أدى قرار نظام الأسد رفع الدعم عن آلاف العائلات في سوريا، إلى حالة من التخبط والتناقض في التصريحات الرسمية لمسؤولي النظام في محاولة لتبرير الأخطاء الحاصلة بتطبيق القرار وخروج عائلات فقيرة من نظام الدعم وإجبارها على شراء المواد الأساسية بالسعر الحر، الذي يبلغ أضعاف سعر المدعوم كالخبز المدعوم بسعر 200 ليرة سورية للربطة بينما يباع بـ 1300 ليرة بالسعر الحر، وكذلك بالنسبة للمحروقات وغيرها من المواد.
"تبريرات النظام"
اجتمعت حكومة النظام السوري، اليوم، في محاولة لإعادة النظر بقرار رفع الدعم والبحث في سبل تقييم الوضع المادي للعائلات المستثناة من الدعم.
وزير التجارة الداخلية في حكومة النظام عمرو سالم برر، الأخطاء الكثيرة التي حدثت في آلية الاستبعاد بالقول: "إن ما حصل هو أخطاء تقنية وليس قراراً"، مضيفاً أنه "في كل جمع للبيانات، تحصل أخطاء نتيجة قِدم بعض البيانات وعدم تجديدها".
وادعى أن تطبيق القرار لم يكن على عجل، وأردف: "تدقيق بعض البيانات من دون اعتراض سوف يحتاج إلى سنوات إذا أردنا التأكد من كل شخص إن كان موظفاً أم لا وإن كان صاحب السجل يعمل أم لا".
وزعم أن الشريحة المستبعدة هي 15 في المئة من أصل 4 ملايين بطاقة ذكية، حيث تم استبعاد 596 ألفاً بطاقة، نسبة كبيرة استبعدت لعدم وضوح المعلومة عنهم، بحسب تصريحات الوزير.
"وعود بإعادة النظر"
وصباح اليوم، عاد سالم ليتحدث عن إجراءات لإعادة النظر بقرار رفع الدعم عن آلاف العائلات السورية، بعد يوم من بدء تطبيقه.
وقال سالم في منشور على حسابه بفيس بوك إن المواطنين المتقدمين باعتراضات على خلفية رفع أسمائهم من قوائم الدعم سيحصلون على المواد الأساسية بالأسعار المدعومة حتى يتم البت في اعتراضاتهم، مضيفاً أن "كل موظف دائم أو مؤقت أو متقاعد مدني أو عسكري معين على سلم الرواتب والأجور، واستبعد لامتلاكه سيارة واحدة فقط، يتم إعادة الدعم له بعد تقديمه طلب اعتراض على الموقع الإلكتروني والتدقيق به".
"أين سينفق النظام الوفرة المالية المحققة من رفع الدعم؟"
بالمقابل، أفاد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام محمد سامر الخليل، أن رفع الدعم عن العائلات كان نتيجة وجود عجوزات مالية، وهو ما استدعى إخراج العائلات من الدعم.
وزعم الخليل أنّ "جزءاً من الوفرة المالية المحققة من رفع الدعم سيذهب باتجاه الشرائح الأكثر احتياجاً وبشكل مباشر إما عبر تعويضات نقدية أو عينية، وأن هناك خططاً لتحديد الأسر الأكثر احتياجاً على مستوى شرائح معينة، وهذه الشرائح يمكن أن تتسع وتزداد مع الزمن".
ولفت إلى أن جزءاً آخر من الوفرة المالية يمكن أن يوجه باتجاه شرائح بحاجة لزيادة الرواتب كأطباء التخدير وشرائح أخرى لم تستطع أن تجاري بدخلها ارتفاع الأسعار، وفقاً لتعبيره.
"مواطنن يشطبون سجلاتهم التجارية"
بدوره، قال عضو مجلس إدارة "غرفة تجارة دمشق" محمد الحلاق إن "بعض الأشخاص الحاصلين على سجلات تجارية لا يجب استبعادهم من الدعم، فهم من أصحاب المهن البسيطة ومنتسبون إلى الغرفة من باب أن الغرفة تعتبر مظلة"، مبيناً أن هناك الكثير من هؤلاء الأشخاص موجودون في السوق ويمتلكون محال تجارية صغيرة ولا يمتلكون سيارة ويذهبون إلى محالهم على الدراجة.
وأضاف الحلاق في تصريحات لصحيفة الوطن أن كثيراً من هؤلاء الأشخاص طلبوا شطب قيدهم من غرفة تجارة دمشق بعد استثنائهم من الدعم، وخاصة الذين لم يجددوا سجلاتهم التجارية منذ سنتين أو ثلاث.
"إخراج أصحاب السيارات"
كما أكد عضو غرفة التجارة أن هناك عائلات قد تمتلك سيارتين، لكنها تظل من الشرائح المحتاجة إلى الدعم، إضافة إلى الأشخاص من ذوي الإعاقات الذين يستخدمون سياراتهم في التنقل فلا يمكن استبعادهم لأن السيارة بالنسبة لهم ليست دليلاً على عدم الحاجة، مشيراً إلى أنه من الخطأ أخذ سعة المحرك وسنة الصنع كمعيار للاستبعاد من الدعم، فهناك الكثير من المسؤولين في حكومة النظام يستعملون سيارات تقل سعتها عن 1500 CC وبذلك سيحصلون على الدعم.
"لا مخصصات إضافية بالسعر الحر"
من جانبه، قال مدير التشغيل والصيانة في شركة توزيع المواد البترولية "سادكوب" عيسى عيسى إن آلية التوزيع ستبقى على حالها والبيع يكون بموجب الإشعار الذي يصل إلى نقاط البيع ويفيد بأن البطاقة تحصل على المادة بالسعر المدعوم أو الحر، نافياً إمكانية بيع كميات أكبر للمشترين بالسعر الحر بسبب محدودية التوريدات.
وبيّن عيسى في حديثه لصحيفة الوطن الموالية أن عدد البطاقات العائلية المستبعدة من الدعم بلغ 612 ألفاً و154 بطاقة في حين بلغ عدد بطاقات آليات البنزين المستبعدة 381 ألفاً و999 بطاقة أما عدد بطاقات آليات المازوت المستبعدة فبلغ 73 ألفاً و111 بطاقة.
وأوضح أن مقدار التخفيف من العجز في تلك البطاقات يبلغ في مادة مازوت التدفئة وبمعدل 100 لتر خلال الموسم لكل بطاقة 73.458 مليار ليرة سنوياً في حين يبلغ مقدار التخفيف من العجز في مادة البنزين وبمعدل 100 لتر شهرياً لكل بطاقة 641.758 مليار ليرة سنوياً، وفي مازوت الآليات بمعدل 200 لتر شهرياً يكون التخفيف من العجز سنوياً 210.559 مليار ليرة في حين أنه في الغاز المنزلي بمعدل 6 أسطوانات سنوياً للبطاقة فيبلغ 75.662 مليار ليرة ولذا يكون إجمالي التخفيف من العجز في المشتقات النفطية سنوياً للبطاقات المستبعدة نحو 1 تريليون ليرة سورية.
من هي الفئات التي رفع عنها الدعم؟
ويوم أمس الثلاثاء، بدأ نظام الأسد بتطبيق قرار رفع الدعم عن المواد الأساسية على رأسها المحروقات والغاز والخبز ومواد غذائية أخرى أساسية، مما أجبر آلاف العائلات على شراء احتياجاتها عبر الشراء بالسعر الحر بسبب إخراجهم من نظام الدعم. بينما زعمت معاونة وزير الاتصالات في حكومة النظام فاديا سليمان، أن رفع الدعم طال الفئات ذات الدخل الأعلى والقادرة على إعالة نفسها، وأن المعايير التي تم وضعها لرفع الدعم هي الملكية والثروة من جهة والدخل من جهة ثانية.
وأشارت في تصريحات لصحيفة الوطن الموالية إلى أن الدعم رفع أيضاً عن الأسر التي تمتلك سيارة تزيد على 1500 cc موديل 2008 وما بعد.
ويأتي قرار رفع الدعم في ظل ظروف معيشية صعبة يعيشها الأهالي في مناطق سيطرة النظام، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأساسية بشكل لم يعد بمقدور معظم العائلات تأمينها، وقلة فرص العمل وضعف القدرة الشرائية للعملة المحلية في ظل انخفاض قيمتها أمام الدولار.