icon
التغطية الحية

مقاطعة شعبية وتسعيرة الصوت بـ100 ألف ليرة.. انتخابات برلمانية تعكس واقع سوريا

2024.07.17 | 18:41 دمشق

555555555555554
انتخابات برلمان النظام السوري
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

شهدت معظم المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام السوري يوم الإثنين 15 من تموز الجاري، إجراء انتخابات مجلس الشعب الممثل للنظام، وكعادة النظام تمت العملية في يوم دوام رسمي، خوفاً من بقاء الشعب في بيوتهم فلا يشارك بالانتخابات إلا قلة قليلة، في مخالفة واضحة لمعظم الديمقراطيات وحتى الديكتاتوريات في العالم التي تجريها عادة في يوم العطلة الأسبوعي.

ورغم مرور أكثر من 13 عاماً على اندلاع الثورة السورية، إلا أن النظام السوري لم يغير أياً من طرقه في التعاطي مع الواقع السوري، لم يغير من أسلوبه في حكم البلاد مع وقوع مئات آلاف الضحايا والجرحى والمعتقلين وحجم الدمار الهائل وخروج مراكز محافظات ومدن من سيطرة جيشه وقواته.

يصر النظام في كل مرة على الظهور بأن شيئاً لم يكن ويستمر في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية في موعدها. مع غياب أكثر من نصف الشعب عن المشاركة السياسية بين لاجئ ومهجر ونازح، ومقاطعة القسم الأكبر من السكان.

مقاطعة شعبية واسعة

ورصد موقع تلفزيون سوريا حالة المشاركة في الانتخابات البرلمانية في العاصمة دمشق وريفها، التي أجراها النظام السوري، إذ طغت على مراكز الاقتراع مقاطعة واسعة ومحاولات شراء أصوات من قبل أنصار المرشحين.

أُجريت الانتخابات في 8151 مركزاً انتخابياً لاختيار 250 عضواً في مجلس الشعب من أصل 1516 مرشحاً بعد أن انسحب الآلاف قبل أيام قليلة من يوم الاقتراع.

ومرة كل 4 سنوات يجري النظام السوري الانتخابات البرلمانية، ويفوز فيها بانتظام حزب البعث الذي يقوده رئيس النظام بشار الأسد بغالبية المقاعد، وتغيب أي معارضة فعلية مؤثرة داخل سوريا بينما لا تزال مناطق بكاملها خارج سيطرة النظام.

ولم تُجرَ الانتخابات في مناطق شمال غربي سوريا وشمال شرقي سوريا، إلى جانب محافظة السويداء، مع المقاطعة الكبيرة في محافظات درعا والقنيطرة، ما يعني أن نحو نصف المناطق السورية تقريباً لم يحصل بها اقتراع أو اقتراع خفيف لاختيار الممثلين عن الشعب.

ورغم أن السوريين يعرفون أن مثل هذه الانتخابات مسرحية هزيلة لا تتم بأي شفافية إنما عبر اختيار الأفرع الأمنية للمرشحين والفائزين على السواء، دون أي حساب للأصوات.

"ولا سوري يعرف اسم مرشح بمجلس الشعب"

وقال أحد المقاطعين مفضلاً عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، إنه قاطع جميع الانتخابات التي أجراها النظام في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، مبيناً أن مجلس الشعب لم يكن له أي دور يذكر قبل الثورة فكيف الآن مع حجم الفساد المستشري في البلاد.

وأضاف لموقع تلفزيون سوريا، أنه إذا طلبت من أي سوري في الشارع أن يذكر لك اسم عضو واحد في مجلس الشعب السابق لن يعرف، وإن عرف سيكون ذلك لأنه قريبه أو من معارفه وليس لأنه مهتم.

وأشار إلى أن مجلس الشعب، هو مجلس يضم الكركوزات التي تصفق للنظام ورأس النظام ولا يملكون القدرة على أي تغيير أو رفض أي قانون أو تشريع يمرره النظام بسهولة وحتى قبل التصويت عليه تحت قبة ما يسمى "البرلمان".

من جانبها، قالت أم عمر، إنها صوتت أكثر من مرة في الانتخابات وحصلت مقابل كل صوت على مبلغ 25 ألف ليرة، وحصلت في المجمل على قرابة 150 ألف ليرة دون أن تذهب شخصياً إلى أي مركز اقتراع.

وأضافت أن شخصاً يدعى أبا أمين طرق باب بيتها وقال لها تصوتي بالانتخابات مقابل 150 ألف ليرة، فظنت أنه ثمن صوت واحد، ولكنها عرفت فيما بعد أن أبا أمين صوت باسمها في أكثر من صندوق ومركز انتخابي.

وأشارت إلى أن المبلغ لا يشتري وجبة غداء ولكنه أحسن من لا شيء في ظل هذا الغلاء المستشري في البلد، وبكل الأحوال ما حدا شايف صوتي، سواء صوت بالانتخابات أم لم أصوت.

وفي يوم الانتخابات انتشرت في دمشق وريفها شائعة تشير إلى شراء الأصوات أمام المراكز الانتخابية، حتى إن بعض المرشحين دفعوا أموالاً تصل إلى أكثر من 150 ألف ليرة لكل صوت واحد، وبعد البحث عن ذلك قال عدة شهود إن شراء الأصوات لم يقتصر على المبالغ المادية إنما شمل توزيع المال، حيث يتم تقديم مبالغ مالية مباشرة للناخبين مقابل تصويتهم لصالح مرشح معين، وتوزيع السلع الغذائية والوقود، إلى جانب وعود بوظائف أو ترقيات.

كم تبلغ تسعيرة الصوت الواحد؟

وقال سلطان أبو جابر إن تسعيرة الصوت اختلفت من مكان إلى آخر، ففي المزة 86 وصلت سعر الصوت إلى 120 ألف ليرة، حتى أن بعض الأشخاص صوتوا أكثر من مرة ولأكثر من مرشح.

وأضاف أبو جابر لموقع تلفزيون سوريا، أنه لم يكن هناك أي رقابة أو شفافية، الكل كان يعلم أن النتائج شبه محسومة ولكنه صراع بين الأشخاص المحسوبين على الأفرع الأمنية لذلك عدد الأصوات مهم.

ولفت إلى أن كل فرع أمني لديه عدد من المرشحين الذين يختارهم لخوض الانتخابات مقابل رقم رشوة كبيرة يدفعها المرشح للضباط بالمخابرات، ما يعني أنه قد أمن دخول السباق الانتخابي، ولكن الفوز لا يكون محسوماً دائماً إلا بما يخص قائمة الأسماء القادمة من القصر الجمهوري.

وأشار أبو جابر الذي ينحدر من السويداء ولكنه يعيش في دمشق منذ 20 عاماً، إلى أن كل محافظة السويداء لم تصوت، فمن غير المعقول أن يصوت وحده في الوقت الذي تشهد الانتخابات مقاطعة كاملة في مدينته.

وبيّن أبو جابر أن سوريا لن تكون بوضع أفضل في ظل استمرار السياسات نفسها وإصرار النظام على النهج نفسه، مؤكداً أن إجراء الانتخابات دليل واضح على أن النظام خارج الواقع والتاريخ والجغرافيا.

انتخابات من دون جدوى

وبالطبع تعد ظاهرة شراء الأصوات ليست جديدة في الانتخابات التي يجريها النظام السوري، لكنها أصبحت أكثر وضوحاً في السنوات الأخيرة.

وتعاني مناطق سيطرة النظام من أزمة معيشية خانقة في ظل غلاء مستمر بالأسعار وبطالة وتراجع القدرة الشرائية لأدنى مستوياتها مع انهيار الليرة أمام الدولار والعملات الأجنبية، وفشل حكومات النظام في تحسين أوضاع الناس.

ويرى معظم من تحدثنا معهم أن هذه الانتخابات هي مثلها مثل انتخابات الإدارة المحلية ليست ذات أي جدوى أو تغيير إنما طابعها شكلي مثل الحكومات والوزارات المعينة وسط استمرار تغول الأجهزة الأمنية والجيش مع تفشي الفساد وسيطرة المحسوبيات.

كما أن المواطنين السوريين الذين يعيشون في ظروف اقتصادية صعبة، يكافحون ليلاً ونهاراً من أجل تأمين لقمة العيش، فلذلك يرون أنه لا جدوى من المشاركة في عملية مزورة أو محسومة قبل أن تبدأ، وهي حالة تسبق الثورة السورية بعقود.