icon
التغطية الحية

برافو وألفا ومنطقة عازلة أصبحت باحة لإسرائيل.. تعرف إلى اتفاق الجولان

2024.10.16 | 06:06 دمشق

546
المنطقة العازلة على المحك: هل تصمد اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل بعد توغلات الأخيرة؟
إسطنبول - خالد حمزة
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • وُقعت اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل في 31 مايو 1974 بوساطة أميركية لوقف الاشتباكات بعد حرب تشرين 1973.
  • الاتفاقية تهدف إلى خلق منطقة عازلة منزوعة السلاح بين الجانبين.
  • تم تحديد مواقع القوات الإسرائيلية غرب الخط (أ) والسورية شرق الخط (ب).
  • الاتفاقية تضمنت تقليل القوات والتسليح في ثلاث مناطق موازية على جانبي الخطين (أ) و(ب).
  • أُنشئت قوة الأمم المتحدة (UNDOF) لمراقبة وقف إطلاق النار وتنفيذ الاتفاقية.
  • في الآونة الأخيرة، رصد تلفزيون سوريا توغلات إسرائيلية داخل الأراضي السورية، بما في ذلك شق طرق عسكرية وحفر خنادق.

عاد الحديث خلال الأيام الأخيرة عن اتفاقية فض الاشتباك والمنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل، وما إذا كانت ما تزال فعّالة في منع إسرائيل من التوغل في الأراضي السورية، وذلك بعدما كشف تلفزيون سوريا عن توغل جديد للقوات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية وأعمال تجريف للأراضي الزراعية، وهي أنباء أكدتها لاحقا وكالة "رويترز"، مشيرة إلى شروع قوات الاحتلال الإسرائيلي بإزالة الألغام بالقرب من الجولان وإقامة حواجز جديدة مع تحريك للسياج الذي يفصل المنطقة المنزوعة السلاح.

في السطور التالية، نستعرض اتفاقية فض الاشتباك الموقعة بين سوريا وإسرائيل عام 1974، والتي كانت تهدف إلى خلق منطقة عازلة بين الجانبين منزوعة السلاح في الجولان السوري، مع تسليط الضوء على تفاصيل بنود الاتفاقية، وطبيعة المنطقة العازلة ودور قوات الأمم المتحدة، كما نتناول الانتهاكات الأخيرة التي كشف عنها تلفزيون سوريا:

في 31 من شهر مايو/أيار عام 1974، وفي قصر الأمم المتحدة في جنيف (Palais des Nations)، وقّعت اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل، وذلك تتويجاً لمفاوضات معقدة قادها وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر، بهدف إنهاء الاشتباكات العسكرية التي استمرت بعد حرب تشرين 1973.

وجاءت هذه الاتفاقية متأخرة بنحو أربعة أشهر عن اتفاقية مصر مع إسرائيل لفض اشتباك قواتهما على جبهة السويس وسيناء والتي وقعت 18 يناير/كانون الثاني 1974.

تفاصيل اتفاقية فض الاشتباك 1974

أسهمت اتفاقية فض الاشتباك بالوقف الفوري للأعمال القتالية على جبهة الجولان، وشملت الاتفاقية ترتيبات تفصيلية لتحديد مواقع القوات العسكرية لكل من سوريا وإسرائيل على طول خطي "أ" و"ب"، وهما الخطان A وB المرفقان في خريطة مع الاتفاقية.
واستنادا إلى أبجدية المهاتفة الراديوية الدولية "الأبجدية الصوتية لحلف الناتو"، يطلق اسم برافو على الخط ب والاسم ألفا على الخط أ.

المنطقة العازلة ويظهر فيها الخطين أ و ب
المنطقة العازلة ويظهر فيها الخطان أ و ب

وبحسب ما أوردته وثائق كيسينج فقد نصت الاتفاقية على فصل القوات وفق المبادئ التالية:

  • مواقع القوات الإسرائيلية: تظل جميع القوات الإسرائيلية غرب الخط "أ" المحدد على الخريطة، باستثناء منطقة القنيطرة التي تظل غرب الخط "A1".
  • إدارة المناطق السورية: تُدار جميع الأراضي الواقعة شرق الخط "أ" من قبل السلطات السورية، ويسمح بعودة المدنيين السوريين إلى هذه المناطق.
  • المنطقة العازلة: تقع بين الخطين "أ" و"ب" وهي منطقة فاصلة بين القوات الإسرائيلية والسورية، على أنّ تُشرف عليها قوة مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة (UNDOF).
  • مواقع القوات السورية: تتمركز القوات السورية شرق الخط "ب"، حيث تحتفظ بقوات محدودة في هذه المنطقة.
  • تحديد مناطق لخفض التسليح: تلتزم كل من سوريا وإسرائيل بتقليل القوات والتسليح في مناطق محددة على جانبي خطي "أ" و"ب".

ووفقا لوثائق كيسينج فإن الاتفاقية تنص على تقليص القوات الإسرائيلية والسورية في ثلاث مناطق متوازية، على النحو التالي:

المنطقة الأولى (الأقرب إلى منطقة العازلة للأمم المتحدة):

  • عرضها 6 أميال (1 ميل= 1.6093 كيلومتر )
  • كان يُسمح لكل جانب بوجود ما يصل إلى 6000 جندي.
  • سُمح لكل جانب بامتلاك ما يصل إلى 75 دبابة و36 قطعة مدفعية خفيفة.

المنطقة الثانية:

  • عرضها أيضاً 6 أميال.
  • لم يُسمح بوجود أي مدفعية بعيدة المدى أو صواريخ أرض-أرض.
  • سُمح لكل جانب بامتلاك ما يصل إلى 450 دبابة وعدد غير محدود من قطع المدفعية الخفيفة.

المنطقة الثالثة:

  • عرضها 3 أميال، لكنها تشمل أيضاً المنطقتين الأولى والثانية، مما يجعلها منطقة بعرض 15 ميلاً إجمالاً.
  • كانت هذه المنطقة خالية من صواريخ الدفاع الجوي (صواريخ مضادة للطائرات).

ما دور قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك؟

وفقا للبروتوكول المصاحب للاتفاقية، أُنشئت قوة مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة (UNDOF/اندوف) بمهام محددة تتعلق بالحفاظ على وقف إطلاق النار وضمان تنفيذ الاتفاقية بشكل كامل.

واسم الاندوف هو اختصار لـ قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (United Nations Disengagement Observer Force).

وتضمنت القوة نحو 1250 جنديا، تم اختيارهم من دول ليست أعضاء دائمين في مجلس الأمن، وأكد البروتوكول أن هذه القوة ستكون مسؤولة عن مراقبة الالتزام بشروط فض الاشتباك، وتقديم تقارير منتظمة إلى الطرفين، لا تقل عن مرة كل 15 يوما. كما تم الاتفاق على أن تكون القوة مسلحة بأسلحة دفاعية فقط لاستخدامها في حالة الدفاع عن النفس.

تمركزت قوة الأمم المتحدة في المنطقة العازلة، التي تراوح عرضها بين 330 متر و10 كم، ومساحتها نحو 235 كيلومتراً مربعاً، وبدأت مهمتها في يونيو 1974 تحت قيادة الجنرال غونزالو بريسينو من بيرو.

يذكر أن العرض الأكبر للمنطقة العازلة هو في الوسط تقريبا حيث تقع محافظة القنيطرة، بينما المنطقة الأضيق هل الاقتراب لالتقاء الحدود مع الأردن والتي تبلغ نحو 330 مترا أو 500 متر.

أفراد من قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أوندوف) يقودون مركباتهم المدرعة في مرتفعات الجولان
أفراد من قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أوندوف) يقودون مركباتهم المدرعة في مرتفعات الجولان

مراحل تنفيذ فض الاشتباك

اتفق الطرفان على تنفيذ فض الاشتباك على عدة مراحل، حيث تم الاتفاق على تفاصيل الخطة من قبل مجموعة العمل العسكرية المصرية الإسرائيلية، التي انضم إليها ممثلون عن الجانب السوري. 

وجرى الانتهاء من المفاوضات في غضون خمسة أيام من توقيع الاتفاقية، وبدأ تنفيذ فك الاشتباك في 5 يونيو/حزيران 1974.

يذكر أن المصادقة على الاتفاقية من قبل الكنيست الإسرائيلي جرت بتاريخ 30 مايو/أيار 1974، رغم الانتقادات الشديدة من حزب الليكود اليميني الذي وصف الاتفاق بأنه "خيانة" لأمن إسرائيل. وحينها دافعت رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير عن الاتفاق بشدة، مؤكدة أنه لا يمثل تهديدا لأمن إسرائيل، بل يُعد خطوة نحو منع تجدد الحرب. 

تلفزيون سوريا يكشف انتهاكات حديثة لاتفاق فض الاشتباك

وكشف تلفزيون سوريا في 9 و14 تشرين الأول/أكتوبر 2024 انتهاك إسرائيل لاتفاقية فض الاشتباك، إذ وثقت كاميرات تلفزيون سوريا توغل دبابات إسرائيلية مصحوبة بآليات ثقيلة داخل الأراضي السورية في منطقة الجولان.

هذه العملية شملت شق طريق ترابي عسكري جديد يُعرف باسم "سوفا 53"، بالإضافة إلى حفر خنادق ووضع نقاط مراقبة على طول الطريق. 

وكانت الآليات الإسرائيلية مصحوبة بقوة عسكرية مكونة من ست دبابات "ميركافا" وجرافتين عسكريتين، وعدد من الجنود الإسرائيليين الذين دخلوا إلى الأراضي السورية.

ويبلغ عمق الخنادق التي حفرتها الآليات الإسرائيلية بين 5 إلى 7 أمتار، وتوزعت نقاط المراقبة بمسافات تصل إلى كيلومتر واحد على طول الحدود. يمتد الطريق من بلدة عين التينة شمالا وحتى بلدة أوفانيا جنوبا في محافظة القنيطرة. وقد توسع العمل ليشمل مناطق بعمق يصل إلى 1000 متر داخل الأراضي السورية.

وفي 14 تشرين الأول/أكتوبر، استمرت الانتهاكات الإسرائيلية حيث دخلت قوات الاحتلال مجددا إلى الأراضي السورية وهذه المرة إلى قرية كودنا الواقعة في القطاع الجنوبي لمحافظة القنيطرة، بالتزامن مع استهدافها لمنطقة الصرصارة جنوب بلدة حضر بقذائف مدفعية. بالإضافة إلى ذلك، دخلت الدبابات والآليات الإسرائيلية قرية العشة جنوب القنيطرة، وأقامت هناك مواقع مؤقتة قبل انسحابها مساءً.

خرق واضح للاتفاقية

من جانبها، اعتبرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن هذه التحركات الإسرائيلية تُعد خرقا واضحا لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974. 

وذكرت الشبكة في تقرير أن قوات الاحتلال الإسرائيلي توغلت في الأراضي السورية منذ 15 أيلول/سبتمبر 2024 بعمق 200 متر داخل الأراضي السورية غرب بلدة جباتا الخشب في القنيطرة، وعملت على جرف الأراضي الزراعية، وحفر الخنادق، وبناء السواتر الترابية شرق خط فك الاشتباك وطريق "سوفا 53"، الذي أنشأته إسرائيل في عام 2022.

تقرير الشبكة أكد أن القوات الإسرائيلية أنشأت نقاط مراقبة مدعمة بسواتر ترابية وخنادق عميقة على طول الحدود، تتوزع بمسافات تصل إلى كيلومتر واحد.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان دانت هذه الخطوات باعتبارها انتهاكا صارخا للقانون الدولي، الذي يحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة. 

وأكدت أن هذه التحركات الإسرائيلية، بما في ذلك إنشاء طريق "سوفا 53" ونقاط المراقبة شرق خط فك الاشتباك لعام 1974، تمثل خرقا لاتفاقية فض الاشتباك وتعديا على السيادة السورية.

كما نددت الشبكة بدور النظام السوري في تسهيل هذه الانتهاكات، مشيرة إلى أن الأراضي السورية باتت مسرحا للميليشيات الإيرانية، ما يسهل على إسرائيل استهداف المنطقة دون رادع أو إدانة فعلية من النظام السوري.