icon
التغطية الحية

إيران تكثّف عمليات شراء العقارات في دير الزور قرب الحدود مع العراق

2024.08.05 | 09:36 دمشق

دير الزور
مدينة دير الزور شرقي سوريا ـ (عين المدينة)
تلفزيون سوريا ـ سامي جمعة
+A
حجم الخط
-A

لم يجد أبو خليل وسيلة لتأمين مبلغ علاج طفلته سوى بيع منزله وقطعة أرض في قريته غرانيج لتاجر عقارات محلي بسعر أرخص من قيمتها الفعلية، لأن تاجر العقارات سوف يؤمّن له سريرا في مستشفى الأطفال بحكم علاقاته مع مسؤوليين إيرانيين وكذلك "أصدقاء" من حزب الله على حد قوله.

يقول أبو خليل لموقع تلفزيون سوريا: "ارتفعت حركة بيع العقارات في قريتنا والقرى المجاورة بحكم الأوضاع الاقتصادية الصعبة وانتشار الفقر، كما أن الكثير من أبناء المنطقة قد قرروا الهجرة".

ناحية هجين إحدى نواحي سوريا تتبع إداريًّا لمنطقة البوكمال في محافظة دير الزور ومركزها مدينة هجين، بلغ تعداد سكان الناحية 97,870 نسمة بحسب التعداد السكاني لعام 2004.

طريق إيران البري إلى المتوسط

"تحاول إيران منذ عام 2014 إنشاء طريق بري من إيران مرورا بالعراق وصولا لسوريا ولبنان وبالتالي الوصول إلى البحر المتوسط"، هذا ما يؤكده الخبير الجيوسياسي أحمد الجاسم وهو ابن بلدة أبو حمام، التي تتبع ناحية هجين.

ويضيف الجاسم لموقع تلفزيون سوريا "تحاول الميليشيات الإيرانية توسيع نفوذها في سوريا عبر شراء العقارات والاستيلاء على الأراضي، خصوصاً عند الحدود مع العراق، وحزب الله - إضافة لميليشيات أخرى-  يحاول أن يجد لنفسه نفوذ منفرد من خلال شراء أراضٍ ومنازل على الحدود السورية العراقية وكذلك مصادرة الممتلكات العقارية في المناطق الحدودية".

ويلفت الجاسم إلى أن إيران والحزب يحاولان تغيير التركيبة الديموغرافية للمناطق الحدودية مع العراق، عبر شراء الأراضي والمنازل وتهجير سكانها، ضاربين بعرض الحائط الدستور السوري الذي يمنع بيع وفراغ الأراضي الحدودية.

قبل عام 2008 لم تكن القوانين السورية تسمح للعرب أو الأجانب بالتملّك العقاري في سوريا، لكن مع صدور القانون رقم 11، فتح الباب أمام تملك غير السوريين لدور السكن، وأعقبه القانون رقم /11/ لعام 2011، الذي أتاح للأجانب تملّك جميع أنواع العقارات في سوريا، ما يتيح للميليشيات بالتملك، وأثار صدور هذين القرارين كثيراً من التساؤلات في الأوساط السورية بشأن الغاية منهما، خاصة مع توقيت صدور الأخير الذي تزامن مع بدء الثورة السورية، حيث برر النظام التعديلات القانونية لجذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية، وبعث الطُمأنينة بشأن استثماراتهم في سوريا.

مخالفة القانون السوري

وأضاف الجاسم أن حالات التملك الجديدة تتم بمخالفة المادة الأولى في القانون رقم 11 لعام 2008، التي كانت قد وضعت شروطا ينبغي توفرها في الشخص غير السوري الذي يريد تملك عقار، وشروطا بخصوص العقار الذي يريد الأجنبي تملكه وهي كالتالي:

-اشترطت المادة أن يكون التملك لصالح الأسرة لا الأفراد، وأن تكون إقامة الأسرة في سوريا مشروعة بصرف النظر عن مدتها.

-أما العقار، فيجب أن يكون عقارًا واحدًا بقصد السكن الشخصي لتلك الأسرة، وأن يكون حاصلًا على التراخيص اللازمة وفقا لنظام ضابطة البناء، ويجب أن يكون العقار بمثابة وحدة سكنية متكاملة لا تقل مساحته المبنية عن 140 مترًا مربعًا، وفي كل الحالات يجب الحصول على ترخيص مسبق يصدر بقرار عن وزير الداخلية لإتمام عملية التملك.

وهذا لا يحصل إطلاقا في حالات التملك الجديدة في المناطق الحدودية بين سوريا والعراق وفقا للجاسم.

ويلفت الجاسم إلى أن ما تشهده سوريا عموما والمناطق الشرقية خصوصا من ارتقاع قيمة العقار بشكل لا يتناسب إطلاقا مع الحالة الاقتصادية للناس تظهر بشكل واضح بأن الميليشيات الإيرانية هي من يتحكم بسوق العقارات وذلك عبر عمليات غسيل الأموال التي يجنونها من تجارة المخدرات والسلاح.

سرير في مشفى مقابل أملاك عقارية

يتوجه أبو خليل إلى دمشق للمرة الثانية بعد أن باءت محاولته الأولى بالحصول على سرير في مشفى الأطفال بالفشل، لكن هذه المرة السرير مؤمن بحكم "الواسطة" التي جاءت ضمن صفقة بيع المنزل، سفره هذه المرة إلى دمشق سيكون بتذكرة ذهاب دون عودة بعد أن فقد كل أملاكه في بلدته ويجب عليه الاستئجار في دمشق لإكمال رحلة علاج ابنته والبحث عن فرصة عمل لإعالة أسرته.

الجدير بالذكر أن إيران تحاول ربط العراق بشرقي سوريا وصولا إلى لبنان، من خلال دعم الميليشيات المحلية الموالية لطهران. وأظهر معبر القائم-البوكمال الحدودي مع العراق كيف تستخدم إيران هذه الممرّات لتعزيز ميليشياتها، ما سمح لها ببسط نفوذها الإقليمي، وحتى بتوسيع نطاق تأثيرها على المجموعات القبَلية العربية المسلّحة في المنطقة. إلا أن للولايات المتحدة أيضًا وجودا في شرقي وشمال شرقي سوريا، إضافةً إلى قاعدتها في التنف بالقرب من الأردن، التي أُنشئت في إطار مشاركتها في التحالف ضدّ تنظيم الدولة، ما قد يعيق المشروع الإيراني.