icon
التغطية الحية

تدعم الأسد وترفض تغيير نظامه.. من هي مرشحة ترامب لإدارة الاستخبارات الوطنية؟

2024.11.14 | 11:47 دمشق

تولسي غابارد
رفضت تولسي غابارد الاعتراف بجرائم بشار الأسد واعتبرت أنه ليس عدواً للولايات المتحدة وتغيير نظامه لا يخدم المصالح الأميركية
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- تعيين تولسي غابارد كمديرة للاستخبارات الوطنية: أعلن دونالد ترامب عن تعيين تولسي غابارد في هذا المنصب، مشيدًا بدعمها من كلا الحزبين وشجاعتها في الدفاع عن الحقوق الدستورية، رغم قلة خبرتها الاستخبارية.

- تحول سياسي وانتقادات: بعد مغادرتها الحزب الديمقراطي، انتقدت غابارد سياسات بايدن واكتسبت شعبية بين المحافظين، معروفة بدعمها للسياسات الانعزالية وزيارتها المثيرة للجدل لسوريا ولقائها مع الأسد.

- مخاوف حول تعيينها: أثار تعيينها تحفظات بسبب قربها من ديكتاتوريين ومعارضتها للدعم الأميركي لأوكرانيا، مع قلق حول تأثيرها على الأمن القومي وتحالفات الولايات المتحدة.

عين الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، تولسي غابارد، عضو الكونغرس عن الحزب الديمقراطي سابقاً والمرشحة الرئاسية السابقة والمنتقدة الشديدة لسياسة الرئيس جو بايدن الخارجية، في منصب مديرة الاستخبارات الوطنية.

وقال ترامب في بيان، إن تولسي غابارد "باعتبارها مرشحة سابقة عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، فإنها تحظى بدعم واسع في كلا الحزبين، وهي الآن جمهورية فخورة".

وأضاف ترامب أنه "أعلم أن تولسي ستجلب الروح الشجاعة التي ميزت مسيرتها المهنية اللامعة إلى مجتمع استخباراتنا، وستدافع بقوة عن حقوقنا الدستورية، وتضمن السلام من خلال القوة"، مشيراً إلى أنها "ناضلت منذ أكثر من عقدين من الزمن من أجل حرية بلادنا وحرية جميع الأميركيين".

وستتولى غابارد، التي خدمت في الحرس الوطني لأكثر من عقدين وعملت في العراق والكويت، هذا الدور باعتبارها "دخيلة" إلى حد ما على هذا الوسط مقارنة بسلفها، إذ تتمتع بخبرة قليلة في العمل الاستخباري، ولم يكن من المتوقع على نطاق واسع أن يتم اختيارها لهذا المنصب الذي يشرف على 18 وكالة تجسس، وستكون مسؤولة عن إعداد الملخص الاستخباري اليومي للرئيس.

وستتولى غابارد منصبها كمسؤولة عليا في مجتمع الاستخبارات الأميركي، ومن غير المتوقع أن تواجه صعوبة في تأكيد تعيينها في مجلس الشيوخ، حيث من المتوقع أن يحتفظ الجمهوريون بأغلبية 52 إلى 48 مقعداً على الأقل بدءاً من أوائل العام المقبل.

من الحزب الديمقراطي إلى اليمين المتطرف

خدمت غابارد في الجيش الأميركي، وذهبت إلى العراق، بين عامي 2004 و2005، برتبة رائد في الحرس الوطني، وهي الآن برتبة مقدم في قوات احتياطي الجيش الأميركي.

في عام 2020، فشلت غابارد في الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية لعام 2020، والتي فاز بها جو بايدن، وأيدته بعد ذلك، لكنها غادرت الحزب في 2022.

بعد مغادرتها الحزب الديمقراطية، أصبحت غابارد تنتقد الرئيس بايدن وإدارته بشدة، واكتسبت شعبية بين المحافظين، وبدأت تظهر في البرامج التلفزيونية والإذاعية اليمينية المتطرفة، واشتهرت بدعم "السياسات الانعزالية" (اهتمام أقل بالسياسة الخارجية)، وإظهار ازدرائها لظاهرة "اليقظة الثقافية" (الظلم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية).

ترامب "ضحية للاضطهاد السياسي"

عقب عودته إلى الانتخابات الرئاسية، قدمت غابارد المشورة للرئيس ترامب، وبشكل خاص قبيل مناظرته الانتخابية مع نائبة الرئيس، كامالا هاريس، في أيلول الماضي، ودافعت عنه في وجه ما وصفه المنتقدون بسلسلة من الهجمات العنصرية والجنسية ضد منافسته الديمقراطية.

وصرحت حينها بأن "الرئيس ترامب يحترم النساء، ولا يشعر بالحاجة إلى التعامل معهن باستعلاء، أو التحدث معهن بأي طريقة أخرى غير الطريقة التي يتحدث بها مع الرجل".

في العام 2019، تورطت غابارد في حرب كلامية مع المرشحة السابقة للانتخابات الأميركية، هيلاري كلينتون، والتي قالت عنها إنه "يتم إعدادها لتعطيل انتخابات عام 2020 كمرشحة طرف ثالث".

ورفعت غابارد دعوى قضائية بتهمة التشهير ضد كلينتون، وطالبتها بتعويض لا يقل عن 50 مليون دولار لإلحاق الضرر بسمعتها من خلال التلميح إلى أنها كانت عميلة روسية، لكنها أسقطت الدعوى في أيار 2020.

في شباط الماضي، عندما ظهر اسم غابارد كمرشحة محتملة لمنصب نائب الرئيس مع ترامب، تحدثت في مؤتمر العمل السياسي المحافظ وألقت خطابا يصور ترامب على أنه "ضحية للاضطهاد السياسي"، وفق وكالة "رويترز".

واعتبرت غابارد أن ذلك "جنون وعقلية وطريقة تفكير الطغاة"، واصفة أعداء ترامب أنهم "يخوضون معركة على جبهات متعددة ولن يوقفهم شيء حتى ينجحوا".

إنهاء حرب تغيير النظام السوري

يُعرف عن تولسي غابارد بأنها تعارض باستمرار التدخل الأميركي في سوريا، حتى أنها زارت سوريا، في العام 2017، والتقت رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مرتين، وزوجته أسماء، ما أثار انتقادات في الكونغرس الأميركي من الحزبين.

ومطلع العام 2017، أجرت غابارد زيارة إلى سوريا، في "مهمة لتقصي الحقائق"، وقالت إنها ذهبت إلى "رؤية وسماع صوت الشعب السوري بشكل مباشر"، وكشفت أنها التقت بالأسد خلال الزيارة.

وطالبت غابارد، في مقطع فيديو نشرته من سوريا، بما وصفته "إنهاء حرب تغيير النظام"، في حين أظهر الفيديو زيارات قامت بها لعدة مناطق في سوريا، بما في ذلك دمشق وحلب، ولقاءات أجرتها مع شخصيات دينية وشخصيات مقربة من النظام السوري.

وفي مقال نشرته على مدونتها بعد رحلتها إلى سوريا، قالت غابارد إن "حرب تغيير النظام في سوريا لا تخدم مصالح الولايات المتحدة، وهي بالتأكيد ليست في مصلحة الشعب السوري".

وزعمت أن الشعب السوري وجه رسالة "قوية ومتماسكة" للشعب الأميركي، مفادها أنه "لا فرق بين المعارضين المعتدلين وتنظيم القاعدة أو داعش، فهم جميعاً نفس الشيء"، مضيفة أن الشعب السوري يطالب الولايات المتحدة بـ "التوقف عن دعم أولئك الذين يدمرون سوريا وشعبها".

وقالت غابارد إن النظام السوري يواجه "تقارير إخبارية زائفة ومنحازة تروج لحرب يشنها على حساب أرواح السوريين"، مشيرة إلى أن المدنيين السوريين أخبروها أنهم تعرضوا للتعذيب من قبل الثوار لرفضهم التعاون معهم.

وروّجت غابارد في مقالها لرواية النظام السوري عن "الحرب الكونية"، واستخدمت مصطلحات استخدمها إعلامه مطلع الثورة السورية، وقالت إن "المعارضين في سوريا جهاديون ووهابيون، وتدعمهم حكومات أجنبية للإطاحة بالدولة الشرعية في سوريا"، معتبرة أن ذلك "من شأنه أن يدمر سوريا وتاريخها الطويل من المجتمع العلماني التعددي، حيث عاش الناس من جميع الأديان بسلام جنباً إلى جنب"، وفق زعمها.

وعن اللقاء مع الأسد، ادّعت غابارد أنه "لم يكن لدي أي نية للقاء الأسد، ولكن عندما أتيحت لي الفرصة، شعرت أنه من المهم أن أغتنمها. أعتقد أننا يجب أن نكون مستعدين للقاء أي شخص إذا كانت هناك فرصة يمكن أن تساعد في إنهاء هذه الحرب، التي تسبب للشعب السوري بالكثير من المعاناة"، مطالبة الولايات المتحدة "بالتوقف عن دعم الإرهابيين الذين يدمرون سوريا وشعبها".

وشددت غابارد على أنها ستعود إلى واشنطن "بعزم أكبر على إنهاء حربنا غير القانونية للإطاحة بالحكومة السورية"، معتبرة أن الولايات المتحدة شنت حروباً لتغيير الأنظمة، وكل منها أسفرت عن معاناة لا يمكن تصورها، وخسائر فادحة في الأرواح، وتعزيز جماعات مثل القاعدة وتنظيم الدولة".

ورافق غابارد في رحلتها إلى سوريا زوجها، والنائب الديمقراطي السابق، دينيس كونشنتش وزوجته، وشخصيات أخرى، وتمت بترتيب ودعم من مجموعة ضغط أميركية مكونة من رجال أعمال سوريين ولبنانيين تطلق على نفسها اسم "مركز الجالية العربية الأميركية للخدمات الاجتماعية والاقتصادية في أوهايو"، ويديرها رجل الأعمال بسام خوّام.

نحتاج للأسد لتحقيق السلام في سوريا

وبعد عودتها إلى الولايات المتحدة، أثارت الرحلة جدلاً في الأوساط الأميركية، وقالت غابارد في مقابلة على شبكة "CNN" الأميركية إنها ذهبت إلى سوريا "بسبب معاناة الشعب السوري التي كانت تثقل كاهل قلبي".

وانتقد النائب الجمهوري عن ولاية إلينويز، آدم كينزنغر، رحلة غابارد إلى سوريا، وقال إن "مسؤولة منتخبة وممثلة للولايات المتحدة ذهبت في زيارة سرية للقاء دكتاتور وحشي قتل نصف شعبه. ما قامت به يستدعي التوبيخ ولا يمكن تبريره".

وأضاف كينزنغر، وهو جندي سابق في العراق، إن "تصرفات غابارد عرضت سمعة بلادنا وسياستنا الخارجية لخطر كبير، ولن أشعر باشمئزاز أكثر من هذا".

وفي معرض دفاعها عن اللقاء مع الأسد خلال لقاءاتها الصحفية، أكدت غابارد أن "اللقاء مع الأسد لم يكن مخططاً له، لكن عندما أتيحت الفرصة فعلت ذلك"، مبررة اللقاء بأنه "علينا أن نكون قادرين على لقاء أي شخص نحتاج إليه إذا كان هناك إمكانية لتحقيق السلام، وهذا هو بالضبط ما تحدثنا عنه خلال اللقاء".

إلا أن صحيفة "هونولولو سيفيل بيت"، كشفت بعد مراجعة استمارات السفر أن غابارد التقت بالأسد مرتين أثناء وجودها في سوريا، الأولى لمدة ساعة ونصف بعد 45 دقيقة من وصولها إلى دمشق، ثم التقت به مرة ثانية لمدة 30 دقيقة بعد يومين.

وذكرت الصحيفة أن غابارد التقت بعد لقائها الأول مع الأسد مع زوجته أسماء، لمدة ساعة واحدة، كما التقت قبل اجتماعها الثاني مع الأسد مع وزير خارجيته حينها، وليد المعلم.

وخلال زيارتها التقت أيضاً مع بشار الجعفري، الذي كان يشغل حينها سفير النظام السوري لدى الأمم المتحدة.

وفي مقابلتها على "CNN"، اعتبرت غابارد أن لقاءها مع بشار الأسد يشبه لقاء ترامب مع رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ أون.

وذكرت صحيفة "واشنطن تايمز" أن رحلة غابارد إلى سوريا واجتماعاتها مع الأسد وشخصيات من نظامه كانت "بمثابة كابوس لها" في العام 2019، أثناء سعيها للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطية للرئاسة في عام 2020، فيما أثيرت هذه القضية مرة أخرى بعد إعلان ترامب اختيارها كمديرة للاستخبارات الوطنية.

الأسد ليس عدواً ولا يشكل أي تهديد للولايات المتحدة

في مقابلة أخرى، سألت شبكة "CNN" غابارد عما إذا كان الأسد "عدواً"، قالت إنه "ليس عدواً للولايات المتحدة، لأن النظام السوري لا يشكل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة الأميركية".

وعن الإجماع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، بأن بشار الأسد "مجرم حرب"، اعتبرت غابارد أنه "من المهم النظر إلى من يشكل تهديداً للولايات المتحدة، وكيفية مقارنة مصالح الدول الأخرى بمصالح الولايات المتحدة".

في شباط 2019، وتعليقاً على وجود القوات الأميركية في سوريا لقناة "MSNBC"، قالت غابارد إن "القوات الأميركية تم نشرها دون فهم المهمة التي يقومون بها أو الهدف الواضح منها".

وتعليقاً على الضربة التي شنها ترامب في ولايته الأولى على مطار الشعيرات في سوريا رداً على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية، في نيسان 2017، قالت غابارد إن "الضربة كانت خطيرة ومتهورة وغير دستورية"، معتبرة أن ترامب "تصرف بتهور".

في حزيران 2019، اتهمت غابارد وكالة الاستخبارات الأميركية بأنها "تعمل سراً منذ 2011 لتغيير النظام في سوريا"، مضيفة أن "أموال دافعي الضرائب كانت تستخدم لتوفير الدعم المباشر وغير المباشر للجماعات الإرهابية في سوريا، مثل القاعدة، للإطاحة بنظام الأسد".

 

غير مؤهلة وتتقرب من الدكتاتوريين

وأثار اختيار ترامب تولسي غابارد كمديرة للاستخبارات الوطنية تحفظات ومخاوف في الأوساط السياسية الأميركية من الحزبين، حيث تواجه غابارد انتقادات شديدة لمعارضتها الدعم الأميركي لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وقربها من اليمين المتطرف.

ورغم أن أعضاء الكونغرس يجرون زيارات دولية ويلتقون بزعماء العالم، إلا أنه من النادر أن يفعلوا ذلك مع زعماء متهمين بارتكاب جرائم حرب وفظائع ضد شعوبهم، أو يُنظر إليهم على أنهم غير ودودين تجاه الولايات المتحدة.

وأعربت النائبة الديمقراطية عن ولاية فرجينيا، أبيجيل سبانبرجر، وهي ضابطة سابقة في وكالة الاستخبارات الأميركية، عن شعورها "بالفزع" من قرار ترامب ترشيح تولسي غابارد لقيادة إدارة الاستخبارات الوطنية.

وقالت سبانبرجر إن غابارد "ليست فقط غير مستعدة وغير مؤهلة، بل هي تتاجر بنظريات المؤامرة، وتتقرب من الديكتاتوريين مثل بشار الأسد وفلاديمير بوتين"، مضيفة أنه "بصفتي عضواً في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، أشعر بقلق عميق بشأن ما ينبئ به هذا الترشيح لأمننا القومي".

ووصف المحلل السابق في وزارة الدفاع الأميركية، توماس جونو، اختيار غابارد لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية أنه "كارثة على أمن الولايات المتحدة وتحالفاتها"، مشيراً إلى أنه "من بين كل قرارات ترامب حتى الآن، ربما يكون هذا القرار هو الأسوأ".

وقال جونو إن غابارد "تواصل ترديد الدعاية المؤيدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، مؤكداً أن "منصب مدير الاستخبارات الوطنية منصب بالغ الأهمية، وغابارد لا تمتلك أي خبرة أو مهارة فيه على الإطلاق".

واعتبر مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط، الباحث تشارلز ليستر، أن رحلة غابارد إلى سوريا ولقاءها مع الأسد "كانت فضيحة في ذلك الوقت، وما تزال كذلك اليوم"، مضيفاً أنها "رفضت الاعتراف بجرائم النظام السوري".

وأشار الباحث الأميركي إلى أنه "ليس من المبالغة القول إن حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين سيكونون حذرين جداً بشأن تبادل المعلومات الاستخبارية مع الولايات المتحدة في ظل وجود تولسي جابارد على رأسها".