icon
التغطية الحية

زيادة دولارين.. تصحيح الامتحانات في سوريا على ضوء الشموع وعمل أشبه بالسخرة

2024.06.13 | 09:45 دمشق

Education in Syria
يتعرض المصححون المتخلفون عن التصحيح لملاحقة قانونية قد تصل عقوبتها للفصل إنترنت
دمشق ـ نور عيسى
+A
حجم الخط
-A

ساعاتٌ طويلة ومرهقة، يقضيها مئات المصححين في المراكز المخصصة لتصحيح المواد الامتحانية، سيناريو يتكرر مع بداية كل موسمٍ امتحاني، يُجبر فيه المدرسون على العمل لساعاتٍ متأخرة وسط ظروفٍ غايةٍ في الصعوبة، تنعدم فيها أبسط ضروريات العمل.

شهاداتٌ لعددٍ من المدرسين تحدثوا فيها لموقع تلفزيون سوريا عن الظروف القاسية التي يعملون فيها،  والذي يأتي _ الأجر الذي أقل ما يقال عنه بأنه مُخجِل _ في مقدمتها  لقاء عملهم المضني، وفقاً لما ذكره أحد مدرسي اللغة الإنكليزية، متحدثاً "إذا أردنا توصيف الوضع بالنسبة لكل الأساتذة بغض النظر عن اختصاصهم، فالنتيجة واحدة لأن الجميع مُضطهد، إلا أن وضع أساتذة اللغة الإنكليزية أكثر قسوةً من غيرهم، والسبب يرجع لأعدادنا الكبيرة ما يؤثر على المبلغ المالي الذي نتقاضاه"، مضيفاً "يتم تخصيص كتلة مالية توزع وتُقسَّم على كل مجموعة بحسب اختصاصها، ما يسبب فوارق مادية واضحة بين المدرسين حيث تختلف الأجور وتتراوح بحسب اختصاص كُل مادة، فنرى على سبيل المثال أساتذة مادة الرياضيات يحصلون على أجرٍ أعلى من غيرهم بسبب النقص الكبير في أعدادهم، لينسحب الأمر ذاته على مادتي اللغة العربية والفيزياء اللتين تعانيان بدورهما من نقصٍ كبير في أعداد المدرسين، نقصٌ بات ملحوظاً بشكلٍ واضح في السنوات الأخيرة نتيجة هجرة أعداد كبيرة من الكوادر التعليمية".

ضغطٌ يؤثر على سير عمليات التصحيح

أضحت نهاية العام الدراسي بالنسبة لي كابوساً لا نهاية له، تقول مرام إحدى مدرسات اللغة العربية في محافظة طرطوس، متمنيةً على الطلاب عدم لومهم كمصححين على أخطائهم في التصحيح، قائلةً: "نحن نعمل بلا ماء وكهرباء في مراكز التصحيح، نعمل  من دون توقف قرابة الشهر",

وتضيف: "أصل إلى المركز منهكةً بسبب المواصلات تاركةً خلفي ثلاثة أطفال، ليزيد مسؤولو التربية الضغط علينا للإسراع في التسليم، متسائلةً أيهما الأهم السرعة في إنجاز عمليات التصحيح تحت أي ظرف وعلى حساب أعصابنا كمصححين، أم التمهل وتوفير احتياجاتنا الضرورية التي يأتي رفع أجور التصحيح على قائمة أولوياتها؟"، موضحة أن الأخطاء التي تظهر لاحقاً من خلال أعداد الاعتراضات الهائلة من قبل الطلاب، هي بمثابة الدليل الأوضح على ما يجري من كوارث أثناء عمليات التصحيح، خاصةً تلك التي تجري في مراكز بعيدة عن أعين الرقابة.

ملاحقة قانونية

يتعرض المصححون المتخلفون عن عمليات التصحيح لملاحقة قانونية، قد تصل عقوبتها في أحيانٍ كثيرة  للفصل، حيث تتمسك وزارة التعليم التابعة للنظام بتعنتها ورفضها لمعظم طلبات الاعتذار عن التصحيح إلا لمن لديه "واسطة تقيلة" تقول ريم مدرسة مادة الجغرافية، معربةً عن أسفها لما وصل إليه التعليم في سوريا من رشاً ومحسوبيات أثرت على كل مفاصل التعليم فيه، يدفع فيها المعلمون والطلاب على حدٍّ سواء الثمن باهظاً في نهاية المطاف.

وتقول لموقع تلفزيون سوريا: "حاولت مراراً وتكراراً الاعتذار ولكن لم أحصل على الموافقة، على الرغم من غياب عددٍ محدد من المعلمات والمعلمين وبشكلٍ سنوي عن التصحيح، دون أن يتعرض لهم أحد، والسبب واسطتهم الكبيرة"، وتستطرد "لم يكن ينقصنا إلا مصاريف إضافية من أجل التوجه إلى مراكز التصحيح، حيث نضطر بسبب ساعات العمل الطويلة في أجواء شديدة الحرارة، لتخصيص مبالغ مالية لشراء الماء والمشروبات الأخرى، أضف إليها أجور المواصلات التي تصل إلى أكثر من عشرة آلاف ليرة يومياً، معاناة تتكرر مع الدورة الإضافية والتي تتزامن فيها عمليات التصحيح مع أكثر شهور السنة حرارةً " نهاية شهري تموز وآب"، كل ذلك مقابل بدل 400 ليرة لكل ساعة تصحيح، أي ما مجموعه 3000 ليرة لكل يوم تصحيح، يتم اقتسامها مع شركائك في اللجنة، ليتم صرف المبلغ كاملاً في نهاية السنة! أي مع نهاية الفصل الدراسي الأول، وسط تعامٍ مقصود من قبل الوزارة التي ترى بأم العين الضغط المُمَارس علينا".

تدني أجور المراقبة والتصحيح

ينسحب تدني أجور عمليات التصحيح على عمليات المراقبة التي ووفقاً لما ذكرته إحدى معلمات الموسيقى، لم تتجاوز 12 ألف ليرة عن امتحاني شهادتي التعليم الأساسي والثانوي في السنة الماضية، ما شكَّل صدمةً كبيرةً بالنسبة لها، خاصةً مع تحملها عناء الوصول للمركز الامتحاني الكائن في منطقة المهاجرين  وبشكلٍ يومي وعلى مدار شهر كامل من منزلها في  ضاحية قدسيا، كل ذلك لقاء مبلغ 12 ألف ليرة تم استلامهم بعد سبعة أشهر من تاريخ انتهاء عمليات المراقبة،أي مع نهاية العام !.

زيادة وصلت لـ دولارين

وعلى الرغم من كل مراسيم رفع الأجور التي يصدرها النظام سواء لأجور المراقبة أو التصحيح أو التدريس، إلا أن واقع الأجور في مناطقه يبقى الأسوأ على الإطلاق، ما زاد من فساد العملية التربوية فيه، حيث شراء المراكز الامتحانية والدفع بالليرة الذهبية، وتسريب للأسئلة الامتحانية إضافةٍ لمناقصاتٍ ومحاباة لمالكي المدارس الخاصة، ما حوَّل العملية التعليمية إلى بازارٍ، أثَّر في نهاية الأمر على الشهادة السورية ما وضعها على المحك.

هذا وقد أصدر النظام منذ عدة أيام  مرسوماً برفع أجور تدريس الساعات الإضافية بغية دعم قطاع التربية ومعالجة وسد النقص في الكوادر التربوية وفق تصريح وزير تربية النظام، من خلال رفع أجور تدريس الساعات الإضافية من مبلغ 600 ليرة للساعة إلى المبالغ التي حددها لكل شهادة من الشهادات، يتمكن فيها المكلف من تدريس الساعات الإضافية من زيادة أجره عن الحد الأدنى للأجور، بزيادةٍ تُقدَّرُ بـ دولارين!! ليُطَبَّق المرسوم اعتباراً من العام الدراسي القادم.