اتخذت حكومة النظام السوري، مؤخّراً، عدة قرارات اقتصادية تؤدي بالضرورة إلى زيادة التضخم لمستويات قد تكون خطيرة وفقاً لخبراء اقتصاديين انتقدوا تلك القرارات.
وكان أبرز تلك القرارات رفع الدعم عن نحو 600 ألف عائلة، ورفع سعر الفيول، الأمر الذي دفع "مصرف سوريا المركزي" للتدخل بقرار استهجنه الاقتصاديون أيضاً، لأنه قد يؤدي إلى خلل في السيولة.
خبراء اقتصاديون قالوا لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ القرار الأخير لـ"مصرف سوريا المركزي" بخصوص رفع نسبة التحويل المصرفي في عمليات بيع العقارات من 5 ملايين ليرة سوريّة إلى 15% من قيمة العقار، مع تشريح التحويلات بالنسبة للسيارات وتاريخ صنعها، سببه الرئيسي "امتصاص أي تضخم من الممكن أن ينتج عن القرارات السابقة".
وأشار الخبراء إلى أنّ القرارات الأخيرة الخاصة برفع الدعم ورفع بعض الأسعار مثل الفيول تزيد من السيولة في السوق، ما يعني زيادة في التضخم، ومن هنا جاء قرار رفع نسبة التحويلات في بيع العقارات والسيارات، خوفاً من انخفاض قيمة الليرة السورية أكثر مما هي عليه.
ووفقاً لـ"مصرف سوريا المركزي" فإن سبب رفع نسب التحويلات عبر المصارف في عمليات البيوع هو "زيادة الوعي المصرفي وتوجيه المواطنين للعمليات المصرفية وفتح الحسابات"، لكن ذلك غير دقيق كون الحسابات يمكن أن تُفتح بليرة واحدة أو بـ100 مليون، وبالتالي رفع السقف ليس له علاقة بفتح الحسابات، وفقاً للخبراء.
خطورة قرار تحديد سقف السحوبات اليومية
تحديد سقف السحوبات اليومية من المصارف بـ2 مليون ليرة، وسط عملية سحب قد تحتاج لساعات، تتمثّل خطورته وفق المثال الآتي: فإن كان هناك عقار ثمنه 100 مليون، يحتاج إلى حوالة مصرفية بقيمة 15 مليوناً من المشتري إلى البائع، لكن سحب هذا المبلغ من قبل البائع يحتاج إلى 7 أيام أو أكثر، ما يعني تعطله عن العمل لأسبوع وهذا ما قد يدفعه لسحب المبلغ بشكل متقطع على مدار أشهر، وهو ما يريده المصرف من ناحية حبس السيولة والمحافظة على قيمة الليرة.
لكن على الصعيد الآخر - وفقاً للخبراء - فإن القرار الأخير سيرفع من أسعار العقارات أكثر بنفس نسبة الحوالة المصرفية، لأنّ البائع يعتبر نفسه قد خسر المبلغ وغير قادر على استخدامه بشكل سلسل يلبي حاجته للسيولة بشكل فوري، وارتفاع الأسعار يعني بالضرورة ركود السوق أكثر مما هو عليه، إضافة إلى أن حبس السيولة يعيق الاستثمار والنمو الاقتصادي.
اقرأ أيضاً.. ما أسباب الكساد بسوق العقارات في سوريا؟
ويسعى "المركزي" للتحكم بالكتلة النقدية في السوق عبر توجيه الفائض منها إلى المصارف، إلا أن المصارف ذاتها تعاني من فائض سيولة لا تستطيع توظيفها، بينما لا توجد أي سيولة في الأسوق للنهوض بالمشاريع الاستثمارية، ما يسبّب خللاً اقتصادياً كبيراً قد يكون حله صعب جداً، لأنّ الحفاظ على قيمة الليرة كهدف وحيد لا يمكن أن ينهض بالاقتصاد، بحسب الخبراء.
من جانبها، قالت وزيرة الاقتصاد والتجارة السابقة في سوريا لمياء عاصي عبر حسابها في "فيس بوك": "أحاول أن أفهم المنطق الذي تتمتع به الحكومة وبناء عليه تصدر قرار لتحويل لإيداع 15% من ثمن البيت في البنوك مع العلم بأن سقف السحب اليومي مليونا ليرة"، وتساءلت: "هل الهدف هو رفع السيولة في البنوك التي تعاني أصلاً من ارتفاع معدلات السيولة لديها بشكل غير صحي؟".
وأضافت: "موضوع تحديد سقف السحب النقدي من البنوك ضار جداً بالاقتصاد الوطني، يخفض الكتلة النقدية التي تتحرك في الأسواق والعملة تأخذ قيمتها من عدد مرات التداول بها، وتُعيد الناس إلى الاحتفاظ بمدخراتهم تحت المخدة".
يذكر أنّ القرار الأخير الخاص بالبيوع نصّ على زيادة نسبة التسديد في المصارف للبيوع العقارية بنسبة تعادل 15٪ من النسبة الرائجة (حسب القانون 15 لعام 2021)، كما تضمّن القرار أيضاً تشريح حوالات عمليات بيع السيارات لفئات حسب سنة الصنع.