أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو، في الثالث من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أهداف "تل أبيب" للمرحلة المقبلة، والتي تريد تحقيقها في لبنان وسوريا، وتتمثل في إبعاد "حزب الله" اللبناني إلى ما وراء نهر الليطاني بـ"اتفاق أو إكراه"، ومنع تسليح الحزب و"قطع الأوكسجين" القادم إليه من إيران، عبر سوريا.
تتبع "تل أبيب" أساليب عسكرية وأمنية لتحقيق أهدافها، جزء منه يتم على الأراضي السورية منذ عدة أشهر، ومن المتوقّع أن تتطور الأساليب الإسرائيلية مستقبلاً، خاصة مع وصول إدارة جمهورية إلى البيت الأبيض، على رأسها دونالد ترمب، المعروف بموقفه المتشدد ضد طهران وحلفائها.
التنسيق الأمني مع النظام السوري
علم موقع تلفزيون سوريا من مصادر أمنية، أنّ "إسرائيل تنسّق أمنياً، ومنذ مدة، مع النظام السوري لتقليص نفوذ إيران في منطقة الجنوب، حيث تعتمد تل أبيب على اتصالاتها مع رئيس فرع الأمن العسكري في محافظة درعا لؤي العلي، الذي يمتد نفوذه إلى محافظة القنيطرة أيضاً".
وبحسب المصادر، فإنّ "العلي يمرّر إلى إسرائيل معلومات عن تحركات المجموعات العسكرية المرتبطة بإيران في الجنوب السوري، ليتم استهدافها، كما تستفيد تل أبيب من هذه المعلومات لتنفيذ بعض عمليات التوغل المحدود لاعتقال متعاونين مع إيران".
ووفقاً للمصادر، فإنّ "العلي بات يستفيد من التنسيق مع إسرائيل من أجل تقوية نفوذه في الجنوب السوري، ويفرض نفسه صاحبة الكلمة فيه بمواجهة باقي الأفرع الأمنية، خاصة المخابرات الجوية، وينسّق تحركاته مع النظام السوري الذي يستفيد من هذه الخطوات لإظهار تجاوبه مع التحذيرات الإسرائيلية المتعلقة بالحد من النفوذ الإيراني في سوريا".
وأكّدت المصادر أنّ "تل أبيب أرسلت مؤخراً تهديداً إلى النظام السوري عبر وسطاء عرب، بأنها قد توسّع نطاق الهجمات لتستهدف مواقع عسكرية تابعة له، خاصة تلك التي تتساهل مع تحركات الفصائل المرتبطة بإيران".
ونقل الوسطاء للنظام السوري رسالة واضحة بضرورة أن يُحدّد موقفه بشكل حازم في المرحلة المقبلة، لأنّ محاولته "مسك العصا من المنتصف" فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني على الأراضي السورية لم يعد مقبولاً، وعدم تعاونه بالشكل المطلوب سيجعل وحداته العسكرية بشكل عام، عرضة للضربات الإسرائيلية التي ستتكثف في المرحلة المقبلة، خاصة على المواقع التي يُخزّن فيها "حزب الله" أسلحته.
"مناطق أمنية محتملة"
أفادت مصادر أمنية مطلعة لـ موقع تلفزيون سوريا، بأنّ "إسرائيل تدرس بشكل جدي تأسيس حزام أمني يمتد من شمال القنيطرة انطلاقاً من مدينة البعث مروراً بخان أرنبة وجباتا الخشب وحضر، وصولاً إلى أطراف بيت جن والقسم الخاضع لسيطرة النظام السوري من جبل الشيخ في ريف دمشق".
الهدف من هذه الخطوة تحقيق التفوق العسكري على "حزب الله" المتمركز جنوبي لبنان، ومراقبة طريق تهريب الأسلحة للحزب عبر منطقة البقاع.
وستتمكن إسرائيل من فتح جبهة قتال جديدة ضد "حزب الله" انطلاقاً من الأراضي السورية، وستحرم الحزب الاستفادة من بعض المرتفعات على الحدود مع سوريا، والتي توفر له هامشاً للتحرك.
وبحسب المصادر ذاتها، من غير المستبعد أن تبادر الأردن هي الأخرى للتحرك جنوب سوريا، والتوغّل بشكل محدود في المنطقة الممتدة من حوض اليرموك إلى منطقة نصيب شمال غربي الحدود الأردنية مع سوريا، حيث تشهد هذه الحدود كثافة بالتحركات من الجيش الأردن منذ عدة أسابيع، مما يوحي باستعدادات غير معروفة الأسباب.
لكن على الأرجح فإنّ عمّان تتخوّف من تصاعد الاضطرابات في منطقة الجنوب السوري، خاصة في حال اتجه الجيش الإسرائيلي للتوغّل فعلاً داخل الحدود السورية.
ويسود القلق الإقليمي والدولي من سيناريو محتمل، يتمثل باستقرار بعض وحدات "حزب الله" اللبناني العسكرية في الجنوب السوري، أو الدفع بقوات أفغانية وباكستانية وعراقية موالية لإيران لتتمركز في الجنوب لتأمين خاصرة الحزب.
يمكن القول إنّ الحرب الإسرائيلية على غزة وجنوب لبنان حالياً في مرحلة ترقّب، والمسارات التي ستتخذها مستقبلاً متوقّفة على طبيعة موقف الإدارة الأميركية الجديدة منها، بالإضافة إلى مدى دعمها لهدف إسرائيل المتمثلة بـ"قطع أوكسيجين" حزب الله عبر سوريا.