كشفت تقارير هولندية عن رقم "صادم" لعدد السوريين الذين حصلوا على فيزا لزيارة هولندا ممن تضرروا من الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا مؤخراً، مشيرة إلى أنه "يكاد من المستحيل حصول السوريين على تلك التأشيرات"!.
وكانت وزارة الخارجية الهولندية وعدت بعد الزلازل الذي ضرب سوريا وتركيا بتسهيل إجراءات الحصول على تأشيرة للضحايا السوريين ممن لديهم أقارب بهولندا "لأخذ قسط من الراحة" في الدولة الأوروبية.
وبحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية "بالنسبة للسوريين يكاد يكون من المستحيل الحصول على تأشيرة!".
4 سوريين فقط حصلوا على التأشيرة
في الشهر الماضي، حصل 177 شخصاً من مناطق الزلزال على تأشيرات سريعة، من بينهم 173 تركياً و4 سوريين فقط وتم رفض 43 طلباً، ولم تعلن وزارة الخارجية عن عدد الطلبات التي لا تزال قيد المعالجة، وتقول الوزارة إنها ستعلن عن أرقام جديدة خلال الأيام المقبلة.
وبحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية فإن هناك مشكلات عند التقدم للحصول على تأشيرة حيث يتعين على العديد من السوريين، الذين يأتون غالباً من مناطق معارضة، الذهاب إلى لبنان للحصول على طلب فيزا سريعة وبالتالي عليهم السفر عبر المنطقة التي يسيطر عليها النظام السوري وهذا أمر صعب للغاية لأنه بالنسبة للكثيرين "طريق خطر".
كما أنه حتى لو اختاروا السفر إلى لبنان فهناك فرصة كبيرة لرفض طلب التأشيرة الخاص بهم، ويقول المحامي الهولندي علي أجييف: "هذا له علاقة بحقيقة أن سوريا تعتبر منذ سنوات دولة غير آمنة على الإطلاق"، مضيفاً "عند وصولهم إلى هولندا يتمتع المواطنون بالحق في حماية اللجوء ولا ترغب الدولة الهولندية في تسهيل ذلك.. بمجرد وصولهم إلى هنا، يمكنهم تقديم طلب لجوء في تير آبل.. وفرصة الحصول على اللجوء للسوريين مرتفعة جداً".
حلول مقترحة
وتحدثت بعض وسائل الإعلام إلى العديد من السوريين وسألتهم عن الحل الممكن من وجهة نظرهم، وقال عدد من اللاجئين السوريين: "ماذا لو تمكنا من القيام بتقديم طلب الفيزا بلا ورق في تركيا بدلاً من لبنان وبالتالي لا يتعين علينا المرور عبر منطقة خطرة ويمكننا الذهاب إلى تركيا بشكل أسهل قليلاً والتقدم بباقي الإجراءات".
وبحسب الـتلفزيون "إن بي أو" الهولندي تم تقديم هذا الخيار إلى وزير الخارجية الهولندي فوبكا هوكسترا، ووفقاً له "من الصعب ترتيب ذلك.. لا علاقات سياسية مع دمشق لهذا السبب لا يمكن تسهيل الأمر على السوريين".
كما نقلت وسائل إعلام هولندية عن هوكسترا قوله "لا يمكننا تغيير الشروط التي نطبقها عادة لتلك التأشيرات".
قصة لاجئ من بين عشرات القصص
وتداولت وسائل الإعلام الهولندية بعضاً من قصص اللاجئين السوريين الذين يعانون من صعوبات في لم شمل عوائلهم، كان أبرزها قصة اللاجئ محمد شعيب الموجود في هولندا منذ أكثر من عام والذي يمتلك تصريح إقامة.
وبحسب ما ذكر موقع "إن أو إس" تعيش زوجة شعيب وأطفاله في إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، وكان منزلهم قد تضرر بسبب قصف النظام السوري والآن جعله الزلزال أكثر خطورة، على حد قوله.
شعيب يتمنى أن تأتي عائلته إلى هولندا بأسرع وقت، ولكن للحصول على تأشيرة دخول من السفارة الهولندية في تركيا يلزم الحصول على جوازات سفر، ويوضح "عليك التقدم بطلب للحصول عليها في مناطق النظام.. لكن زوجتي ووالدها مطلوبان هناك".
وبحسب شعيب هناك خيار آخر في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث يمكن لضحايا الزلزال اللجوء إلى شركة تعالج طلباتهم، لكن للوصول إلى الحدود مع لبنان عليهم المرور عبر المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري.
ويضيف شعيب، "سأضطر أيضاً إلى تهريبهم إلى الداخل السوري.. هذا أمر خطير للغاية.. يمكن أن يتم القبض عليهم عند نقاط التفتيش في المناطق الحكومية.. إذا حدث ذلك، فلن أرى زوجتي وأولادي مرة أخرى. ولكن لا توجد طريقة أخرى.. أتمنى فقط أن يكون كل شيء على ما يرام".
ويتحدث شعيب عن خطورة الوضع في شمال غربي سوريا، "هناك قصف كل أسبوع.. أين يمكنهم الاختباء؟ في خيمة قد تتعرض لخطر القصف.. أو في منزل قد ينتهي بك الأمر تحت الأنقاض بعد الزلزال"، ويشير شعيب بأنه نفسه لا يمكنه الحصول على تأشيرة للعودة مؤقتاً إلى سوريا.
نفاق.. وأولوية بالرفض!
أستاذة العلوم الاجتماعية في جامعة أوتريخت ترودي كنين تساعد السوريين من مناطق الزلزال لتقديم طلباتهم في مركز دعم اللاجئين في دي بيلت، تقول إن السوريين "مرفوضون بشكل منهجي" لأن لهم الحق في اللجوء، مضيفة "إذن لا يجب أن تقول إن الناس يعاملون بأولوية.. فهذا يثير الأمل والتوقعات، يبدو أن السوريين الآن يتلقون أولوية بالرفض!".
وتقدمت كنين بشكوى إلى وزارة الخارجية الهولندية "أعتقد أنه من النفاق التظاهر للجمهور بأننا نؤوي جميع الضحايا من خلال توفير سكن مؤقت لهم مع أقاربهم في هولندا واستبعاد أولئك الذين يعانون بالفعل من عواقب الحرب في سوريا".
وزير الخارجية هوكسترا يصف وضع ضحايا الزلزال بأنه "غير عادل تماماً بالنسبة لأشخاص عاشوا في الحرب لسنوات.. لكن الحقيقة هي أنه ليس لدينا علاقات دبلوماسية مع دمشق، لذلك لا يمكننا أن نجعل الأمر سهلاً هناك كما هو الحال في أماكن مثل تركيا، حيث لدينا المزيد من النقاط المفتوحة".
وتقوم الوزارة بتقييم ما إذا كان من المعقول عودة المتقدمين للحصول على الفيزا بعد إقامة لمدة تسعين يوماً.
وعلى سبيل المثال، تم رفض طلب امرأة سورية في أوائل العشرينات من عمرها ولديها إقامة في تركيا، وتقول كنين إن المرأة السورية أرادت البقاء مع والديها وشقيقها في هولندا، وجاء القرار بالرفض "هناك شكوك معقولة حول نيتك مغادرة أراضي الدول الأعضاء قبل انتهاء صلاحية التأشيرة".
ومن غير المعروف عدد الأشخاص الموجودين في مثل هذه الحالة، لكن العديد من محامي اللجوء وكذلك العاملون في مجال مساعدة اللاجئين لا يعرفون أي أمثلة عن التأشيرات الممنوحة للسوريين.
ويقول شعيب: "هناك الكثير من الناس لديهم نفس قصتي"، مضيفاً "لا أعرف ضحية زلزال كان قادراً على تقديم طلب ناجح".
ويشير اللاجئ السوري إلى أنه الآن أكثر خوفاً مما كان عليه خلال التفجيرات التي فر منها، "أخشى مما قد يحدث لزوجتي وأولادي. عندما كنت ما أزال في سوريا، كنت أجلس بجانبهم.. كل ما حدث لنا مررنا به معاً، لكنني الآن لا أجلس بجانبهم".