icon
التغطية الحية

مبادرة الأردن المبنية للمجهول.. محطة اختبار خامسة للحل السياسي في سوريا

2023.05.01 | 20:12 دمشق

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مع فيصل المقداد (الخارجية الأردنية/ تويتر)
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مع فيصل المقداد (الخارجية الأردنية/ تويتر)
إسطنبول – عبد القادر ضويحي
+A
حجم الخط
-A

أعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إطلاق مسار جديد لحل الأزمة في سوريا جاء ذلك في مؤتمر صحفي له عقب انتهاء اجتماع عمان التشاوري، الذي شارك فيه وزراء خارجية السعودية ومصر والعراق والأردن ونظام الأسد.

واعترف الصفدي بأن طريق الحل في سوريا صعب وطويل، وكأنه يوحي أن المسار الجديد للحل سيبدأ من الصفر دون أن يستند إلى أية أرضيات سابقة أو مسارات حل طرحت خلال الأعوام الـ12 السابقة، مؤكدا على ضرورة وجود دور قيادي عربي للحل، وهذا يطرح تساؤلات عن طبيعة أي حل تغيب عنه المعارضة السورية، كونها طرفاً أساسياً في سوريا.

خمسة مسارات للحل والنتيجة صفرية

أضيف مسار عمان للحل إلى مسارات 5 سابقة أطلقته دول إقليمية والأمم المتحدة، بقي مسار جنيف هو الأرضية الأكثر قبولا لدى الأطراف الدولية، لكنها بقيت في إطار التفاوض الصفري، في حين أطلق مسار أستانا الذي أوجدته المتغيرات العسكرية في الأراضي السورية، واعتبر المسار ذا طابع عسكري بحت، كونه ناقش ملفات عسكرية أبرزها وقف إطلاق النار وإقامة مناطق خفض تصعيد، وهذا مسار شاركت به 3 دول فاعلة في سوريا هي إيران وروسيا وتركيا، وأضحى مرجعية لخطوط التماس، بعد ذلك أوجد مسار سوتشي الذي يعتبر مسارا ثنائيا رئاسيا، والذي عادةً ما يُعقد بين رئيسي تركيا وروسيا لبحث التطورات في سوريا وحمل هذا المسار أيضا طابعا عسكريا نوعا ما، لكنه نجح في حل تضارب المصالح بين أنقرة وموسكو في سوريا.

وحول تعداد المسارات في سوريا وإطلاق مسار جديد قال الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش في تصريحه لتلفزيون سوريا إن مسار عمان الجديد لا يمكنه إلغاء مسارات سابقة كأستانا وسوتشي وجنيف، لكنه قد يشكل أرضية جديدة رافدة لتلك المسارات.

وأشار علوش إلى أن الدول العربية التي صالحت تركيا في الفترة الماضية لن تقدم على أي خطوات تزعج الأتراك في سوريا، كون ذلك سيعيد المشكلات السياسية إلى الواجهة.

وأشار علوش إلى أنه لا يمكن لأي مسار أن يلغي الدورين الإيراني والتركي في سوريا كونهما دولتين فاعلتين في الملف السوري وتمتلكان قوات عسكرية على الأراضي السورية.

وأضاف أن تركيا أطلقت مسارا تقاربيا مع النظام لكنه لم يحقق أي تقدم يذكر بسبب قرب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا، لكنه قد يحقق خرقا بعد الانتخابات التي ستنطلق في 14 من أيار الحالي.

هذا ويأتي اجتماع عمان بعد نحو أسبوعين من اجتماع جدة الذي خصص لبحث الملف السوري وفشل في الوصول إلى توافق بشأن عودة الأسد إلى الجامعة العربية.

وبخصوص الاجتماع اعتبر الدكتور نبيل العتوم أستاذ العلاقات الدولية أن الأردن يسعى لطرح مبادرته للحل السياسي في سوريا، وحشد الدعم الدولي والإقليمي، لوضعها على طاولة التسوية كحل استراتيجي، مدفوعاً بالمُتغيرات الإقليمية والدولية من جهة إعادة روسيا ترتيب أولوياتها باتجاه أوكرانيا، ومصالحها في تهدئة الجبهات الأخرى المُنخرطة بها، ومن جهة الانفتاح العربي والتركي على دمشق، وتحديداً أثناء الاستجابة الإنسانية لكارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في فبراير 2023، إلى جانب إمكانية تقديم إيران لتنازلات بعد الإعلان عن استئنافها العلاقات مع السعودية، ونتيجة للضغوط المحلية والخارجية المفروضة عليها، على الرغم من إدراك صانع القرار السياسي والأمني الأردني لصعوبة تنازل النظام السوري عن علاقاته مع طهران وتعقد المشهد الداخلي السوري خاصة مع وجود ميليشيات متعددة الجنسيات يديرها الحرس الثوري الإيراني الذي يوظف الساحة السورية كساحة لتحقيق مصالحها ولتبادل للرسائل مع الخصوم والمنافسين.

المخدرات أولا

شكل البيان الختامي للاجتماع الخماسي في عمان، تصريحا رسميا أن مسار عمان قد يكون الأفضل كون الدول العربية هي من تشارك به وقبل النظام في سوريا حضوره وبحث بعض الملفات شريطة أن لا تمس هيكلية النظام، أي بحث ملفات محددة دون الغوص في الحلول السياسية للأزمة في سوريا، حمل البيان تأكيدا على ضرورة خروج القوات غير الشرعية من الأراضي السورية، في إشارة إلى أبرز قوتين هما تركيا والولايات المتحدة الأميركية، كما تطرق لملفات أخرى مثل محاربة المخدرات، الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش اعتبر وجود بند قوات غير شرعية في البيان الختامي إشارة ضمنية إلى تركيا، معتبرا أن الدول المنخرطة في مسار عمان الجديد، تريد مجابهة النفوذ الإيراني والتركي في سوريا ولكن بطريقة ناعمة.

في السياق ذاته اعتبر الدكتور نبيل العتوم في تصريحه لتلفزيون سوريا أن هناك حاجة مُلحة لإعادة ضبط المُعادلة الأمنية في الجنوب السوري، بشكل يُرسي الأمن على جانبي الحدود، ويُبعد التهديدات المُرتبطة بالوجود الإيراني هُناك، خاصة بعد فشل محاولات ومسارات تسوية الأزمة منذ العام 2011، على اختلاف أطرافها وأهدافها في جنيف وأستانا وفيينا وسوتشي.

وأشار العتوم إلى أن الأردن يواجه تحديات مُعقدة ومُربكة على حدوده الشمالية والشرقية مع سوريا، حيث تنشط عصابات تهريب المخدرات العابرة للحدود، والمرتبطة بالجماعات المسلحة المدعومة من إيران، وانطلاقاً من هذا التهديد الذي يتخذ أبعاداً أمنية واجتماعية تطول الأردن ودول الخليج، لاسيما السعودية، معتبرا أن النظام السوري يعيش مرحلة اختبار.

مصدر دبلوماسي يوضح

وحول الاجتماع قال مصدر دبلوماسي لتلفزيون سوريا إن وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد طلب مساعدة الدول المشاركة في الاجتماع لمواجهة المخدرات التي تصدر من سوريا، مؤكدا أن الرياض والأردن زودا المقداد بمعلومات عن مراكز الكبتاغون في سوريا، وأنه أي المقداد طلب مساعدة مالية لشن حرب على المخدرات وضبط الحدود بشكل أكبر، ونوه المسؤول في معرض حديثه لتلفزيون سوريا أن ملف المخدرات أخذ حيزا كبيرا من مجريات لقاء عمان.

وأشار المصدر الدبلوماسي إلى أن الدول المشاركة جميعها تعتبر القرار 2254 أرضية مناسبة للحل في سوريا، في حين اعتذر عن التعليق على باقي البنود التي أوردها البيان الختامي لاجتماع عمان.

مبادرة أردنية مبنية للمجهول

إطلاق المسار الجديد على لسان وزير الخارجية الأردني يراها مراقبون سوريون نسفاً لجميع المسارات السابقة، إضافة إلى أن الغموض ما زال عنوان المبادرة الأردنية للحل في سوريا، وهنا يرى أستاذ العلاقات الدولية العتوم أن المُبادرة التي ذكرها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في سبتمبر 2022 على هامش اجتماعات الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ما تزال غير واضحة المعالم، إلا أنه أكد توافق عمّان مع دول عربية عليها بشكل مبدئي لا سيما مع السعودية، إلى جانب مصر والكويت والبحرين، وفرنسا على الصعيد الدولي.

ولفت العتوم إلى أن المبادرة الأردنية تتركز في بنودها على القرارات الدولية 2254 و2642، فيما يتضح أنها تسعى لإحياء الحوار بين قوى المعارضة والنظام، وتستلزم أن تُسلم الجماعات المُسلحة معداتها العسكرية من المدن والأحياء، مُقابل الإفراج عن المعتقلين لدى النظام بتهم سياسية لكن يبقى تحقيق ذلك مجرد تكهنات في ظل عدم وجود مسار سياسي واضح وفيه ضمانات تستطيع إجبار النظام السوري على تنفيذ التزامات، واعتبر العتوم أن أي عودة للنظام السوري إلى الجامعة العربية تعتبر تطبيعاً مجانياً على حساب الشعب السوري وثورته.

إذاً؛ أطلق الأردن مسارا جديدا للحل، يبقى نجاحه في قدرته في الحصول على تنازلات من النظام، إضافة إلى قدرة الدول المنخرطة في هذا المسار على إقناع دول جديدة للانضمام إليه، والنقطة الأكبر في هذا المسار هو الحصول على الشرعية الدولية والحصول على مباركات أميركية وأوروبية له.