ملخص:
- تفاقم ظاهرة التنمر المدرسي في سوريا نتيجة للفقر وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
- الطلاب المحرومون يتعرضون للسخرية بسبب ارتداء ملابس وأحذية قديمة.
- بعض العائلات تعتمد على تبادل الملابس بين الأبناء لعدم القدرة على شراء الجديد.
- يعاني الطلاب من تأثيرات نفسية، مثل الإحباط والحزن، نتيجة التعليقات السلبية.
- هناك ضرورة لتدخل المعلمين وتقديم الدعم النفسي للتعامل مع ظاهرة التنمر في المدارس.
تفاقمت ظاهرة التنمر المدرسي في سوريا، حيث يواجه الطلاب المحرومون اقتصادياً استهزاءً مستمراً بسبب عدم قدرتهم على شراء اللوازم الأساسية أو لجوئهم إلى الملابس والأحذية القديمة والبالية.
وبات الطلاب يعانون من صعوبات يومية في رحلتهم التعليمية نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية وتفاقم الفقر، كما أن التعليم لم يعد مجرد رحلة أكاديمية فحسب، بل أصبح معركة للتغلب على العوز، حيث يعجز العديد من الأهالي عن توفير المستلزمات المدرسية الضرورية.
وأصبحت الحقائب والأحذية البالية سمات مألوفة في المشهد المدرسي، إضافة إلى ارتداء بعض الطلاب ملابس إخوتهم لعدم قدرة الأسرة على شراء ثياب لجميع أبنائها، وفقاً لما نقلته صحيفة "تشرين" الناطقة باسم النظام السوري.
أحلام مستعارة بين الطلاب في سوريا
يروي أحد العاملين في محل تجاري حادثة دخول رجل خمسيني إلى متجره، طالباً شراء حقيبة ثنائية الاستخدام، بلون حيادي يناسب الذكور والإناث، بسبب عدم تمكنه من شراء حقيبتين لأولاده.
من جانبه، عبّر الطفل مؤيد، ذو العشر سنوات، عن امتنانه لأخيه الأكبر الذي تخلى عن شراء ملابس مدرسية جديدة لنفسه مقابل شراء ملابس له.
أما أحمد، طالب المدرسة، فيرى أن "صدرية" وحذاء أخيه الأكبر تفيان بالغرض، موضحاً أن وفاة والده العام الماضي وعدم قدرة والدته على تأمين جميع المستلزمات يجعله يتقبل الوضع بصدر رحب.
بدورها، تعرب ميرنا، وهي طالبة في الصف الأول الإعدادي، عن شعورها بالإحباط بسبب التعليقات السلبية على ملابسها المدرسية القديمة، وتقول: "أحيانًا أشعر بأنهم لا يرونني، بل يرون ملابسي فقط."
كذلك يتحدث أحمد، طالب في الصف الثالث الإعدادي، عن شعوره بالحزن عند رؤية أصدقائه يرتدون ملابس جديدة، لكنه يستدرك قائلاً: "أتذكر كلام والدي بأنني عندما أكبر سأحقق أحلامي."
مواجهة التنمر في المدارس
تؤكد الاختصاصية النفسية، فرح نعاج، أن التنمر ليس ظاهرة عامة، لكنه يستحق الاهتمام، مشددة على أن المعلمين يلعبون دوراً حاسماً في معالجة هذه المشكلة، حيث يمكنهم توجيه الطلاب نحو السلوكيات الإيجابية، وتنظيم جلسات لمناقشة أسباب التنمر وطرق التغلب عليه.
واعتبرت أن المتنمر غالباً ما يكون ضحية لظروف معينة، ما يستدعي من المعلم إعطاءه فرصة للتعبير عن مشاعره وتوجيهه بعيداً عن السلوك السلبي.
وحذرت نعاج من أن التنمر لا يؤثر فقط على الثقة بالنفس، بل يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب والقلق، مشددة على ضرورة تقديم الدعم النفسي والعاطفي من قبل الكوادر التدريسية لتعزيز النفوس لدى الطلاب.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي، سمير عقيل، أن الوضع المعيشي المتردي للأسر السورية ينعكس سلباً على التعليم، مطالباً ببرامج دعم موجهة للمحتاجين، مثل توفير المستلزمات المدرسية مجاناً أو بأسعار رمزية.
وتابع: "أضف إلى بعض الضغوط الاجتماعية التي يعيشها المجتمع السوري ككل، حيث تمثل تحدياً إضافياً، يعيش الطلاب تحت وطأة المنافسة الاقتصادية والاجتماعية، ما يؤثر على تفاعلهم الاجتماعي، وبهذا، قد تصبح المدارس مكاناً للصراعات من نوع جديد".
يُشار إلى أن افتتاح المدارس بات يشكل عبئاً ثقيلاً على الأهالي في سوريا، بسبب حجم المتطلبات الكبير، وانخفاض الدخل، وغياب الدعم من قبل حكومة النظام، الأمر الذي اضطرهم إلى ابتكار وسائل عديدة لمواجهة هذه الأزمة، مثل إعادة تدوير الملابس أو شراء المستعمل منها أو تبادلها بين الأقارب.