icon
التغطية الحية

صحيفة إيرانية: الأسد يهرب من طهران للخليج ويفضل إعادة الإعمار على محور المقاومة

2024.09.11 | 07:05 دمشق

المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يستقبل رئيس النظام السوري بشار الأسد في طهران، 2019 (AFP)
يواجه الأسد صعوبة في الجمع بين دعم إيران وحلفائها والحاجة إلى تمويل دول الخليج
إسطنبول ـ ضياء قدور
+A
حجم الخط
-A

ملخص

  • النظام السوري يعتمد على إيران ومحور المقاومة للبقاء، لكنه يتجنب مواجهات مباشرة مع إسرائيل.
  • الوضع الاقتصادي في سوريا أسوأ من 2016، مع ارتفاع تكاليف إعادة الإعمار لتتجاوز 1000 مليار دولار.
  • النظام السوري يواجه صعوبة في الجمع بين دعم إيران وحلفائها، والحاجة إلى التمويل من دول الخليج.
  • "الصبر الاستراتيجي" الذي يعتمده النظام السوري في التعامل مع الهجمات الإسرائيلية فكرة سخيفة وغير فعّالة.
  • دمشق تعتمد على المقاومة لمواجهة الولايات المتحدة في الشرق السوري، بينما تحذرها من التحرك ضد إسرائيل.
  • القصر الجمهوري السوري سمح لإيران بالتدخل بقوة في ملف التجسس الإسرائيلي.

في مقابلة أجرتها الصحيفة الإيرانية "إيران دبلوماسي" تحت عنوان "علاقة سوريا بمحور المقاومة ودورها بعد طوفان الأقصى.. ماذا يحدث في بلاد الشام؟"، تطرق علي رضا مجيدي، الخبير الإيراني في القضايا الإقليمية والشرق الأوسط، إلى تسليط الضوء على السياسات والإجراءات التي اتبعها النظام السوري في أعقاب عملية طوفان الأقصى، وتأثير هذه السياسات على المشهد الإقليمي.

وتناولت المقابلة، التي أجرتها الصحيفة مع الخبير الإيراني، مناقشة بعض القضايا الجدلية والمثيرة للاهتمام التي أثيرت مؤخراً حول علاقة النظام بإيران ومحاولاته لرسم الحدود مع محور المقاومة، ومزاعم النظام حول دعم القضية الفلسطينية ومحاربة إسرائيل.

النقلة النوعية في دمشق.. تجنب محاربة المعارضة والأولوية لإعادة الإعمار

رأى مجيدي أن سوريا تجاوزت مرحلة الحرب فعلياً، مستدلاً بذلك على مسألة وقف إطلاق النار في سوريا التي بدأت في مارس 2020 واستمرت لمدة أربع سنوات ونصف.

واستدرك مجيدي بقوله إن استدامة وقف إطلاق النار تشير إلى أن الحكومة السورية في دمشق قد توصلت إلى استنتاج مفاده أنه يجب عليها تنفيذ نقلة نوعية والدخول في فترة إعادة الإعمار وتجنب الحرب مع المعارضة، في حين لا يزال ثلث سوريا خارج سيطرة الحكومة المركزية.

وفي ذات الإطار، أكد مجيدي أن حكومة الأسد خضعت بعد عملية درع الربيع التركية لنقلة نوعية، إذ تم إلغاء أولوية السيطرة على الثلث المتبقي من الأراضي السورية من أيدي المعارضة أو لم يتم متابعتها من الناحية العسكرية، وبدلاً من ذلك أصبحت إعادة إعمار سوريا في ثلثي أراضي البلاد الخاضعة لحكم دمشق أولوية لحكومة دمشق، بحسب وصفه.

وضع النظام أسوأ من عام 2016

وتطرق مجيدي للحديث عن الوضع الاقتصادي المزري الذي يعيشه النظام السوري، مبيناً أن البنية التحتية المتبقية لدى النظام لها كلفة استهلاكية كبيرة، وأن ضعف القدرة الحالية للنظام يتزايد كلما تأخرت عملية إعادة الإعمار، مما يضع المزيد من الضغوط عليه.

وأضاف مجيدي: "من نتائج هذا الوضع الزيادة السنوية في ميزانية إعادة الإعمار في سوريا، حيث يزداد استهلاك البنية التحتية المتبقية يوماً بعد يوم بسبب الإفراط في استخدام القدرات."

وتشير التقديرات الضئيلة التي يمكن الاستشهاد بها في عام 2016 إلى أن كلفة إعادة إعمار سوريا تبلغ 400 مليار دولار.

وأكد الخبير الإيراني علي رضا مجيدي أن الوضع الآن أسوأ بكثير مما كان عليه في عام 2016، مستشهداً بوضع الكهرباء في العاصمة دمشق، حيث لا يوجد سوى 3 ساعات فقط من الوصل الكهربائي يومياً، باستثناء بعض الأحياء الراقية نتيجة الفجوة الطبقية الغريبة التي نشأت خلال الحرب في سوريا.

وبين مجيدي أنه إذا كانت كلفة إعادة الإعمار في عام 2016 لا تقل عن 400 مليار دولار، فإن هذه الكلفة اليوم أعلى بكثير، مشيراً إلى تقديرات بعض الخبراء بنحو 1000 مليار دولار ككلفة تقديرية لإعادة الإعمار في سوريا.

التمرد الكبير القادم سيكون أكثر صعوبة في سوريا

وبحسب ما نقلته صحيفة "إيران دبلوماسي" عن الخبير الإيراني، فقد بلغ إجمالي الناتج المحلي لسوريا في أعلى مستوى له في التاريخ في عام 2010 ما يقرب من 60 مليار دولار، أي عشر الحد الأدنى الحالي لميزانية إعادة الإعمار في البلاد.

وهذا يدل، بحسب الخبير الإيراني، على أن البلد لا يستطيع تمويل إعادة إعماره وليس لديه مستقبل جيد.

ويذهب مجيدي إلى استنتاج مفاده أن هذا الوضع يهيئ الأرضية للتمرد الكبير التالي، والذي سيكون أكثر صعوبة، بحسب وصفه.

ويؤكد مجيدي أن حلفاء سوريا (إيران وروسيا) لا يمكنهم تمويل عملية إعادة الإعمار السورية في ظل فشل محاولات جذب استثمارات الصين منذ سنوات الحرب، مبيناً أن النظام السوري يدرس استجرار التمويل من الدول العربية ودول الخليج العربي.

ويرى علي رضا مجيدي أن النظام السوري يحتاج لإيران وحلف المقاومة للبقاء على قيد الحياة من الناحية الأمنية من جهة، نظراً إلى أن مسألة البقاء مهمة له في الوقت الراهن، لكن من جهة أخرى فهو يحتاج إلى وجود دول الخليج العربي من أجل توفير الحد الأدنى من الظروف المعيشية حتى لا يزداد الوضع سوءاً عن الوضع الحالي، بحسب وصفه.

ويبين السيد علي رضا مجيدي أن التحدي الرئيسي للأسد هو الجمع بين الاثنين، موضحاً أنه لو أراد الأسد التحرك بسرعة نحو دول الخليج العربي فإنه سيواجه مشكلات خطيرة من حيث إمدادات الوقود والطاقة التي توفرها إيران لاستمرار بقائه.

"الصبر الاستراتيجي" فكرة سخيفة صنعها النظام السوري وصدقها مسؤولو طهران

وفي تتمة حديثه، ذكر السيد مجيدي أن الحكومة السورية عززت بقوة فكرة الصبر الاستراتيجي لدى قادة المقاومة، وشددت على عدم الرد على الهجمات الإسرائيلية.

وأضاف مجيدي أنه لم يقتصر الأمر على عدم الرد فقط، بل أوصوا أيضاً بفرض رقابة على هجمات الإسرائيليين والهجمات التركية كذلك، على مواقع المقاومة، وعلى مواقع القوات السورية نفسها.

وأوضح مجيدي أن ما رأيناه في وسائل الإعلام كان في الحقيقة نسبة مئوية من الهجمات الأصلية، حيث كانت أجواء الرقابة شديدة وكانوا ينصحون دائماً بتجاهلها، بحسب وصفه.

وفي ذات السياق، ذكر مجيدي أنهم لم يأخذوا في الاعتبار مصالح سوريا، وكانت لديهم حجج أيضاً. إحدى الحجج، بحسب مجيدي، هي أن سوريا هي المركز اللوجستي للمقاومة، ونحن جميعاً في جبهة واحدة، وأنتم تخنقون إسرائيل وتحاصرونها، وسوريا تلعب دورها بشكل جيد، فلا داعي لدخولكم إلى ملعب إسرائيل، واصفاً هذا بالحجة السخيفة.

وبين مجيدي أن حجة الأسد قبلتها المؤسسة العسكرية ذات الصلة وتم الترويج لها أيضًا في إيران، مشدداً على أن ما نعرفه في إيران بالصبر الاستراتيجي كان مدعوماً ومعززاً من قبل السلطات السورية.

النهج المزدوج لدمشق.. استهدفوا القواعد الأميركية ولا تقربوا إسرائيل

وفي تتمة مقابلته، رأى السيد مجيدي أن دمشق استغلت طوفان الأقصى، حيث رأت فيه فرصة لاتخاذ موقف ذي شقين فيما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة والدول العربية.

وفي هذا الصدد، أوضح مجيدي أن دمشق حاولت أن تظهر قوتها في مواجهة الولايات المتحدة في أعقاب طوفان الأقصى لتبين أنها لا تمر في مرحلة استسلام من جانب، وتظهر للدول العربية أنها ترسم حدودها مع محور المقاومة من جانب آخر.

وشدد مجيدي على أنه لا ينبغي الاعتماد على سوريا في النقاش الدائر حول وحدة الساحات، لأن دمشق ترى في ذلك فرصة لتظهر، خاصة للعالم العربي، أن سوريا ليست عضواً في محور المقاومة كما يُظن، وأنها مستقلة عن إيران.

وأشار مجيدي إلى الرحلة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني السابق، الذي قتل برفقة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية في مايو الماضي، إلى سوريا في أعقاب طوفان الأقصى، موضحاً أن الإيرانيين اعتقدوا أن سوريا كانت مستعدة للتحرك، لكنها لم تكن كذلك، واليوم نرى أن سوريا رفضت المشاركة.

وتابع السيد مجيدي حديثه موضحاً أن سوريا أرادت إظهار قوتها في مواجهة الولايات المتحدة، وتحديداً في أعقاب طوفان الأقصى، لذلك تم السماح للمقاومة بالعمل بحرية ضد أمييكا في شرق سوريا.

وبين مجيدي أن الحكومة السورية أرسلت رسالة مفادها أنه يمكن للمقاومة الوطنية العمل في شرق سوريا، وسمحت أيضاً للمقاومة العراقية بالعمل ضد الولايات المتحدة للضغط عليها من أجل الانسحاب.

واستدرك مجيدي حديثه قائلاً: "أعطت الحكومة السورية الضوء الأخضر بهذا الأمر وكان صحيحاً، لكن أؤكد أن كل هذا كان في شرق سوريا فقط، في حين تم تحذير المقاومة في شمال ووسط وجنوب سوريا بشدة من القيام بأي نشاط."

القصر الجمهوري سمح لإيران بالتدخل في ملف عملاء إسرائيل

وفي ختام حديثه، بين السيد مجيدي أن القصر الرئاسي سمح للمقاومة بمتابعة ملف الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي بكل جدية وإلحاح ومواجهته، بعد أن تحول موضوع حرب المعلومات في دمشق إلى قضية خطيرة للغاية في أعقاب اغتيال العميد في الحرس الثوري علي رضا زاهدي.

وفي هذا الصدد، أشار مجيدي إلى أن يد إيران باتت مفتوحة في هذا المجال، لدرجة أنه لا توجد أخبار اليوم عن بعض الشخصيات في مناصب عالية جداً (ربما من أعلى 10 مناصب) في الحكومة السورية.

وزعم مجيدي أن إيران هي من قيدت هؤلاء المسؤولين ووضعتهم تحت المراقبة، مشيراً إلى حادثة مقتل أحدهم من دون ذكر اسمه على خلفية التجسس لصالح إسرائيل.