صحيفة إيرانية تتوقع انهيار نظام الأسد والمعارضة تنتظر

2024.09.08 | 08:53 دمشق

بشار الأسد
+A
حجم الخط
-A

تعترف صحيفة إيرانية قبل أيام بأنّ فلاديمير بوتين وبشار الأسد ليسا في وضع جيد هذه الأيام٬ وتكمل "افتاب نيوز" التي مركزها طهران، أن انهيار حكومة الأسد متوقع بسبب ما تسميه خسارة روسيا٬ وتراجع الدعم الإيراني للأسد.

من غير المعروف إن كانت هذه قراءة خاصة للصحيفة أم إنها إيحاء سياسي الهدف منه ترويج معلومة، ولكن سوريا بالفعل تتكئ بشكل كامل على عدد محدود من الدول للاستمرار في البقاء٬ وتأتي كل من إيران وروسيا في طليعة هذه الدول، ويمتد الدعم ليشمل مناحي سياسية واقتصادية.

أما الدول الداعمة اقتصاديا بشكل مباشر٬ فتشترك في أنها ذات ثقل اقتصادي متوسط٬ وترزح تحت عقوبات قاسية٬ تستهلكها ببطء دون أن تمنعها من تقديم "عون الكفاف" للنظام..

كذلك حظي النظام السوري في سياقات إعادة استيعابه عربياً بوعود من دول خليجية، وللصين موقف خاص٬ فهي تدعم الدول الداعمة، وقد قدمت في المجال السياسي دورا في تثبيت الأسد من خلال فيتو متعدد في مجلس الأمن٬ ومجموعة المواقف المناكفة للولايات المتحدة.

أما الدول الداعمة اقتصاديا بشكل مباشر٬ فتشترك في أنها ذات ثقل اقتصادي متوسط٬ وترزح تحت عقوبات قاسية٬ تستهلكها ببطء دون أن تمنعها من تقديم "عون الكفاف" للنظام، في حين تبدو معارضات النظام حائرة وفي وضعية انتظار٬ فهي تأمل كما كانت دائما بمتغير سحري يطيح بالنظام ويخلي لها مقعد الأسد.

لم يتأخر شعار إسقاط النظام في الظهور، فبعد الخروج السوري المدني في أسابيع الثورة الأولى تبلور مطلب رحيل النظام بشكل واضح٬ وأصبح أقرب إلى المطلب الوحيد، في حين حاولت المعارضة حال تجمعها في الخارج أن تستخدم أدوات النظام ذاتها، خصوصاً فيما يخص مخاطبة الدول٬ واعتقدت أن التعامل البراغماتي أو ما يسمى الاستفادة من المتناقضات٬ قد يجعل المجتمع الدولي يقرر التخلي عن النظام والقبول بها كبديل أفضل.

استخدام أسلوب النظام من دون توفر قاعدة بياناته الواسعة٬ ومعرفته العتيقة بما تريده الأطراف، وما تخشاه الدول٬ دفع بكل من حمل ملف الثورة٬ إلى التحرك به يمينا وشمالا لعرضه على الدول الإقليمية٬ وحتى تلك البعيدة التي بينها خلافات وصراعات٬ فقدم المعارضون بعض الوعود في محاولة منهم لكسب ود هذا الطرف أو ذاك٬ وقد ولد الجهل بالتفاصيل٬ لدى الكثير منهم٬ أحكاما خاطئة تخص علاقات النظام الإقليمية والدولية٬ فمالوا إلى التصديق الفوري٬ وفهموا بشكل خاطئ المعطيات المحيطة٬ واختلفوا فيما بينهم على النفوذ داخل تشكيلاتهم.

لم يكن أداء المعارضة في مخاطبة الشارع مرضيا أيضا، فقد قدمت شخصياتها سيناريوهات رومنسية محملة بالرغبات التي تطورت لتصبح توقعات٬ دون أساس موضعي إلا المشاعر الجياشة والحماس العاطفي، انتشرت هذه المشاعر والتمنيات على شكل منشورات وفبركات، أعقبها خيبات أمل٬ ولم يتأخر بعدها انتشار التشكيلات المسلحة في الميدان٬ فتراجع جيش النظام مخليا لها مساحات جغرافية مهمة٬ وطفت على السطح مفردات مثل "المناطق المحررة"٬ وبشكل متزامن انتشرت عبارات من قبيل علوية النظام وباطنيته، وظهرت سلوكيات منحازة كالتعامل مع داعمي النظام من غير طائفته بطريقة مختلفة٬ والبحث أحيانا عن أعذار "مخففة" لهم٬ واعتبار طائفته كتلة صلدة يجب تحطيمها٬ مع غض النظر عن المصالح والمنافع التي تربط النظام بحماته من جميع الطوائف، وفق حالة متسرعة لوصف طبيعة النظام وآليات حركته وأسلوب حياته التي امتدت نحو نصف قرن.

سوى أنهم عبّروا بصدق عن رغبتهم في إسقاط النظام٬ لم نستطع أن نلحظ لدى المعارضة توجها سياسيا موحدا٬ وموقفا واضحا من الجهات الدولية والأحداث٬ أو برنامجا اقتصاديا يمتلك أسسا ورؤية تأخذ الواقع والاحتياجات ضمن معطياتها٬ وكان ذلك٬ كما قيل مرارا٬ مؤجلا إلى ما بعد سقوط النظام.

احتاجت المجموعات الكردية في العراق حدثا بحجم دخول صدام حسين إلى الكويت لتستطيع تحصيل حكمها الذاتي الذي ما زال يحوي معضلات كبيرة٬ وربما تطلُّع "قوات سوريا الديمقراطية" إلى شكل مشابه في سوريا يحتاج لأحداث ضخمة..

وعلى الهامش استطاعت أطراف سياسية أن تنفصل عن كيان المعارضة المعروف٬ وحازت بعض الامتيازات لكونها تملك فصائل تعمل على الأرض وتأتمر بأمرها كـ"قوات سوريا الديمقراطية"، التي شكلت فصيلا في الشمال الشرقي٬ له تمثيل سياسي٬ يحاول أن يحاكي طريقة النظام باستخدام أسلوب تأدية الخدمات لجهات متعددة، لكن لاشك بأن هذا الأسلوب لم يكن لينجح لولا دخولها شريكا مع قوات التحالف الدولي٬ وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية٬ في مهمة القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، لكن السؤال الأساسي ما مصير هذه القوات ومشروعها بعد أن تنتهي شروط تحالفها؟

احتاجت المجموعات الكردية في العراق حدثا بحجم دخول صدام حسين إلى الكويت لتستطيع تحصيل حكمها الذاتي الذي ما زال يحوي معضلات كبيرة٬ وربما تطلُّع "قوات سوريا الديمقراطية" إلى شكل مشابه في سوريا يحتاج لأحداث ضخمة٬ والحال ذاته مع باقي التيارات المعارضة من إسلاميين وعلمانيين ومهادنين ومثقفين وحتى متطرفين، جميع هؤلاء لم يعد لديهم سوى ترقب حدث خارجي أو زلزال سياسي يودي بالنظام ويشغر كرسيه، وها هم يمضون أوقاتهم في التفاصيل الصغيرة٬ بانتظار أن يأتي الحدث الكبير لوحده.