icon
التغطية الحية

هل يمكن لحقن الخلايا الجذعية أن يعيد شباب مفاصلك؟

2024.08.13 | 19:06 دمشق

ساق امرأة عجوز - صورة تعبيرية
ساق امرأة عجوز - صورة تعبيرية
The Business Insider - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

من الصعب تخطي الهرم عندما تؤلمك ركبتاك لمجرد السير قليلاً، وبالطبع بوسعك تعديل الحمية الغذائية التي تتناولها، إلى جانب ممارسة التمارين الرياضية، كما يمكنك اللجوء إلى البوتوكس، بيد أن تعويض التآكل والتلف الذي يصيب المفاصل ليس بالأمر اليسير.

وهنا لابد أن نتحدث عن رائد الأعمال برايان جونسون الذي على الرغم من إنفاقه لمبلغ مليوني دولار سنوياً حتى يعود لسن الثامنة عشرة من جديد، بقي يسعى لإصلاح ما أصاب ركبتيه ووركه بعد أن بلغ من العمر 46 عاماً.

لكنه يخبرنا بأنه عثر على حل أخيراً، وهو السفر إلى جزر البهاما ليخضع لتجربة علاج تقوم على حقن ركبتيه ووركه وكتفيه بملايين الخلايا الجذعية المأخوذة من متبرعين سويديين شباب يتمتعون بصحة جيدة، أما السعر فيصل إلى 16.500 دولار لكل مفصل، أي أن حقن كامل مفاصل جسده سيكلفه 25 ألف دولار.

وهذا العلم ليس بجديد، فقد أبدت أبحاث العلاج بالخلايا الجذعية آثاراً واعدة ليتم اعتماده كعلاج للعلل والأمراض المرتبطة بالتقدم بالسن مثل مرض السكري وأمراض القلب والتهاب المفاصل، بيد أن استخدام تلك الخلايا لتقوية ركب الأصحاء (والأثرياء) الذين تجاوزت أعمارهم الأربعين يعتبر جديداً، وجونسون ليس الشخص الوحيد المستفيد من هذه الموجة.

ضجت الصناعات المرتبطة بالعافية بحالة الإثارة الخفية حول فكرة تجديد شباب الركبتين بجرعة من الخلايا الشابة.

ورغم عدم موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية على هذه العلاجات، تعمل بعض العيادات خارج الولايات المتحدة على تقديمها وذلك بموافقة الهيئات التنظيمية في دول أخرى، وذلك مقابل ثمن ليس بالقليل. وقد تبين من خلال الأبحاث بأن سوقاً كبيرة للعيادات غير المرخصة تستفيد من اهتمام المستهلكين بالقوة العلاجية للخلايا الجذعية، مقابل مبلغ يتراوح ما بين 1.300 إلى 28.000 ألف دولار مقابل كل معالجة.

ويرى الرواد في مجال إطالة العمر وتجديد الشباب بأن فكرة هذا العلاج تعتبر فكرة واعدة، لأن التجارب مثل التجربة التي خضع لها جونسون لابد أن تسهم في دفع الرعاية الصحية نحو العناية الوقائية الاستباقية بالمفاصل.

وإليكم فيما يلي ما نعرفه وما لا نعرفه عن علاج الركب بالخلايا الجذعية:

جرعة لشحن القدرة العلاجية الطبيعية للجسد بقوة خارقة

في أثناء سعي جونسون للحصول على مفاصل يتمتع بها بطل الأبطال، سافر هذا الرجل إلى عيادة Physical Longevity في جزر البهاما حيث تعمل تلك العيادة على تطوير علاجات تجريبية مقاومة للشيخوخة، معظمها يعتمد على الخلايا الجذعية.

لكنه لم يكن يريد الاستعانة بأي نوع من الخلايا الجذعية، ولهذا حجز جونسون للحصول على نوع معين من العلاج الذي يحتوي على خلايا جذعية وسيطة، لأن هذا النوع أصبح سائداً في أوساط إطالة العمر وتجديد الشباب هذه الأيام، بما أن هذه الخلايا تقلل من ظهور الالتهابات وتعزز حالة التجدد. وتشير الأبحاث إلى أن هذا النوع من الخلايا دون غيره بوسعه أن يعمل وحده، أي بمعزل عن بقية الأنسجة، بحيث تتوجه بشكل طبيعي نحو الأنسجة المصابة أو المعطلة وظيفياً لتعمل على إصلاحها.

وبعد نحو شهر من إجراء العملية، ذكر جونسون بأنه لم يلاحظ أي فرق كبير حتى الآن، وأضاف: "لعل سبب ذلك يعود للمؤشرات الحيوية لصحتي والتي وصلت لما يزيد على 1% وذلك بالنسبة للعضلات والدهون وصحة الاستقلاب وصحة القلب والأوعية الدموية وغيرها"، وقال وهو يستشهد بإحصائيات صحية شاركها على موقعه الإلكتروني: "لذلك من الصعب لإحساسي الذاتي بالعافية أن يتحسن".

ولكن جونسون يخبرنا بأنه ينتظر البيانات الموضوعية ليكتشف الفوائد، لأنه يثق بالعملية التي طورها على مدار سنين (بفضل ملايين الدولارات التي أنفقها) وذلك ليحدد أي نوع من العلاجات لإطالة العمر وتجديد الشباب يستحق كل هذا العناء. فلقد وظف جونسون فريقاً من الخبراء في المجال الطبي ليقيّموا الدراسات التي قام نظراؤهم بمراجعتها والتي أجريت عن علاجات يمكن اللجوء إليها لإطالة العمر ومقاومة الشيخوخة، وذلك عبر تصنيف جودة الأدلة والبراهين. وقد وقع الاختيار على علاج الخلايا الجذعية الوسيطة الذي أثار اهتمامهم، ولهذا يخبرنا جونسون أنه هو وفريقه شعروا بأن العيادة التي تقدم هذا العلاج موثوقة وآمنة.

وحالياً، لا تستخدم إلا خلايا المريض نفسه ضمن علاجات الخلايا الجذعية المرخصة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية والموجودة في الولايات المتحدة، وفي الوقت الذي تخرج فيه هذه العلاجات بنتائج فعالة مع بعض الحالات، نكتشف بأنها لا تفيد كثيراً في تجديد شباب المفاصل، ولذلك يخبرنا رسول تشودري أستاذ علم الأحياء المتخصص بأبحاث الخلايا الجذعية لدى جامعة أوكلاند بأنه من الصعب التخلص من الضرر الذي خلفه التقدم بالسن على الخلايا التي هرمت مع صاحبها، ولهذا فإن الخلايا الشابة التي يقدمها متبرعون أصحاء تبلي بلاء أفضل في إصلاح هذا الضرر وتجديد الشباب، بحسب رأي طبيب جونسون واسمه ستيفن سامبسون، ويخبرنا تشودري بأن هذا قد يصح عندما يستخدم المرء خلايا من الأجنة، بيد أن الأمر يثير مخاوف تتصل بجوانب أخلاقية وتقنية، كما أن خلايا المتبرعين الأصحاء الذين لا تتجاوز أعمارهم 20 عاماً قد هرمت هي الأخرى ولكن بدرجات متفاوتة.

ويبقى هذا المجال واعداً في مجال الطب، لكنه لم ينل الموافقة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، فقد حذر سامبسون نفسه من أنه لا يجوز اعتبار الخلايا الجذعية التي يقدمها متبرع شاب على أنها حل سريع أو دواء شاف لكل العلل، ويقول: "علي أن أخفض سقف التوقعات وأخبر المرضى بأن هذا العلاج ليس بسحري، لأننا ندرسه في ظل تجربة سريرية، أي أن النتائج تستغرق وقتاً"، وينطبق الأمر نفسه على العلاجات التجريبية والحصرية، بيد أن الرياضيين أصبحوا من أهم الرواد بالنسبة لتطبيق هذا العلاج.

كشفت دراسة أجريت عام 2014 على 12 لاعباً في دوري كرة القدم الأميركية، كان بينهم اللاعب بيتون مانينغ، جرى من خلالها تطبيق علاجات بالخلايا الجذعية عليهم (على الرغم من عدم موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية على تلك العلاجات)، بأن هذا العلاج ساعدهم في التعافي من إصابات متنوعة. ولهذا زار نجم كرة القدم الأميركية جورج كيتل، والمصارع المحترف هالك هوغان، والمقاتل في بطولة القتال النهائي تي جي ديلاشو العيادة نفسها الموجودة في جزر البهاما من أجل إجراء عمليات حقن بالخلايا المأخوذة من نسيج الحبل السري جرى التبرع بها لهم. فيما أقدم رياضيون آخرون على الخضوع للعلاج نفسه بالاستعانة بخلاياهم الجذعية ذاتها، وكان من بينهم بطل كرة المضرب رافاييل نادال الذي طبق العلاج على ركبته وظهره، ولاعب الغولف جاك نيكلاوس الذي استعان بهذا العلاج لمعالجة آلام الظهر التي يعاني منها بحسب ما أعلنته قناة سي إن إن الأميركية.

شعر سامبسون بإحباط بسبب الكلفة الكبيرة للعملية ولكونها ممنوعة، لأن ذلك سيدخله في حلقة مفرغة، لأنه إن لم يكن بوسع سوى قلة قليلة من الناس إجراء هذه العملية، عندئذ ستقل فرصة معرفة كيف تعمل هذه العمليات على معالجة أمراض الهرم والأمراض المزمنة.

وهذا ما دفعه للتواصل مع المرضى الأثرياء من أمثال جونسون ونخبة الرياضيين الذين خضعوا لهذا العلاج، لأن من يهتمون بتجديد شبابهم وإطالة عمرهم ولديهم من الموارد ما يعينهم على السعي وراء ذلك يسهمون في تعزيز الاهتمام بهذا المجال الطبي، ولذلك يأمل أن يؤدي هذا الاهتمام إلى مواكبة الأبحاث والعمل على إجرائها حتى تسهم في يوم من الأيام بمعالجة عديد من الحالات المزمنة أو الوقاية منها.

متى تفشل المعالجة بالخلايا الجذعية؟

تستغرق الأبحاث وقتاً طويلاً، كونها تسير ببطء، ولهذا فإن التأثير الأهم لهذا الاهتمام المتزايد يتمثل بانتشار ما يعرف بالعيادات المارقة سواء في الولايات المتحدة أو خارجها والتي تزعم وبكل جرأة بأن علاجاتها غير المثبتة بوسعها أن تغير جسمك.

بيد أن بعض الدراسات التي أجريت بموجب إشراف طبي مناسب لم تعثر على آثار مضرة لعلاجات الخلايا الجذعية التي طبقت على حالات عديدة، ومع ذلك يبقى هذا المجال مجالاً خطراً، لأن هذه العلاجات في حال فشلها يمكن أن تتسبب بحدوث إلتهابات أو أن تصيب المريض بالعمى أو بنمو مفرط في الخلايا وهذا بدوره قد يؤدي إلى ظهور أورام.

يعلق على ذلك تشودري بقوله: "سمعت قصص رعب عنها لأنك تذهب إلى تلك العيادات بعد أن تصيبك حالة يأس، ولعل بعض الناس يستفيدون منها، لكن الغالبية العظمى منهم لا يعرفون ما هو الشيء الذي يُحقنون به"، إذ من الصعب معرفة المواد التي يحقن بها المرء بالضبط وما كميتها، وهل جرى حفظها ومعالجتها بشكل آمن أم لا.

وهنالك أيضاً كثير من الأمور المجهولة بالنسبة للآثار التي تخلفها تلك العمليات على المدى البعيد بحسب ما ورد في الأبحاث، إذ يقول بول نوبفيلار وهو أستاذ وباحث لدى كلية يو سي ديفيس للطب ومؤلف كتاب: (الخلايا الجذعية: دليل من الداخل) بأن الفائدة الملموسة لعلاجات الخلايا الجذعية هي أنها تعمل عمل دواء وهمي، وهذا ما قد يحرم المرضى من تلقي علاجات تعتمد على أدلة وبراهين أكبر، مثل عمليات تبديل المفاصل.

فيما يخبرنا جونسون بأنه لا يقتنع بأن نهجه القائم على الخضوع لعلاجات تجريبية مبتكرة أكثر خطورة من السماح للطبيعة بأن تفعل فعلها فيه، لاسيما بعد أن أدى واجبه، ولذلك يقول: "قد يحدث خطأ ما، ولكن تلك هي طبيعة الحياة التي لابد أن يحصل فيها خطأ بشكل أو بآخر، ونسبة الخطر هذه تمثل موضوعاً لنقاش دقيق، إذ لم يتضح حتى الآن ما إذا كان الخضوع لهذا العلاج يتسبب بحدوث خطر أكبر أم لا، بل لعله ينطوي على مخاطر أقل من غيره".

بالمختصر: هل يستحق العلاج بالخلايا الجذعية كل هذا العناء؟

ثمة من لديهم أمل كبير بمستقبل العلاج بالخلايا الجذعية، وعلى رأسهم ماتياس بيرناو وهو المدير التنفيذي لشركة Cellcolabs المتخصصة بالتقانة الحيوية والتي قدمت الخلايا الجذعية اللازمة لعملية جونسون، وهذا ما دفع بيرناو للقول: "أتمنى عندما نزور العيادة من أجل الفحص السنوي مستقبلاً ثم نأخذ جرعة مضادة للإنفلونزا أن نحصل معها على جرعة معززة من الخلايا الجذعية حتى تعالج وضعنا الحالي أو تؤخر ظهور تلك المشكلات لدينا، ووبذلك تعالج أجسامنا بأفضل طريقة بصرف النظر عما قدمه لنا حظنا مع المورثات".

وفي الوقت الذي تبدو فيه علاجات الخلايا الجذعية واعدة بالنسبة لضعف البصر أو مرض السكري، يتفق الخبراء على أنها لن تتحول إلى ينبوع يفيض بالشباب، ولهذا لابد من توفر بيانات ذات جودة عالية لفهم طريقة تأثير تلك العمليات على حالة الهرم، لأنها قد لا تفعل شيئاً لمعالجة مزيد من الآثار المعقدة للشيخوخة، مثل التنكس العصبي.

ويعلق على ذلك نوبفيلار فيقول: "على المستوى الأساسي لا يوجد أي سبب منطقي يفسر الطريقة التي تعالج بها الخلايا الجذعية الوسيطة حالة الهرم، وخاصة عندما يتعلق ذلك بالدماغ، إذ حتى الآن لا تتوفر بين أيدينا تجارب سريرية حققت بوادر نجاح في معظمها".

لذلك، إن لم يكن لديك المال لتسافر وتحصل على معالجة بتقنية عالية، عليك أن تبحث عن معالج فيزيائي أو مدرب شخصي جيد ليساعدك على تقييم وضع حركتك وليضع لك خطة للتمارين التي ستخفف عليك آلام المفاصل وتقيك من التعرض للإصابة مع الأيام.

 

المصدر: The Business Insider