اعتادت دلال أحمد في محافظة حلب شراءَ المواد التموينية من حي "جب القبة" لأسعاره المنافسة لتتفاجأ قبل يومين وعند تجولها في الحي بوجود نوعيات جديدة في السوق لم ترها من قبل كالزيت والمرتديلا وعلب الجبنة والحمص والفول والتمر، وعند اقترابها ومعاينتها لتلك المواد قرأت ما كتب عليها وهي أنها ليست مخصصة للبيع كما تقول لـ "موقع تلفزيون سوريا".
بيع المعونات والمساعدات الإنسانية على البسطات وفي المحال التجارية بمناطق سيطرة النظام السوري ليس جديدا، ولكن الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا قبل أيام زاد من انتشار هذه الظاهرة، بينما السوريون في أمس الحاجة للمساعدات، ويتساءل سوريون عن طريقة وصول المساعدات إلى أيدي التجار، رغم انتشار قوات النظام وأجهزته الأمنية تنتشر فيه القوات الأمنية في كل مكان.
تجار أزمات
في اللاذقية لم يكن الأمر مختلفا فقد شاهدت "لين" بسطات تبيع المعلبات "المرتديلا" وعلب الشاي من منطقة الريجي وقامت بتصوير تلك المواد، وهي تباع بأسعار رخيصة، إذ بلغ سعر المرتديلا دولارا ونصف الدولار بينما الشاي الأسود 3 دولارات ونصف الدولار.
"بعض المخاتير في بعض الضيع في اللاذقية تسلموا المعونات وأخفوها، يوجد انتهازيون كثر استغلوا الأزمة لتحقيق مكاسب مادية.. لقد بدأنا استخدام السوشيال ميديا لفضحهم" يقول حسن عزيز من اللاذقية لموقع تلفزيون سوريا.
وعن المحسوبية في عمليات التوزيع تروي روان وهي متطوعة في توزيع المعونات في منطقة السكري في مدينة حلب تقول "هناك عشوائية في عمليات التوزيع لقد شاهدت أشخاصا حصلوا على المساعدات 3 مرات، و مديرة المدرسة طردت أناسا متضررين بدون أي سبب.. يجب أن تغطي المساعدات جميع المحتاجين".
ولم ينكر النظام سرقة المساعدات، إذ قال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم في تصريحات صحفية "وردتنا شكاوى حول المختار وتبين هناك مخاتير يوزعون المساعدات لأقاربهم وقمنا بحل المشكلة".
سوريون على وسائل التواصل الاجتماعي لفضح سارقي المساعدات
وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن بمعزل عن هذه الظاهرة حيث لجأ كثيرون لمشاركة قصصهم عبر صفحاتهم الخاصة أو عبر التواصل مع ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي والتي قام موقع "تلفزيون سوريا" برصد عدد منها.
الناشط "لؤي" من مدينة حلب، أطلق حملة طلب فيها من المتضررين تصوير وتوثيق السرقات التى يتعرضون لها.
مقطع من مناطق النظام يثبت سرقة المساعدات pic.twitter.com/VL4LsRxPPb
— Mayar Ranneh (@Mayar_Ranneh94) February 8, 2023
وقال لـ موقع تلفزيون سوريا إن سرقة المعونات وبيعها حسبما رصد تكون بأسلوبين، إما بواسطة أشخاص لا حاجة لهم بها ويحصلون عليها باستعطاف الجهات المانحة أو تكون سرقات فردية من خلال الوسطاء في التوزيع يبيعونها بالجملة للمحال التجارية أو عبر الإنترنت وبأسعار تصل لربع السعر النظامي.
وتداول ناشطون صور عدة منتجات غذائية إماراتية وجزائرية وسعودية كانت قد وصلت إلى سوريا مؤخرا لمساعدة منكوبي الزلزال، وتم عرضها للبيع عبر صفحات فيس بوك أو داخل محال تجارية في مناطق النظام.
ويؤكد لؤي ذلك قائلًا "أبرز المواد التي عرضت للبيع على البسطات وفي المحال التجارية والتي قمنا برصدها هي شاي إماراتي و سمنة إماراتية ومرتديلا جزائرية".
Massive anger in regime areas - Aleppo, after multiple evident showing the Red Crescent stealing aid & not distributing it to the needy in the effected areas.#Assad_Loots_Aid#Save_Northern_Syria#الأسد_لص_المساعدات#أنقذوا_شمال_سورية pic.twitter.com/4TcJ1WTB6l
— Abd alhade alani (@abdalhadealani) February 9, 2023
لا يقتصر الأمر على بيع المساعدت الإنسانية، فقد أفاد لؤي بأن الأمر يمتد إلى سوء معاملة المتطوعين والمتضررين وتهديد الناس بالطرد من المساجد وتبديل المعونات وخاصة الأغطية والحرامات بمعونات قديمة، وشهدت مدينة حلب ظاهرة توزيع المواد الإغاثية وتصويرها وإعادة سحبها من المتضررين، ويرى لؤي أن السبيل الوحيد للحد من حالات الاحتيال والنصب التي تمت هو إلغاء الوسطاء في عمليات التوزيع لأن مجمل تلك الحالات كانت تتم بواسطة سماسرة وأئمة مساجد ومديري مراكز ومدارس وهم المسؤولون عن عمليات التوزيع، وهذا ما طالب الكثيرون به عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
النظام يعرقل تسليم المساعدات
يشكل التصريح الأمني أو تسليم المعونات لمبنى المحافظة عائقا ومانعا للكثيرين من إمكانية وصولهم للمتضررين، خشية سرقتها والاستيلاء عليها من قبل النظام وفق ناشطين.
اقرأ أيضا: مشرعون أميركيون: تعامل واشنطن مع النظام تحت غطاء الإغاثة صفعة في وجه السوريين
وقال مصدر خاص (فضل عدم ذكر اسمه) لموقع تلفزيون سوريا، إنه لجأ لمسجد العالم في مدينة حلب بحثا عن المساعدة لكن إمام المسجد منع فرق توزيع المعونات من الدخول وتوزيعها عليهم بحجة أنهم لا يملكون تصاريح أمنية، واقترح الإمام تسليمه المعونات وتكفله هو بتوزيعها إلا أن الفرق رفضت وغادرت من دون أن تسلم المتضررين وفق حديثه.
وكان النظام قد اعتقل الشاب معين علي بعد أن ظهر في بث مباشر على فيس بوك يعترض فيها على منعه من الدخول وتقديم المساعدات للمتضررين إلا بعد حصوله على تصريح أمني يمكنه من الدخول مشيرا إلى إمكانية سرقة تلك المعونات، ليتم اعتقاله بعد ساعات من الظهور والإفراج عنه لاحقا.
بيع المساعدات في سوريا.. ظاهرة متجددة
اعتبر ناشطون أن ظاهرة بيع المعونات ليس أمرا جديدا مغردين على تويتر على بـ هاشتاغ "#الأسد_لص_مساعدات"، معتبرين أن بيع المعونات ظاهرة عمرها 11 عاما وأن النظام يسخر تلك المساعدات لدعم حملاته العسكرية ودعم ميليشياته.
وكان بيان لمنسقي استجابة سوريا العام الماضي قد كشف أن المساعدات الإنسانية الأممية التي تصرّ روسيا على إدخالها بإشراف النظام السوري، منتشرة في الطرقات والأسواق لبيعها للمدنيين في مناطق سيطرة نظام، في حين تعاني مئات الآلاف من العائلات من نقص المساعدات الإنسانية في شمال غربي سوريا.
وفتح الزلزال الباب واسعا أمام تساؤلات عن مصير المساعدات ووصولها لضحايا الزلزال وإمكانية سرقتها والاستيلاء عليها من قبل النظام الذي يستلم مساعدات من الدول المانحة.