icon
التغطية الحية

ما بين مسيرة إيرانية وأميركية وأخرى روسية... ما الذي سقط في بادية دير الزور؟

2024.08.29 | 07:11 دمشق

آخر تحديث: 29.08.2024 | 12:07 دمشق

8585858585858585858585852
الطائرات الإيرانية المسيرة
إسطنبول ـ ضياء قدور
+A
حجم الخط
-A

بعد ساعات من إعلان سقوط/إسقاط طائرة مسيرة في بادية أبو خشب في محافظة دير الزور السورية، تواردت أنباء عاجلة عن سقوط جسم طائر مجهول بالقرب من منطقة البوليل في بادية دير الزور شرقي سوريا.

وبعد دقائق من وصول صور التحطم، تواردت أنباء متضاربة عما حدث على بعد كيلومترات جنوب مدينة دير الزور، حيث أفاد مراسل قوات الدفاع الوطني التابع لنظام الأسد أنهم أسقطوا طائرة أميركية مسيرة كانت قد نفذت غارات جوية في منطقة البوليل، وهي المنطقة نفسها التي شهدت اشتباكات مع قوات قسد في وقت سابق من هذا الشهر.

ورغم أنه ما يزال الكثير من الأمور غير واضحة وغامضة حول القصة، ادعت بعض المصادر المحلية التابعة لنظام الأسد وعدد من المواقع الإيرانية سقوط طائرة حربية أميركية في المناطق التي تسيطر عليها إيران ونظام الأسد شرقي سوريا.

وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية، إرنا، نقلا عن شبكة الميادين، أن طائرة مقاتلة أميركية تحطمت في منطقة دير الزور شرقي سوريا بسبب خلل فني، لكن تم إنقاذ طاقمها. ونقلت إرنا عن بعض المصادر الإخبارية زعمها أن هذه المقاتلة سقطت في منطقة سيطرة إيران بريف دير الزور.

ما الذي سقط في بادية دير الزور؟

في حين بينت لقطات الحطام ومقاطع الفيديو المنتشرة أن صور الحطام لا تتوافق البتة مع حطام طائرة مقاتلة مأهولة كبيرة الحجم، بدا واضحاً أن الجسم الطائر الذي تم استهدافه بشكل مباشر قد هبط مع مظلة برتقالية اللون.

وبحسب الخبراء العسكريين، تختلف المظلة المعروضة في الصور المنتشرة من ناحية مسألة الحجم والشكل كلياً عن مظلة الطيار الحربي أو أفراد القوات المحولة جواً، إذ يبلغ قطر مظلة الطيار المقاتل 8 أمتار أو 24 قدما على الأقل، كما يختلف شكلها الذي يكون على شكل قبة أو نصف کروي، عن مظلة الجسم الطائر المجهول.

وبحسب خبراء عسكريين تحدث إليهم تلفزيون سوريا، فإن لون ونوع المظلة يؤكد أن هذا الجسم المجهول الذي سقط في بادية دير الزور لم يكن طائرة من دون طيار أميركية أو غربية.

وخلافاً للدول الغربية، تستخدم كل من سوريا وإيران وروسيا وأغلب الدول التي تستثمر الطائرات الحربية الروسية عادةً هذا النوع واللون من المظلات.

وفقا لمصادر مفتوحة متعددة، فإن شكل المظلة البرتقالي يتناسب بشكل كبير جداً مع مظلة طائرة مهاجر-6 الإيرانية، وهو ما يجعل هذه المسيرة الإيرانية أحد المشتبه بهم الفعليين.

مهاجر 6 وسجلها الحافل في السقوط مع المظلات البرتقالية

تعتبر مسيرة مهاجر 6 الإيرانية أحدث مسيرة في عائلتها، وتستخدم عادة لأغراض مدنية وعسكرية، بما ذلك المهام الاستطلاعية والقتالية. ويبلغ المدى التشغيلي لهذه "الطائرة الموجهة عن بعد" أكثر من 2000 کیلومتر، وهذا ما يجعلها قادرة على القيام بأعمال قتالية وتجسسية في محافظة دير الزور انطلاقاً من العمق السوري أو الأراضي الإيرانية حتى. كما أنها قادرة على حمل ما بين 100 إلى 150 كجم من الأسلحة (قنابل قائم  5 الموجهة).

ويتم استثمار مهاجر 6 داخل حدود إيران على أيدي قوات الجو فضاء في الحرس الثوري الإيراني والجيش الإيراني.

أما خارج حدود إيران، فقد تم تصدير أو إهداء هذه المسيرات للعديد من الفاعلين الإقليميين والدوليين، الحكوميين منهم وغير الحكوميين.

على سبيل المثال، شوهدت مهاجر 6 عدة مرات خلال الحرب الروسية الأوكرانية، حيث اتهمت إيران بتزويد روسيا بمسيرات شاهد 136 ومهاجر وصواريخ بالستية أخرى.

وفي وقت سابق، زدوت إيران القوات الفنزويلية بطائرات مسيرة من طراز مهاجر 6، كما شوهدت هذه المسيرة عدة مرات في أيدي ميليشيات الحشد الشعبي في العراق وفي الصراعات الدائرة في كل من أثيوبيا والسودان.

من المحتمل أن تكون الطائرة التي تحطمت البارحة في مناطق شرقي سوريا طائرة إيرانية من دون طيار من طراز مهاجر 6 فقدت السيطرة عليها وتحطمت في نهاية المطاف. تتمتع هذه الطائرة من دون طيار بخيار الهبوط الاضطراري باستخدام ذات المظلة البرتقالية.

على سبيل المثال، أعلن المتحدث باسم الحرس الثوري في أصفهان عام 2021، عن تحطم طائرة إيرانية من دون طيار من طراز مهاجر 6 بالقرب من مدينة سفید شهر في إيران بسبب عطل فني. وأظهرت الصورة المنشورة وجود المظلة نفسها.

وفي العام الماضي، أظهرت مقاطع فيديو أن الطائرة من دون طيار التي أسقطت بنيران روسية صديقة فوق شبه جزيرة القرم كانت طائرة إيرانية مسيرة من طراز مهاجر 6.

ويمكن ملاحظة أن المظلة ذاتها تنفتح في الهواء مباشرة بعد الاستهداف المباشر للمسيرة الإيرانية، الذي أدى لتدميرها كلياً.

وإلى جانب مسيرات ال FPV، استخدمت إيران وميليشياتها وقوات النظام السوري هذه المسيرة في مختلف المناطق السورية، لا سيما في مناطق شمال شرقي سوريا بشكل مكثف لأغراض عسكرية واستطلاعية ومراقبة وتحديد الأهداف، لاسيما تلك التي تتعلق بتوجيه المدفعية الروسية السورية.

ففي نوفمبر عام 2019، رصدت عدسات الإعلاميين السوريين جسماً طائراً يتطابق بالشكل والحجم مع المسيرة الإيرانية ذاتها، وهي تحلق فوق مناطق كبامي في اللاذقية.

كما تمتلك قوات النظام هذا النوع من المسيرات، حيث رصدت الأقمار الصناعية صوراً لمحطة التحكم الأرضية الخاصة بمهاجر 6  في قاعدة حكاه الجوية عام 2019.

وفي سبتمبر من عام 2023، رصدت مواقع إيرانية تحليق طائرة مسيرة شبيه بمهاجر 6 أو أبابيل فوق مناطق فطيرة وكنصفرة وكفرعويد وسفوهن في محافظة إدلب، مدعية أن هذه المسيرة يتم تشغيلها من قبل قوات النظام لتوجيه النيران ومساعدة القوات الروسية.

ونظراً لمداها التشغيلي البعيد نسبياً الذي يصل لقرابة ألفي كيلومتر، من المحتمل أن المسيرة الإيرانية المزعومة التي تحطمت في بادية دير الزور قد انطلقت من أي نقطة في العمق السوري، أو في العراق على يد ميليشيات الحشد الشعبي، أو حتى المناطق الشرقية من إيران، وهي مناطق انطلقت منها عدة مرات هذه المسيرات لتنفيذ إجراءات انتقامية إيرانية مزعومة ضد أحزاب كردية تتمركز شمال العراق.

وتشهد المناطق الشرقية من سوريا، حيث تنتشر العديد من الميليشيات المدعومة إيرانياً، تطورات غير مسبوقة على صعيد الأحداث بالتزامن مع التوترات الإقليمية الناشئة على خلفية حرب غزة وسلسلة الاغتيالات المستهدفة التي تقودها إسرائيل والولايات المتحدة للقادة الإيرانيين والإقليميين.

وكان القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي قد أعلن منتصف الشهر الجاري عن مقتل العقيد أحمد رضا أفشاري، من القوات الاستشارية الجوية والفضائية التابعة للحرس الثوري، بعد أيام من تعرضه لإصابات من جراء غارة أميركية في سوريا.

ورجحت مصادر تلفزيون سوريا أن يكون أفشاري، الخبير والمتخصص في مجال الجو فضاء، قد لقي مصرعه في الغارة الأميركية التي نفذت على إحدى منصات إطلاق صواريخ كاتيوشا/غراد في 28 تموز/يوليو الماضي.

وكانت القوات الأميركية قد عززت وجودها العسكري خلال العامين الماضيين من خلال استقدام المزيد من التعزيزات العسكرية والدفاعية إلى مناطق شرقي سوريا، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي من طراز أفينجر الأميركية، استجابةً للتهديدات والتطورات الناشئة بعد سلسلة هجمات قياسية وغير مسبوقة نفذتها الميليشيات الإيرانية ضد القواعد الأميركية في سوريا وفي العراق والأردن.