ملخص:
-
إيران تعلن رسمياً مقتل العقيد أحمد رضا أفشاري، من القوات الاستشارية الجوية والفضائية التابعة للحرس الثوري، متأثراً بإصابات من جراء غارة أميركية في سوريا.
-
أفشاري يعتبر رابع مستشار عسكري إيراني من مدينة سميرم يُقتل في سوريا، وإيران فقدت العديد من القادة والخبراء في الأشهر الأخيرة بسبب قصف إسرائيلي وأميركي.
-
نعي قائد الحرس الثوري مقتل أفشاري يبرز أهمية الحادثة وسط توترات إقليمية متزايدة.
-
التستر على مقتل أفشاري يشير إلى رغبة قوية لدى كل من الولايات المتحدة وإيران في تجنب التصعيد مجدداً.
أعلنت إيران رسمياً، أمس الخميس، مقتل العقيد أحمد رضا أفشاري من القوات الاستشارية الجوية والفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا متأثراً بإصابات إثر غارة أميركية.
وأفادت وكالة أنباء "تسنيم" الحكومية، أن العقيد أحمد أفشاري أصيب بجروح عقب الهجوم الجوي الذي شنته قوات التحالف الدولي على سوريا، ومن ثم نقل إلى إيران لتلقي العلاج الطبي، قبل أن يلقى مصرعه، نظراً لخطورة إصابته.
ولم تحدد العديد من وسائل الإعلام الإيرانية الموقع والتوقيت الدقيق للغارة التي أسفرت عن إصابة أفشاري في سوريا.
في حين، اكتفت بعض المواقع الإخبارية الإيرانية، بينها موقع "انتخاب" الإيراني، بالإشارة إلى أن أفشاري قتل في 5 آب/أغسطس الجاري، أي قبل أقل من أسبوعين.
وبحسب تقرير لوكالة "أنباء فارس"، شبه الرسمية، نعى القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، في بيان رسمي، العقيد أفشاري، مؤكداً أنه قتل متأثراً بجروح أصيب بها من جراء قصف جوي للتحالف الدولي في سوريا.
بيان سلامي يسلط الضوء على أهمية الحدث وسط التوترات الإقليمية المتزايدة، وبالتزامن مع انتظار رد من قبل إيران و"حزب الله" اللبناني على إسرائيل التي اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران نهاية الشهر الماضي، وعلى اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر.
من هو العقيد أحمد رضا أفشاري؟
وفقاً لوكالة أنباء "تسنيم"، ينحدر العقيد أحمد رضا أفشاري من مدينة سميرم التابعة لمحافظة أصفهان جنوب طهران، وهي المحافظة ذاتها التي ينحدر منها القائد العام للحرس الثوري الإيراني العميد سلامي، الذي انتشرت صوره مؤخراً بكثافة في أعقاب إطلاق إيران مجموعة كبيرة من الصواريخ الباليستية والمجنحة والمسيرات نحو إسرائيل ضمن ما أطلق عليه إيرانياً عملية "الوعد الصادق" في 13 نيسان/أبريل الماضي.
ونقلت وكالة "أنباء فارس" عن مكتب العلاقات العامة لفرقة "صاحب الزمان" في أصفهان، أن مراسم تشييع عسكرية ستقام للعقيد أفشاري في المدينة وسيدفن في "مقبرة الشهداء" فيها.
ويعتبر العقيد أحمد رضا أفشاري رابع "مستشار عسكري إيراني" من مدينة سميرم يلقى حتفه في سوريا.
وفي الأشهر الماضية، قصفت الطائرات الإسرائيلية والأميركية بشكل متكرر مواقع للحرس الثوري والميليشيات التابعة لإيران في سوريا.
وكانت إيران قد خسرت في خضم التوترات الإقليمية المتزايدة أكثر من 15 عسكرياً، موزعين بين قادة إقليميين رفيعي المستوى وخبراء فنيين وتقنيين ثمينين في سوريا ولبنان خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويعود تاريخ آخر قتيل من الجنسية الإيرانية إلى نهاية الشهر الماضي، إذ قتلت إسرائيل أحد عناصر قوات "الباسيج"، ميلاد بيدي، الذي كان برفقة فؤاد شكر (الحاج صادق) الرجل الثاني في "حزب الله" إثر غارة استهدفته بالضاحية الجنوبية لبيروت.
ولم يكن ميلاد بيدي يحمل أي رتبة عسكرية، رغم أنه كان في موقع حساس مثل مكتب لبنان أو مكتب تنسيق الحرس الثوري مع حزب الله، وكان في السابق أحد المقاتلين الإيرانيين الذين شاركوا بفعالية في الحرب داخل سوريا.
ويدل وجود عنصر "باسيجي" من هذا النوع في مثل هذا الموقع الحساس أن إيران ربما عمدت لسحب معظم ضباطها رفيعي المستوى وأبقت عناصر عاديين لأغراض التنسيق والمشاورة في ظل سلسلة الاغتيال المستهدفة التي طالت عدداً كبيراً وغير مسبوق من قادتها مؤخراً، ووضعتها في موقف محرج للرد بشكل مباشر.
Correction and Confirmation :
— Nafiseh Kohnavard (@nafisehkBBC) July 26, 2024
The US carried out an airstrike on “the position that was used to launch rockets at the US base in Syria tonight. But this was not a counter attack.” US officials are clarifying.
The position was only used by paramilitary groups to fire rockets at…
أين قتل العقيد أحمد رضا أفشاري؟
يذكر أن سقوط معظم القادة والخبراء الإيرانيين في الآونة الأخيرة داخل سوريا ولبنان كان يُنسب لقصف إسرائيلي، في حين واظبت الولايات المتحدة وقوات التحالف شرقي سوريا على عدم إبداء ردود أفعال مرتفعة السقف والالتزام بقواعد اشتباك مضبوطة تجنباً لإثارة التصعيد والحساسية، في حين واصلت الميليشيات المدعومة من إيران تنفيذ هجماتها ضد القواعد الأميركية هناك لتحطيم رقم قياسي في عهد إدارة بايدن.
حتى عندما أوقعت هجمات الميليشيات العراقية المدعومة من إيران ثلاثة قتلى من الجنود الأميركيين في القاعدة الأميركية في الأردن "البرج 22" نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، قدمت إدارة بايدن سيلاً عارماً من التهديدات اللفظية ورداً مدروساً استهدف مجموعة من ميليشيا فاطميون شرقي سوريا، ليفضي الأمر إلى اتفاق هش بين الجانبين لوقف الاستهدافات المتبادلة بينهما ولم يستمر سوى فترة قصيرة جداً.
قواعد الاشتباك
لذلك، تعتبر الأنباء التي تتحدث عن مقتل قيادي إيراني نادرة ومثيرة للاهتمام وتظهر في الوقت نفسه تغيراً جذرياً محتملاً في طبيعة وشكل الاستجابة الأميركية للاعتداءات الإيرانية.
ورغم أن التقارير الإعلامية الواردة من إيران لم تحدد المكان والزمان الدقيقين لمقتل العقيد أحمد رضا أفشاري، فإن محافظة دير الزور والحدود السورية العراقية تبدو أنها المنطقة المرجحة لمقتل هذا القيادي الإيراني.
ونظراً إلى أن وسائل الإعلام الإيرانية حددت بشكل تقريبي مقتل أفشاري قبل الخامس من آب/أغسطس الجاري، فقد يكون أفشاري، الخبير والمتخصص في مجال الجو فضاء، قد لقي مصرعه في الغارة الأميركية التي نفذت على إحدى منصات إطلاق صواريخ كاتيوشا/غراد في 28 تموز/يوليو الماضي.
الغريب في الأمر، أن بعض المسؤولين الأميركيين حينئذ أعربوا في أعقاب تنفيذ الغارة أن الولايات المتحدة نفذت غارة جوية على الموقع الذي كان يستخدم من قبل الميليشيات لإطلاق الصواريخ على القاعدة الأميركية في سوريا، مؤكدين أن هذا لم يكن هجوماً مضاداً، ليتضح فيما بعد سقوط العقيد أفشاري في الموقع.
ومن المحتمل أن القصف الأميركي لم يهدف لإيقاع قتلى إيرانيين كما هو السلوك المعهود لواشنطن، وفقاً لقواعد الاشتباك، لكن التستر على أنباء إصابة أو مقتل ضابط متخصص على منصة إطلاق صواريخ بدائية لفترة طويلة يظهر رغبة قوية لدى كل من الولايات المتحدة وإيران في تجنب التصعيد مرة أخرى.