icon
التغطية الحية

رسمت الأمل وتحدت المستحيل.. "الخوذ البيضاء" تسطّر عقداً من الإنسانية في سوريا

2024.10.25 | 03:57 دمشق

آخر تحديث: 25.10.2024 | 14:27 دمشق

54
يظل متطوعو الدفاع المدني شعلة أمل لا تنطفئ يعيدون الأمل في أحلك الظروف
حلب - إدلب / ثائر المحمد وأسامة الخلف
+A
حجم الخط
-A

في الذكرى العاشرة لتأسيس الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، يستحضر السوريون مسيرة عقد من العطاء والتفاني، حيث جسدت هذه المؤسسة معنى الإنسانية، عبر متطوعيها، الذين حملوا على عاتقهم مهمة إنقاذ الأرواح، إذ نجحوا في انتشال عشرات الآلاف من تحت الأنقاض، متجاهلين الخطر المحيط بهم، ومستجيبين للنداء في كل مرة كانت الصواريخ والبراميل المتفجرة تتساقط على رؤوس السوريين.

لقد جاءت نشأة هذه المؤسسة في خضم تصاعد القصف والتدمير والحرب الشاملة من قبل النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين إلى جانب عشرات الميليشيات على المدنيين في سوريا، وفرضت "الخوذ البيضاء" نفسها كأحد أعمدة العمل الإنساني في البلاد، لتصبح رمزاً للصمود والشجاعة أمام آلة الحرب التي لم ترحم الأطفال أو الشيوخ أو النساء.

ومع تزايد وتيرة الاستهداف من قوات النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين، برزت الحاجة إلى فرق متخصصة في الإنقاذ والإغاثة، وهو ما جسده متطوعو الدفاع المدني بشجاعة وبسالة.

خلال السنوات العشر الماضية، لم تكن مهمة الخوذ البيضاء مجرد إزالة الأنقاض أو إنقاذ العالقين، بل شكلوا خط الدفاع الأول في مواجهة الكوارث، سواء كانت ناتجة عن القصف المتواصل أو عن الظروف الطبيعية القاسية، حيث أظهر المتطوعون قوة استثنائية، فكانوا حاضرين في اللحظات الأكثر حرجاً، يمدون يد العون للمحتاجين، ويرسمون بإنجازاتهم ملامح الأمل في وقت ضاق فيه الأفق على السوريين.

ورغم التحديات والضغوطات، استمر عمل أفراد الدفاع المدني، معتمدين على التدريب المتواصل والتطوير المستمر لمهاراتهم وقدراتهم، ما منح السوريين بصيصاً من الأمل، ليبقى شعار الدفاع المدني "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً" واقعاً ملموساً على الأرض السورية.

طوال العقد الماضي من عمل "الخوذ البيضاء"، واجهت فرق الدفاع المدني تحديات كبيرة، من القصف المتعمد لمراكزهم إلى النقص المستمر في المعدات والإمدادات، ومع ذلك، لم يتوقفوا عن أداء مهمتهم، بل استمروا في العمل، ليكونوا على استعداد لمواجهة أي طارئ، ما أكسبهم احترام العالم وتقديره، ليصبحوا على مر السنوات نموذجاً للعمل الإنساني في سوريا.

تأسيس الدفاع المدني السوري

بدأ الدفاع المدني عمله في نهاية عام 2012 وبداية 2013، في مدينة حلب، من خلال مجموعة من الشبان، كانوا يعملون بمهن مختلفة كالخياطة والحدادة والتجارة وغيرها، إلى حين الوصول لمرحلة خروج مناطق عن سيطرة النظام السوري عام 2012، وانعدام الخدمات الإسعافية والطبية المنظمة، حينئذ بدأ النظام باستخدام الطائرات والمدفعية، مستبيحاً كل شيء، وهنا كان لا بد من اللجوء إلى مرحلة التأسيس لمنظمة شاملة متكاملة تنظم عمل المتطوعين الذين كانوا قد شكلوا أنفسهم في عدة محافظات سورية، وبدؤوا بملاحقة أماكن سقوط صواريخ الأسد لاستخراج المدنيين من تحت الأنقاض.

وشهد تاريخ 25 تشرين الأول عام 2014، الاجتماع التأسيسي الأول للمنظمة في مدينة أضنة التركية، وحضره نحو 70 من قادة فرق الدفاع المدني في "المناطق المحررة" بسوريا، ووضعوا ميثاقاً للمبادئ الخاصة بالمنظمة، واتفقوا على تأسيس مظلة وطنية لخدمة السوريين، سموها الدفاع المدني السوري.

ونسبة للخوذ التي يرتديها المتطوعون في أثناء عمليات البحث والإنقاذ اكتسبت المنظمة مطلع عام 2015 لقب "الخوذ البيضاء"، واليوم باتوا بالآلاف بينهم مئات المتطوعات، ويمشون وفق مدونة سلوك عنوانها العريض "حياديون، غير منحازين، لكل السوريين".

فرق متباعدة كوّنت الدفاع المدني

يقول الدفاع المدني السوري على موقعه الرسمي، إنه في أواخر عام 2012، بدأ النظام السوري في استخدام القصف الجوي شكلاً من أشكال العقاب الجماعي على الأحياء التي لم تعد تحت سيطرته، وقد اقترن هذا القصف الجوي بسحب الخدمات التي تقدمها "الدولة" مثل الإطفاء والإسعاف في حالات الطوارئ وصيانة شبكات المياه والكهرباء.
 

وأضاف: "لقد كان ذلك أمراً أثبت أنه مزيج قاتل ضد المدنيين حيث دُمِّرت مجمعات سكنية كاملة من دون أن يهرع أحد لإنقاذ سكانها، وقد تشكلت الخوذ البيضاء استجابةً لهذه الحاجة"، مردفاً: "لم نبدأ كمنظمة موحدة بل كانت جذورنا تكمن في العشرات من المبادرات التطوعية في مناطق مختلفة في جميع أنحاء البلاد، بدأ المئات من المتطوعين بالتجمع معاً، وفعلوا ما بوسعهم لمساعدة مجتمعاتهم في الاستجابة لعمليات القصف وحالات الطوارئ الأخرى".

ووفق الدفاع المدني، بحلول عام 2013، بدأت العديد من مجموعات المتطوعين في سماع أخبار بعضها البعض، قائلاً: "وقد سررنا كثيراً بالعثور على أشخاص آخرين كانوا على بعد نحو 5 كيلومترات منا أو ربما على بعد 50 كيلومتراً منا، توحدهم جميعاً غاية واحدة وهي إنقاذ حياة الناس. بدأنا في تنظيم أنفسنا فزاد التنسيق بيننا، كما بدأت بعض الفرق في تلقي دورات تدريبية في أساليب البحث والإنقاذ من خبراء في تركيا والأردن وحصلنا على العتاد من مانحين دوليين".

وأردف: "بدأنا في عام 2014 في مناقشة موضوع توحيد هذه الجهود بشكل رسمي أكثر لتصبح المنظمة واحدة تكرس عملها في إنقاذ حياة الناس في سوريا. في أثناء سعينا لتنظيم أنفسنا للتنسيق بصورة أفضل، تقطعت السبل بيننا في مناطق مختلفة معزولة عن بعضها بسبب تغيير خطوط السيطرة، لم تتمكن الفرق الموجودة في الشمال من الوصول إلى تلك الموجودة في دمشق وريف دمشق وحمص ودرعا والقنيطرة. لقد حاصرنا النظام في مناطق مختلفة فاستحال علينا جميعاً أن نلتقي في سوريا، لذا قررنا عقد الاجتماع الوطني الأول لنا في جنوبي تركيا في 25 تشرين الأول 2014. بعد يومين من الاجتماع، اتحدنا رسمياً في رؤيتنا لإنشاء مؤسسة إنسانية تخدم جميع السوريين، لقد جعلنا مهمتنا القيام بهذا العمل كمنظمة مستقلة وغير منحازة ولم نتعهد بأي ولاء لأي طرف في النزاع، اتفقنا على إدارة هذه المنظمة ديمقراطياً بقيادة منتخبة. لقد وقعنا ميثاق المبادئ وأنشئ الدفاع المدني السوري في 25 تشرين الأول 2014، وكان ذلك اليوم هو أفضل يوم في حياة الكثير من الذين كانوا متواجدين في تلك القاعة".

عقد من العمل

في الذكرى العاشرة لتأسيس الدفاع المدني، قال مدير المؤسسة رائد الصالح، في تغريدة على منصة "إكس"، إنّ "الدفاع المدني السوري هو مؤسسة لكل السوريين، تمثل كل إنسان مؤمن بحماية الأرواح وقيم الخير والعدالة والسلام".

وأضاف: "أشكر جميع السوريين وكل من وقف معنا ودعمنا وساعدنا ونجدد العهد على الالتزام بقيم ومبادئ العمل الإنساني".

وأشاد أهالي الشمال السوري عبر شاشة تلفزيون سوريا بالدفاع المدني، قائلين إنه يُعتبر من أفضل المؤسسات الإنسانية في الشمال السوري، فالمؤسسة كانت حاضرة في جميع الأزمات، سواء خلال الزلازل أو القصف أو الحرائق، وكانت دائماً في المقدمة لإنقاذ الأرواح، وفي أحلك الظروف، كانوا أول من استجاب، وخاصة خلال الزلازل، حيث قدموا جهوداً كبيرة لإخراج المدنيين من تحت الأنقاض.
 

كذلك أشاد السكان بأداء متطوعي الدفاع المدني، مشيرين إلى أنهم لم يدخروا جهداً لخدمة الأهالي، وواجهوا الخطر بأنفسهم لإنقاذ المصابين قبل وصول سيارات الإسعاف، وفي الأوقات العصيبة التي مرت بها المنطقة، كانوا سباقين للتدخل، سواء لإزالة الركام أو لتأمين الطرق.

وأكد الأهالي على أهمية دعم الدفاع المدني، موضحين أن هذه المؤسسة تخاطر بأرواح أفرادها، ويتطلب الأمر دعماً مستمراً لتعزيز قدراتهم، معربين عن تطلعاتهم بأن تستمر المؤسسة في تطوير نفسها وزيادة إمكانياتها، خاصة مع استمرار التحديات التي تواجه "المناطق المحررة".

ووفق آراء السكان، فإن "متطوعي الدفاع المدني قدموا تضحيات كبيرة، حتى في ظل القصف الروسي، حيث كانوا موجودين في الخطوط الأمامية لمساعدة المواطنين، وبات واضحاً أن دور الدفاع يتجاوز حدود الإنقاذ، ليصبح رمزاً للصمود"، حيث أعرب الأهالي عن تقديرهم للدور الكبير الذي لعبته هذه المؤسسة، وتمنوا لها الاستمرار والدعم لتظل قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
 

وفي الوقت نفسه، أشاد سكان مدينة السويداء جنوبي سوريا بعمل الدفاع المدني، وذلك عبر مقابلات مع تلفزيون سوريا في الذكرى العاشرة لتأسيس المنظمة.

إنجازات إنسانية وخدمية

ذكرت "الخوذ البيضاء" أنه ومنذ "تأسيس الدفاع المدني السوري كانت لدينا مهمة جوهرية وهي إنقاذ الأرواح، وجعلنا شعارنا الآية القرآنية "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً"، وعلى مرِّ السنوات تمكنّا من إنقاذ أكثر من 128 ألف روح، وهو الإنجاز الأهم في عمل المؤسسة خلال السنوات العشر الماضية".

وأضافت: "خلال العقد الماضي، استجابت فرقنا لعشرات الآلاف من الهجمات الجوية والأرضية والهجمات الكيميائية، إلى جانب الاستجابة للكوارث الطبيعية وعلى رأسها زلزال شباط 2023 المدمر، وإطفاء الحرائق وحوادث السير، وقدمنا الرعاية الصحية والإسعافات الأولية لمئات الآلاف من المدنيين، وقمنا بإزالة أكثر من 25 ألف ذخيرة غير منفجرة من مخلفات الحرب، وساعدنا في إعادة تأهيل البنية التحتية من خلال مشاريع نوعية مع التركيز على المنشآت التعليمية والطبية وشبكات الطرقات ومشاريع المياه والإصحاح".

وجعلت "الخوذ البيضاء" من توثيق الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية في سوريا وتقديم الأدلة المتعلقة بها أولويةً لها سعياً لتحقيق العدالة للشعب السوري.

وشددت المؤسسة في بيان لها، على أن "الأعمال التي نقوم بها في مساعدة مجتمعاتنا وتوثيق الجرائم والانتهاكات، جعلت من متطوعاتنا ومتطوعينا هدفاً لهجمات ممنهجة من قبل نظام الأسد وروسيا وحلفائهم كما عرّضتهم لظروف بدنية ونفسية قاسية جداً، وفي هذه الذكرى تستحضرنا تضحياتٌ لا تغيب عنا لـ 312 متطوعاً فقدوا أرواحهم، ومئات المصابين على مدى السنوات الماضية، أغلبهم كانوا ضحايا لهجمات مزدوجة من نظام الأسد وروسيا أثناء أداء واجبهم الإنساني، هم مَثلُنا وقدوتنا في كل لحظة، وسنواصل السير على درب العطاء الذي خطوه بدمائهم".
 

وختم الدفاع المدني: "نجدد التزامنا بمبادئ العمل الإنساني، ونؤمن بأن الوقوف إلى جانب الإنسان ومساعدته وتقديم يد العون له في ظروف الحرب والتهجير والكوارث الطبيعية وتمكين المجتمعات وبناء قدراتها وتحقيق الاستدامة في الاستجابة من أهم الأعمال لبناء سوريا، ولا يمكن تحقيق هذه الرؤية إلا من خلال جهودنا الجماعية، مدفوعين بإيماننا بأن كل عمل نقوم به اليوم هو بذرة في بناء سوريا المستقبل… سوريا العدالة والسلام".

قصص لمتطوعي "الخوذ البيضاء"

أجرى موقع تلفزيون سوريا جولة التقى خلالها بعدد من متطوعي الدفاع المدني في شمالي سوريا، والذين أعربوا عن فخرهم بما قدموه خلال عشر سنوات فائتة.

وقال المتطوع في المنظمة "محمد رجب": "نحن منظمة إنسانية تُكرِّس عملها في مساعدة المجتمعات في سوريا، نستعد دائماً للضربات من أجل الاستجابة وإعادة البناء، بدأ عملنا في أواخر عام 2012 كفرقٍ من المتطوعين على مستوى القاعدة الشعبية في جميع أرجاء البلاد، وبعد سحب الخدمات الحكومية الأساسية مثل الإطفاء والرعاية الصحية، قمنا بتشكيل فريق متكامل يضم اليوم 3300 متطوع ومتطوعة".
 

وأضاف محمد: "يضم فريقنا الخياط مع الخبّاز والصيدلاني والمهندس من مختلف الطبقات، ليجمعنا الطموح في تحقيق رسالتنا في إنقاذ حياة الناس، كما نؤمن جميعنا بأنه لا سلام مستداماً في سوريا من دون مساءلة وعدالة وتوفير وثائق انتهاكات حقوق الإنسان لاستخدامها في عملية المساءلة، إذ إن النظام السوري بدأ في أواخر عام 2012 يستخدم القصف الجوي شكلاً من أشكال العقاب الجماعي على الأحياء، ما جعل فرق الخوذ البيضاء توحد جهودها من أجل الاستجابة للأهالي".

وتضم فرق الدفاع رجالاً ونساءً متقدمين في العمر مثل السيد "عبد الإله الحسن"، الذي يبلغ من العمر سبعين عاماً، إذ تطوع عبد الإله مع مجموعة من الشباب لتأسيس مركز للدفاع في بلدته كللي شمالي إدلب لخدمة المدنيين.

وقال عبد الإله في حديث مع موقع تلفزيون سوريا: "دفعتني مشاهد الإجرام التي يرتكبها نظام الأسد بحق المدنيين والأطفال إلى التطوع وتكريس كل وقتي لخدمة هؤلاء الأبرياء، لا سيما بعد أن فقدت ابني الشهيد (هيثم الحسن) الذي استشهد في أثناء عمله بإطفاء حريق نتج عن غارة روسية على مجمع صهاريج للوقود".

ويمر أفراد الدفاع المدني بكثير من القصص التي تؤثر فيهم من دون أن تمنعهم من إكمال عملهم أو التقصير فيه بحسب المتطوع ياسر الذي قال لموقع تلفزيون سوريا: "مررنا بكثير من الأحداث التي أثرت فينا بشكل كبير، كان أبرزها أحداث الزلزال، وأحد أبرز المواقف التي لا تغيب عن ذهني هو وصولنا إلى فتاة عالقة تحت الأنقاض، كان وضع الفتاة صعباً إذ كانت قدمها عالقة بين الأنقاض بشكل يصعب جداً علينا إخراجها، في حين أننا لا نستطيع رفع السقف عنها خوفاً من حدوث انهيار كامل في المبنى، ما جعلنا نضطر إلى الزحف للداخل لمدة يومين لإحضار الطعام والشراب لها أملاً بإيجاد حل يجنِّبنا بتر قدمها، وبعد مرور يومين على بقائها عالقة تحت الأنقاض بدأت الفتاة تطالبنا ببتر قدمها من أجل الخروج والتخلص من الألم الذي تعاني منه، فيما بعد قام فريق طبي ببتر قدمها العالقة وإخراج الفتاة وإنقاذها من دون المقدرة على إخراج قدمها".

وأردف: "أذكر أيضاً أننا فيأثناء بحثنا عن ناجين عالقين تحت الأنقاض في مدينة جنديرس سمعت بكاء طفل، توجهت إليه وأخبرني أنه سمع صوت والده عالقاً تحت الأنقاض، قمت بتوجيه الفريق للبحث عن والد الطفل وبعد قرابة الأربع ساعات تمكن الفريق من إنقاذ والد الطفل على قيد الحياة".

كما عبرت المتطوعة وفاء الزعبي عن مشاعر الحزن التي رافقتها خلال فترة الزلزال، قائلة: "في أثناء عملي في الميدان للاطمئنان على المصابين الذين أصيبوا إثر الزلزال مررت على إحدى الخيم التي كانت تضم عائلة متضررة من الزلزال، استقبلنا الطفل (علي) بضحكاته، والذي أصيب في أثناء الزلزال وكنا نزوره لتغيير الضماد له، كنتُ ألاحظ أن حالة والدته غير طبيعية، متخبطة بين الأسى على فقدانها ابنتيها في الزلزال وبين خوفها على علي وفرحها بنجاته، عندما شاهدت حالة أم علي تذكرت نفسي كأم تعيش في بلد غير آمن، وتذكرت بناتي (آمنة ورزان)، تخيلت نفسي مكانها، وتأثرت جداً بشعور الأم التي تفقد أبناءها بين ليلة وضحاها".
 

ويواجه أفراد الخوذ البيضاء تحدياتٍ كثيرة منها فقدان زملائهم في المنظمة إثر القصف خلال عمليات الإنقاذ، وأفاد المتطوع محمد عبد الخالق بأن أكثر ما أثر به خلال فترة تطوعه هو فقدانه لزميله (عبد الباسط عبد الخالق) في أثناء تفقدهم لأماكن تعرضت للقصف سابقاً في مدينة الأتارب، حيث تم استهداف سيارة الدفاع بصاروخ موجّه.

وبعد عقدٍ من العمل الشاق والتضحيات الكبيرة، يستمر متطوعو "الخوذ البيضاء" في تجسيد روح الإنسانية والأمل في سوريا، حيث لم تثنهم المخاطر ولا التحديات عن أداء رسالتهم النبيلة في إنقاذ الأرواح وتقديم العون للمحتاجين، فبينما يتوارى الضوء عن كثيرٍ من الأماكن المدمرة، يظل متطوعو الدفاع المدني شعلة أمل لا تنطفئ، يمدون يدهم لإنقاذ من هم تحت الأنقاض، ويعيدون الأمل في أحلك الظروف.