icon
التغطية الحية

تركيا والنظام السوري.. تصريحات إيجابية متبادلة وأولويات متباينة

2024.09.02 | 14:06 دمشق

تركيا والنظام السوري
تركيا والنظام السوري.. تصريحات إيجابية متبادلة وأولويات متباينة
تلفزيون سوريا ـ فراس فحام
+A
حجم الخط
-A

تحرّكت المياه الراكدة من جديد بين تركيا والنظام السوري عبر سلسلة من التصريحات الإيجابية المتبادلة بين الجانبين انطلقت منذ آواخر شهر آب/ أغسطس الفائت، حيث بدا واضحاً غياب التشنج عن التصريحات.

بشار الأسد تحدث خلال كلمة ألقاها أمام "مجلس الشعب" عن "تراكم الضرر" على كل من تركيا وسوريا بسبب عدم إحراز تقدّم في مسار عودة العلاقات إلى طبيعتها، ودعا إلى اعتماد مرجعية للتفاوض ووضع ورقة مبادئ.

وزير الدفاع التركي يشار غولر وصف تصريحات بشار الأسد بـ"الإيجابية للغاية"، مؤكّداً أنه بالإمكان حل جميع المشكلات مع تركيا، كما أبدى رئيس مجلس النواب التركي نعمان كولتموش استعداده للقاء نظيره في النظام السوري.

على الرغم من النبرة الهادئة في التصريحات الأخيرة المتبادلة، التي حافظ النظام السوري على مطلب انسحاب القوات التركية، لكنه أبدى الحرص على التفاوض هذه المرة دون التمسك بتنفيذ الانسحاب قبل خوض المفاوضات، في استجابة -على ما يبدو- للضغط الروسي المستمر، حيث ترغب موسكو هي الأخرى بإنجاح المسار، ولذا طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشار الأسد بالتخلّي عن الشروط المسبقة خلال اللقاء بينهما في موسكو آواخر شهر تموز/ يوليو الماضي، وفق ما رشح من معلومات عن هذا اللقاء.

الأولوية التركية

لا تخفي تركيا أن أولوياتها تتمثل في تعاون النظام السوري ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شمال شرقي سوريا، بالإضافة إلى التنسيق المشترك من أجل تسهيل عودة قسم من اللاجئين السوريين إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، الذين لا يوجد ملاحقات أمنية بحقهم أو الذين يعرفون بـ"اللاجئين الاقتصاديين".

ملف اللاجئين أصبح قضية جدلية داخلية تركية منذ سنوات، وباتت تصنفه الحكومة ضمن الملفات المهددة للاستقرار الداخلي وفق ما أوضحته لوفد المعارضة السورية خلال اللقاء مع وزير الخارجية التركي حقان فيدان مطلع آب/ أغسطس الفائت، ولذا فإن أنقرة تركز على ضرورة تعاون النظام في مسألة اللاجئين.

أيضاً، تحاول أنقرة -فيما يبدو- الحصول على المزيد من حرية العمل الأمني شمال شرقي سوريا من خلال اتفاق أمني ربما مع النظام السوري برعاية روسية، على غرار الاتفاق الذي وقعته أنقرة مع بغداد، منتصف آب، وضمنت من خلاله توسيع النشاط الأمني شمالي العراق، وعمق أكبر لنشاط سلاح الجو التركي داخل الأراضي العراقية يصل إلى 100 كيلومتر.

ويزداد إصرار الجانب التركي على عقد توافقات أمنية مع النظام السوري في ظل عدم حدوث أي اختراق في المفاوضات بين أنقرة وواشنطن فيما يتعلق بشمال شرقي سوريا.

وستضمن تركيا من خلال التقارب مع النظام السوري قطع الطريق على احتمالية حصول تفاهمات بين "قسد" ودمشق لا يراعي الأمن القومي التركي، خاصة إذا ما اتجهت أميركا فعلاً لتقليص انتشارها العسكري شمال شرقي سوريا، بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.

عقدة شمال غربي سوريا

يكرّر النظام السوري دائماً مطالبه لتركيا بالتوقّف عن دعم المعارضة السورية، والانسحاب من شمال غربي سوريا، وفي المقابل يؤكّد الجانب التركي ضرورة إجراء عملية سياسية ذات مصداقية وفق القرار 2254، وبعد فرض الاستقرار يمكن الحديث عن الانسحاب من الأراضي السورية.

من الواضح أن تركيا تريد من جميع الأطراف التعامل مع النزاع على أنه منته، بالتالي لا ترحب بعودة العمليات العسكرية التي ستؤدي إلى تجديد الفوضى على حدودها الجنوبية الغربية، في وقت تبحث فيه عن الاستقرار الذي يتيح لها تسهيل عودة اللاجئين، وهي تنظر إلى انتشارها العسكري على الأراضي السورية أنه ضمانة لمنع اندلاع الأعمال القتالية مجدداً.

وفيما يبدو تراهن أنقرة على المتغيّرات التي حصلت في منطقة، خلال الأشهر الأخيرة، ومن ضمنها الضغوطات التي تتعرّض لها إيران دولياً، وتركيز روسيا لثقلها في الحرب الأوكرانية بعد موجة القتال الشرسة التي نتجت عن توغل القوات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية، مما قد يتيح لها المجال لفرض أجندتها على طاولة التفاوض، خاصة أنها تمتلك حوافز اقتصادية قد تشجّع النظام السوري على التجاوب معها مثل تسهيل التجارة على الطرق الدولية التي توفر للنظام عائدات مالية.

من الواضح أن كلاً من أنقرة ودمشق مقتنعتان بضرورة اختبار تحقيق تقدم في مسار التقارب والبحث عن تحقيق مكتسبات متبادلة، لكن نجاح عملية التقارب مرتبطة بالكثير من العوامل، وفي مقدمتها النهج الذي ستتبعه أميركا التي قد لا ترحب برعاية روسيا لمثل هذا التفاهم، كما أن إيران هي الأخرى قد تكون قلقة من تعزيز حضور تركيا في الملف السوري ومن بوابة النظام هذه المرة.