icon
التغطية الحية

ما علاقة سوريا؟.. ملف مسرب يكشف عن تورط مسؤولين إيرانيين بتهريب المكالمات الدولي

2024.07.06 | 12:31 دمشق

طهران
لافتة للمرشح الرئاسي سعيد جليلي في أحد شوارع طهران ـ رويترز
إسطنبول ـ ضياء قدور
+A
حجم الخط
-A

قبل يوم واحد من بدء الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية الإيرانية، أمس الجمعة، أظهرت وثائق مسربة نشرها عدد من الناشطين الإيرانيين على وسائل التواصل الاجتماعي تورط 3 أشخاص مرتبطين بمسؤولين سابقين في "الجمهورية الإسلامية"، بينهم مهدي ظريف، نجل محمد جواد ظريف (وزير الخارجية السابق) بجرائم إلكترونية.

وبينت الوثائق، التي لا يستطع "تلفزيون سوريا" تأكيدها أو نفيها، أن هؤلاء الأشخاص أساؤوا لسنوات (2019 - 2023) استخدام النفوذ الذي كانوا يتمتعون به من خلال وزير الاتصالات الإيراني السابق محمد جواد آذري جهرمي، ووزير الخارجية لتسيير نشاطات غير قانونية داخل وخارج إيران.

ووفقاً للوثائق فإن هؤلاء الأشخاص الثلاثة المشتبه بهم، أمير مباشري وحسام الدين آقا هادي ومهدي محمد جواد ظريف خوانساري، تعاونوا لنقل أجهزة ومعدات اتصالات محظورة إلى إيران والدول المجاورة في المنطقة، بهدف تهريب المكالمات الدولية في كلا الاتجاهين "ترمينيشن وأرجينيشن"، وتمرير حركة البيانات والوصول غير المصرح به عن طريق تجاوز المصادر الرسمية وكذلك البروتوكولات القانونية.

ومن خلال تجاوز المصادر الرسمية والبروتوكولات القانونية ومعايير الاتصالات الدولية على المستويات الدولية والوطنية، يظهر الملف انخراط هؤلاء في كسب دخل غير قانوني، والانخراط في أنشطة تجسس أيضاً.

22
وثائق مسربة تداولها ناشطون إيرانيون تشير إلى تورط مسؤوليين في جرائم إلكترونية وتهريب مكالمات دولية من إيران وإلى خارجها (مواقع التواصل الاجتماعي)

ما هو تهريب المكالمات الدولية أو "هاتف الإنترنت"؟

يعرف "هاتف الإنترنت" أو (VOIP) بشكل عام بالتقنية الجديدة لنقل الصوت عبر الإنترنت، وهي تنقسم إلى قسمين عامين: الإنشاء والإنهاء (termination and  orgination).
والإنهاء هو تحويل المكالمات الهاتفية عبر الإنترنت من الخارج إلى داخل الدولة، والإنشاء هو عكس هذه العملية، أي تحويل المكالمات من داخل الدولة إلى خارجها. 
وفي حين يجب إجراء المكالمات الدولية من خلال مراكز الاتصال الدولية التابعة لبلد المنشأ والمقصد، يتم إجراء هذه المكالمات من مصادر غير قانونية وغير رسمية في عملية تسمى "الاتجار بالمكالمات الهاتفية".
وينظر لعملية تهريب المكالمات الدولية في كلا الاتجاهين على أنها غير قانونية لأنها تتم خارج رقابة شركات الاتصال الحكومية والخاصة وتؤدي إلى أضرار اقتصادية جسيمة للوزارات تقدر بالمليارات بالنسبة للدول النامية.
ولهذا السبب فإن شركات الاتصالات لا تسمح بهذه العمليات المشبوهة التي تتم من قنوات أخرى غير آمنة، لكن على الرغم من كل هذا فإن الكثير من المهربين يتاجرون بهذه العملية نظراً لكون هذه العملية مدرة للأرباح بشكل كبير.

وفي عام 2022، أظهرت وثائق صادرة عن شركة "تيليمن"، الخاضعة لسيطرة جماعة "الحوثي"، أنها توصلت إلى نتائج صادمة بشأن تهريب المكالمات الدولية، التي يستغلها نافذون في شركة "تيليمن" تابعون لـ"الحوثي".
وأكدت الوثيقة أنه بعد التحري تبين بأن هناك حركة مرور كبيرة للمكالمات الدولية غير القانونية عبر منظومة جهازي الأمن والمخابرات، التابعين لـ "الحوثي".
وأشارت إلى أن تورط الجهازين المكلفين بمهام مكافحة تهريب المكالمات الدولية، تورطا في مهام التهريب، مما أدى لخسائر بملايين الدولارات سنوياً للشركة.

وأوضحت دراسة في هذا الخصوص أن النافذين في الأمن القومي يستغلون الربط البيني بين جهاز الأمن القومي وشركات الاتصالات لأجل التنصت، ويمررون عبر ذلك الربط مكالمات دولية مهربة، بعيدا عن "تيليمن"، من أجل الإثراء الشخصي.

55

ما علاقة سوريا؟

يُظهر الملف المسرب، الذي يبدو كحكم صادر عن المحكمة الجنائية الثانية في طهران، أن أمير مباشري اشترى 4 "أجهزة إنهاء" خلال السنوات الماضية بهدف البدء بهذه النشاطات غير المشروعة، ليقوم بعد فترة وجيزة بإرسال جهازين منهما إلى مدينة زاخو في محافظة السليمانية في العراق ويضعهما تحت تصرف شخص عراقي يدعى صلاح.

أما عن الجهازين الآخرين، فقد تم تحويلهما لحسام الدين آقا هادي الذي وضعهما في حقيبته وقام تهريبهما بسهولة عبر الحدود الدولية من مطار الخميني إلى سوريا.
ويذكر الملف المنظم بتاريخ 22 كانون الثاني/يناير 2024 أنه بعد الاشتباه بالشخص المذكور ومحتويات حقيبته من قبل المخابرات السورية، يتم وضعه تحت المراقبة، ليتم فيما بعد كشف مكان نصب أجهزة الإنهاء وإلقاء القبض عليه مع اثنين من المتعاونين السوريين معه، وسجنهما، وطرد حسام الدين من سوريا.

وتشير اعترافات مباشري إلى الإقرار بإرسال حركة مرور غير مصرح بها، وتعاونه مع شخصين مرتبطين بوزارة الاتصالات الإيرانية، الأول يدعى حسين شمس والثاني هو مهدي ظريف خوانسراي ابن محمد جواد ظريف.
وأقر مباشري بتوجيه الأشخاص لإنشاء منصة آمنة وتركيب معدات الإنهاء في سوريا والعراق، وتوزيع أجهزة إنهاء Tenor Simbox على الأشخاص المذكورين آنفاً.
كما اعترف مباشري باستخدام خطوط الهاتف واستخدام 1000 شريحة بدون هوية.

اعترافات مهدي محمد جواد ظريف

أما المتهم الآخر مهدي ظريف خوانساري، فتظهر شهادته الواضحة أنه بدأ نشاطه الأولي للتعرف على الويب في شركة "زايكوم"، واعترف المتهم بوضوح بقيامه بأعمال الإنهاء غير القانوني وتهريب المكالمات الدولية، بحسب الملف.
وخلال عمله في الشركة المذكورة مدة عامين تقريباً، يؤكد مهدي ظريف أنه عمل كوسيط ومتعاون مع حسين شمس ومباشري لتأمين إرسال حركة مرور غير قانونية إلى البلاد، مشيراً لتقاضيه 500 دولار شهرياً منهما كأجر للعمل.
ويعترف السيد حسين شمس أن مهدي ظريف حصل حتى الآن على 8000 دولار كعمولة ورسوم وساطة لتحويل المكالمات داخل البلاد.

اتهامات بالعمالة لإسرائيل وتدافع على السلطة في جولة الانتخابات الرئاسية الثانية

تأتي هذه الأنباء الصادمة حول استغلال النفوذ في وزارتي الاتصالات والخارجية الإيرانية، لا سيما خلال فترة ولاية روحاني، في الوقت الذي اعترف فيه ظريف في وقت سابق أن ابنه مهدي ظريف حاصل على درجة البكالوريوس في الكهرباء، ويعيش في طهران مع زوجته وابنته، زاعماً أنه لا يعمل في أي مكان في المؤسسات الحكومية الإيرانية، ويقوم بأعمال استشارية في مجال إدارة السوق.
بالإضافة لقضايا التربح الشخصي من مصادر غير مشروعة والنصب والاحتيال والأضرار الاقتصادية الناجمة عنها، يمكن للنشاطات المشبوهة لتهريب المكالمات الدولية التي اتهم بها ابن وزير الخارجية الإيراني السابق أن تدخل ضمن حيز النشاطات الأمنية المشبوهة، كونها تهتم بإجراء اتصالات غير أمنة لا تخضع لرقابة الأجهزة الحكومية.

وتميزت جولة الانتخابات الرئاسية الثانية، والتي حسمت لصالح المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان، بوجود ما وصفه الخبراء بالشكل الفاضح من التدافع الشديد على السلطة بين التيارات السياسية المختلفة مع موجة كبيرة غير مسبوقة من الانتقادات اللاذعة من كل الأطراف لسوء إدارة البلاد والفساد الممنهج والعمالة غير المباشرة لإسرائيل حتى، على الرغم من توصيات خامنئي الأخيرة بابتعاد المرشحين الرئاسيين عن التراشق الإعلامي الذي يصب في مصلحة "العدو".
وفي هذا الصدد، يعرب جواد ظريف في لقاء على برنامح الانستغرام، حول المناظرة الرئاسية الأخيرة بين المرشح المتشدد سعيد جليلي والإصلاحي بزشكيان، أنه ليس لدي الجرأة لمشاهدة أكاذيب جليلي وفجوره، مشيراً إلى أنه فرض الكثير من العقوبات على البلاد، وهو ينظر مباشرة إلى الكاميرا ويقول لا، لم أفعل هذا.
وبيّن ظريف أنه لا يعلم من أين يروي جليلي هذه الأكاذيب، متسائلاً "هل أُرسلت إليه من إسرائيل ومن هو العقل المدبر هناك؟".