ملخص:
- طالبت العفو الدولية واشنطن بتقديم مساعدات عاجلة لـ 8,000 نازح في مخيم الركبان المحاصر.
- يعاني النازحون من نقص الغذاء والمياه والرعاية الصحية مع تدهور الوضع الإنساني.
- يُحاصر النظام السوري المخيم منذ 2015، والولايات المتحدة تدير قاعدة التنف العسكرية قربه.
- وثقت المنظمة اعتقال النظام للعائدين من المخيم، وتعذيبهم وتجنيدهم قسراً.
- تستمر السلطات الأردنية في ترحيل السوريين إلى المخيم رغم ظروفه السيئة، مما يعد انتهاكاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية.
طالبت منظمة العفو الدولية، اليوم الإثنين، الولايات المتحدة الأميركية بتقديم المساعدات الإنسانية "بشكل عاجل" لآلاف النازحين المحاصرين من قبل قوات النظام السوري، والعالقين في مخيم الركبان بمنطقة التنف قرب الحدود السورية - الأردنية.
وقالت المنظمة في تقرير لها اليوم الإثنين، إن ما لا يقل عن 8 آلاف نازح سوري عالقون في المخيم، الذي يقع ضمن نطاق سيطرة الولايات المتحدة، ويفتقرون إلى الغذاء والمياه والرعاية الصحية الكافية واللازمة، خاصة مع تدهور الوضع الإنساني في الأشهر الأخيرة.
وتحاصر قوات النظام السوري المخيم منذ عام 2015، حيث نشرت نقاط تفتيش وأغلقت الطرق الرئيسية وطرق التهريب التي كان يعتمد عليها السكان للحصول على احتياجاتهم الأساسية، في حين أن آخر قافلة مساعدات إنسانية وصلت إليهم كانت نهاية عام 2019.
وأكدت المنظمة أن الولايات المتحدة تتحمل، وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، مسؤولية ضمان توفير الإمدادات الأساسية لسكان مخيم الركبان، نظراً لسيطرتها الفعلية على منطقة تمتد لـ 55 كيلومترًا تشمل المخيم والقاعدة العسكرية الأميركية القريبة، خاصة في ظل غياب دور فعال للحكومات الأخرى في حماية حقوق الإنسان.
ومنذ عام 2016، تُدير الولايات المتحدة قاعدة التنف العسكرية قرب المخيم، حيث تصدت لمحاولات قوات النظام والقوات الإيرانية دخولها. ومع ذلك، فإن التدخل الأميركي في تقديم المساعدات لسكان المخيم كان محدودًا وغير منتظم، رغم وجود نحو 500 جندي يعملون في القاعدة.
وبين عامي 2023 و2024، نقلت قوة مهام الطوارئ السورية المساعدات عبر الطائرات الأميركية إلى المخيم، مما يُظهر قدرة الولايات المتحدة على توفير المساعدات الإنسانية، لكنها لم تضمن استمرارية تقديم تلك المساعدات المنقذة للحياة.
ضرورة إنهاء الحصار والتحرك الفوري
قالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمالي إفريقيا في المنظمة، آية مجذوب، إنه من غير المعقول أن يبقى آلاف الأشخاص، بما في ذلك الأطفال، عالقين في أرض قاحلة يكابدون للبقاء على قيد الحياة من دون الحصول على الضروريات المنقذة للحياة.
وأضافت: "سكان مخيم الركبان هم ضحايا الحصار الوحشي الذي تفرضه الحكومة السورية، وقد مُنعوا من الحصول على ملاذ آمن أو واجهوا عمليات ترحيل غير قانونية من قبل السلطات الأردنية، وقوبلوا بلا مبالاة واضحة من قبل الولايات المتحدة".
ودعت "مجذوب" النظام السوري إلى رفع الحصار عن المخيم والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إليه، كما أكدت ضرورة تحرك الولايات المتحدة بشكل عاجل، وكذلك المجتمع الدولي، لإيجاد حلول مستدامة، مثل إعادة فتح الحدود مع الأردن أو تأمين المرور إلى مناطق أخرى في سوريا.
موت وجوع.. الوضع المأساوي في المخيم
استند تقرير منظمة العفو الدولية إلى شهادة العديد من سكان المخيم، الذين أكدوا أنهم يعيشون في منازل طينية بدائية لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، ويكابدون للحصول على الغذاء والمياه النظيفة، وتحدثوا عن مأساتهم ووفاة أطفال بسبب سوء التغذية، فضلاً عن افتقار "الركبان" للمرافق الطبية والأطباء، باستثناء وجود مركز تدعمه الولايات المتحدة ويشغله ممرضات.
وأدى غياب الرعاية الطبية إلى وفاة طفلين في أثناء الولادة، بحسب إحدى الشهادات، فضلاً عن انتشار الأمراض مثل اليرقان وجدري الماء والحصبة، كما تم اعتقال شخص بعد خروجه باتجاه مناطق النظام السوري لتلقي العلاج.
النظام يعتقل العائدين من المخيم
قبل إغلاق الأردن حدوده مع الركبان عام 2016، كان المخيم يضم نحو 80 ألف شخص، لكن العدد تقلص إلى 8 آلاف بسبب الظروف المزرية.
ورغم المخاطر الكبيرة التي تحيط بالعودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري، والذي يصنف سكان المخيم كـ"إرهابيين" ويعتقلهم، إلا أن عشرات الآلاف اضطروا للعودة.
وأكدت المنظمة أنها وثقت، وخاصة بين عامي 2017 و2021، اعتقال النظام السوري لكثير من العائدين وتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة، إضافة إلى تجنيد كثير منهم قسراً في صفوف قواته.
الأردن يستمر في ترحيل السوريين
أكد تقرير منظمة العفو الدولية أن السلطات الأردنية تستمر في ترحيل السوريين إلى المخيم رغم ظروفه السيئة، ونقل عن عضو المجلس السياسي للمخيم، محمد فاضل قوله إن المملكة ترحّل ما يقدر بنحو 100-150 سورياً إلى مخيم الركبان كل عام. وقدّر أن أكثر من 1,400 سوري في السجون الأردنية يخضعون لأوامر الترحيل، ويواجهون خطر النقل إلى المخيم.
والتقت المنظمة مع سوريين اثنين رحّلتهم السلطات الأردنية إلى المخيم في نيسان/أبريل الفائت، وقال أحدهم إن أمر ترحيله جاء بعد أن تشاجر مع رجال أردنيين، ووصل إلى المخيم برفقة 9 رجال سوريين آخرين.
ووثّقت منظمة العفو الدولية مسبقاً ترحيل السلطات الأردنية لما لا يقل عن 16 لاجئاً سورياً بمن فيهم أطفال تتراوح أعمارهم بين أربعة وأربعة عشر عاماً، إلى الركبان في 10 آب/أغسطس 2020.
وشددت على أن إعادة اللاجئين قسراً إلى مكان يتعرضون فيه للانتهاكات يشكل انتهاكاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي. ويجب على الحكومة الأردنية التقيد بالتزاماتها الدولية بحماية اللاجئين، والامتناع عن إجبار السوريين على العودة إلى بلادهم.
وكان معظم سكان المخيم قد فرّوا إلى هذه المنطقة منذ نحو 10 سنوات هرباً من العنف الذي تمارسه قوات النظام السوري وحليفته روسيا، والميليشيات التابعة لهما، وتنظيم الدولة الإسلامية. وكان العديد منهم جزءاً من حركة المعارضة السورية أو انشقوا عن قوات النظام.