من المقرر أن تستعين وزارة الداخلية البريطانية بأول رحلة حُدد موعدها لترحيل المهاجرين إلى رواندا يوم الأربعاء القادم وذلك بهدف إعادة من لم يقبل طلب لجوئهم إلى فيتنام بحسب ما كشفته صحيفة التايمز.
ويوم الاثنين الماضي، أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية، إيفيت كوبر، أمام البرلمان، بأن خطة الترحيل إلى رواندا كلفت دافعي الضرائب البريطانيين 700 مليون جنيه إسترليني.
تغيير وجهة الترحيل
يذكر أن إدارة السير كير ستارمر فسخت الاتفاق مع رواندا، لكن وزارة الداخلية ستستخدم الطائرة ومن تعاقدت معهم من الموظفين لتسيير رحلات الترحيل إلى رواندا بهدف إعادة مهاجرين فيتناميين يتراوح عددهم ما بين 40-55 مهاجراً إلى بلدهم الأم.
إذن، ستتوجه أول رحلة من نوعها لإعادة اللاجئين إلى فيتنام وذلك منذ عام 2021، بحسب مصادر من وزارة الداخلية، وقد بدأ العمل على هذا المخطط من قبل حكومة المحافظين خلال هذا العام، بهدف عقد اتفاق يهدف إلى إجراء عمليات إعادة سريعة لهذا البلد.
يشكل المهاجرون من فيتنام أعلى نسبة من بين الوافدين على متن قوارب صغيرة إلى بريطانيا، بواقع ألف حالة عبور فأكثر خلال الشهور الثلاثة الأولى من هذا العام، وبنحو 3356 حالة عبور منذ عام 2018.
ولقد كان من المقرر للطائرة وطياريها ومضيفيها الذين جرى التعاقد معهم لتسيير رحلة يوم الأربعاء أن يقوموا بتسيير أول رحلة ترحيل إلى رواندا.
بيد أن وزارة الداخلية البريطانية رفضت الكشف عن اسم الشركة الناقلة لأسباب تجارية.
الهدر عنوان خطة الترحيل إلى رواندا
وفي وصفها للمبلغ الذي يعادل 700 مليون جنيه إسترليني والذي أنفق على خطة رواندا والذي تم بموجبه إرسال أربعة مهاجرين فقط إلى كيغالي اختاروا الذهاب إليها بصورة طوعية في أيار وحزيران الماضيين، قالت الوزيرة كوبر: "إنه أكبر مبلغ رأيته يضيع هدراً بشكل صادم في حياتي بعد أخذه من جيوب دافعي الضرائب".
وقالت أمام نواب البرلمان بأن حكومة المحافظين خططت لإنفاق أكثر من عشرة مليارات جنيه إسترليني على مدار ست سنوات وذلك على خطة جرى الاتفاق عليها مع حكومة رواندا.
واتهمت الوزيرة حكومة ريشي سوناك بالتكتم عن كامل الكلفة للخطة وقالت: "وأكثر شيء صادم بحسب التوقعات المعنية باتفاقية الشراكة في مجال الهجرة والتنمية الاقتصادية على مدار السنوات الست، هو أن الحكومة السابقة خططت لإنفاق أكثر من عشرة مليارات جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب على الخطة، من دون أن يبلغوا البرلمان بذلك".
إضافة لذلك، ذكرت كوبر بأن تكاليف إيواء طالبي اللجوء خلال السنوات الأربع المقبلة قد تتراوح ما بين 30-40 مليار جنيه إسترليني، وأن ذلك المبلغ تدمع له العين حزناً وأسفاً على حد تعبيرها، لكنها وضعت خططاً لمعالجة طلبات اللجوء التي تقدم بها مهاجرون غير شرعيين وذلك للتخفيف من تلك النفقات.
"أرقام ملفقة"
أما جيمس كليفرلي الذي شغل منصب وزير الداخلية حتى إجراء الانتخابات، وأصبح اليوم وزيراً للداخلية في حكومة الظل، فقد خالف كوبر فيما ذكرته عن التكاليف التي كشفت عنها، ووصفها بأنها: "أرقام ملفقة"، كما انتقد حكومة حزب العمال على ما وصفه بفظاظتها تجاه الحكومة الرواندية، زاعماً بأن تلك الحكومة تعاملت بطريقة دونية في علاقاتها مع هذا البلد مقارنة بطريقة تعاملها مع الدول الأوروبية.
منذ وصول حزب العمال إلى الحكومة خلال هذا الشهر، وصل 1499 مهاجراً إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة، بينهم 114 مهاجراً وصلوا بقاربين يوم الأحد الماضي، وهذا ما جعل أعداد المهاجرين تصل إلى نحو 16 ألفاً حتى تاريخ اليوم من هذا العام. ولهذا حذرت الوزيرة كوبر من استمرار ارتفاع نسب حالات العبور خلال هذا الصيف.
وأكدت الوزيرة أنها أبلغت الحكومة الرواندية بأن حكومة حزب العمال البريطانية ستنهي اتفاقية الشراكة في مجال الهجرة والتنمية الاقتصادية، وبأنها فعّلت فترة الإشعار التي تمتد لثلاثة أشهر. كما ذكرت وزيرة الداخلية بأن هذه الخطوة ستوفر 750 مليون جنيه إسترليني كانت قد خصصت لتلك الخطة طوال ما تبقى من العام الحالي.
منذ أن أقرت خطة رواندا في نيسان 2022، شمل مبلغ 700 مليون جنيه إسترليني صرف عليها مبلغاً يعادل 290 مليون جنيه إسترليني أتى على شكل دفعات مباشرة لرواندا، ولحجز رحلات الطيران التي لم تقلع أصلاً، ولاحتجاز أكثر من مئتي مهاجر بغية ترحيلهم، ولكن أطلق سراح هؤلاء منذ ذلك الحين، ناهيك عن أجور أكثر من 1000 موظف حكومي عملوا على تلك الخطة.
ولهذا تم تعيين الموظفين ضمن وحدة الإعادة وفرض القانون والتي ستُكلف بتحديد الأولويات بالنسبة لترحيل المهاجرين إلى دول آمنة مثل فيتنام، بسبب وجود احتمال كبير لرفض طلبات لجوئهم في المملكة المتحدة، ولهذا من الأسهل ترحيلهم إلى بلدهم.
حالات معطلة وطلبات لجوء تنتظر البت بأمرها
هذا وتشتمل مخططات حزب العمال على تركيز الموارد على إعادة المهاجرين لأوطانهم الأصلية ما يمثل انقلاباً هائلاً عن الجهود التي بذلتها الحكومة السابقة لترحيلهم إلى رواندا.
فلقد أكدت كوبر ما كشفته صحيفة التايمز حول سعيها لإدخال تغيير على القانون خلال هذا الشهر بحيث يلغي هذا التغيير بنود قانون الهجرة غير الشرعية الذي أقره ريشي سوناك والذي يحرم أي مهاجر وصل إلى بريطانيا بطريقة غير شرعية منذ شهر آذار من العام الفائت من الحصول على حق اللجوء.
وذكرت الوزيرة بأنها ستستعين بتشريع ثانوي يعرف باسم السند التشريعي لتلغي البند الذي يبيح لموظفي وزارة الداخلية الذين يعالجون حالات المهاجرين بالبدء بصورة فورية بتصفية الحالات اعتباراً من شهر آذار لعام 2023.
كما أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية بأن نحو 40% من طلبات اللجوء التي قدمت منذ شهر آذار من العام الفائت يشملها هذا البند، لكن الحكومة السابقة لم تطرحه بطريقة فعالة لتمييز الحالات التي لم يشملها، وهذا ما أدى إلى عدم صدور أي قرار بشأن تلك الحالات.
وزعمت كوبر بأن إلغاء البند بشكل يسمح بمعالجة طلبات لجوء المهاجرين غير الشرعيين سيوفر على دافعي الضرائب ما يقدر بنحو 7 مليارات جنيه إسترليني خلال السنوات العشر القادمة.
وذكرت أمام أعضاء البرلمان بأنها: "صدمت عندما اكتشفت بأن وزارة الداخلية كفت عن البت بأغلب قرارات اللجوء".
هذا ومن المقدر للتغيير الذي أعلنت عنه الوزيرة أن يؤدي إلى منح حق اللجوء لنحو 70 ألف مهاجر من أصل 100 ألف بقيت طلبات لجوئهم في حالة انتظار، وذلك بحسب البحث الذي نشره مجلس اللاجئين.
وقد رحب إنفر سولومون المدير التنفيذي لمجلس اللاجئين بهذه الخطوة، لكنه دعا وزارة الداخلية لضمان إقامة جلسة استماع عادلة حتى للمهاجرين القادمين من دول آمنة، وقال: "إن تشخيص وزيرة الداخلية هو الصحيح، لأن عدم البت بقرارات اللجوء يخلف أثراً مدمراً على كل نواحي المنظومة تقريباً، ولهذا فإن كل طلب لجوء يستحق أن تقام من أجله جلسة استماع عادلة، ولكن إعطاء الأولوية لطلبات اللجوء التي يقدمها مهاجرون قدموا من دول يحصل أغلب المهاجرين منها على حق اللجوء يعتبر الطريقة الأسرع لتخفيض أعداد طلبات اللجوء العالقة بنسبة النصف، إلى جانب التوفير في فواتير الفنادق".
مصير مجهول للوافدين من دول غير آمنة
بيد أن الوزيرة كوبر لم تخبرنا عما ستفعله حكومتها مع الآلاف من طالبي اللجوء الذين لم تقبل طلبات لجوئهم والذين أتوا من دول غير آمنة مثل أفغانستان وسوريا وإيران، أي هؤلاء الذين لا يجوز إعادتهم لأوطانهم بموجب القوانين المحلية والدولية.
ولهذا السبب سألها كليفرلي السؤال التالي: "لا توجد دولة ثالثة آمنة يمكن ترحيل الأشخاص الذين لا يمكنهم العودة إلى أوطانهم إليها، إذن إلى أين سترسل الوزيرة المهاجرين الذين أتوا من بلدان مثل أفغانستان وإيران وسوريا؟ وهل شرعت بالتفاوض على اتفاقيات الإعادة مع طالبان أو مع نظام الملالي في إيران أو مع الأسد في سوريا؟ وإن لم تكن تنوي إرسال أي شخص وصل عبر قارب صغير إلى رواندا، فإلى أي سلطات محلية ستسلمه؟".
وفي موضع آخر أضاف قائلاً: "إن تصريح وزيرة الداخلية ما هو إلا تأكيد على أن من دخلوا إلى المملكة المتحدة بطريقة غير شرعية سيسمح لهم الآن بالتقدم بطلب لجوء، لكنها تكتمت مرة ثانية عن المكان الذي سترسل إليه من رُفض طلب لجوئهم في حال عدم إمكانية إعادتهم إلى أوطانهم، ما يعني بأنهم فتحوا الباب رسمياً أمام مهربي البشر، ثم إن حزب العمال ليست لديه خطة موثوقة لمنع وصول القوارب ولوقف الخسائر المأساوية في الأرواح التي تزهق في بحر المانش".
المصدر: The Times