أثارت المنحة المالية التي أقرها رئيس النظام السوري بشار الأسد، سخط الكثير من سكان مناطق سيطرة قواته باعتبارها لا تغطي تكاليف يوم واحد فقط في ظل الغلاء الفاحش والأزمات الاقتصادية التي تزيد يوماً بعد يوم.
ويوم الثلاثاء الماضي، أصدر بشار الأسد، مرسوماً يقضي بصرف منحة مالية لمرة واحدة، بمبلغ مقطوع قدره 150 ألف ليرة سورية (نحو 19 دولاراً)، للعاملين والمتقاعدين في الدولة.
وقالت وكالة أنباء النظام السوري "سانا" إن المنحة تصرف لأصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين والمدنيين المشمولين بقوانين التأمين والمعاشات والتأمينات الاجتماعية النافذة.
وتعفى المنحة المنصوص عليها من ضريبة دخل الرواتب والأجور وأي اقتطاعات أخرى، بحسب الوكالة.
وتعيش مناطق سيطرة النظام السوري أوضاعاً معيشية يصفها الناس بأنها كارثية ولم تعد محمولة وتتفاقم يوماً بعد يوم، في ظل انهيار قيمة الليرة السورية مقابل الدولار ووصولها إلى مستويات تاريخية.
ماذا تفعل العائلة بـ 150 ألف ليرة سورية؟
وفي ظل متوسط رواتب لا يتجاوز 100 ألف ليرة سورية (نحو 15 دولاراً)، ماذا تفعل المنحة المقدرة بـ 150 ألف ليرة ستعطى للموظف الحكومي لمرة واحدة فقط؟
وفي أسواق دمشق مثل باب سريجة و"أبو حبل"، رصد موقع "تلفزيون سوريا" متوسط أسعار السلع لما يكفي 150 ألف ليرة سورية وهي وفق الآتي:
1 كيلوغرام فخاذ دجاج 38 ألف ليرة
1 أرز بسمتي (مندي) 19 ألف ليرة
بهارات مندي مشكلة 12 ألف ليرة
زيت نباتي 22 ألف ليرة
دبس فليفلة 4 آلاف ليرة
خسة 4500 ليرة
1 كيلوغرام بندورة 4000 ليرة
1 كيلو غرام خيار 6 آلاف ليرة
حزمة بصل أخضر 3 آلاف ليرة
حزمة نعنع 2500 ليرة
حزمة بقدونس 2500 ليرة
1 كيلوغرام بصل 7 آلاف ليرة
جبنة بيضاء (200 غرام) 6500 ليرة
بيض 5 حبات 5 آلاف ليرة
1 كغ لبن 4 آلاف ليرة
150 غرام تمر 2000 ليرة
1 رغيف خبز رمضان 1500 ليرة
1 ليتر تمر هندي 6500 ليرة
المجموع = 150 ألف ليرة سورية
وهذه القائمة لا تكفي فعلياً ليوم أو يومين بأحسن الأحوال، هذا إن كانت العائلة مكونة من 4 أو 5 أشخاص فهي لا تكفيهم لمد مائدة لهم جميعاً على فطور أو سحور.
الغلاء يحرم سكان #دمشق من كسوة العيد وحلوياته#تلفزيون_سوريا #لم_الشمل pic.twitter.com/CT0y1DJGvl
— تلفزيون سوريا (@syr_television) April 13, 2023
لا تكفي ليوم أو يومين
ورصد موقع تلفزيون سوريا آراء عدد من السوريين بخصوص المنحة المالية التي أعلن عنها النظام السوري في رمضان، حيث شهدت دمشق وريفها ارتفاعاً مهولاً في الأسعار مع ازدياد الطلب على السلع، وزيادة التضخم بشكل كبير جداً حرم عشرات آلاف العائلات من وجبات رئيسية على موائد الإفطار.
وقالت آمنة نويلاتي، إن "المنحة لا تغطي يوما واحدا من أيام رمضان، قيمة الـ 100 ألف ليرة سورية انتهت تماماً، ما يعني أننا أمام وضع اقتصادي منهار".
وأضافت المدرسة في إحدى مدارس دمشق، لموقع تلفزيون سوريا، "كنا نتوقع أن تزيد الرواتب ضعفين أو ثلاثة، ولكن هناك إصرار لدى حكومة النظام السوري على عدم الاكتراث للوضع الراهن".
وتابعت "راتبي يصل إلى 100 ألف ليرة شهريا، لكنه يكفي ليوم أو يومين بأحسن الأحوال، يعني إذا قمنا بشراء دجاج مشوي فإن سعره يتجاوز الـ 60 ألف ليرة، ماذا سنفعل بقية الشهر؟"
وأكّدت أن الحوالات المالية التي تصل السوريين هي سبيلهم الوحيد للعيش في هذه البلد، رغم أن الحوالات قد ضعفت مؤخراً بسبب سوء وضع السوريين في تركيا ولبنان والأردن وغيرها من دول اللجوء.، كما تقول.
"نعيش على المونة"
من جانبه قال معاذ نادر وهو عامل في إحدى دوائر الدولة بريف دمشق، "بصراحة لا أحد يعلم كيف يعيش الموظف في سوريا، يعني الراتب لا يكفيني شهرياً ثمن خبز وبيض وسكر وشاي فقط من دون أي طعام".
وأضاف نادر لموقع تلفزيون سوريا "لا أحد سيصدق إن قلت إننا نعيش على المونة من زيت زيتون وزعتر ومكدوس وزيتون، يعني لولا الأرض وما تعطيه لنا من بعض المزروعات لمتنا من الجوع حرفياً".
وأضاف "لا شك في أن وجود الـ 150 ألف ليرة أفضل من عدمها، ولكن هل تكفي لشيء، صدقاً لا تكفي لشراء عدة طبخة واحدة بلحمة أو دجاج".
ويعيش مع نادر أمه وأخته إلى جانب زوجته و3 أولاد، ومع عمل أخته بتنظيف البيوت من حين إلى آخر، تعينه قليلاً في مصروف البيت ولكن ذلك لا يكفي شيئاً.
وأشار إلى أنه "بين كل 100 شخص في أسواق دمشق التي تعج بالناس هناك 80 شخصاً لا يستطيعون شراء معظم حاجياتهم بسبب غلاء الأسعار خاصة في رمضان".
كسوة العيد بالأحلام
وإن كانت منحة النظام السوري للموظفين ستصرف قبل العيد بيوم أو يومين فهي لا تكفي لشراء كسوة العيد للأطفال حتى يفرحوا بها مع قدوم "الفطر السعيد".
وتشهد أسواق الملابس ركوداً كبيراً، حتى إن محال الملابس ما زالت تعرض "موديلات" السنوات السابقة لأنها لم تنفد في المواسم الماضية.
وقالت أم حسن، إحدى السوريات اللواتي التقى بهن موقع "تلفزيون سوريا" بشارع الحمراء بدمشق، متوجهاً بالسؤال لها، "هل تكفي 150 ألف ليرة لشراء كسوة العيد؟" فكان جوابها أنها لا تكفي لشراء بنطال وقميص لطفل يبلغ من العمر 14 عاماً.
وأكملت أم حسن، أن أسعار الملابس ارتفعت عن السنة الماضية أكثر من 150 بالمئة، ما جعل معظم الناس غير قادرين على شراء ملابس جديدة ودفعتهم لسوق البالة التي تشهد ارتفاعاً ملحوظاً بالأسعار أيضاً.
ولفتت إلى أن أرخص بنطال جينز يتراوح سعره بين 80 ألفاً و100 ألف ليرة، أما القمصان والكنزات فيتراوح السعر بين 90 ألفاً و115 ألف ليرة، مؤكدة أن الأنواع ليست ممتازة.
وهذا يعني أن الـ 150 ألف ليرة فعلياً لا تكفي لكسوة طفل واحد بحاجة لحذاء وثياب جديدة يرتديها مع حلول أول أيام الفطر المبارك.
من جهته قال أبو عمر أحد تجار الملابس، إن الأسواق راكدة مقارنة مع العيد الماضي، يعني الملابس في سوريا مرتبطة بالمواسم بشكل مباشر وليست مثل الطعام والشراب التي تشهد ركوداً أيضاً.
وأضاف أن الكثير من التجار أغلقوا محالهم أو باعوها وغادروا سوريا لأن الوضع الاقتصادي متأزم على الجميع ولا يوجد أي حلول، كل يوم نغرق أكثر من قبل.
ولفت إلى أن 150 ألف ليرة غير كافية لشراء قميص وبنطال رجالي من نوعية جيدة، وبالطبع هي غير كافية لشراء ألبسة نسائية لكثرة التفاصيل المصاحبة للثياب من حقيبة يد وإشارب وحذاء وإكسسوارات وما إلى ذلك.