icon
التغطية الحية

كيف يتأثر نومنا بالبيئة الاجتماعية من حولنا؟

2024.07.09 | 08:53 دمشق

اضطرابات النوم (صورة تعبيرية) - المصدر: الإنترنت
اضطرابات النوم (صورة تعبيرية) - المصدر: الإنترنت
The Washington Post- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

ينظر كل منا إلى النوم على أنه عملية شخصية تنحصر بأجسامنا، لكن النوم يحدث ضمن سياق اجتماعي، حتى بالنسبة لمن يعيشون بمفردهم.

نشترك بمناطق زمنية معينة، وساعات عمل محددة تدفع معظمنا للنوم في أوقات متقاربة، ولهذا نلتزم بقواعد عدم إحداث أي ضجة ليلاً، وتخفيف الإضاءة، وضبط الأمور ضمن مساحة معينة لينام الشريك في السرير نفسه، كما نعاني من الأمور نفسها وهي صوت كاسحات الثلج وهي تعمل طوال الليل، وصوت شاحنات القمامة التي تأتي مع طلوع الفجر، بل إن غالب ما نجتره عندما يساورنا الأرق ونحن مستلقون في فراشنا يدور حول أشخاص غيرنا.

تخبرنا متخصصة نفسية متخصصة بمشكلات النوم بأن المفارقة تكمن في أن مشكلات مرضاها يتسبب بها أشخاص آخرون، إذ حتى في بيئة الأسرة التي تتسم بأنها متعاونة، يمكن أن ينام أحد الأفراد على حساب نوم فرد آخر، وكمثال على ذلك نذكر شخير أحدهم، أو اعتناء أحد الأفراد بطفل رضيع طوال الليل.

وهنا قد تتصاعد العواطف لدى جميع الطراف وتعقد أي تدخل، ولكن بوسعنا اختيار أمور بوسعها أن تفيد الجميع على مستوى نومه.

إليكم بعض القصص الشائعة بين الناس، مع بعض المقترحات التي نقدمها للمرضى والتي يمكن أن تساعد القراء، وأهمها عدم التردد في طلب الرعاية الصحية الشخصية عند الحاجة.

معاناة أفراد الأسرة من محنة

يتصل كبار السن ومن يعتنون بهم في ساعات غريبة، أما الأطفال في سن الدراسة فيتصلون والدموع في أعينهم في أوقات متأخرة من الليل، في حين يستحضر الآباء والأمهات أموراً تسبب لهم قلقاً كبيراً عندما يحين وقت النوم.

غير أن حالة المفاجأة والعجلة التي تتسم بها هذه الطلبات تصعب الوصول إلى حالة الاسترخاء، وقد يستمر تأثير ذلك لساعات طويلة.

قد يفضل بعضنا أن يكون متاحاً لمدة 24 ساعة على مدار أيام الأسبوع، لكن الخيار ليس بيدنا دوماً، لأن الصراعات قد تستمر لسنين، ولهذا من الأفضل البحث عن بدائل مثل:

  • وضع حدود بين أفراد الأسرة تتصل بالساعات التي تكون متاحاً فيها، والتحدث مع مقدمي الرعاية حول الأمور التي يجب عليهم أن يتواصلوا معك بشأنها والأمور التي عليهم ألا يتواصلوا معك فيما يتعلق بها.
  • إن كان لديك أشقاء أو شريك، فما عليك إلا أن تضع جدولاً لساعات توفر كل منكما يجري تطبيقه بالتناوب بينكما.
  • تحديد موعد التفقد في ساعات مبكرة من الليل.
  • تأمين خدمات أخرى للشخص الذي يعاني من محنة.

عليك أن تخبر الجميع بأمر الحدود التي وضعتها وأن تلتزم بها، لأن هذا سيساعدك على عدم الشعور بالخوف أو الامتعاض إزاء احتياجات الآخرين، كما سيساعدهم على فهم أهمية الحدود.

وعليك أن تختبر نفسك لتعرف إن كنت تتحمل كثيراً أم لا إذا كنت تحس بمسؤولية كبيرة أو ينتابك إحساس عميق بالذنب.

عندما يعاني شريكك من انقطاع التنفس أثناء النوم

ليس من السهل أن تنام بجوار شخص يعاني من انقطاع النفس أثناء النوم ولا يخضع للعلاج، لأن هذا الوضع مقلق، وصوت الشخير يقطع النوم.

بيد أنه ليس كل من يعاني من هذه المشكلة يتقبل العلاج، وذلك لأن بعضهم يشعرون بأنهم على ما يرام، ويشككون بصحة اختبار التشخيص الليلي في أحد المخابر المتخصصة بتلك المشكلات، ولا يقلقهم أمر إصابتهم بمرض قلبي أو مشكلة تستهدف الأوعية الدموية مستقبلاً، ويضيقون ذرعاً باستخدام جهاز الضغط الهوائي الإيجابي، إلا أن رفض العلاج قد يضر بأشخاص نحبهم.

والأغرب من هؤلاء هم الشركاء الذين لا يفصحون عما يعانون منه، بل يطلبون المساعدة حتى يناموا هم، ومن خلال التحدث إليهم يكتشف المعالج بأنهم ينامون بشكل جيد عندما يكون الشريك الذي يعاني من انقطاع التنفس أثناء النوم بعيداً عنهم أو عندما ينام في غرفة أخرى.

بيد أن الإفصاح عن المشكلة يكشف عن احترام للذات كما يمكن أن يشجع المصاب بانقطاع التنفس أثناء النوم على طلب المساعدة، وقد تدخل في ذلك آليات معقدة للقوة، لذا إن كان الافصاح عن الأمر مرهقاً، فما عليك سوى أن تستشير معالجاً نفسياً.

وإلى أن يتم تحديد العلاج، بوسعك أن تجرب تخفيف الصوت، ويفضل النوم بعيداً عن الشريك في بعض الأحيان.

ضجيج الجيران

يعاني المرضى من مختلف أنواع ضجيج الجيران، بدءاً من صوت سحب الكراسي على الأرضية عند الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، وصولاً إلى المضايقة المتعمدة عبر إغلاق الأبواب بعنف، أو استخدام الدراجات النارية طوال الليل، أو تعاطي المخدرات. ولقد تحمل المرضى ما فعله أصحاب بيوتهم الذين لم يكترثوا بأمرهم، وجرب بعضهم الانتقام، في حين طلب آخرون من جيرانهم وبكل أدب أن يخففوا من ضجيجهم.

إن كان الجار لا يبالي بجاره من دون أن يتسبب بأي إساءة، وإن كان يحدث ضجة في أوقات النهار لا الليل، عندئذ ينحصر دور المعالج النفسي هنا في إشغال ذهن المريض، لأنه سيبقى مستيقظاً وهو يتوقع أن ينقطع نومه حتى إن لم يحدث أي شيء.

على افتراض عدم حدوث أي شيء خطير، حاول أن تعيد تأطير مهمتك على أنها التخفيف من حالة إشغال الفكر، ثم ستصبح المشكلة بعد ذلك تتلخص بماذا ستشغل فكرك وكيف ستتحدث مع نفسك بطريقة تهدئ من روعها.

كما عليك أن تعمل على غرس إحساسك بالأمان عبر ربط ذلك بأمور تذكرك بأنك بأمان، وهنا ما عليك إلا أن تستعين بشعارات ترددها لبضع دقائق كل يوم وعندما تكون قلقاً، إذ عليك أن تراقب قلقك عبر التركيز على الشيء الذي يقلقك ثم اتباع طرق معرفية للحد من التفكير المؤذي المرتبط بالنوم أو بالجيران.

الشريك الذي يعاني من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه

ثمة زيادة كبيرة في أعداد الأشخاص الذين يعانون من مشكلات ترتبط بالانتباه ضمن أي عملية ترتبط بالنوم نظراً لوجود تحديات ترتبط بالذهاب إلى الفراش والخلود إلى النوم، لذا عندما نجد مريضاً يعاني من مشكلة في النوم مع ضعف في الانتباه واضطراب فرط الحركة، فإننا نطرح استراتيجيات عديدة للتعامل مع تلك التحديات.

ولكن إن كنت تعيش مع شخص يعاني من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى جانب ما يرافق ذلك من مشكلات ترتبط بالنوم، فلابد أن تكون قد عانيت من انقطاع في نومك ومهامك المنزلية المعتادة، لأن هؤلاء الأشخاص يجولون في البيت ليلاً، كما أن تأخر مواعيد نومهم وعدم انتظامها قد يتداخل مع مواعيد نومك أو سهرك، وقد ينتابك الأرق بسبب القلق عليهم، أو قد تحس بالإحباط والسخط تجاه أسلوب نومهم. لأنهم إن لم يستيقظوا ليمدوا لك يد العون في المهام اليومية، أو إن تأخروا عن تأديتها، أو نسوها، فإنك قد تشعر بالضغط بسبب تراكم العمل عليك، كما قد تحس بالنقمة عليهم.

أغلب الشركاء يقدمون جدولاً وعناصر مفيدة للتذكير، إلا أن بعضهم قد يتبنون في بعض الأحيان أسلوباً أبوياً ساخطاً تجاه من يعاني من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

لذا من المفيد أن يتحكم الشخص بطريقة نومه بدلاً من أن يحاول باستماتة أن يغير غيره.

فكر بألا تحس بأي عار تجاه اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وأن تتبنى موقف الشخص الند الداعم، وينبغي على كلا الشريكين احترام المشاعر السيئة التي تراود أياً منهما والتي قد تزداد بمرور الوقت، كما عليهما أن يقسما المهام المنزلية بينهما بشكل عادل بما يتناسب مع نقاط قوة كل منهما وإيقاع حياته، ولا بد للمرونة أن تساعد هنا، كما يمكن من خلال بذل الجهد بكل إخلاص وتقدير كل ما يفعله الشريكان أن يقطع شوطاً طويلاً في هذا المضمار.

في الوقت الذي تقع المسؤولية على عاتق الشخص المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه حتى يتكيف مع جدول حياة الطرف الآخر، يحتاج كل طرف لما يكفيه من ساعات النوم، ولهذا لابد من الاتفاق على القواعد المتعلقة بالتدخلات الحسية، إلى جانب فصل السريرين أو غرفتي النوم والتخفيف من الأصوات لأن ذلك يساعد الطرفين على النوم في أوقات مختلفة. ويجب على الشخص الذي يعاني من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أن يدرك بأن هنالك مساعدة متخصصة بأمور النوم، وفي حال بقيت أمور انعدام المساواة بين الطرفين على حالها، فلا بد من التفكير بأمور أخرى لتخفيف ما يحدث.

إننا نعيش في بيئة تعتمد على النوم بشكل كبير، وخياراتنا بالنسبة للنوم تؤثر على خيارات غيرنا كما تؤثر خياراتهم علينا، ولهذا فإن اتخاذ إجراء مدروس في هذا السياق بوسعه أن يخفف تلك الآثار.

 

المصدر: The Washington Post