icon
التغطية الحية

"أصدقاء في السجن لا مجرمون".. أميركي يروي لتلفزيون سوريا تفاصيل اعتقاله في سوريا

2024.10.17 | 06:10 دمشق

الرحالة الأميركي سام غودوين - المصدر: الإنترنت
أميركي يروي لتلفزيون سوريا تفاصيل اعتقاله في سوريا
+A
حجم الخط
-A

كشف المغامر الأميركي سام غودوين في مقابلة مع موقع تلفزيون سوريا عن تجربته خلال مدة اعتقاله في سوريا وزار غودوين أكثر من 180 دولة، ووقع في قبضة النظام السوري بعد اتهامه بالتجسس و"التعاون مع إرهابيين"، وهي تهم وصفها بالباطلة وأشار غودوين إلى أن هدفه من زيارة سوريا كان "خوض تجربة جديدة"، لكنه فوجئ بما حدث له.

وقال غودوين إنه زار سوريا مدفوعاً بإيمانه بأن الدول التي تُحذر السفارات من زيارتها تقدم تجارب غنية وأوضح أنه دخل سوريا رغم الحرب المستعرة، معتقداً أنها ستكون "مغامرة إيجابية".

وتحدث غودوين عن لحظة اعتقاله واصفاً إياها بالصادمة ووجد نفسه فجأة تحت رحمة النظام السوري، في موقف لم يكن مستعداً له، رغم تجواله حول العالم من دون مشكلات.

وأكد غودوين أن النظام السوري وجه له تهم التجسس من دون أي أدلة واعتبر أن هذه التهم ليست جديدة، إذ تستخدم سلطات النظام هذه الأساليب لإخضاع المعتقلين وأشار إلى أن كثيرين في سوريا يعانون من هذه التهم من دون أن يلتفت العالم إليهم.

وأمضى غودوين 27 يوماً في الحبس الانفرادي ووصف تلك المرحلة بأنها الأصعب في حياته، وواجه ضغوطاً نفسية كبيرة، لكنه وجد بعض الراحة في إيمانه.

وذكر غودوين أنه خلال وجوده في سجن عدرا أقام صداقات مع سجناء آخرين، معظمهم معتقلون لأسباب سياسية وأكد أن هؤلاء لم يكونوا مجرمين، بل ضحايا نظام ظالم، واصفاً إياهم بالأصدقاء الذين قدموا له دعماً معنوياً كبيراً.

وتم الإفراج عن سام غودوين من سجون النظام السوري في صيف 2019 بعد 62 يوماً من الاعتقال، وذلك بفضل جهود دبلوماسية دولية مكثفة ولعبت سلطنة عمان ولبنان دوراً مهماً في الوساطة بين الولايات المتحدة والنظام السوري. وقاد مدير الأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، عملية التفاوض.

وأُطلق سراح غودوين من دون تفاصيل واضحة حول شروط الصفقة  ولم تعلن الولايات المتحدة عن أي تنازلات محددة، لكن الصفقة كانت جزءاً من سلسلة جهود دبلوماسية للإفراج عن مواطنين أميركيين معتقلين في دول معادية لواشنطن.

وفي الآتي كامل الحوار معه:

لماذا قررت السفر إلى سوريا خلال الحرب؟ وهل كنت واعياً بالمخاطر؟

من أهم الأمور التي تعلمتها خلال سفري إلى كل بلاد العالم هو أن الأماكن التي يُنظر إليها بصورة سلبية أو التي يطلب منا الإعلام الغربي ألا نعجب بها، هي الأماكن نفسها التي منحتني أفضل التجارب، وأثرت على آرائي بشكل كبير. فقد خيمت عند سفح شلالات آنجل في فنزويلا، وحضرت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في روسيا، ودربت فريق الهوكي الوطني في كوريا الشمالية، واحتفلت بعشية رأس السنة على جزيرة كيش في إيران، والقائمة تطول، وهذا ما أحس بالامتنان تجاهه. وخلال أسفاري، كانت سلامتي أهم أولوية على الدوام، وعلى الرغم من انعدام الاستقرار في سوريا، كنت على يقين من أنها ستمنحني تجربة إيجابية أخرى.

كيف كانت مشاعرك خلال لحظة الاعتقال؟ وهل عرفت أنك اعتقلت لأنك أميركي؟

كنت خائفاً ومرتبكاً ولم تكن لدي أدنى معلومة أو أي أحد ليمد لي يد العون، وقد حاولت عبثاً فهم ما يجري، وعندما وصلت إلى لحظة الاعتقال، كنت قد جبت 180 دولة في العالم، من دون أن أتعرض لشيء من هذا القبيل من قبل.

كيف تعاملت مع تهمة التجسس؟

كان الاتهام بالجاسوسية باطلاً جملة وتفصيلاً، لكني أدركت بأن ذلك جزء من الاستراتيجية الكبرى للنظام السوري والقائمة على تلفيق التهم وترويع من يقوم النظام باعتقالهم. ولقد كشفت لي تجربتي التي تحدثت عنها بالتفصيل في كتابي: (إنقاذ سام)، كيف تستخدم تلك الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة لتبرير عمليات القمع وكم الأفواه التي تمارس بحق أي معارض، وللأسف لم أكن الوحيد الذي استخدموا معه هذا الأسلوب، إذ هنالك كثير من الأبرياء في سوريا ممن يتعرضون لتهم باطلة مماثلة من دون أن يحصلوا على الدعم الدولي الذي تلقيته لحسن حظي، وأنا على يقين من أن هذه الأفعال تعبر عن نمط أعمق من القمع، وتؤكد على وجود حاجة ماسة للمحاسبة.

كيف أثرت عليك تجربة الحبس الانفرادي؟

أصبت بالذهول ولم أصدق أني أضحيت في الحبس الإنفرادي، وشعرت بأن حياتي خرجت عن السيطرة بأبشع الطرق، وهذا بالضبط ما أراد المسؤولون السوريون أن يشعروني به، وأعني بذلك الإحساس باليأس وانعدام سيطرتي بشكل كامل في التحكم بحياتي. ثم إن الحبس الانفرادي ما هو إلا تعذيب وأسلوب من أساليب الأسر والاستعباد ظل الخاطفون المتوحشون يستعينون به طوال قرون. لكني استجمعت قوتي في تلك الزنزانة بطرق وأساليب عديدة، كان منها الركون إلى الإحساس بالامتنان، والتحكم بما بوسعي التحكم به والإقرار بوضعي والاعتراف به على أنه فرصة لأنمو وأتطور، ومع كل ذلك، لم يكن يهمني سوى إيماني بمعتقدي الكاثوليكي.

كيف كانت تجربتك مع السجناء الآخرين؟

تحول الشبان الذين قابلتهم في عدرا إلى أصدقاء لي، وكانوا أشخاصاً مميزين بالفعل، إذ صرنا نطبخ ونأكل معاً، وعلموني اللغة العربية وبدوري علمتهم الإنكليزية، وأدركت على الفور بأنهم جميعاً لم يكونوا مجرمين بالفعل، بل كانوا ضحايا لمنظومة فاسدة، وألفوا أنفسهم وسط حالة من انعدام الاستقرار تسبب بها النزاع. وهؤلاء الشبان عززوا لدي بعض الأمور الهامة التي تعلمتها خلال أسفاري، ومنها على سبيل المثال عدم الحكم على الناس من خلال الأفعال التي تمارسها حكومات بلادهم، كما أدركت أن الناس الذين لا يملكون سوى القليل هم الذين يبذلون ويقدمون القدر الأكبر في أغلب الأحيان، ولقد تحققت بنفسي من هذا الأمر في كل أصقاع الأرض التي زرتها.

كيف تصف المحاكمات التي خضتها من دون محامٍ أو مترجم؟ وهل ترى أنها كانت جزءاً من دعاية النظام؟

أخذوني إلى المحكمة بدمشق أربع مرات، وخلال الجلسات الأربع كلها، حرمني القاضي من توكيل محام أو من الاستعانة بمترجم. وبدت لي الأمور وكأن العملية برمتها تتم داخل وسط خال من أي أيديولوجيا أو عقيدة، ولذلك لم تكن الأمور لتتأثر بأي شيء أقوله أو أفعله.

رسالة من سام لعائلته هربها معتقل سوري من السجن بعد الإفراج عنه
رسالة من سام لعائلته هربها معتقل سوري من السجن بعد الإفراج عنه

ما رأيك بمؤيدي النظام السوري في الغرب إلى الآن؟

على الرغم من أني أعرف بأن بعض الناس يؤيدون النظام السوري بسبب التضليل الإعلامي أو بسبب الخوف أو لأي سبب آخر ربما، تبين لي أنه من الخطر التغاضي عن أساليب النظام القمعية، والتي وثقتها بشكل كامل من خلال تجربتي وما سردته لكثير من الناس عنها، ولهذا أرى بأن الحوار المفتوح أمر مهم لمساعدة الناس على رؤية واقع الأمور في سوريا.

كيف تشعر إزاء الدعم الدولي الذي تلقيته مقابل معاناة المعتقلين السوريين الآخرين؟ وهل لديك رسالة عن هؤلاء الذين لا يزالون في السجون؟

أحس بامتنان عميق للجهود الدولية التي أدت إلى إخلاء سبيلي بسلام، ولكني أدرك تماماً بأن هنالك كثيرا من السوريين الذين لم يحالفهم الحظ مثلي، إذ إن وجود عدد كبير من الأشخاص الذين مايزالون يعانون داخل سجون النظام من دون أن يحصلوا على الدعم الذي حصلت عليه يسلط الضوء على واقع مأساوي كله ظلم، ولهذا آمل من العالم ألا ينسى محنة هؤلاء الناس وأن تبقى المساعي لإخلاء سبيلهم وإحقاق الحق ضمن الأولويات.

هل تعتقد أن جنسيتك حمتك من التعذيب؟

يرى بعض الناس بأن جواز سفري الأميركي أنقذني من التعذيب الجسدي، ولكن واقع التعذيب في السجون السورية شيء لا يمكن لأحد إنكاره، ومايزال ذلك يمثل تجاوزاً كبيراً لحقوق الإنسان، إذ إن الاستعانة بالتعذيب كأداة سياسية لا تقوم بإلحاق معاناة كبيرة بالضحايا فحسب، بل إنها أيضاً تقضي على أي أمل بإحقاق العدالة أو المصالحة في هذا البلد.

ماذا تود أن تقول للشعب السوري بعد تجربتك؟

كنت محظوظاً عندما سافرت إلى كل دولة في العالم، ولهذا بوسعي أن أقول بأن أفضل مكان أكرمت فيه كضيف كان في الشرق الأوسط، وتحديداً في سوريا، إذ على الرغم من المصاعب والمعاناة، ماتزال روح الكرم والصمود باقية بين أبناء الشعب السوري وهي روح قل نظيرها حقاً. ولهذا أتمنى للشعب السوري مستقبلاً يمكنهم أن يعيشوا فيه بسلام وكرامة بعيداً عن أي خوف أو قمع.