيئة جداً والتي لا تجد راغباً.
وقال سامر المدني الذي يمتلك محلاً لبيع أجهزة الكومبيوتر في سوق البحصة، إن أسعار اللابتوبات في سوريا يرتفع يوماً بعد يوم بسبب اختلاف سعر الدولار، وأحياناً بسبب الغلاء، إلى جانب الضريبة المرتفعة التي تزيد من يوم إلى آخر.
وأضاف في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا" أن "الناس دائماً مصدومة من الأسعار، وغالباً تسأل ولا تشتري، وبصراحة الحق معها، خاصة إن كانت هذه الأجهزة في دول المصدر أقل بنصف القيمة تقريباً، فالجهاز الذي من المستحيل أن يتجاوز 8 ملايين ليرة خارج سوريا، يصل إلى 16.800 مليون ليرة داخلها مثل "آبل ماك بوك برو؛ كيور آي 9"، وهنا نجد أن سعره وصل إلى الضعف تقريباً، ونحن لا نمتلكه في المحل إنما نجلبه عند الطلب من لبنان أو الأردن أو الإمارات".
ولفت المدني إلى أن هذه الأجهزة يطلبها مهندسو المعلوماتية أو المبرمجون الذين بقوا في البلد، فهو فائق المواصفات، لكن إن أردنا الحديث عن الكومبيوترات المتوسطة والجيدة من أنواع أخرى مثل "ديل أو إتش بي أو آسوس أو سامسونغ" فنحن نتحدث عن 3 إلى 5 ملايين ليرة بالحد الأدنى، بحسب المواصفات لكل جهاز.
وأردف أنه قد تجد أجهزة جيدة بأسعار أقل ولكن من شركات أخرى مثل "إيسر أو توشيبا" أو من ماركات صينية بدأت ترد مؤخراً إلى أسواق دمشق، لكن نحن لا نبيعها.
وأشار إلى أن أجهزة الكومبيوتر المكتبية العادية، أيضاً لديها مواصفات عالية ويمكننا تطبيقها، حيث يطلبها عموماً أصحاب المكاتب السياحية والمحاماة والمكتبات العادية، إلا أنها تواجه مشكلة عدم فعاليتها أثناء قطع الكهرباء بسبب البطارية، إلا أن البعض يشتري للكومبيوتر بطارية خاصة فيعمل لعدة ساعات، وتتراوح الأسعار بين 200 ألف و3 ملايين ليرة.
أسعار مرتفعة على طلاب الجامعات
بدورها قالت آية حسام، وهي طالبة جامعية كانت تبحث عن جهاز لابتوب لشرائه، "أريد مواصفات ممتازة لأنها ستُنزّل برامج تصميم هندسي عليه، ويجب أن يكون سريعاً وذا بطارية جيدة للعمل عليه أثناء ساعات التقنين".
وأضافت في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا" أن الأسعار مرتفعة جداً، وهي تفوق طاقتي، ولكنني مضطرة ولذلك استدان والدي من أقاربنا خارج سوريا حتى يشتري لي الجهاز، وأنا الآن بين خيارين الأول (إتش بي آي 7) بـ 3.475 ملايين ليرة أو (لينونوفو 340 آي 7) بـ 3.455 ملايين ليرة، وغالباً سأشتري الأول".
كما التقى موقع "تلفزيون سوريا"، بأحد مصممي (الفوتشوب)، الذي يبحث عن جهاز جديد لشرائه، مؤكداً أن الأسعار تقصم الظهر، وهي مرتفعة جداً، وأظن أن الضريبة المرتفعة هي السبب، فنفس الجهاز هنا في دبي أو السعودية بأقل من نصف السعر، وهناك مستورد أيضاً".
وأضاف أن التجار يطلبون أسعاراً مرتفعة لأنها تصلهم كذلك، وإن طلبوا أرقاماً عالية، فالأساس أن الضريبة هي أعلى، وعن نفسي أنا في مهنة التصميم للإعلانات والجرافيك، ومضطر لأن يكون لدي جهاز ممتاز، ونفضل أجهزة الألعاب لأنها ذات مواصفات فائقة، ولكن أسعارها تصل ضخمة بعضها يتجاوز الـ 10 ملايين ليرة.
وأشار إلى أن مثل هذه الأجهزة قلما تجدها مستعملة ونظيفة في الوقت نفسه، لأن من يشتريها سواء للعب أو العمل يرهقها جداً، فيتراجع أداؤها.
نشاط سوق المستعمل في دمشق
ارتفاع هذه الأسعار زاد من الطلب على الأجهزة المستعملة في دمشق والعديد من المحافظات الأخرى، والتي يكون بعضها جيداً جداً لقيام أصحابها بتحديثها، أو تلك التي قد تكون مسروقة من قبل شبيحة النظام أو أجهزة مخابراته ويبيعونها بأثمان رخيصة.
وفي السياق، قال عبد الهادي أبو الفضل، كنا لا نبيع اللابتوبات المستعملة، ولكن كثرة الطلب عليها مع شرط أن تكون نظيفة (أي جديدة) دفعنا لدخول معتركها، مع ما يحمله من مشكلات مستمرة مع الزبائن، فقد يعود الزبون بعد عدة أيام ليؤكد أن الجهاز فيه خلل، وأحياناً درءاً للمشكلات نعيد له أمواله ونسترد بضاعتنا".
وأردف في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا" أن كل أجهزتنا نشتريها من أصحابها، ونتأكد من ذلك، حتى لا ندخل ببيع الحرام، ونقوم بإعادة فرمتتها (ضبطها) وتنزيل البرامج عليها مع صيانة الشاحن أو المداخل ثم نبيعها بسعر مناسب".
ولفت أبو الفضل إلى أن أسعار المستعمل الممتاز تتراوح بين مليون ونصف إلى 3 ملايين ليرة سورية، بحسب نظافة الجهاز ومواصفاته وسنة إصداره، والزبائن تسأل عنه قبل الجديد في معظم الأحيان.
التقنين يضرب الأجهزة
كما تزيد من معاناة المواطنين، أزمة تقنين الكهرباء المستمرة والتي تضرب الأدوات المنزلية والإلكترونية بما فيها اللابتوبات أو أجهزة الكومبيوتر المكتبية العادية (ديسكتوب) أو مرافقها من شواحن أو دارات داخلية.
وقال أبو أحمد، الذي يمتلك محلاً في سوق البحصة أيضاً، لموقع "تلفزيون سوريا" إن "الطلب على البطاريات أو الشواحن أكثر بكثير من الأجهزة، لأنها سريعة التعطل، بسبب الكهرباء أو أنها لا تكون أصلية عند استيرادها فتخرب بعد استعمالها بمدة قليلة".
ولفت إلى أن الأسعار مختلفة بحسب نوع الجهاز ولكن عموماً البطاريات لا تقل عن 200 ألف ليرة إن كانت أصلية، وتصل إلى 600 ألف ليرة أحياناً.
وأوضح أبو أحمد أن "بعض الأدوات الإلكترونية تجد إقبالاً مثل لوحات المفاتيح (الكيبورد) والفأرات (الماوس)، حتى إن سيديات الأفلام والبرامج والألعاب ما زالت تلقى رواجاً في دمشق"
وتختلف الأسعار بحسب الجودة، حيث إن لوحة المفاتيح والفأرة عن بُعد يبدأ سعرهما من 40 ألف ليرة، أما العادي فيبدأ من 12 إلى 15 ألف ليرة، بحسب أبي أحمد.
وتبدأ أسعار الأقراص الصلبة (السيديات) من 10 آلاف إلى 20 ألف ليرة للفيلم، وبين 40 ألفاً و60 ألف ليرة للبرامج، وأكثر من 70 ألف ليرة لألعاب الفيديو.