امرأة حُرمت الاستفادة من تأمينها الصحي، وموظف حكومي رفضت شركته تغطية تكاليف عمليته، هي بعض من معاناة موظفين حكوميين مع بطاقة التأمين التي ترفض المشافي الخاصة قبولها لعدم دفع شركات التأمين التزاماتها المالية.
وفي بداية العام الحالي 2022، رفعت وزارة المالية في حكومة النظام السوري، بوليصة التأمين الصحي بالقطاع العام الإداري داخل المشافي إلى مليوني ليرة سورية، وخارجها إلى 200 ألف ليرة سورية بما فيها أدوية الأمراض المزمنة، مقابل اقتطاع شهري من رواتب الموظفين بمقدار 3 في المئة.
ويعاني موظفو القطاع الحكومي التابع للنظام السوري من تهرب شركات طبية ومشافٍ خاصة وصيادلة وأطباء من التعامل مع بطاقة التأمين الحكومية بغض النظر عن الشركة التي تتبع لها.
اقتطاع من الراتب من دون تأمين
قررت هدى (45عاماً) وهي مُدرسة حكومية إجراء عملية "خصية مهاجرة" لابنها ذو الثلاث سنوات في مشفى خاص بدمشق. وتقول لموقع تلفزيون سوريا إن "المشفى رفض اعتماد تأميني لأنني أعمل في مؤسسة حكومية".
وتوضح هدى أنه بعد جدل طويل و"عقيم" مع إدارة المشفى، أخبرها الموظف المسؤول بأنه قانوني يشملها التأمين والمشفى تغطي كامل تكاليف عملية ابنها، لكنَ إدارة المشفى ترفض التعامل مع شركات التأمين الحكومية بسبب تأخرها في دفع المستحقات، وفي أحيان أخرى لا تدفع وفقاً لموظف المشفى.
وهكذا اضطرت هدى لدفع مليون ونصف المليون كلفة العملية من حسابها الخاص، رغم اقتطاع مؤسستها نسبة 3 في المئة من راتبها شهرياً.
أما فاطر الخالدي (50 عاماً) وهو من سكان العاصمة دمشق ويعمل موظف في إحدى الجهات الحكومية، ورغم اضطراره لعمل جراحي مستعجل إلا أن القسم الخاص بمشفى حكومي بدمشق رفض قبوله بحجة أنَّ تأمينه حكومي. ويقول لموقع تلفزيون سوريا "بعد رفض القسم الخاص قبولي أرسلوني إلى القسم العام وأدخلوني إلى غرفة الإنعاش بانتظار نقلي إلى جناح العيادة القلبية".
يذكر الخالدي ما حدث معه منذ فترة قريبة، ويوضح أن التأمين الصحي في الجهات التابعة للنظام لا يخرج عن كونه بطاقة لا تسمن ولا تغني من جوع، "فوجودها مثل قلته" بحسب تعبيره.
وعلى غرار فاطر، يعاني كثير من السوريين من ارتفاع تكاليف العلاج في المشافي الخاصة وحتى العامة من جراء الحرب إلا أنَّ مؤسسات التأمين التابعة لحكومة النظام لا تغطي إلا الجزء اليسير من تلك التكاليف هذا في حال غطته.
وصفات محددة
"رغم وضع كثير من صيدليات دمشق أوراقا مكتوبة على واجهاتها تُشير إلى تعاقدها مع شركات التأمين، إلا أنَ واقع الحال مخالف لما كُتب"، تقول هنادي (32 عاماً). وتضيف، "أعاني من مرض مزمن وتقدمت بطلب وصفة شهرية، أخذتها لشهرين ومن ثم توقفت".
أخبرت هنادي شركتها (غلوب ميد) بما حدث معها لكن لم يصلها أي جواب، ومن ثم تقدمت بشكوى نظامية لكن دون فائدة رغم اقتطاع نسبة التأمين من راتبها الشهري.
وما حدث مع هنادي يجري يومياً مع عدد كبير من موظفي القطاع الخاص بحسب صيدلي في دمشق تحفظ على ذكر اسمه. ويوضح أن "تعدد شركات الوساطة بين الجهات الحكومية وبين السورية للتأمين عقَّد موضوع التأمين بدلاً من تسهيله وجعله في متناول الجميع".
وأشار إلى أنَّ "المؤسسة السورية للتأمين لا تدفع إلا بعد 6 أشهر وعبر شركات وساطة (شركات إدارة النفقات الطبية) وبالتالي نحن نجمد ثمن أدوية لفترة طويلة تُفقدها قيمتها حتماً ولا تشتري ربع الأدوية التي بيعت عبر التأمين".
وحيال كل تلك المخالفات المرتكبة بحق موظفي الجهات الحكومية، يقتصر موقف "المؤسسة العامة السورية للتأمين" على الطلب من موظفي القطاع العام تقديم الشكاوى إلى شركات إدارة النفقات أو المؤسسة العامة السورية للتأمين أو هيئة الإشراف على التأمين.
ويبلغ عدد شركات التأمين في سوريا 12 شركة تأمين خاصة، بإجمالي رأسمال قدره 14.4 مليار ليرة سورية، وشركة تأمين حكومية واحدة هي "المؤسسة العامة السورية للتأمين"، برأسمال قدره مليارَا ليرة سورية، وشركة أجنبية واحدة هي "الاتحاد العربي لإعادة التأمين"، برأسمال قدره 50 مليون دولار أميركي.