ملخص:
- يعاني الخريجون في سوريا من صعوبة الحصول على وظائف بسبب شرط الخبرة.
- يلجأ العديد منهم للعمل في مجالات بعيدة عن تخصصاتهم لتأمين دخل.
- أصحاب العمل يفضلون ذوي الخبرة، مما يدفع الشباب للالتحاق بدورات تدريبية.
- "الواسطة" أو "فيتامين واو" تعتبر عاملاً مهماً في الحصول على الوظائف.
- تعكس هذه التحديات الواقع الاقتصادي الصعب في سوريا، ما يزيد الضغوط على الخريجين.
كشفت مصادر متعددة عن التحديات التي تواجه الخريجين الجامعيين الجدد ضمن مناطق سيطرة النظام في سوريا عند محاولتهم الحصول على فرص عمل في القطاع الخاص، إذ تبرز مسألة الخبرة كعائق رئيسي يحول دون توظيفهم، ما يعكس أزمة أوسع تتعلق بتوفير فرص العمل المناسبة للخريجين من مختلف التخصصات.
وقالت مريم علي، خريجة معهد الفنون التطبيقية، إنها تجد صعوبة بالغة في الحصول على فرصة عمل في تخصصها بسبب عدم وجود الخبرة المطلوبة، موضحة أنها قدمت سيرتها الذاتية إلى العديد من الشركات الخاصة على مدار عامين من دون أن تحصل على فرصة للمقابلة.
وتضيف: "كلما بحثت عن السبب يكون الرد دائماً أننا نحتاج إلى موظفين ذوي خبرة مسبقة".
توافقها الرأي نرجس، خريجة كلية الهندسة الميكانيكية، التي تصف نفسها بأنها كانت "محظوظة" بحصولها على فرصة عمل في أحد المعامل الخاصة، الذي وفّر تدريباً للعاملين الجدد، مشيرة إلى أن كثيراً من الشركات لا تقدم هذه الفرصة وتفضل توظيف شباب ذوي خبرات سابقة.
فشل في الحصول على عمل
في المقابل، تعبر منيرة، خريجة قسم المكتبات، عن إحباطها من عدم القدرة على إيجاد عمل يناسب تخصصها، بالرغم من تقديم طلبات توظيف عدة لمراكز أرشفة مختلفة من دون جدوى.
وفي ظل الحاجة الماسة إلى العمل وتأمين دخل للعيش، يلجأ كثير من الخريجين للعمل في مجالات بعيدة عن اختصاصاتهم الأصلية.
لميس، خريجة الإعلام، اضطرت للعمل كمحاسبة في إحدى الشركات الخاصة بعد أن فشلت في العثور على وظيفة في مجال الإعلام.
وتروي تجربتها قائلة لموقع "أثر برس" المقرب من النظام: "بدأت العمل كمحاسبة بعد اجتياز دورات تدريبية خاصة، ومع الوقت أصبحت متقنة للعمل على عدة برامج محاسبية ولم أعد أبحث عن عمل في مجالي الأصلي، لأن معظم الشركات التي تقدمت للعمل فيها كانت تطلب خبرة مسبقة".
العمل باختصاصات مختلفة
وتشير أمارة، خريجة كلية التربية، إلى أنها قررت عدم العمل في التدريس بالمدارس الحكومية بسبب تدني الأجور وصعوبات المواصلات، واتجهت بدلاً من ذلك إلى التقديم للمدارس الخاصة، لكنها واجهت تحديات مشابهة بضرورة توفر خبرة سابقة.
وبدلاً من ذلك، قررت استثمار موهبتها في صناعة الكروشيه والنسج وإطلاق مشروعها الخاص، مؤكدة على أهمية التعليم الجامعي، لكنها ترى في تطوير المهارات الفردية سبيلاً لتجاوز قيود سوق العمل.
ولا تقتصر مسألة الخبرة المطلوبة على المجالات الأكاديمية والتطبيقية، بل تمتد إلى وظائف تعتبر بسيطة نسبياً، وهو ما يوضحه انتشار إعلانات توظيف على وسائل التواصل الاجتماعي، تطلب شباباً ذوي خبرة للعمل على معدات معينة مثل ماكينات القهوة.
الخبرة عامل أساسي
من ناحية أخرى، يرى العديد من أصحاب العمل أن شرط الخبرة مهم وأساسي في اختيار الموظفين، إذ يؤثر مباشرة على مستوى الأجر المقدم للوظيفة.
هذا المطلب دفع العديد من الطلاب في السنوات الأخيرة والخريجين الجدد للالتحاق بدورات تدريبية لدعم سيرهم الذاتية أملاً في الحصول على فرص أفضل.
"الشهادة ما بتطعمي خبز"
ومع ذلك، يعبر بعضهم عن اعتقادهم بأن الخبرة والدورات التدريبية وحدها ليست كافية، مشيرين إلى تأثير الواسطة (فيتامين واو) في توفير فرص عمل، كما يوضح طه، خريج كلية الاقتصاد، الذي يقول إنه تقدم لاختبارات عمل في مؤسسات مصرفية وشركات كبيرة من دون أن يتم قبوله، رغم مؤهلاته، مؤكداً أن السبب غالباً يعود إلى غياب التوصيات الشخصية.
وتبرز مشكلة الخبرة كشرط توظيف بشكل خاص في قطاعات مثل البنوك وشركات التأمين، إذ تطلب الإعلانات خبرات تمتد لعدة سنوات، مما يجعل فرص التوظيف للخريجين الجدد صعبة جداً.
ولذلك، فإن الحل الذي يلجأ إليه كثيرون هو تعزيز مهاراتهم الذاتية، من خلال الدورات التدريبية والعمل الميداني، آملين أن تفتح لهم هذه الجهود أبواباً جديدة في سوق العمل.
ويعكس هذا الوضع تعقيدات الواقع الاقتصادي في سوريا، إذ يضطر كثير من الشباب للقبول بوظائف بأجور منخفضة، أو العمل في أكثر من وظيفة لتأمين متطلبات الحياة الأساسية وسط الغلاء والظروف المعيشية الصعبة.
ومع تزايد الضغوط المعيشية، يبحث الأهالي عن فرص عمل جديدة، ما أدى إلى اتساع دائرة التحدي أمام الخريجين الجدد الذين يأملون في أن يجدوا طريقهم إلى سوق العمل بفرص تناسب مؤهلاتهم وتطلعاتهم.