icon
التغطية الحية

"خوفاً من الجوع".. سكان في دمشق يحذفون وجبات غذائية من موائدهم

2022.10.29 | 07:55 دمشق

ارتفاع أسعار المواد الغذائية في سوريا (فيسبوك)
ارتفاع أسعار المواد الغذائية في سوريا (فيس بوك)
دمشق - جوان القاضي
+A
حجم الخط
-A

تشهد أسواق العاصمة دمشق انفلاتاً سعرياً بين ساعة وأخرى من جراء فوضى التسعير المتبعة من قبل التجار الساعين لتحقيق أكبر قدر من الأرباح من جيب المواطن فضلاً عن تغاضي حكومة النظام عن مخالفات البيع بأسعار زائدة عن السعر المحدد في نشرات التموين.

وفي الثالث عشر من شهر تشرين الأول الجاري، رفعت وزارة التموين التابعة للنظام سعر 16 مادة غذائية أساسية يحتاج إليها السكان بشكل يومي من بينها السكر والرز والسمن والزيت والدقيق والشاي وغيرها. 

وقال خبير اقتصادي مقيم في دمشق لموقع تلفزيون سوريا، "إنَّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية زاد بنسبة 120% خلال سنة 2022"، مضيفاً شرط عدم ذكر اسمه، أن هذا الارتفاع أفقد السوريين قدرتهم الشرائية وفاقم كلفة المعيشة للأسر الفقيرة وللطبقة المتوسطة التي تختفي تدريجياً بفعل انهيار قيمة الليرة مقابل الدولار الأميركي. 

وفي ظل معاناة 1.3 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد، و 12.4 مليون من انعدام الأمن الغذائي وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، تشهد أسواق دمشق شللا في حركة البيع من جراء تفاقم الوضع المعيشي السيئ وانعدام القدرة الشرائية وسط ارتفاع الأسعار المستمر بالتزامن مع انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار وتجاوزها الـ 5000 ليرة لكل دولار.

أسعار تفوق القدرة الشرائية

ورصد موقع تلفزيون سوريا ارتفاع أسعار مواد عدة في أسواق العاصمة دمشق بنسبة كبيرة تفوق القدرة الشرائية وفقاً لمتوسط دخل أغلب السوريين والذي لا يتجاوز الـ 150 ألف ليرة، إذ بلغ سعر علبة المتة (250 غ) وهي مشروب شعبي لدى أغلب السكان نحو 16 ألف ليرة، وسندويشة الشاورما 8500 ليرة، وعلبة المحارم 9000 ليرة، وصحن البيض 19 ألف ليرة، والسكر تجاوز سعر الـ 5000 ليرة ولا يباع بـ 4600 ليرة كما حددته وزارة التموين في نشرتها الأخيرة. 

وقال عدد من أصحاب المحال في سوق باب سريجة الدمشقي لموقع تلفزيون سوريا، "إن حركة البيع شبه معدومة باستثناء شراء بعض الخضار والفواكه الموسمية والتي يكون سعرها منخفضا، كالتفاح مثلاً والذي لا يتجاوز سعر الكيلو الواحد منه 1000 ليرة". 

خالد مبيض وهو صاحب بقالية في السوق المذكور قال لموقع تلفزيون سوريا "تمر أيام لا أبيع فيها بـ 20 ألف ليرة ومحلي توجد فيه بضاعة بملايين الليرات". مضيفاً أن الناس تشتري بأقل من الأوقية، وأحياناً تطلب الشراء بـ 500 ليرة أو ألف ليرة نتيجة تغير السعر عدة مرات في الأسبوع وأحياناً في اليوم نفسه. 

وعليه، لجأت بعض الأسر السورية إلى تقليص وجباتها الغذائية اليومية إلى وجبتين كأقصى حد، وهناك من اقتصر غذاؤه على وجبات الغداء في وقت متأخر فقط. 

حذف وجبات يقي خطر الجوع

ويقول أبو علاء، 54 عاماً، وهو موظف حكومي لا يتجاوز راتبه الـ 120 ألف ليرة، وأب لأسرة مكونة من ثلاثة أفراد لموقع تلفزيون سوريا "إن عائلته ألغت وجبة الفطور من نظامها الغذائي اليومي"، مضيفاً أن أولاده يذهبون للمدرسة من دون تناول الفطور باستثناء سندويش زعتر في بعض الأحيان وعند توفر الزيت في منزله. 

ويشرح الرجل الأربعيني، أن حذف وجبة الفطور يقيه وعائلته خطر الوقوع تحت تهديد الجوع، "بلا فطور بيمضى النهار بالشغل وما بحس بالجوع"، حسب تعبيره. 

ويعزو الخبير الاقتصادي تردي قيمة الليرة وما ينتج عنها من انعدام القدرة الشرائية إلى عدم قدرة حكومة النظام السوري على ضبط الأسعار ليس فقط للسلع المستوردة، وإنما للسلع المنتجة محلياً وفي موسمها كالخضراوات وغيرها.

ويوضح في حديثه أن سياسة التسعير الحكومية عبر النشرات السعرية التي تصدرها وزارة التموين كل فترة غير متناسبة مع كلف إنتاج تلك السلع ما يدفع التجار وأصحاب المحال للتسعير بربح فاحش لا يتناسب مع دخل أغلب السكان مشيراً إلى أن رفع نشرات الأسعار مؤخراً صدر بعد قرار المركزي السوري رفع سعر الصرف الرسمي إلى 3015 ليرة لكل دولار أميركي. 

وشهد متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية، نهاية شهر أيلول 2022، ارتفاعاً بمقدار 563 ألفاً و 970 ليرة سورية عن التكاليف التي سُجّلت في شهر تموز الماضي، لتصل إلى ما يقارب الـ3.5 ملايين ليرة، بحسب دراسة نشرتها جريدة قاسيون التابعة لـ"حزب الإرادة الشعبية".

بينما بين عضو "غرفة تجارة دمشق"، فايز قسومة، أن العائلة في مناطق سيطرة النظام السوري باتت تحتاج إلى 500 ألف ليرة لتأمين أبسط السلع الأساسية حتى لا تموت من الجوع، موضحاً أن التسعيرة التي أصدرتها وزارة التجارة الداخلية في حكومة النظام مقبولة، ولكنها لا تطبق على جميع الأصناف، باعتبار أن لكل مادة أصنافاً بجودات مختلفة لا يمكن أن يوضع لها سعر واحد.