غالباً ما يكون المدنيّون أبزر ضحايا الثورات والحروب. وهؤلاء، إمّا يسقطون فرادى أو جماعات في مجازر أقلّ ما يقال فيها بأنها بشعة وجرائم حرب ضد الإنسانيّة، علماً أن الحرب، أيّ حرب، هي جريمة ضد الإنسانيّة. وصحيحٌ أن بقاء الشعوب والمجتمعات أسرى ورهن ذاكرة الحروب والمجازر يجعل من حاضر ومستقبل تلك الشعوب والمجتمعات مسمومة، ومقيّدة بأغلال الأحقاد والثارات التاريخيّة المزمنة والضغائن والكراهية المتناسلة والمتوارثة جيلاً إثر آخر. لكن الصحيح أيضاً، أن بعض المراجعات الفنيّة والإبداعيّة لمآسي الحروب الأهليّة والإقليميّة والعالميّة ومجازرها، تندرج ضمن مناهضة ومعاداة ولعن تلك الحروب وكوارثها ومذابحها، في مسعى تجنّب تكرارها.
قبل 37 سنة، حدثت مذابح مروّعة في لبنان استهدفت اللاجئين الفلسطينيين في مخيّمات صبرا وشاتيلا. تلك المذابح جرى تناولها في أفلام وثائقيّة، وتقارير إعلاميّة، وبيانات سياسيّة، ومقالات رأي، وبحوث ودراسات ونصوص إبداعيّة. وربما ليس آخر هذه التناولات لتلك المجزرة التي حدثت سنة 1982، هي رواية "بنت من شاتيلا" للروائي والصحافي الفلسطيني أكرم مسلّم، الصادرة عن دار "الأهليّة" في الأردن هذا العام.
مسلّم المولود سنة 1971 في قرية "تلفيت" التابعة لقضاء نابلس، حين حدثت المجزرة كان عمره 11 سنة، وغالب الظنّ أنه لم يكن شاهداً عليها. ومن هنا، تبرز فرادة "بنت من شاتيلا" كعمل إبداعي سردي تجريبي غاية في الأهميّة والحساسيّة، أطلّ من خلالها أكرم مسلّم من خارج المكان (ألمانيا - هامبورغ) على مذبحة شاتيلا (لبنان)، وعلى بُعد 37 سنة من المجزرة! اتخذ مسلّم هذا السياق الزماني - المكاني لرؤيته وسرديّته للحدث، وهو المقيم في فلسطين. فأتت فكرة العمل وبؤره المتناثرة مصاغة بشكل فنّي تداخلت في السرد الأمكنة والأزمنة مع تداخل واشتباك الماضي بذاكرته المريرة مع الحاضر وتفاصيله المؤلمة والبائسة! وعليه، لكأنّ أكرم مسلّم في "بنت من شاتيلا" يريد التأكّد على فكرة مفادها أنه يمكن للأديب والأديبة الكتابة عن مجزرة حتى لو لم يكونا شاهدين عليها.
وعلى بُعد 37 سنة من المجزرة! اتخذ مسلّم هذا السياق الزماني - المكاني لرؤيته وسرديّته للحدث، وهو المقيم في فلسطين. فأتت فكرة العمل وبؤره المتناثرة مصاغة بشكل فنّي تداخلت في السرد الأمكنة والأزمنة مع تداخل واشتباك الماضي بذاكرته المريرة مع الحاضر وتفاصيله المؤلمة والبائسة
صحيح أن الروائي استخدم تقنيّات المسرح في البناء السردي، وظهر ذلك في فاتحة وخاتمة العمل، وأتى على ذكر ذلك الكاتب فراس حج محمد في مقاله النقدي عن الرواية، ونشرته جريدة "القدس العربي" يوم 15/8/2019 تحت عنوان: "... تروية المسرح لخلق رواية تجريبية ممسرحة"[1]، إلاّ أن الصحيح أيضاً أن الكاتب استفاد من تقنيّات العمل الصحافي والصورة الصحافيّة، والمشهديّة الثابتة؛ المتحرّكة في السياق السردي. وذلك بأن جرى الحديث في أماكن عدّة من الرواية عن صورة الطفلة الناجية من المذبحة، والتي التقطها المراسل الصحافي ذو العين الواحدة. تلك الصورة - البؤرة الثابتة، كانت في الوقت عينهِ متحرّكة ضمن النصّ، وإحدى أبرز الركائز أو التقنيات الفنيّة في البناء الروائي.
مصادفات الحياة
ولأن الكتابة الروائيّة تنطوي كثيراً على الفعل العمد، بخلاف الشعر الأقرب إلى الارتجال والعفويّة، فالصدفة والأقدار التي رسمها أكرم مسلم كي يجمع ببن الشاب والفتاة الفلسطينيّين، وفي ألمانيا، فيها الكثير من التعمّد المفتوح على الدلالات. ذلك أن الكاتب كان بإمكانه اختيار فتاتين أو شابّين، واختيار مكان آخر غير ألمانيا، كشرفة روائيّة يطلّ منها على مجزرة شهدها لبنان سنة 1982. اختيار ألمانيا والحديث عن الدمار الذي خلّفته الحرب العالميّة الثانيّة في مدنها (هامبورغ ودرسدن نموذجاً) وكيف أن بعض ضحايا تلك الحرب المجنونة من اليهود، تحوّلوا إلى "جلاّدين" في مكان آخر، يقترفون الجرائم بحقّ ضحايا آخرين. وبالتالي، تعاقب الأدوار وتناقضها ضمن مفارقات الحروب والحياة، عبّرت عن نفسها، على أكثر من صعيد في "بنت من شاتيلا" بطريقة فنيّة وحساسّة.
شاب فلسطيني أنيق، طالب دراسات عليا في جامعة "بير زيت" مدعو لندوة أكاديمية حول التبادل الثقافي في ألمانيا، يلتقي بمحض "الصدفة" الروائيّة - السرديّة بفتاة فلسطينيّة جميلة وجذّابة؛ عضو في فرقة مسرحيّة، جالسة على مقعد إسمنتي بالقرب من بحيرة "ألستا" في مدينة "هامبورغ" الألمانية سنة 2004. من هذا المشهد أو "الصدفة" المختلقة، تبدأ خرزات سبحة الحكايات المتشابكة تكرّ خرزةً إثر أخرى، ورويداً وتباعاً تبدأ تفاصيل السرديّات بالظهور؛ سرديّة مجزرة شاتيلا، عبر استحضار ذكريات الفتاة الناجية منها، وسرديّة الشاب الفلسطيني الأكاديمي الأنيق الآتي من فلسطين، وسردية "الرجل الدائري" الألماني، وسرديّة "العجوز الألمانيّة" التي يبقى موتها لغزاً ينكشف في الفصل السابع، وسرديّة المناضل والفدائي؛ والد الفتاة... وسرديّات أخرى، صغرى، كلها تندغم وتتشابك وتشترك في صوغ السرديّة الكبرى لـ"بنت من شاتيلا" التي في الأصل والفصل والجذر، هي سرديّة فلسطين ومأساتها ماضياً وراهناً ومستقبلاً أيضاً. بحيث يمكن استشفاف إحدى مقولات هذه الرواية على أن آلام البشر في الحروب والمجازر، لا تسقط بالتقادم.
صحيح أن الفصل الأوّل والأخير من "بنت من شاتيلا" عنوانهما يتعلّقان بالأمكنة "حورية ألستا - هامبورغ 2004" و"غزّة 2007" إلاّ أن أغلب عناوين الفصول الأخرى تتعلّق بالأشخاص وحيواتهم. بحيث أتى عنوان الفصل الثاني والفصول التي تلته على هذا النحو: "رجل دائري تماماً"، "الخالة"، "الأم/ الابن"، "الأب/ البنت"، "ملصق لشهيد بلا اسم"، "سيدة الانقاض"، "لسان جديد لجثّة قديمة"، "الشاب الأنيق ينجو من محاولة اغتيال"، "عازفة الكمان" والفصل الحادي عشر "سيّدات الحنّاء". زد على هذا وذاك، عنوان الرواية، أو العتبة الرئيسة لها "بنت من شاتيلا" يؤكد أن العمل سيكون عن أحد ضحايا مكان شهدة مجزرة مروّعة، وليس عن المجزرة بحدّ ذاتها، تفصيلاً وتمثيلاً وتوثيقاً. ما يعني أن الأولويّة هي للضحايا وليس للمكان والحدث المروّع الذي شهدهُ. وعليه، اختار مسلّم أن تكون عمارته الروائيّة في "بنت من شاتيلا" مؤلّفة من 12 فصلاً. ومعلوم دلالة هذا الرقم في حساب الأزمنة، ناهيكم عن محاولة اختزاله السرديّة الفلسطينيّة من سنة 1948 ولغاية 2007، وبل لغاية 2019 أيضاً، مروراً بمحطّات الأردن، لبنان، تونس، وصولاً لغزّة ورام الله! كل ذلك، عبر 150 صفحة من القطع المتوسّط.
"بنت من شاتيلا" هي الخطوة الرابعة لأكرم مسلّم في عالم الحكي والسرد، بعد "هواجس الأسكندر (مركز أوغاريت - رام الله 2003)" و"سيرة العقرب الذي يتصبب عرقاً (دار الآداب - بيروت 2008)" و"التبس الأمر على اللقلق (دار الأهليّة - عمّان 2013)". ولأنني لم أقرأ محاولاته الثلاث الآنفة الذكر، لا يمكنني معرفة الفروق بينها، ومدى تطوّر التجربة، واختلاف تقنيّات الكتابة بين هذه الروايات الأربع. لكن أستطيع القول، وبثقة: "بنت من شاتيلا" هي رواية جوائز، وبل تستحق أن تتحوّل إلى فيلم سينمائي أيضاً، ليس فقط لأن منسوب التجريب فيها يستفزّ النقّاد والناقدات ويفتح الأفق أمامهم، ويثير الأسئلة لديهم، علاوة عن أن جودة اللغة وسلاستها، وفنيّات وتقنيّات الكتابة، والمهارة والخبرة الصحافيّة والسياسيّة التي يمتلكها مسلّم، كل ذلك، ساهم في أن تكون "بنت من شاتيلا" خطوة روائيّة واثقة ورصينة وممتعة للقارئ.
أستطيع القول، وبثقة: "بنت من شاتيلا" هي رواية جوائز، بل تستحق أن تتحوّل إلى فيلم سينمائي أيضاً، ليس فقط لأن منسوب التجريب فيها يستفزّ النقّاد والناقدات ويفتح الأفق أمامهم، ويثير الأسئلة لديهم
مواضيع أخرى
لم يكتفِ مسلّم بإعادة قراءة المجزرة واستحضارها إبداعيّاً، لكنه في سياق ذلك، تناول مواضيع أخرى منها؛ اختلاف الأفكار وزاوية الرؤية إلى التجربة النضاليّة الفلسطينيّة بين الأجيال. وظهر ذلك في الفصل السابع "الأب / البنت" من خلال الحوار الذي دار بين الفتاة ووالدها الفدائي، حين قالت الفتاة في الصفحة 70: "لكننا ارتكبنا بشاعات أيضاً"، ليردّ عليها والدها مخففاً كلمة بشاعات ومحوّلاً إيّاها إلى "أخطاء" بقوله: "ارتكبنا أخطاء، وانجرفنا وراء ردود فعل، لكننا لم نسوّق بؤسنا على أنه ثقافة أو قيمة أخلاقيّة علينا. لم نكن طائفيين، ولم نكن جزءاً من مشروع طائفي. وهذا جوهري جداً. يرتاح البعض في تسوية حسابه مع تاريخه بمراجعة تاريخنا نحن، وتضمينه ما ليس لنا، وخلط أداء ثورتنا بأدوار مرتزقة من بيننا. هؤلاء تحديداً يستبعدون إسرائيل من أي تحليل لشرور المنطقة، وخاصّة الشر الديموغرافي. ويبدؤون التحليل من منفانا وليس مما حدث لوطننا"[2]. وفي ردّ الأب على ابنته، تظهر شخصيّة ولسان ووعي الروائي المنحاز لرأي وموقف الأب، رغم إيحائه بموقف الراوي المحايد بقوله: "لم يكن من الممكن زعزعة قناعته بعدالة الطريق، وليس هذا ما كانت تبحث عنه، فهي تفرّق بين تجربة الثورة وبين بؤس النموذج الذي قدّمته في تحوّلها إلى سلطة انتقاليّة" والكلام للراوي.
مراجعات نقديّة
في سياق المراجعة النقديّة للتجربة الفلسطينيّة في رواية "بنت من شاتيلا" بحيث لا يمكن اعتبار هذا النسق الروائي من صنف البروباغندا والدعاية السياسيّة التقليديّة والشعاراتيّة للقضيّة الفلسطينيّة الموجود بكثرة في الأدب الفلسطيني منذ الستينيات وصولاً لأيّامنا هذه، حيث تناول مسلّم جزئيّة صغيرة، ولكنها غاية في الأهميّة، لجهة ممارسة التعتيم والتضليل الذي يظن به أصحابه أنه يصبّ في خدمة القضيّة، وهو تجاهل الحديث عن ظهور شقيق الفتاة الناجية من المجزرة، لئلا تُخدش المروية أو السردية المتداولة عن الفتاة على أنها الناجية الوحيدة، لكأنّ ظهور شقيقها بوصفه الناجي الثاني من المجزرة، سيسيء إلى عدالة القضيّة الفلسطينيّة، وسيكون في خدمة القتلة الجناة، ويخفف من هول وبشاعة المذبحة المرتكبة في شاتيلا!؟ وهنا أراد مسلّم القول: تضخيمُ بعض الأمور، أو التعتيم على بعض الحقائق، لا ولن يخدم القضيّة الفلسطينيّة!
أيضاً في سياق المراجعة النقديّة، يوجّه مسلّم انتقادات طفيفة للزعيم، وغالب الظنّ أنه يقصد الراحل ياسر عرفات، دون ذكر اسمه، في الفصل السادس، أثناء إثارة ملفّ المفقودين الفلسطينيين في السجون السوريّة أو العربيّة. وذلك على لسان حالة الفتاة الناجية حين تسأل الزعيم عن مصير زوجها المفقود، وأن الزعيم ردّ عليها، عبر التلاعب بالكلمات، وأن كلامه لم يقنعها: "اقتربت من القائد العام في أحد المهرجانات وسألته عن زوجها بكلمات فيها تأنيب واضح، وسألته؛ كيف يستطيع المواصلة إلى الأمام ويترك رجاله وراءه؟ قال لها "إنهم في الثورة لا يرجعون إلى الوراء، إنما يواصلون السير إلى الأمام حتى يلتقوا بالرفاق أمامهم مع الشهداء والصدّيقين (...) صَمَتْ. ليس هذا الجواب الذي بحثت عنه. لكنه غير قابل للنقاش. كانت عاتبة على القائد العام. وبعد ذلك اليوم، لم تعد تحبّه"[3].
فوائد موت حافظ الأسد
"بنت من شاتيلا" من الروايات الفلسطينيّة القليلة التي تناولت بشاعة وقذارة نظام حافظ الأسد وسجونه ومعتقلاته وزجّ الفدائيين الفلسطينيين فيها. وأشارت إلى استثمار نظام الاسد الأب الورقة الفلسطينيّة وكيف أن هذا النظام ملطّخة أيديه بدماء الفلسطينيين. وهذه جرأة تسجّل لأكرم مسلّم، إلى جانب روائيين وروائيّات كـ ليانة بدر في روايتها "عين المرأة" التي تناولت مجزرة تل الزعتر. وهؤلاء الروائيون والروائيّات الفلسطينيون هم قلّة ممن تجرّؤوا إبداعيّاً وروائيّاً على فضح ونقد نظام الطاغوت الأسدي، في وقت انزلق العديد من الكتّاب والأدباء الفلسطينيين مؤخّراً برخص وإسفاف وتهافت نحو التطبيل والتزمير لنظام الأسد الأب والابن، والتشبيح والتسبيح بحمد جرائم هذا النظام الأسدي البراميلي الكيماوي.
يواصل مسلّم نقد دولة حافظ الأسد، بلغة ساخرة، عبر تكرار عبارات على لسان مدير السجن البعثي الأسدي، من قبيل: "الدولة المحترمة لا تسرق مقتنيات سجنائها"، "الدولة المحترمة تحافظ على حياة سجنائها"
ومما ذكره مسلّم في "بنت من شاتيلا": "هزم الموت حافظ الأسد، وتقرر تسريح عدد كبير من المعتقلين، من ضمن جهود تبييض نقل السلطة. كان زوج الخالة واحداً من بضع عشرات لهم خصوصية. لقد كرههم أحد ما، في مرحلة ما، كراهية استثنائيّة، وأراد أن يفعل بهم شيئاً استثنائيّاً؛ أن يخرجهم من التاريخ والجغرافيا. أراد تحنيطهم ليكونوا أقرب ما يكونون إلى الموت، معلقين بين الوجود واللاوجود"[4]. ويواصل مسلّم نقد دولة حافظ الأسد، بلغة ساخرة، عبر تكرار عبارات على لسان مدير السجن البعثي الأسدي، من قبيل: "الدولة المحترمة لا تسرق مقتنيات سجنائها"، "الدولة المحترمة تحافظ على حياة سجنائها"، "الدولة المحترمة لا ترث مقتنيات سجنائها"، "الدولة المحترمة تراعي رغبة سجنائها، ولا تلقي بهم عراة في الشوارع"[5].
كنموذج على الخسارات الفلسطينيّة المتتالية، وتبدد الأحلام الفرديّة الصغرى والأحلام الثوريّة الكبرى، أتى مسلّم على تجربة زوج الخالة، السجين السابق لدى نظام حافظ الأسد، العائد من الموت إلى الحياة، حياة السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، ليجد نفسه قد فقد كل شيء؛ بيته وزوجته: "أفاق من نومة السجن، لكن ما تقترحه صحوة الحرية مريع؛ لا زوجة، لا بيت"، "خسر الرجل كل شيء، حتى قدرته على تحويل الخسارة إلى حكاية"[6].
الانتصار للضحايا
في الفصل العاشر (عازفة الكمان) يطرح الراوي (مسلّم) أفكاره على لسان الفتاة الفلسطينيّة التي تسكن شقّة كانت تملكها عائلة يهوديّة كانت من ضحايا النظام النازي. وذلك عبر إجابة الفتاة على سؤال حول مشاعرها كضحيّة تسكن شقّة كانت تملكها أسرة يهوديّة، هربت من ألمانيا، وربما تمارس القمع بحق الفلسطينيين؟ فقالت: "لا يوجد شيء اسمه ضحايا الضحايا. الضحايا ضحايا فقط. يجب عدم الخلط بين الضحايا والناجين. قد يتحوّل الناجون إلى قتلة. هناك ضحايا للناجين، هذا صحيح تماماً. المجزرة ببساطة، هويّة بحدّ ذاتها. أما الناجون فخياراتهم هي التي تحدد هويّاتهم". وأضافت أن الضحايا اليهود، أصحاب الشقة، هم "فصل من حكايتها، وليسوا فصلاً من حكاية الصهيونيّة. وأنه عندما تتراخى قبضة المختطفين، سيختار الضحايا الجلوس معاً، سواء سقطوا في دير ياسين، أو اللد، أو كفر قاسم، أو شاتيلا، أو تل الزعتر،... أو أوشفتيس أو في بورما"[7]. وهكذا ينتصر أكرم مسلّم في رائعته "بنت من شاتيلا" للضحايا؛ كائناً من كانوا.