icon
التغطية الحية

بعد ترشيح كليتشدار أوغلو.. هل يجد الشعوب الديمقراطي مقعداً على "مائدة إبراهيم"؟

2023.03.08 | 07:10 دمشق

زعيم حزب الشعب الجمهوري ومرشح تحالف الأمة الرئاسي كمال كليتشدار أوغلو (وسائل إعلام تركية)
زعيم حزب الشعب الجمهوري ومرشح تحالف الأمة الرئاسي كمال كليتشدار أوغلو (وسائل إعلام تركية)
إسطنبول - حمزة خضر
+A
حجم الخط
-A

أعلنت الطاولة السداسية المعارضة (تحالف الأمة)، مساء الإثنين، عن مرشحها الرئاسي الذي سيخوض الانتخابات التركية المقبلة، وذلك بعد محادثات استمرت لأشهر طويلة والتي أفضت إلى اختيار زعيم حزب الشعب الجمهوري (CHP) كمال كليتشدار أوغلو، وهو الأمر الذي عارضته زعيمة حزب الجيد (İYİ Parti) ميرال أكشنار.

وعقب الإعلان عن مرشح  تحالف الأمة خطاباً للمرشح كليتشدار أوغلو أمام مقر حزب السعادة (Saadet Partisi) في العاصمة التركية أنقرة، تحدث فيه عن خطوات التحالف وفق 12 محددا، حيث وصف الطاولة السداسية بـ "مائدة إبراهيم الخليل" داعياً الجميع للالتفاف حولها "بغض النظر عن المعتقد أو الفكر أو الإيديولوجية أو الهوية" وهي بمنزلة دعوة لتوسعة الطاولة التي تضم الديمقراطيين والقوميين والعلمانيين والإسلاميين.

هل يدعم الشعوب الديمقراطي كليتشدار أوغلو؟

ويمكن فهم دعوة كليتشدار أوغلو جميع الأطياف "بغض النظر عن الهوية" إلى "مائدة إبراهيم الخليل" بكونها فتح باب للتقارب مع الأحزاب السياسية الأخرى، بما فيها الأحزاب الكردية المعارضة على رأسها حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) الذي يعتبر في المرتبة الثالثة من ناحية عدد النواب في البرلمان التركي، والذي حصد أكثر من 6 ملايين صوت في الانتخابات التركية في عام 2018.

وجاء الرد على رسالة كليتشدار أوغلو من حزب الشعوب الديمقراطي بلسان الرئيس المشترك للحزب مدحت سنجار، خلال مشاركته في البث المباشر على شاشة (HaberTürk) الذي طالب بإنهاء الانتخابات التركية من الجولة الأولى، داعياً كليتشدار أوغلو لزيارته في مقر الحزب لمناقشة النقاط المشتركة بين مرشح الطاولة السداسية والشعوب الديمقراطي.

وتقدم سنجار بالتهنئة إلى كليتشدار أوغلو على اختياره مرشحاً عن تحالف الأمة في الانتخابات المقبلة بعد دعوته للزيارة، مذكراً بأن الشعوب الديمقراطي صرح في وقت سابق أنه لو استطاعت المعارضة اختيار مرشحها، فإن حزبه سيدعم هذا المرشح في حال التوصل إلى نقاط مشتركة بين الأطراف، وإلا سيختار حزب الشعوب الديمقراطي مرشحه الخاص. 

"الزيارة أمر طبيعي جداً"

ولم يتأخر حزب الشعب الجمهوري في الرد على طلب سنجار بزيارة مقره الرئيسي في العاصمة التركية أنقرة، إذ قال رئيس الكتلة النيابية عن الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل إنه من الطبيعي جداً لمرشح رئاسي ينوي إدارة البلاد أن يزور جميع الأحزاب السياسية وأن يعرض خطة العمل الخاصة به، مؤكداً على أن الزيارة من الممكن أن تتم.

وأوضح أوزيل بأن حزب الشعوب الديمقراطي لا يختلف عن الأحزاب السياسية الأخرى، لكونه حصل على 6 ملايين صوت في الانتخابات الماضية للمشاركة في الحياة السياسية، ولا يمكن تجاهله، وأضاف: "زرت حزب الشعوب الديمقراطي من قبلُ، للحديث عن الأمور المتعلقة بأمن الانتخابات، ويمكن زيارة المقر الرئيسي للحزب أيضاً".

تقاربات سابقة تفتح أبواب التوافق 

وإذا ما اعتبرنا هذه الدعوات بداية تقارب بين حزب الشعوب الديمقراطي وتحالف الأمة عبر مرشحها كليتشدار أوغلو، يمكننا العودة إلى محاولات الشعب الجمهوري السابقة في فتح ممرات لإرضاء الشعوب الديمقراطي عبر خطوة اتخذها مرشح التحالف في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2021، حيث رفض تمديد المذكرة الرئاسية المتعلقة بتمديد التفويض لرئيس الجمهورية من أجل إرسال قوات إلى العراق وسوريا لعامين إضافيين.

وتوافق موقف الشعب الجمهوري برفض تمديد فترة المذكرة عبر التصويت في البرلمان مع موقف حزب الشعوب الديمقراطي الذي صوت بـ "لا" أيضاً، على عكس تحالف الشعب المتمثل بحزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP) وحليفه حزب الحركة القومية (MHP) من جهة، وحزب الجيد (İYİ Parti) من جهة ثانية، وقد صوتوا بـ "نعم"، على الرغم من أنّ حزب الجيد يعتبر  حليفاً أساسياً للشعب الجمهوري الذي صوّت بـ(لا).

وسبق هذا الموقف اجتماعات عدة جرت بين أعضاء من حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي في أروقة البرلمان التركي، وذلك إلى جانب زيارات قام بها نواب عن الشعب الجمهوري إلى المناطق الشرقية التركية التي تشكل غالبية كردية تدعم حزب الشعوب الديمقراطي.

ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حينها هذا التقارب الحاصل بين الحزبين بـ "تحالف العار" إذ يعتبر تحالفُ الشعب حزبَ الشعوب الديمقراطي ذراعاً سياسيةً لحزب العمال الكردستاني (PKK) المصنف على لوائح الإرهاب التركية، وهذا الرأي يوافق نظرة حزب الجيد تجاه الشعوب الديمقراطي، حيث أكدت أكشنار في مناسبات عدة على أنه حزب إرهابي.

ماذا عن تحالف الأمة؟

وفي تصريحات إلى وكالة (رويترز) أبدى مسؤولان من تحالف الأمة وجودَ مخاوف من التقارب المحتمل مع حزب الشعوب الديمقراطي، إذ يواجه الأخير محكمة قضائية بشأن وجود صلات مع مسلحي حزب العمال الكردستاني، وهو ما يترك قلقاً لدى "الناخبين القوميين المعادين لسياسة الحزب المؤيدة للأكراد".

وأوضح المسؤولان أن تحالف الأمة الذي يضم توجهات سياسية متعددة من قوميين وديمقراطيين اشتراكيين ومحافظين وإسلاميين، يخشى في الوقت الحالي من التقارب من حزب الشعوب الديمقراطي، مشيرين إلى أن دعوة سنجار في الوقت الحالي جاءت "مبكرة بعض الشيء" على أساس وجود مشكلة في كيفية تقديم الحزب الدعم إلى التحالف.

ويرى مسؤول منهما أنه على الرغم من أهمية التقارب مع الشعوب الديمقراطي، إلا أنه يمكن أن يقوض الدعم في أماكن أخرى، ويمكن أن يتسبب في ظهور ردود فعل سلبية من قبل حزب الجيد وقاعدته الانتخابية، ومن الممكن أن يخفض دعم حزب الجيد بنسبة 5 في المئة، وحزب الشعب الجمهوري بنسبة 2 - 3 في المئة.

إلا أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي يحظى بدعم 10 في المئة على مستوى البلاد، مع وجود احتمالية تناقص هذه النسبة في حال دعم الحزب تحالف الأمة، وذلك بسبب وجود حزب الجيد في هذا التحالف، وهو ما شدد عليه المسؤول بضرورة دراسة خطوة الحصول على دعم الشعوب الديمقراطي قبل الإقدام على هذه الخطوة.

ما مكاسب الشعوب الديمقراطي من دعم التحالف؟

يواجه حزب الشعوب الديمقراطي قضية تهدد بإغلاقه على خلفية تلقيه اتهامات بدعم حزب العمال الكردستاني، وهو ما يضع الحزب في مأزق خلال الانتخابات المقبلة، سواء في التمثيل البرلماني، أو المرشح الرئاسي في حال فشل بالتوصل إلى اتفاق مع تحالف الأمة عبر مرشحه كليتشدار أوغلو.

ويتحضر الحزب لتقديم دفاعه الشفوي بتاريخ 17 آذار الحالي أمام لجنة المحكمة الدستورية المكونة من 15 عضواً، إذ تمتلك الصلاحية بإغلاق الحزب بقرار أغلبية أعضاء اللجنة أو 10 أعضاء على الأقل، وهو ما يفرض - في حال التوافق - حظراً سياسياً على شخصيات الحزب من مؤسسين وأعضاء ومديرين ومشرفين لمدة خمسة أعوام من تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسمية.

وربما يُرى أن دعم الشعوب الديمقراطي لتحالف الأمة يمكن أن يفتح باباً خلفياً لاستمرارية الحزب في أروقة السياسة التركية، ويزيد من نسب بقائه في البرلمان وقوة تمثيله بفوز تحالف الأمة في الانتخابات التركية المقبلة، وذلك مع تأكيد حزب الشعب الجمهوري على شرعية الحزب، وعلى كونه ممثلاً عن 6 ملايين شخص في البرلمان.