أكدت مصادر مطلعة، أن من المتوقع صدور قرار جديد قريباً برفع سعر الإسمنت في مناطق سيطرة النظام السوري، رغم صدور قرار برفع سعره نحو 90% في أيار الماضي.
وأشارت المصادر لموقع "تلفزيون سوريا" إلى أن دراسة رفع السعر مرة أخرى تأتي بسبب رفع أسعار حوامل الطاقة عقب قرار رفع الإسمنت السابق.
رفع السعر عدة مرات بوقت قياسي
وكانت حكومة النظام السوري قد رفعت العام الماضي أسعار الإسمنت نحو 3 مرات من منذ بدايته وحتى أيلول أي خلال أشهر فقط، وفي القرار الأخير هذا العام لرفع سعر الإسمنت كان سعر طن الفيول اللازم لتشغيل المعامل 1.179 مليون ليرة بحسب ما قاله المدير العام للمؤسسة العامة للإسمنت مروان الغبرا لصحيفة "الوطن" المقربة من نظام الأسد، بينما تم رفع سعره مؤخراً ومن دون ضجة إلى 1.388 مليون ليرة.
ووفقاً لأصحاب معامل الإسمنت، فإن رفع أسعار المادة الشهر الماضي لم يجد نفعاً، لأن سعر طن الفيول امتصها، مشيرين إلى ارتفاع أسعار الكهرباء وبدء تطبيق التعرفة الجديدة بشرائح تبدأ من 600 كيلو واط ساعي والتي بات سعرها ليرتين بدل ليرة، وارتفع سعر الشريحة من 601 إلى 1000 كيلو واط، من 3 ليرات إلى 6.
والشريحة من 1000 إلى 1500 كيلو واط ساعي ارتفع سعرها من 6 ليرات إلى 20، وشريحة 1500 إلى 2500 كيلو واط ساعي من 10 ليرات إلى 90، وصولاً إلى شريحة أكثر من 2500 كيلو واط التي ارتفع سعرها من 125 ليرة إلى 150 ليرة، وهي التي تندرج تحتها المعامل.
كما رفعت حكومة نظام الأسد سعر ليتر المازوت الصناعي والتجاري إلى 2500 ليرة لليتر الواحد من 1700 ليرة بعد أيام من رفع سعر الإسمنت، ولأن حوامل الطاقة تساهم بـ70% من تكاليف الإنتاج فإن المعامل تشتكي من استنزاف السيولة وتطالب حالياً برفع أسعار الإسمنت من جديد وتؤكد أنها تعاني بشكل جدي.
معاناة معامل الإسمنت في سوريا
وتعاني معامل الإسمنت في سوريا من مشكلات أخرى غير حوامل الطاقة بحسب أصحاب المعامل، فهي تعاني من قلة العمالة الخبيرة وارتفاع أجور العمالة، وصعوبة تأمين قطع التبديل وارتفاع سعرها وكلفة الصيانة.
وفي 24 أيار الماضي، أي بعد رفع سعر الإسمنت رسمياً في خطوة كان مبررها إعادة الإنتاج إلى الأسواق بعد انقطاع المادة ووصول سعر الطن في السوق السوداء إلى 700 ألف ليرة، نشرت صحيفة "تشرين" تقريراً أكدت فيه أن المادة لا تزال مقطوعة وأن السوق السوداء لا تزال منتعشة أيضاً رغم رفع السعر لتشجيع المعامل.
ولفتت الصحيفة إلى "قلة العرض الناجم عن قلة الإنتاج بعد توقف بعض الخطوط في مؤسسة الإسمنت وتعطل أخرى"، ونقلت عن الغبرا قوله إن "شركة البادية في القطاع الخاص خفضت إنتاجها كثيراً أما إذا وصلوا لحد التوقف فلا معلومات لدي وهي تشكل نحو 35% من السوق، وحين يخف إنتاجها فإن ذلك له تأثير".
النقص الشديد في مادة الإسمنت رغم رفع سعرها رسمياً لم يساعد في تغطية النقص، حتى إن الغبرا اعترف بوجود السوق السوداء وشرح طريقة نشوئها وعدم القدرة على ضبطها بقوله "في الواقع لسنا قادرين على إغراق السوق بالإسمنت، لدينا مواد واحتياجات ولكن يا ترى هل تذهب هذه الاحتياجات فعلاً إلى مكانها المناسب أم تمر عبر مراحل فيها مضاربات؟ فمثلاً يأخذ تاجر رخصة ولا يستفيد من المادة بل يبيعها لشخص ثان وهذا بدوره يبيعها لثالث وهنا تنشأ السوق السوداء".
مصادر في قطاع المقاولات أكدت للموقع وجود أشخاص متنفذين قادرين على الحصول على رخص ترميم أو بناء دون وجود محاضر، ليبيعوا المادة عبر السوق السوداء، بينما أشاروا أيضاً إلى أشخاص قادرين على الحصول على المادة مباشرةً من مؤسسة عمران دون رخص بناء أو حتى ترميم .
ارتفاع في أسعار العقارات في سوريا
وساهم شح المادة والمتاجرة بها، بالضرورة في رفع السعر وهذا بدوره أدى إلى ارتفاع أسعار مواد البناء التي يدخل الإسمنت في تصنيعها، حيث قال صاحب منشأة حرفية لكبس البلوك لـ"تشرين" مؤخراً "إن حركة السوق في أسوأ حالاتها فالطلب على مواد البناء عند حدوده الدنيا نتيجة ارتفاع تكاليف البناء التي باتت مقتصرة في الغالب على أعمال الترميم البسيطة".
وتأثرت أسعار العقارات على الفور بارتفاع أسعار الإسمنت الحالي، وقال الخبير الاقتصادي محمد الجلالي إن تكاليف بناء المتر المكعب حالياً عقب ارتفاع سعر الإسمنت (رسمياً) وصل إلى مليون ليرة سورية، بينما بلغت إيجارات العقارات في مناطق معينة بالعاصمة دمشق نحو 3 ملايين ليرة شهرياً.
وقد أكّد الجلالي في حديث لصحيفة الوطن المقربة من النظام أن ارتفاع أسعار العقارات مستمر في سوريا، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 10 في المئة عن العام الماضي.
لكن مقاولين أكدوا للموقع أن حديث الجلالي غير واقعي، لأن الأسعار أكثر من ذلك بكثير، حيث تصل كلفة بناء متر مربع على الهيكل نحو 1.5 مليون ليرة بظل شح مستلزمات الإنتاج وارتفاع تكاليف النقل والإسمنت، بينما قد يرتفع السعر أكثر تبعاً للمنطقة التي يتم فيها البناء حيث تدخل كلف النقل بالحسبة.
رشاوى وتهريب
وأشاروا إلى أن السعر يكون أعلى أيضاً في العشوائيات لاضطرار المتعهدين لدفع الرشاوى لتنفيذ البناء وإدخال المواد تهريباً وبسعر أعلى.
وبحسب قرار رفع سعر الإسمنت الشهر الماضي، والذي نشرته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أصبح سعر طن الإسمنت البورتلاندي عيار 32.5 المعبأ للمستهلك بـ 397 ألف و760 ليرة سورية، والفرط بـ 341 ألف و 30 ليرة، أما سعر الطن الواحد من الإسمنت البورتلاندي عيار 42.5 المعبأ للمستهلك فقد أصبح بـ 413 ألفاً و490 ليرة سورية، والفرط بـ 355 ألفاً و270 ليرة، في حين يباع الطن اليوم في السوق السوداء بأكثر من 550 ألف ليرة.
وبشكل عام، انتقدت صحيفة "البعث" التابعة للنظام السوري، تأثير قرارات رفع سعر المازوت الصناعي والبنزين كحوامل للطاقة.
وقالت الصحيفة إن "المتضرّر الأكبر من هذه العملية كانت صناعتنا الوطنية والتي ما زالت تحاول تقديم منتجها بشق الأنفس خلال السنوات الأخيرة وسط خسارة كبيرة أودت بالكثير من هذه الصناعات إلى الموت السريري، وربما إلى الزوال إن استمر الوضع على هذه الحال".