صعد العديد من اللاجئين السوريين أخيراً من احتجاجاتهم بسبب الظروف الصعبة التي يعيشونها في مراكز الإيواء، وللمطالبة بتسريع إجراءات حصولهم على تصاريح إقامة تمكنهم من البدء في حياتهم الجديدة ولم شمل عوائلهم.
ويعاني آلاف اللاجئين السوريين من بطء إجراءات الحصول على الإقامات في البلد الأوروبي الذي شهد أخيراً موجة لجوء كبيرة تسببت بازدحام مراكز الإيواء.
ففي مدينة خاودا احتج طالبو اللجوء المقيمون في "قارب الإيواء" في المدينة، قبل عدة أيام، ضد دائرة الهجرة والتجنيس "IND" بسبب الفترات الطويلة التي ينتظرونها للحصول على تصاريح الإقامة لا سيما أن عوائلهم في سوريا ودول اللجوء الأخرى تعاني من ظروف صعبة أيضاً.
فترات انتظار طويلة
ونقلت وسائل إعلام هولندية عن لاجئين سوريين قول أحدهم، "نحن نستطيع أن نقف في البرد هنا، وسنكون قادرين على الدخول إلى القارب لاحقاً (..) لكن عائلاتنا في تركيا وسوريا لن تتمكن من ذلك".
وبين اللاجئين السوريين كان رائف كيليسلي (28 عاماً) أحد سكان قارب الإيواء المحتجين على سوء الأوضاع حيث وقف مع العشرات أمام القارب قبل أيام.
وحمل اللاجئون لافتات من الورق المقوى مكتوب عليها "نريد من IND أن تأتي إلى مركز الإيواء (..) نطلب منهم أن يتذكرونا في مدينة خاودا".
وذكرت صحيفة "خاودسا بوست"، أن "طالبوا اللجوء يخافون من أن تنساهم IND وبالتالي يطلبون منها أن تسرع في إجراءاتهم".
ويوضح كيليسلي أن السكان ينتظرون المقابلة الثانية منذ شهور، هو نفسه ينتظر 10 أشهر لإجراء مقابلة، وبعضهم الآخر ينتظر فترة أطول.
والمقابلة الثانية هي جزء مهم من طلب اللجوء، وبعد هذه المقابلة تقرر "IND" بشأن طلب اللجوء، وفي بعض الأحيان يتبين أن هناك حاجة إلى مزيد من المعلومات ويمكن أن يستغرق الطلب وقتاً أطول.
ويقول رافي، إن "هذا الانتظار مزعج (..) والحاجة الآن أصبحت أكبر لقد تضررت العديد من عائلاتنا من الزلازل (..) لقد تضرروا منه وبعضهم يعيش في الشوارع.. لا يمكننا فعل أي شيء من أجلهم، لا يمكننا العمل، لذا لا يمكننا إرسال الأموال، لا توجد طريقة يمكننا من خلالها مساعدة عائلاتنا في الوقت الحالي.. لقد اتصلنا بـ IND، لكننا لم نتلق رداً".
"صحة تتدهور"
ويقول عبد العظيم هاشم (28 عاماً) "صحتنا تتدهور وبعضنا يعاني من اكتئاب حاد (..) ومعظمنا متعلم، نريد أن نبدأ، لكننا عالقون الآن في هذا الوضع".
من جانبه يشعر رافي (28 عاماً) بالمعاناة ذاتها كونه ينتظر إجراءات الإقامة منذ ما يقارب العام.
ويريد اللاجئون أن يكونوا جزءاً فعالاً من المجتمع الهولندي، ويقول رافي "تخرجت كمهندس.. لقد عرض علي عقدي عمل هنا، لكن لا أستطيع ذلك"، ويوضح "هذا غير ممكن إذا لم يُسمح لنا بإجراء تدريب داخلي ولم يُسمح لنا بالعمل".
ويمكن لطالبي اللجوء الذين استغرقت إجراءاتهم أكثر من 6 أشهر العمل من حيث المبدأ، ولكن بعد ذلك يحتاجون إلى جواز سفر أو تصريح إقامة لتقديم طلب للحصول على الرقم الوطني "BSN"، ويوضح كيليسلي: "ولا يمكننا فعل ذلك الآن".
كما أشار اللاجئون المحتجون إلى أن طالبي اللجوء من مدن أخرى أكملوا الإجراء بسرعة أكبر، ويقولون إنه ليس لدى "IND" أي ترتيب منطقي في معالجة طلبات اللجوء.
ويقول كيليسلي في هذا السياق: "الأشخاص الذين قدموا بعدنا بكثير تسير إجراءاتهم بشكل أسرع منا".
بدوره، يشرح متحدث باسم "IND"، أن وقت انتظار القرار سيزداد بشكل حاد في عام 2023، لأن العديد من طالبي اللجوء يأتون إلى هولندا، ولذا يتعين على "IND" أن تقرر بشأن العديد من الطلبات بشكل أكبر من طاقتها على ذلك.
ويقول الناطق باسم "IND"، "بالطبع من الإنصاف النظر في طلبات اللجوء بشكل منظم ومرتب وعلى أساس من قدم أولاً إلى هولندا.. لكن هذا الأمر ليس سهلاً بسبب الصعوبات اللوجستية في أزمة الاستقبال".
وفي العام الماضي، احتج طالبو اللجوء من "قارب اللجوء" بالفعل، ويقول كيليسلي: "بعد ذلك جاء أشخاص من IND لإجراء محادثات، سيكون ذلك أيضاً حلاً لنا في حال حصل".
وفي بلدية بورميريند يحتج أيضاً العديد من السوريين على بطء الإجراءات ويقول اللاجئ السوري ياسر الموسى، "يبدو الأمر وكأننا في صحراء هنا".
ويسكن ياسر إلى جانب العديد من السوريين في مركز إيواء يقيم فيه 450 لاجئاً.
ويقيم بعض اللاجئين في مركز استقبال لطالبي اللجوء منذ تسعة أو عشرة أشهر في انتظار بدء إجراءاتهم من قبل مصلحة الهجرة والتجنيس "IND".
ويقول الموسى: "نريد إحضار عائلاتنا إلى هنا (..) لكننا مقيدون هنا تماماً".
وبسبب الإحباط من عدم حدوث تقدم في إجراءاتهم، بدأ عدد من سكان الكامب في بورميريند أخيراً في تنظيم احتجاجات.
وذهبت مجموعة منهم قبل فترة إلى مبنى "IND" في أمستردام حاملين لافتات احتجاجية للمطالبة بتسريع إجراءاتهم.
كما يحتج الناس أيضاً على الظروف المعيشية السيئة والانتظار الطويل في ملاجئ الأزمات الأخرى وملاجئ الطوارئ، مثل مركز الإيواء في زويدبروك.
وقيل لطالبي اللجوء إنهم سيُقيمون في "موقع استقبال طارئ للأزمات" لمدة أسبوع واحد كحد أقصى، وتم إنشاء تلك المراكز على عجل في العام الماضي من قبل البلديات والمناطق الأمنية، بعد أن امتلأ مركز تسجيل طلبات اللجوء في تير آبل بطالبي اللجوء.
ويصف اللاجئون الحياة في "خيمة الإيواء" في بورميريند بالصعبة ويشبهون الوضع فيها وكأنه "سجن" كما يقولون.
وبحسب ما ذكرت الصحيفة الهولندية فإنه عندما تهب الرياح لا يمكن لأحد أن ينام جيداً في الليل بسبب الأصوات التي يسمعونها بسبب ارتطامها بالخيمة.
وقبل أسابيع قليلة، سقط عمودان من دعائم الخيمة كما يقول العديد من السكان.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الخيمة تفتقد إلى الخصوصية حيث يستطيع طالبو اللجوء الاستماع إلى بعضهم لأن ما يفصل بين المقيمين من رجال ونساء وأطفال هي حواجز من دون سقف ولا تعزل الصوت حيث يمكن سماع أي حديث أو شخير أو صراخ.
كما يقول الموسى، "لا يوجد شيء نفعله باستثناء الانتظار وتصبح أكثر تعباً وتعاسةً كل يوم.. لا يمكننا العمل، لا يمكننا الذهاب إلى أي مكان، لأننا لا نملك المال، نأكل ونشرب وننام، لا شيء آخر".
"نحن لسنا حيوانات"
وفي جنوبي البلاد، تظاهر قبل أيام أيضاً عشرات من طالبي اللجوء معظمهم سوريون أمام مركز إيواء اللاجئين في شارع فرانسوا دي فيسترات في مدينة ماستريخت، معبرين عن إحباطهم إزاء فترات الانتظار الطويلة لطلب اللجوء الخاص بهم.
وحمل الناشطون لافتات من الورق المقوى كتب عليها عبارات مثل "نحن لسنا حيوانات" و"نريد تسريع إجراءاتنا في IND"، وكان من بين المحتجين سوريون لديهم أقارب تضرروا من الزلزال في سوريا أيضاَ.
ووفقاً لمتحدثة باسم الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء "كوا"، فإن الاحتجاج موجه بشكل أساسي ضد دائرة الهجرة والجنسية "IND".
وأقرت متحدثة باسم "IND" بأن فترات الانتظار طويلة حيث كانت في الأصل ستة أشهر، والآن يتعين على الناس الانتظار خمسة عشر شهراً لاتخاذ قرار، "نحن مجهزون لاستقبال 22000 طلب سنوياً، لكن التوقعات لهذا العام تبلغ بالفعل نحو ستين ألفا"، مشيرة إلى صعوبة الوضع.
وهذا المظاهرة في ماستريخت ليست الأولى، وبحسب المتحدثة باسم الوكالة، "يريد الناس أن يعرفوا متى سيأتي دورهم.. لا يمكننا الإجابة على ذلك.. نحن نفهم أنه صعب ومزعج لهم.. لكن المظاهرات لا تؤثر على الإجراءات.. نحن نعالج الطلبات بالترتيب الذي وردت به".
وتضيف "غالباً ما يكون من المفيد أن نوضح لهؤلاء الأشخاص أننا لم ننسهم.. وأنهم ليسوا استثناءً".
كما أعلن لاجئون سوريون إضرابهم عن الطعام في مركز الإيواء في ماستريخت بسبب بطء الإجراءات وطول فترات الانتظار للحصول على تصاريح الإقامة، وقال أحد اللاجئين بحسب ما نقلت وسائل الإعلام الهولندية: "سنواصل الإضراب حتى تتم الاستجابة لمطالبنا".
"مرافق خدمية سيئة"
وأصبحت مواقع استقبال الطوارئ التابعة لمؤسسة إيواء طالبي اللجوء "COA" العام الماضي ممتلئة واضطر طالبو اللجوء للنوم في الشوارع.
ويوجد الآن نحو مئة موقع لاستقبال حالات الطوارئ في هولندا، حيث يقيم 7000 شخص بالإضافة إلى 15000 شخص في ملاجئ الطوارئ و30000 في مراكز طالبي اللجوء العادية.
وتشهد "مواقع استقبال حالات الطوارئ" وضعاً سيئاً ومرافق خدمية هزيلة للغاية بالمقارنة بمراكز إيواء اللاجئين الحاصلين على تصاريح إقامة.
وذكرت "مفتشية الصحة ورعاية الشباب" في وقت سابق أن جميع مواقع استقبال الطوارئ تفتقر إلى العديد من الخدمات، مشيرة إلى أن الرعاية الطبية متدنية.