حكومة النظام في سوريا تستورد القطن بعد انخفاض المساحات المزروعة

منذ ثلاثينيات القرن الماضي ومواسم القطن تؤمن ما يحتاجه السوري من ثياب ناعمة ولحاف يحفظ له الدفء في الشتاء ومخدة يسند رأسه إليها في آخر النهار وتكاليف نفقات عرس أبنائه و مصروف جيبه في معظم أيام العام.

5000 طن قطن للقطاع العام 

لأول مرة تستورد سوريا خلال الأشهر المتبقية من هذا العام (2021) أول شحنة قطن خام بموجب قرار غير مسبوق يسمح باستيراد 5000 طن من القطن المحلوج للقطاع العام والصناعيين فقط وفق طاقتهم الإنتاجية الفعلية لمدة ستة أشهر فقط على أن تصل آخر شحنة قبل تاريخ 31/12/2021 إلى سوريا التي كانت تنتج وتصدر كامل سلسلة الإنتاج الزراعي لمحصول القطن من القطن الخام والمحلوج والمغزول والمنسوج والمصنع ألبسة جاهزة تنافس في جودتها وذوقها بقوة في أسواق العالم وبهذا القرار ينضم القطن السوري إلى قائمة ضحايا التدمير الممنهج الذي خطط له النظام.

وتربع القطن خلال معظم سنوات القرن العشرين في مقدمة الإنتاج الزراعي النباتي السوري من حيث الأهمية الاقتصادية وأمن فرص العمل لأكثر من 18 % من القوة العاملة السورية خلال النصف الثاني من القرن العشرين وبنى الاقتصاد السوري سلسلة إنتاج متكاملة اعتمدت القطن عاملا رئيسيا لعملها بدءاً من الزراعة ومروراً بتشغيل جزء لا بأس به من قطاع النقل والشحن ومعامل الحلج والغزل والنسيج ومنشآت الصباغة والحياكة وصناعة الألبسة ومعامل الزيوت والأعلاف.

اقرأ أيضاً

"القاطرجي" يهيمن على محصول القطن في دير الزور

خفض الإنتاج

مع تسلم عبد الله الدردري هيئة تخطيط الدولة في سوريا عام 2003 أعلن خطته لخفض إنتاج سوريا من القطن والقمح بذريعة استهلاك المحصولين العالي للمياه في بلد يتميز بمناخه الجاف والحار نسبياً وبأمطاره الشحيحة نسبيا في مناطق الاستقرار الثالثة والرابعة.
ومع تضاؤل نسبة القطن الذي كان يزرع بالطريقة البعلية أصبحت معظم مساحة القطن المزروعة معتمدة على الري وبالطريقة التقليدية للري السطحي التي تستهلك كميات مياه مضاعفة ووفقا للمجموعة الإحصائية السورية ارتفع إنتاج القطن من 378 ألف طن عام 1970م إلى 423 ألف طن عام 1990م، ثم قفز إلى 604 آلاف طن عام 1995م، ووصل في عام 2001م إلى مليون طن، وصارت سوريا تحتل بذلك المرتبة العاشرة عالمياً في زراعة القطن.
نجح الدردري في محاججاته مع معارضيه في الطبقة السياسية الحاكمة لافتقادهم أدوات السياسة والعناصر الأساسية للمحاججة فمعظمهم كان قد أتى من منظومة "توجيهات الأب القائد" التي كانت تتنزل على طريقة أوامر كوريا الشمالية وقد طالت الاعتقالات في فترة تسلم محمد غباش وزارة الزراعة معظم مديري الزراعة ومهندسي الوحدات الإرشادية الزراعية مما دفع بمعظم مهندسي الزراعة في سوريا إلى هجرة البلاد منتصف الثمانينيات.

تقليص مساحة زراعة القطن في سوريا

فتم وضع خطة تقليص زراعة القطن والقمح في سوريا موضع التنفيذ من دون ترتيب الدورة الزراعية البديلة ومن دون أي تنسيق مع مالكي الأراضي ومن دون أي اعتبار اقتصادي للسلاسل الاقتصادية القائمة على هذين المحصولين إذ كان القطن السوري يتصدر قوائم الصادرات السورية وينافس صادرات النفط على المرتبة الأولى.
وقام الدردري ليلة بدء الولاية الثانية للأسد عام 2007 بالتخطيط للضربة الثانية لمحصول القطن بالتعاون مع محمد الحسين رئيس المكتب الاقتصادي في حزب البعث الحاكم ووزير الاقتصاد عامر لطفي وذلك لرفع أسعار الوقود والطاقة في سوريا وفي صيف عام 2008 تم رفع سعر ليتر المازوت حامل الطاقة الذي تعمل عليه معظم القوة المحركة للزراعة من 7 إلى 25 ل.س.

وتسبب القرارات الحكومية المركزية وفقا للدكتور أسامة قاضي رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا أن حصة القطن من الصادرات الزراعية السورية انخفض من 14 في المئة إلى 2 في المئة ما بين 2005 و 2012.

ومع تصاعد الحرب على الشعب السوري وانعدام الأمن في معظم الأراضي التي تزرع بالقطن في سهول حمص وحماة وإدلب على حوض العاصي وسهول حلب والرقة ودير الزور على سرير الفرات إضافة إلى سهول الحسكة.
ويظهر الجدول الآتي الذي أعده الكاتب عن المجموعة الإحصائية السورية تطور المساحة المزروعة بالقطن خلال السنوات العشرين الماضية إذ كان وسطي المساحة المزروعة مع بداية القرن الحالي 275 ألف هكتار وبدأت المساحة بالانخفاض بسبب القرار السياسي بخفض المساحة المزروعة بالقطن إذ انخفضت بين عام 2000 وعام 2011 نحو 100 ألف هكتار حيث كانت المساحة المزروعة بالقطن عام 2011 قد بلغت 175 ألف هكتار وبدأت المساحات تتقلص مع تصاعد وتوسع عمليات قوات النظام على مساحة الأراضي السورية.

اقرأ أيضاً

تراجع زراعة القطن شمال شرقي سوريا لعدم توافر البذار المطلوبة