قال المفكر العربي ومدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدكتور عزمي بشارة، الثلاثاء، في توضيحه لمصطلح الشعبوية: "يكون لمصطلح الشعبوية قيمة تحليلية مهمة إذا حددناه كأداة لفهم ظاهرة هي ظاهرة الشعبوية، وليس مجرد صفة لمجموعة ظواهر بل كظاهرة قائمة بذاتها".
وتابع قائلا خلال محاضرة ألقاها في افتتاح أعمال الدورة الثالثة للمدرسة الشتوية التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إن: "الشعبوية ليست أيديولوجيا ظاهرة لكن فيها جوانب أيديولوجية، وهي ليست أيديولوجيا قائمة بذاتها فلا توجد أيديولوجيا في الشعبوية، لكن خطابها فيه جزء من الأيديولوجيا".
وأوضح "بشارة" أن "كل الأحزاب تستخدم في مرحلة ما الشعبوية، والشعبوية هي خطاب له جوانب أيديولوجية، وأحد أركان هذا الخطاب تمجيد الشعب، واعتباره نبيلاً، مقابل النظام السياسي".
وأشار إلى أن "آخر الظواهر الشعبوية في العالم العربي تحوّلت إلى حالة كاريكاتيرية، كحالة نظام القذافي، الذي بدأ شعبوياً وانتهى تهريجياً، فنظام القذافي لم يكن نظاماً شعبوياً، بل نظاماً ديكتاتورياً سلطوياً".
وشدد المفكر العربي على أن "الشعبوية تصبح خطراً على الديمقراطيات الناشئة، بعكس الديمقراطيات العريقة".
ولفت إلى أن الشعبوية استخدمت في مصر وتونس، وتابع "استخدمت الشعبوية في مصر من قبل الأحزاب ضد بعضها البعض، في حين تمثلت أزمة الشعبوية في تونس بانتخاب رئيس استخدم خطاب الشعبوية، بعد أن خابت توقعات الناس بعد 10 سنوات من الثورة، والفشل في حل المشكلة الاقتصادية وزيادة نسبة البطالة، وكانت الثورة التونسية في جوانب منها ثورة اقتصادية، فانتخب الشعب شخصاً استخدم الشعبوية، وهو ليس سياسياً، وليست له تجربة سياسية، وليس رجل أعمال".
وأوضح أن الظاهرة الشعبوية التي تستحق الدراسة ويمكن تطوير مصطلح مفيد منها هي ظواهر في الديمقراطية، وتابع "العالم العربي مؤخرا مر بحالتين من فشل الانتقال الديمقراطي ونجاح الانتقال الديمقراطي، فشل الانتقال الديمقراطي في مصر ونجاح الانتقال الديمقراطي في تونس، وتعرض الديمقراطية في تونس التي لا أعتقد أنها في حالة انتقال؛ أنا أعتقد أنها ديمقراطية تونسية، وقعت هذه الديمقراطية التونسية الضعيفة والهشة في أزمة نظام ديمقراطي في أزمة حقيقية، في حالة مصر لم يستخدم أحد كلمة الشعبوية، قلنا إنه حصل في مصر استقطاب علماني ديني، وقوى المعارضة لم تكن قادرة على الإجماع على الانتقال الديمقراطي ونجاح العملية الديمقراطية، فضلت الصراع السياسي على إنجاح العملية الديمقراطية، كان كل طرف مستعدا للتحالف مع الجيش للانتصار على الطرف الآخر ما أعاد الشرعية لتدخل الجيش في السياسة، استخدمنا هذه المصطلحات لم نستخدم في كل التحليل مصطلح الشعبوية لأن جميع الأحزاب استخدمت أساليب شعبوية ولم تكن الشعبوية ظاهرة مميزة... في حين مع أزمة الديمقراطية في تونس نستخدم الشعبوية في وصف ظاهرة رئيس انتخب في الانتخابات واستخدم خطابا شعبويا في مقابل البرلمان والإجراءات الديمقراطية العينية".
الدورة الثالثة للمدرسة الشتوية
ويشارك في أعمال الدورة الثالثة للمدرسة الشتوية 18 باحثاً سيتناولون ظاهرة الشعبوية من خلال دراسة أنماط ونماذج مختلفة عبر العالم، من خلال طرح أسئلة مركزية، منها "إلى أي مدى تُعتبر التعريفات المتداولة للشعبوية كافية لمناقشة نماذجها المختلفة؟ وهل الأدوات المنهجية، بما في ذلك الكمية، كافية لدراسة التوجّهات والميول الشعبوية؟".