أسلوب احتيال جديد ينتشر في سوريا عبر تطبيقي "تليغرام" و"فيس بوك"، حيث تعمل حسابات مجهولة على استغلال حالة العوز التي تعيشها معظم الأسر السورية وبيعها أحلاما بالثراء السهل والسريع.
على "فيس بوك" حساب لفتاة يحمل اسم "وردة الشام" عرض على أكثر من مجموعة على هذه المنصة إعلاناً مغرياً للعمل موجهاً للفتيات والسيدات، ولا يحتاج لخبرة أو لغة أو أي مهارات أو دراسة، وكل ذلك مقابل مردود شهري قد يحلم به حملة الشهادات.
احتيال إلكتروني في سوريا يستهدف الفتيات
ويروج الحساب لعملية الاحتيال كالتالي "حابة تشتغلي ساعتين تلاتة باليوم على الموبايل وتاخدي راتب بيوصل للـ 5 ملايين ليرة ويمكن أكتر؟ الشغل ما هو تسويق ولا إعلانات، نزلي تطبيق تليغرام وحاكيني على الخاص". جملة قصيرة جعلت من الفتيات تتهافت على المعلنة بالتعليقات يترجونها الحصول على التفاصيل، فمبلغ الـ5 ملايين حلم بالنسبة لكثير من الأسر.
تواصل موقع تلفزيون سوريا مع صاحبة الحساب التي أرسلت بدورها تفاصيل مبهمة عن العمل منسوخة مسبقاً على أنها التفاصيل الكاملة ولا تحتاج لشرح، في محاولة لعدم الدخول بنقاشات وأسئلة والإيحاء بالانشغال، لكن الحساب لا يشير إلى هوية أي شخص حقيقي وقد أنشئ العام الماضي، وهي تعمل مسوقة لمنتجات تجميل، وكل ذلك يزيد من الريبة.
وجاء في رسالة صاحبة الحساب"لو عندك برنامج تليغرام رح تربحو أقل شي 5 مليون وبيجوكي بالسوري عن سيريتيل كاش وفيه طرق تانيه كتير مناسبة لكل دولة، هو قناة عالتليغرام كل ساعتين بتدخلي هتاخدي 10000 وغير الهدايا هتعملوا بدء وبعدين انضمام للقناة وبعدين تحقق وببلش الشغل. ملحوظة مهمة، الشغل مانو تسويق ومافيو دفع أي رسوم نهائي مجرد وجودك فيه بس جربي مارح تخسري شي". هكذا كانت لغة صاحبة الحساب بسردها للتفاصيل التي أرسلت دفعة واحدة.
الواضح بحسب التفاصيل المرسلة، أن القائم على الترويج للعمل بالفعل لا يملك القدرة على الكتابة بلغة سليمة ما يعني أن اعتماد الترويج للعمل يتم عبر أشخاص من دون أي خبرة أو معيار معين. استمر الموقع بمحاولة الحصول على تفاصيل أكثر، فأرسلت المروجّة رابطين اثنين لقنوات تليغرام، مع جملة منسوخة "ال2 بتسحبي منهن كل شهر قريب 5 مليون بس تنضمي للروابط بصير عندك صفحتك الخاصة اكبسي ع دعوة أصدقاء بصير تربحي 100 ألف عكل صديق بينضم عن طريقك".
عملية احتيال.. إعلانات وزيادة للمتابعين
الواضح من العبارة الأخيرة استخدام التسويق الهرمي، أو الشبكي، لكن بهذا الأسلوب الإلكتروني، يتم دون دفع مبلغ مالي قبل دخول السلسلة الهرمية. كل ما على الشخص هو أن يدعو أصدقاءه للانضمام إلى المجموعة وكسب الأموال.
لا توجد تفاصيل أخرى، رغم وجود كثير من التناقضات بعرض العمل، فمرة كتبت المبلغ 10 آلاف ليرة في الساعتين، ومرة 100 ألف ليرة لكل صديق، أي مرة احتسب بالساعة ومرة احتسب بالصديق.
أحد الخبراء التقنيين الذي جرّب الأمر ليقنع الناس بأن القضية عبارة عن عملية نصب واحتيال، قال لموقع تلفزيون سوريا مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن طريقة النصب عبر بوتات (برمجيات) تليغرام متعددة، منها من يعتمد عملات مشفرة غير معروفة وغير موجودة أصلاً على أن يتم تحويلها لعملة البلد، دون ذكر مصدر التحويل، ومنها بوتات محلية بالعملة المحلية ومنها بالدولار، لكنها جميعها تصب في خانة النصب والاحتيال.
بحسب الإعلانات إما يكون الربح بدعوة أصدقاء إلى القناة الخاصة بالبوت، أو عبر مشاهدة الإعلانات أو عبر هدايا من المفترض أن يقدمها البوت للضحية كل ساعتين. ومن المفترض أن تستطيع الضحية سحب الأرباح عندما تصل إلى مبلغ معين ولو فرضناً 1000 دولار، لكن عند طلبها إما يقول البوت إن المبلغ غير كافٍ وعليك الاستمرار بالعمل، أو يقول أن التحويل نجح بالفعل، وسيحتاج الأمر 24 –48 ساعة للوصول إلى حساب الضحية، لكن ذلك لا يتم وتكون الضحية قد أهدرت شهراً أو شهرين من العمل لصالح صاحب البوت مجاناً، وفقاً للخبير.
وبحسب الخبير، الهدف من هذه العملية، هي دفع الضحايا للمشاركة في البوت، ودعم قناته الخاصة التي تحمل اسمه بدعوة الأصدقاء إليها، وبالتالي يحصل صاحب البرمجية على عدد مشتركين كبير ويتم لاحقاً استخدام القناة الخاصة بالبوت بدعم قنوات أخرى لكن بمقابل مالي يحصل عليه بدل الدعم، أو يقوم ببيع القناة بمشتركيها بمبالغ كبيرة، أو يستخدمها لعرض الإعلانات بمقابل مالي.
وقال الخبير إن هذا البوت قد يكون لشخص خارج سوريا، فالقضية باتت منتشرة بكثير من الدول منها مصر وليبيا والعراق ولبنان، وبالأسلوب ذاته.