ملخص:
- توتر في الريف الغربي لدرعا يسفر عن مناوشات وقطع الطرقات وعمليات خطف على خلفية مقتل 3 أشخاص بينهم طفل بعملية اغتيال.
- اتهامات متبادلة وخلاف قديم بين قياديين يعود إلى الواجهة من جديد.
- لجنة مؤلفة من وجهاء تدخل لحل الخلاف بين الطرفين وحقن الدماء.
- قيادي عمل في لجنة درعا المركزية سابقاً ينفي علاقة مجموعته بعملية الاغتيال ويعتبرها "جريمة غير أخلاقية".
- اتهامات للنظام بالوقوف وراء عمليات الاغتيال لتأجيج المنطقة.
شهدت المنطقة الغربية لمحافظة درعا توتراً، يوم السبت، على خلفية وقوع عملية اغتيال بحق ثلاثة أشخاص بينهم طفل من عائلة واحدة، نفذها مسلّحون مجهولون على الطريق الواصل بين مساكن جلّين والمزيريب غربي المحافظة.
وعلى إثر ذلك أقدمت مجموعة يقودها الشاب يونس مرعي البردان (أبو حسن) على إغلاق طريق بلدة العجمي الذي يصل البلدة بمنطقة حوض اليرموك ومدينة طفس وبلدة المزيريب، موجهاً الاتهام للقيادي أدهم قاسم البرازي بتنفيذ عملية الاغتيال بحق والده مرعي محمد البردان (80 عاماً) وشقيقه إياد مرعي البردان وابن شقيقه الطفل قيس زياد مرعي البردان، صباح أول أمس الجمعة.
وينحدر أدهم البرازي من قرية العجمي، غربي درعا، وهو قيادي عمل عقب التسوية ضمن لجنة درعا المركزية وتعتبر مجموعته محسوبة على القيادي راضي الحشيش، وشارك مع مجموعته في معارك ضد قوات النظام ومجموعات تابعة لـ"تنظيم الدولة" (داعش) في كل من مدينة جاسم وحي طريق السد بدرعا، أواخر العام الفائت.
في حين يعمل يونس البردان المنحدر من مدينة طفس ضمن مجموعة القيادي السابق في هيئة تحرير الشام "أبو عمر الجراد" الملقب (عبيدة)، والتي قادها في السابق القيادي معاذ الزعبي، قبيل مقتله باشتباكات مع الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام السوري في 29 من تموز 2021 غربي درعا.
قطع طرقات وعمليات خطف بعد حادثة اغتيال
وقال مصدر محلي لموقع "تلفزيون سوريا" إن مناوشات بالأسلحة الخفيفة حدثت صباح السبت بين عناصر مجموعة يونس البردان وأقارب الضحايا من جهة ومجموعة القيادي أدهم البرازي من جهة أخرى في منطقة العجمي، لتقدم مجموعة البردان على إغلاق الطريق الواصل بين قرية العجمي ومدينة طفس.
وخلال هجوم مجموعة البردان على منطقة العجمي أقدمت على خطف شقيق أدهم البرازي موجهةً الاتهام للأخير بتنفيذ عملية الاغتيال، مشترطين تسليم أدهم مقابل الإفراج عن شقيقه.
وأضاف المصدر أن لجنة مكونة من وجهاء في الريف الغربي لدرعا دخلت لفض الاشتباك الحاصل وحل الخلاف بين الطرفين، وتجري اللجنة اجتماعات للتوصل إلى حل ينهي الخلاف الأخير ومحاسبة المتورطين بعملية الاغتيال.
ونفى المصدر ما تناقلته صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي حول وصول رتل من "اللواء الثامن" المدعوم روسياً والذي يقوده أحمد العودة إلى شرقي درعا لفض المناوشات الخفيفة التي جرت في منطقة العجمي.
خلاف سابق واتهامات متبادلة
في 26 تموز 2020 قتل الشاب زياد مرعي البردان، شقيق القيادي يونس، بعملية اغتيال طالته قرب معمل الكونسروة شمالي بلدة المزيريب.
ووجّه يونس البردان الاتهام حينئذ للشاب أدهم البرازي بالوقوف خلف عملية اغتيال شقيقه.
في 8 كانون الأول 2021 تعرض البرازي لمحاولة اغتيال على طريق قرية الأشعري، ما أسفر عن إصابته بجروح ومقتل محمود علي البردان "أبو داغر"، واتهم البرازي حينذاك يونس البردان بالوقوف خلف محاولة اغتياله.
مَن المستفيد من مقتل الأشخاص الثلاثة؟
وفي صباح الجمعة طالت عملية اغتيال نفذها مسلّحون مجهولون بالرصاص المباشر كلاً من الحاج مرعي محمد البردان وابنه إياد وحفيده قيس، في أثناء توجههم من مدينة طفس للعمل في أرضهم الزراعية بالقرب من محطة الكهرباء على الطريق الواصل بين بلدة مساكن جلّين والمزيريب غربي درعا.
وحصل موقع تلفزيون سوريا على تصريح خاص من القيادي في اللجان المركزية راضي الحشيش، نفى علاقة أدهم البرازي ومجموعته بعملية الاغتيال الأخيرة واعتبرها "جريمة شنعاء غير أخلاقية بربرية".
وأضاف الحشيش أن صفحات يديرها قادة "تنظيم الدولة" مثل صفحة (درعا بلحظة) قامت بالتجييش على مجموعته وإلصاق تهمة تنفيذ عملية الاغتيال الأخيرة بها وذلك بعد عدة ساعات من وقوعها، مشيراً إلى أن ألسنة أهالي المقتولين تناقلت بعد ذلك اتهامات بحقهم في تنفيذ عملية الاغتيال.
وأوضح القيادي أن مجموعته جاهزة "أمام اللجنة للاحتكام للشرع بهدف إحقاق الحق للوقوف على حيثيات الجريمة"، مضيفاً: "غير مقبول قطع الطرقات وإنشاء حواجز هدفها التضييق على أهالي المنطقة".
من جهته أكد الصحفي سمير السعدي لموقع "تلفزيون سوريا" أن المستفيد الأول والأخير من عملية الاغتيال هو النظام السوري، سواء كان التنفيذ بشكل مباشر عن طريقه، أو بشكل غير مباشر عن طريق متعاونين مع ضباط النظام في المنطقة.
خلط أوراق
ورجّح السعدي وقوف النظام خلف عملية الاغتيال الأخيرة، الهدف من ذلك خلط الأوراق وإذكاء نار الفتنة بين أطراف عملت في صفوف المعارضة، وهي متنازعة اليوم محلياً فيما بينها بسبب خلافات قديمة.
وأوضح السعدي أن النظام قد يلجأ إلى عمليات اغتيال منظّمة ومشابهة لإشعال الفتنة بين عشائر المنطقة بشكل أكبر، وذلك بعد فشله بالقضاء على مجموعات معارضة في المنطقة الغربية.
في الوقت ذاته، يشرف فرع الأمن العسكري منذ أسبوعين على إطلاق طائرات مسيرة من كتيبة الأغرار التابعة للواء 61 ويستهدف منازل مدنيين وناشطين في مدينة طفس وبلدة اليادودة بقذائف تحتوي على مادة "C4" شديدة الانفجار.
بدوره تحدث المحامي والناشط الحقوقي عاصم الزعبي لموقع "تلفزيون سوريا" أن "الأمن العسكري" يعمل على توظيف عناصر وقادة من "تنظيم الدولة" بهدف تصفية عناصر المعارضة السابقين في محافظة درعا.
وقال الزعبي إن نظام الأسد قد يبدأ حملات أمنية جديدة تستهدف مدناً وبلدات في الريف الغربي خلال الفترة المُقبلة بحجة عمليات الاغتيال الأخيرة التي حدثت مؤخرًا وأسفرت عن مقتل مدنيين.
وسبق أن كشفت مواقع إعلامية بدرعا اعترافات رامي الصلخدي القيادي في "تنظيم الدولة" واجتماعه مع رئيس جهاز الأمن العسكري بدرعا لؤي العلي وطلب الأخير منه اغتيال شخصيات في مدينة جاسم، من بينهم معارضون للنظام السوري.
ويعد الصلخدي أحد المسؤولين عن إدخال قياديي وعناصر من "تنظيم الدولة" إلى مدينة جاسم مؤخراً، بالتنسيق مع ابن عمه نضال الصلخدي المقرّب من رئيس جهاز الأمن العسكري، والذي تربطه علاقة بقادة من ميليشيا "حزب الله" اللبناني.
ارتفاع حاد في عمليات الاغتيال بدرعا
وخلال شهر تموز الفائت سجل "تجمع أحرار حوران" 42 عملية ومحاولة اغتيال أدت إلى مقتل 37 شخصاً، وإصابة 15 آخرين بجروح متفاوتة، ونجاة 7 من محاولات اغتيال.
ومن بين المجموع الكلي لقتلى الاغتيال قُتل 12 مدنياً بينهم امرأة و9 أشخاص لم يسبق لهم الانتماء لأي جهة عسكرية.
وتشهد محافظة درعا فلتاناً أمنياً منذ سيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية بدعم من روسيا، بموجب اتفاق التسوية الذي وقعه النظام السوري مع فصائل الجيش الحر منتصف عام 2018.