نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" جزءاً جديداً من مذكرات نائب رئيس النظام السابق، عبد الحليم تحدث فيها عن رسائل من الرئيس العراقي السابق صدام حسين أرسلها إلى حافظ الأسد.
وقال خدام في المذكرات إن صدام حسين بادر في منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي، إلى فتح قناتي تواصل سريتين مع حافظ الأسد. لكن الأسد قابل ذلك بـ"شكوك" في نيّات صدام، في ضوء تجارب الماضي، ودوره في إحباط تنفيذ "ميثاق العمل الوطني المشترك" بين سوريا والعراق عام 1979، لكنه قرر المضي في فتح الحوار، مخضعاً صدام لاختبارات عدة لتمهيد الأرضية مع الدول العربية والمعارضة العراقية، قبل الوصول إلى خطوات علنية تنهي القطيعة بين نظامي البعث في بغداد ودمشق، عبر تبادل رسائل سرية.
وأشار خدام إلى أنّ صدام حسين بدا في أولى رسائله إلى الأسد في آب 1995، مستعجلاً بإعادة فتح السفارتين اللتين أغلقتا في 1982، وعقد لقاءات سياسية رفيعة وعلنية، وفتح الحدود. لكن حافظ الأسد قرر إجراء مشاورات عربية قبل الاستجابة الملموسة لمقترحات الرئيس العراقي، لـضمان "تحقيق مصلحة الأمة العربية والقطرين الشقيقين"، بحسب خدام.
وبحسب ما أورده عبد الحليم خدام في مذكراته، فإن السفير العراقي رافع التكريتي طلب في آب عام 1995، لقاءً مع السفير السوري عبد العزيز المصري، والتقاه في اليوم ذاته، وأبلغه أنه تلقى رسالة شخصية من رئيسه صدام لنقلها إلى الأسد، جاء فيها: "أؤكد أن الخطوة التي نتقدم بها نحو سوريا بهدف بناء الثقة والتقارب بين البلدين هي خطوة جدية جداً، وبأن أي حساسية من حساسيات الماضي لن تعاد. إن تجارب الماضي لها ظروفها وملابساتها، وعلينا أن ننساها وأن نبدأ بانفتاح حقيقي وجدي وبقلوب مفتوحة حيال هذه المرحلة الخطيرة".
وأضاف خدام أنه في أواخر آب من العام 1995، اتصل أنور صبري عبد الرزاق القيسي، السفير العراقي في قطر، بالمدير العام لـ "المنظمة العربية للتنمية الزراعية" يحيى بكور، طالباً منه إبلاغ دمشق برغبته في القيام بزيارة حاملاً رسالة من صدام.
وأكمل: "ناقش حافظ الأسد الرسالتين معي ووزير الخارجية فاروق الشرع، وقرر الموافقة على حضور السفير العراقي بصورة سرية وحصر اتصالاته معي".
وأكد خدّام أنه استقبل أنور صبري عبد الرزاق في الـ 5 من أيلول 1995 ونقل له: "تحيات حارة من الرئيس العراقي إلى الرئيس حافظ ولي، وإن صدام يؤكد أن رغبة العراق في إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع سوريا لم يكن حدثاً طارئاً أو مرتكزاً آنياً بسبب ما يتعرض له العراق من ضغوط أميركية وإصرار مقصود لاستمرار الحصار، بل إن هذه الرغبة تنطلق من اعتبارات تتعلق بالأمن القومي العربي والمصالح العربية المصيرية". وأردف السفير: "إن الرئيس (صدام حسين) يقترح أن يقوم محمد سعيد الصحاف، وزير الخارجية (العراقي) بزيارة دمشق لإجراء حوار سياسي واسع تتحدد فيه رؤى وتقييم الجانبين للأحداث، وهو مستعد للمجيء فوراً، بصورة سرية أو علنية".
ووفقاً لما أورده عبد الحليم خدام في مذكراته فإن صدام حسين وحسب رسالة نقلها السفير العراقي في الدوحة، "اقترح على حافظ الأسد ضرورة فتح أنبوب النفط الذي يمر عبرها، واتخاذ الخطوات الفنية لتهيئة هذا الأنبوب ليكون من المنافذ الخمسة التي سوف يعتمد عليها العراق في تصدير النفط خلال تنفيذ عرض الأمم المتحدة، أو بعد رفع الحصار، وكذلك بالنسبة للموانئ السورية، لتكون المنفذ التجاري للعراق.
وتابع خدام أنّ صدام حسين اقترح أيضاً على حافظ الأسد: "إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين، وسيبادر العراق للإعلان عن ذلك، وبدء اتصالات سياسية على أعلى المستويات، لتحديد أولويات لبناء العلاقات بين البلدين، والمباشرة في إجراء مباحثات أمنية بين البلدين الشقيقين على مستوى رئيسي الجهاز الأمني وفتح الحدود وفق إجراءات يتفق عليها الجانبان".