تتواصل عمليات النزوح من مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة مع اشتداد القصف الجوي والمدفعي، وسط ظروف جوية قاسية فرضها المنخفض الجوي الذي يضرب القطاع لليوم الثاني على التوالي، في حين تحتدم المعارك بين قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي ومقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية.
وبحثا عن الملاذ الآمن، حمل نازحو خانيونس أطفالهم مع أمتعتهم القليلة الناجية من الغرق، تحت الأمطار الغزيرة، متّجهين إلى أقصى غرب المدينة، ونحو مدينة رفح عند الأطراف الجنوبية للقطاع.
وبالرغم من الانخفاض النسبي لحدّة الهجمات والعمليات العسكرية فيها، إلا أن المناطق المذكورة ليست آمنة بالمطلق، والقصف ما زال يطالها بقوة، حيث قتل وأصيب عدد من الفلسطينيين المقيمين والنازحين فيها، في وقت سابق من اليوم السبت.
ويتخلل الاشتباكات التي يتركز ثقلها بمدينة خانيونس، تنفيذ الفصائل المسلحة وأبرزها كتائب "القسام"، الجناح المسلح لحركة "حماس"، و"سرايا القدس"، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، عمليات استهداف لآليات وتجمعات للجنود الإسرائيليين. في حين يتواصل الحصار الإسرائيلي لمجمع ناصر الطبي ومستشفى "الأمل" التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ومقرها بمدينة خانيونس، لليوم السادس على التوالي، بحسب ما أوردت وكالة الأناضول.
الأمطار تضرب المخيمات
زاد المنخفض الجوي من معاناة مئات الآلاف من النازحين الذين يعيشون في مراكز الإيواء والخيام. إذ أغرقت مياه الأمطار أماكن مبيت النازحين وأغطيتهم التي لا يملكون غيرها، فيما لم ينجون وأطفالهم من البرد القارس المصاحب لهذا المنخفض.
ومن مدينة خانيونس، تتواصل رحلة النزوح إلى مناطق أقل حدة من حيث القصف والعمليات البرية، حيث جدد الجيش الإسرائيلي دعوته للسكان هناك لإخلاء مناطق القتال عبر ممرات زعم بأنها "آمنة". تلك الممرات، وضع فيها جيش الاحتلال حواجز لفرض إجراءات أمنية على الفلسطينيين والتي تتيح له عملية اعتقال أعداد منهم.
اشتداد القصف والمعارك
وفي ظل هذه الظروف، يواصل جيش الاحتلال قصفه الجوي والمدفعي لمناطق مختلفة من قطاع غزة، كان آخرها استهداف للمناطق الجنوبية الغربية لخانيونس، وقصف عنيف شرق مخيم المغازي وسط القطاع. تخلل ذلك تواصل اندلاع الاشتباكات بين مقاتلي الفصائل الفلسطينية وقوات الجيش تركز ثقلها بخانيونس، فضلا عن اشتعال معارك في منطقة شمال غرب قطاع غزة، وشرق المغازي.
وفي خانيونس، قالت كتائب "القسام" في بيان، إن مقاتليها استهدفوا "ناقلة جند صهيونية بقذيفة الياسين 105 في حي الأمل غرب المدينة"، وأوضحت في بيان آخر أن مقاتليها "استهدفوا دبابة ميركافا بقذيفة الياسين 105 بالمدينة".
من جانبها، أفادت "سرايا القدس" بأنها تخوض اشتباكات ضارية مع جيش الاحتلال بالأسلحة الرشاشة والقذائف غرب وجنوب المدينة. وقالت في بيان إن مقاتليها استهدفوا "دبابة ميركافا وناقلة جند إسرائيلية بقذائف آر بي جي غرب المدينة"، مضيفة أنها قصفت "بقذائف الهاون حشود العدو في محيط موقع أبو صفية العسكري" شرق مخيم المغازي.
تعليق تمويل الأونروا
تأتي هذه التطورات، وسط تعليق 6 دول مهمة تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بشكل مؤقت، في ظل أزمة مالية كانت تواجهها الوكالة قبل هذا القرار، الأمر الذي يثير تخوفات حول دعم الوكالة المستقبلي للاجئين وموظفيها في القطاع في ظل استمرار الحرب وسياسة التجويع.
هذا القرار الذي أعلنته كل من: أستراليا وإيطاليا والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفنلندا، استند إلى مزاعم إسرائيلية بتورط بعض موظفي الوكالة في هجوم حركة "حماس" يوم 7 تشرين الأول الماضي. ومن شأن هذه الخطوة أن تفاقم من الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع، الذين يعانون من ظروف معيشية وصحية قاسية. حيث تشرف "أونروا" على مراكز إيواء تضم وفق بيانات منفصلة صدرت عنها نحو "مليون نازح".
مظاهرات إسرائيلية حاشدة تطالب بإقالة الحكومة والإفراج عن الأسرى
على الجانب الآخر، تظاهر آلاف الإسرائيليين اليوم السبت في عدة مدن للمطالبة بإقالة حكومتهم، بالتزامن مع تظاهر أهالي الأسرى المحتجزين في قطاع غزة أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" إن "آلاف الإسرائيليين تظاهروا في مدينة حيفا ضد الحكومة الإسرائيلية والمطالبة بإجراء الانتخابات فورا". وأوضحت أن المظاهرة "انطلقت من منطقة الكرمل بمدينة حيفا إلى مركز التظاهرة عند تقاطع حوريف".
وفي مدينة كفار سابا بالقرب من تل أبيب، تظاهر المئات تحت شعار "الانتخابات الآن"، وطالبوا بإقالة نتنياهو وإجراء الانتخابات. كما تظاهر المئات في مدينة "رحوبوت" قرب تل أبيب أيضا للمطالبة بإقالة الحكومة، وفق الصحيفة الإسرائيلية.
وفي سياق آخر، تظاهر العشرات من أهالي الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، أمام منزل نتنياهو في مدينة قيسارية (شمال) للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم. وقالت الصحيفة: "للأسبوع الثاني على التوالي يتظاهر أهالي الأسرى بغزة، أمام منزل نتنياهو في مدينة قيسارية".
نتنياهو يهاجم المتظاهرين
بدوره، هاجم رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو مظاهرات عائلات الأسرى المحتجزين في غزة، معتبرا أنها "بدون فائدة وتزيد من مطالب حركة حماس". وقال في مؤتمر صحفي، إن "احتجاجات عائلات المخطوفين لا تفيد، بل تزيد من مطالب حماس، وتؤخر استعادتهم".
وأشار إلى أنه أعطى توجيهات داخل حكومته "لزيادة تفعيل برنامج صناعات دفاعية محلي لكي تعتمد إسرائيل على نفسها... هدفنا القضاء على حماس، إذ لا يمكن أن نسمح ببقاء قوات مسلحة في غزة، ولن تنتهي الحرب قبل إكمال المهمة"، على حد تعبيره.
ارتفاع أعداد الضحايا في قطاع غزة
وفي وقت سابق من اليوم السبت، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة مقتل 174 فلسطينياً حصيلة المجازر الإسرائيلية خلال الـ 24 ساعة الماضية. وأوضحت الوزارة في بيان رسمي، أن الاحتلال ارتكب 18 مجزرة راح ضحيتها 174 قتيلا و310 مصابين خلال الـ 24 ساعة الماضية. ووفقاً لوزارة الصحة، فإن عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي يرتفع إلى 26.257 قتيلاً والمصابين إلى 64.797.
كما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، مساء اليوم السبت، ارتفاع عدد الصحفيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي منذ بداية حربه على القطاع في 7 تشرين الأول 2023 إلى 120 صحفيا.