ملخص:
-
عنصر هارب من الميليشيات الإيرانية في دير الزور يروي شهادته حول الفساد والانتهاكات التي شهدها خلال عمله مع هذه الميليشيات.
-
الشهادة تكشف عن استيلاء الميليشيات على ممتلكات المدنيين واستغلال الموارد لتحقيق مكاسب شخصية، مع تورطها في أنشطة غير قانونية مثل تجارة المخدرات واستغلال النساء.
-
العنصر يوضح أن الميليشيات تعاني من تناقضات داخلية وفساد واسع النطاق، ويعتقد أنها في حالة ضعف متزايد قد تؤدي إلى انهيارها.
أدلى هارب من الميليشيات الإيرانية في دير الزور بشهادة لموقع تلفزيون سوريا عن عمله سابقا مع هذه الميليشيات، كاشفا عن خفايا عمل أذرع الحرس الثوري في مدينة دير الزور.
يتحدث العنصر الهارب، الذي لجأ إلى أقاربه من العشائر التي تقطن في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، عن كيفية بدء رحلته مع الميليشيات الإيرانية بعد طرد تنظيم داعش من دير الزور.
وكحال كثيرين، كان في حاجة ماسة إلى عمل، وكان يعتقد أن الميليشيات التي كانت تقاتل داعش هي الخيار الأفضل، فبدأ عمله مع "فيلق القدس".
لكن سرعان ما بدأت الصدمات تتوالى عليه عندما طُلب منه القيام بمهام لا يراها أخلاقية. فكونه ابن المنطقة وعلى معرفة بتفاصيلها، تم الاستعانة به كمصدر للمعلومات حول منازل المعارضين الذين هربوا من النظام السوري.
وشاهد بنفسه كيف تم الاستيلاء على بيوت هؤلاء المعارضين وتهديد عائلاتهم المتبقية بالاعتقال، وكيف تحولت هذه المنازل إلى مقارّ عسكرية وأمنية وبيوت للقادة والعناصر الذين نقلوا عائلاتهم إليها من العراق وباكستان وأفغانستان، وأصبحت بحكم المُلك الدائم لهم.
الاستيلاء على فيلا وتحويلها إلى مركز ثقافي
ومن بين المواقف التي بقيت في ذاكرته كانت حادثة استيلاء الميليشيات على الفيلا التي أصبحت حالياً المركز الثقافي الإيراني في دير الزور، وهي فيلا مملوكة لأرملة طبيب من دير الزور اسمه عامر، نزحت إلى دمشق ريثما تنتهي العمليات العسكرية.
وحينها طلب من الشاهد البحث عن مبنى كبير لاستئجاره، مع وعود بدفع إيجار منصف، ولكن عندما وجدت الميليشيات المكان المناسب، استولوا عليه من دون تفاوض مع صاحبة العقار واسمها صافيناز الأحبشي، والتي صُدمت عندما عادت من دمشق إلى دير الزور لتجد منزلها مستولى عليه.
وعندما طالبت بإخلاء المنزل، رفض قادة الميليشيات الإخلاء وأجبروها على توقيع عقد إيجار بمبلغ 200 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل أقل من 15 دولارا أميركيا، وهو مبلغ غير كافٍ لتغطية سفرها لمرة واحدة من دير الزور إلى دمشق.
مخدرات وفساد
كما يكشف العنصر الهارب عن أنه تورط لاحقًا في البحث عن مواقع لمعامل المخدرات التي تديرها الميليشيات بين المنازل في الأحياء المدنية، وكيف بدأ يدرك تدريجيًا أن "الميليشيات التي ترفع شعارات براقة" على حد وصفه، كانت في الواقع تستخدم الفساد والجريمة كأدوات لتحقيق أهداف أكثر قذارة مما يمكن تصوره.
وبحسب شهادته لموقع تلفزيون سوريا، فإن الأمور ازدادت سوءا عندما طُلب منه دعوة النساء والفتيات اللواتي يعرفهن إلى دورات تدريبية في المركز الثقافي الإيراني، بحجة تأمين عمل لهن بعد اجتياز دورات في الخياطة أو الحلاقة النسائية أو التمريض، لكنه اكتشف أن عددا كبيرا من النساء اللواتي دعا بعضهن بالفعل بسبب احتياجهن للعمل، جُنّدنَ في الكتيبة النسائية والمركز النسائي المكلف بترويج المخدرات وتأمين زوجات للعناصر الأجانب، وترويج الدعارة، إضافة إلى أعمال التجسس وغيرها.
الهروب من الميليشيا
يقول العنصر السابق الفار إنه هرب من الميليشيات عندما بدأت قيادة الحرس الثوري الإيراني تشعر أن الميليشيات مخترقة، خاصة بعد الاغتيالات التي نُفذت بعدد من القياديين، وبعد انفجار أجهزة اللاسلكي.
وبدأ المكتب الأمني التابع للحرس الثوري الإيراني تحقيقات أمنية ومالية واسعة النطاق طالت معظم قيادات الصف الأول والثاني، هنا خشي الشاهد أن يتم التضحية به وتحميله المسؤولية عوضًا عن المتورطين الحقيقيين.
يقول العنصر الهارب إنه غير خائف، ومع أن الميليشيات تستخدم الاغتيال على نطاق واسع في عملها، إلا أنه لا يخشى أن تلاحقه اليوم، فهي على حد وصفه في "حالة انهيار، وهي أضعف بكثير مما يعتقده الآخرون عنها، وقوتها فقط ضد العزل الذين وقعوا في قبضتها".
لكن الأهم في نظره أن كل هذه التشكيلات والميليشيات تعيش تناقضا يوميا بين شعاراتها وممارساتها، وبين ضعفها الداخلي وما تدعيه من القوة. وأنها تعاني بشكل رئيسي من الفساد الأخلاقي والإداري والأمني، وكما أن طهران تستخدم الميليشيات لأهداف قذرة، فإن أعضاء الميليشيات هم مرتزقة يستخدمون سلطتهم ونفوذهم والفوضى لتحقيق أهداف شخصية، وهذا الواقع -بحسب الشاهد- سوف يؤدي إلى انهيار كبير في منظومة هذه الميليشيات.