اتخذت قيادات في الجبهة الشامية المنضوية ضمن الفيلق الثالث في الجيش الوطني السوري قراراً بتعيين قائد جديد لها مختلفاً عن قائد الفيلق الثالث، مما يعني العودة للعمل بمسماها القديم بعد أن اندمجت ضمن الفيلق لمدة استمرت أكثر من عام ونصف.
وأفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن الكتل الأساسية ضمن ما كان يعرف بالجبهة الشامية وأبرزها لواء العاصفة بقيادة صالح العموري، وقوات الطوارئ بقيادة أبو علي سجو، توافقوا فيما بينهم على تسمية عزام الغريب (أبو العز سراقب) قائداً للجبهة، بسبب اعتراضهم على قائد الفيلق الثالث حسام ياسين وعدم قدرتهم على تغييره نظراً لأن قرار التغيير يحتاج إلى إقراره من وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، وعدم اعتراض الجانب التركي.
وبعد التطورات الأخيرة، من المنتظر أن تعود الكتل الأخرى للتمايز والعمل بمسمياتها القديمة مثل جيش الإسلام ولواء السلام وفيلق المجد.
صراع خفي أدى إلى الإطاحة بقائد الفيلق الثالث
عاش الفيلق الثالث على مدار أشهر طويلة صراعاً خفياً، تمثل بممانعة الكتل الأساسية التي تتشكل منها الجبهة الشامية عملية التغيير التي حاولت قيادة الفيلق الثالث فرضها، بهدف تحويل الفصيل إلى ألوية عسكرية بحتة، لديها نظام محدد بعيداً عن الحالة المناطقية.
وبحسب ما أكدته مصادر مطلعة لموقع تلفزيون سوريا، فإن كتلتي عاصفة الشمال وقوات الطوارئ التي تسيطران بشكل فعلي على معبر باب السلامة، لديهم مخاوف من سياسة قائد الفيلق الثالث الذي عمل على إعادة هيكلة تقوم على تأسيس قوات خاصة ومركزية وألوية عسكرية، حيث نظرت المكونات لهذه الخطة على أنها تستهدف تفتيتها على المستوى البعيد، خاصة وأن قادة القوات التي يتم تسميتها من قبل القيادة لا تنتمي بالغالب إلى ريف حلب الذي تنحدر منه الجبهة الشامية.
وفي شباط الماضي، انفصلت الفرقة 50 – أحرار التوحيد عن الفيلق الثالث وأسست مع مجموعات أخرى تجمع الشهباء، بسبب رفضها لقرارات قائد الفيلق الثالث.
ومن العوامل التي أدت إلى اتخاذ القرار الأخير، رغبة القيادات التي تم استبعادها من الفيلق الثالث والجبهة الشامية في تشرين الأول 2022 باستعادة دورها، والحديث هنا عن قائد الفيلق الثالث مهند خليف (أبو أحمد نور) وعبد الله عثمان، اللذين تم استبعادهما من الفيلق على خلفية الدخول في مواجهات مع هيئة تحرير الشام نهاية العام الماضي، ومنعا من دخول الأراضي السورية بحكم امتلاكهما للجنسية التركية بحجة أنهما يساهمان في تأجيج الصراع الداخلي، لكنهما تمكنا مؤخراً من العودة للواجهة وشاركا في عملية الانقلاب على قيادة الفيلق الحالية.
وأعاد قرار تعيين قائد للجبهة الشامية الوضع إلى ما قبل آب 2021 عندما كان الفيلق كياناً للتنسيق بين الفصائل المنضوية ضمنه، ومن المتوقع أن تتضح حالة التمايز بين مكوناته بشكل أوضح.
وكانت كتلة الجبهة الشامية قد ضغطت على قيادة الفيلق الثالث بعد المواجهات التي وقعت مع هيئة تحرير الشام آخر العام الماضي، واستطاعت استصدار قرار بالعودة إلى النظام المالي القديم، القائم على توزيع الكتل المالية الخاصة بكل فصيل له، وعدم اعتماد نظام الصندوق المركزي، الأمر الذي مهد بشكل تدريجي للخطوة الأخيرة.
مستقبل الجبهة الشامية
تحوم الشكوك حول مستقبل الجبهة الشامية المكون الأكبر ضمن الفيلق الثالث، فمن المحتمل أن تتجه إلى المزيد من التفكك نتيجة الخلافات في وجهات النظر بين مكوناتها حول قضايا عديدة.
وعلم موقع تلفزيون سوريا من مصادر مطلعة على تفاصيل ما يجري في الجبهة، أن الكتلة المنحدرة من منطقة اعزاز تتبنى التنسيق الاقتصادي مع هيئة تحرير الشام بهدف تحقيق وارد اقتصادي يعوضها عما خسرته خلال الفترات الماضية، بالمقابل هناك تيار داخل الجبهة من العناصر والقيادات السابقة في أحرار الشام تعتبر أن العودة للتنسيق مع تحرير الشام خطاً أحمراً.
ومن المحتمل أن تعمل القيادة الحالية على استعادة تجمع الشهباء إلى صفوفها من جديد، لكن هذا على الأرجح سيؤدي إلى رد فعل من الكتل الأخرى ذات التوجه الفكري المناهض لتحرير الشام، إذ يرتبط التجمع بعلاقات وطيدة مع الهيئة.
ومن جهة أخرى، يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد توجهاً تركياً للحد من دور الفصائل في المنطقة، لصالح بناء هيئة أركان، مما يعني أن نفوذ الفصائل المختلفة سيكون عرضة للتقلص، خاصة وأن أنقرة تريد استمرار الاستقرار والهدوء لعدم عرقلة المشاريع السكنية التي أعلنت عليها، والتي يفترض أن تساهم بتسهيل عودة مليون لاجئ سوري إلى شمال غربي البلاد.