أعلن وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، أمس، أنه لا يرى سبباً لاستمرار حد الزيادة بنسبة 25 بالمئة في الإيجارات، مشيراً إلى أن هذا الحد على الأرجح لن يستمر، مؤكداً على أن الحد سينتهي في الأول من تموز إذا لم يتم اتخاذ قرار جديد بشأن التطبيق.
وشهدت أسعار الإيجارات ارتفاعات غير عادية بسبب التضخم المرتفع في الاقتصاد التركي، مما دفع الحكومة إلى إضافة بند مؤقت في قانون الالتزامات في حزيران 2022 يحدد الزيادة في الإيجار، حيث تم تمديده حتى الأول من تموز 2023 لمدة عام آخر.
وأدى هذا الحد إلى تصاعد التوتر بين المستأجرين وأصحاب المنازل، وتسببت النزاعات القانونية إلى تراكم القضايا في المحاكم، ولم تؤدِ صيغة الوساطة التي دخلت حيز التنفيذ في أيلول 2023 لحل النزاعات بسرعة إلى حل جذري للمشكلة.
وكانت نسبة الزيادة في الإيجارات تستند قبل تطبيق حد 25 بالمئة، إلى التغير في متوسط مؤشر أسعار المستهلك (TÜFE) السنوي الذي تعلنه هيئة الإحصاء التركية للشهر السابق، واعتباراً من الأول من تموز المقبل، سيتم العودة إلى هذا الحساب.
وفي الوقت الذي طُبق حد الزيادة بنسبة 25 بالمئة في تموز 2022، كان مؤشر أسعار المستهلك لمدة 12 شهراً عند 49.65 بالمئة، وبلغ ذروته في كانون الثاني 2023 عند 72.45 بالمئة، ووفقاً لبيانات نيسان الأخيرة من (TÜİK)، يبلغ حالياً 59.64 بالمئة.
"العودة عن السياسة الشعبوية"
وصف رئيس اتحاد المستهلكين، المحامي محمد بولنت دنيز، في حديثه إلى موقع (DW Türkçe)، تحديد الزيادة بنسبة 25 بالمئة كسياسة شعبوية: "أخيراً يعودون عن هذه السياسة. لأن هذا الإجراء الذي صدر قبل عامين كان كالقنبلة الموقوتة في المجتمع. المحاكم في حالة فوضى تامة. الأخبار السيئة حول النزاعات بين الملاك والمستأجرين تملأ الصفحات الثالثة في الصحف".
وأوضح دنيز أنهم في اتحاد المستهلكين يرون أن هناك فئتين من الملاك. الأولى هي تلك الفئة التي تعيش في منزل وتمتلك شقة ثانية تؤجرها لتعيش من دخلها، وغالباً ما يكون هؤلاء من المتقاعدين، وأما الفئة الثانية، فيقول دنيز، إنها تضم الأثرياء الذين يمتلكون أكثر من شقتين، بل قد يمتلكون عشرات أو حتى خمسين شقة أو أكثر.
وأشار دنيز إلى أن هذه الفئة تعيش حياة فاخرة من دخل الإيجارات، ولذلك عندما صدر هذا الإجراء، أشاروا إلى أنه سيعكر صفو المجتمع، وأنه يجب فرض ضريبة أعلى على الفئات التي تمتلك أكثر من ثلاث شقق لمنع نقل الثروة إلى الطبقة العليا في ظل بيئة تضخم عالية، لكن تحذيراتهم لم تؤخذ بعين الاعتبار.
ويؤكد دنيز إلى أنه في فترة التشدد المالي وارتفاع الأسعار المستمر، حيث يجد المستهلكون صعوبة في الحصول على قروض وتزداد نسبة المتابعات القانونية في البنوك، فإن زيادة الإيجارات ستجعل الأمور أكثر صعوبة على المستأجرين:"هذا القرار بشكله الحالي سيتسبب في خطأ آخر. بالنسبة للفئة التي كانت تعيش بإيجار منخفض لمدة عامين، سيكون هناك تأثير صادم جداً. للأسف، نتوقع أن تكون هناك مشكلات اجتماعية خطيرة."
"زيادة في دعاوى الإخلاء"
يتوقع محمد بولنت دنيز زيادة في دعاوى الإخلاء بعد شهر تموز. وحول كيفية تخفيف المشكلات المرتبطة بهذا الأمر، يشارك دنيز رأيه قائلاً: "إذا فُرضت ضرائب مختلفة على معاملات البيع والشراء والضرائب على دخل الإيجارات للأشخاص الذين يمتلكون أكثر من ثلاث وحدات سكنية بحيث تكون ثلاثة أو أربعة أضعاف، فإن هذه الخطوات ستؤدي إلى تراجع قليل من قبل الملاك".
من جانبه، يقول المحامي علي جوانش كيراز، رئيس جمعية القانون العقاري، إن قاعدة زيادة الإيجار بنسبة 25 بالمئة التي فرضت في العام الأول قد تم تطبيقها بشكل عام، وباستثناء بعض المشكلات الجزئية، فقد التزم الجميع بالقواعد.
ويوضح علي جوانش كيراز أن الطبيعة المؤقتة للقيود كانت فعالة في البداية، ولكن بعد تمديد التطبيق، ظهرت مشكلات للمالكين، مما أدى إلى مشكلة اجتماعية خطيرة:
"التوتر بين الملاك والمستأجرين ازداد بشكل كبير. حتى إننا شهدنا حالات جنائية، حيث انتقلت النزاعات إلى الشوارع، وتم اقتحام المنازل، وتعرض المستأجرون والمالكون للمضايقة، وكُسرت أبواب المنازل، وأصيب الطرفان بجروح، ووصل الأمر إلى حالات قتل".
وأشار كيراز إلى أن المحاكم مثقلة بمشكلات المستأجرين والملاك، وأن التنظيم الإلزامي للوساطة الذي تم تقديمه لم يكن ناجحاً كما ادعت الحكومة، حيث إن نسبة نجاح الوساطة في المدن الكبيرة مثل إسطنبول لم تتجاوز 20 بالمئة.
وصرح وزير العدل يلماظ تونتش في أيار، أن عدد الطلبات المقدمة للوساطة في دعاوى الإيجار بلغ 169 ألفاً و255 طلباً، منهم 87 ألفاً و149تم التوصل فيها إلى اتفاق، بينما فشل 62 ألفاً و783 في التوصل إلى اتفاق.
"لا يوجد عدد كافٍ من المساكن"
وذكر علي جوانش كيراز أن انتهاء الحد الأقصى سيؤدي إلى بدء زيادات الإيجار في تموز وفقاً لمتوسط معدل التضخم السنوي لشهر حزيران، موضحاً أن أحد أسباب ارتفاع إيجارات المساكن هو نقص عدد المساكن الكافي، وأن تكاليف البناء الحالية لن تسمح باستمرار إنتاج المساكن كما كان من قبل، وبالتالي ستستمر مشكلة نقص المساكن في تركيا بشكل جدي.
وأشار كيراز إلى أن وزارة الخزانة والمالية تعمل على تنظيم يشمل فرض ضرائب على المنازل الفارغة وعلى إيرادات الأراضي والعقارات، مضيفاً: "قد تُفرض ضريبة إضافية على من يمتلكون أكثر من منزل، بالإضافة إلى ضريبة القيمة العالية على العقارات. ولكن لا نعرف تفاصيل الحزمة حالياً".
متوسط الأسعار في إسطنبول 15-20 ألف ليرة
وأشار رئيس لجنة العقارات في غرفة تجارة إسطنبول (İTO) ورئيس مؤسسي جميع وكلاء العقارات الرياديين (TÜGEM) هاكان أكدوغان إلى أن تركيا شهدت أكبر نزاع بين المستأجرين وأصحاب المنازل في تاريخها خلال العامين الماضيين، معرباً عن رأيه بأن القطاع سيعود إلى طبيعته بعد انتهاء التطبيق.
وأوضح أكدوغان أن الشقة التي تبلغ مساحتها 100 متر مربع في إسطنبول تُؤجر حالياً بمتوسط يتراوح بين 15-20 ألف ليرة تركية، وأن إسطنبول تتصدر في زيادات الإيجارات، تليها المدن الكبرى الأخرى.
يرى أكدوغان أن تمديد التطبيق للسنة الثانية أصبح ظلماً لأصحاب المنازل، مشيراً إلى أن 90% من النزاعات بين الملاك والمستأجرين تنشأ بسبب الزيادة السنوية في الإيجار.
ويؤكد أكدوغان، أنه عند إزالة الحد، سيزداد عدد المنازل المعروضة للإيجار والمبيعات، حيث إنه جعل المستثمرين يترددون في شراء العقارات لتأجيرها: "يجب أن يكون لدى المستثمرين تصور حول العائد الشهري المتوقع من استثماراتهم، وكيفية استمرار هذا العائد في السنوات اللاحقة. لذا، فإن إزالة الحد ستؤدي إلى تحريك المنازل التي لم تُعرض بعد للإيجار، وحتى زيادة عمليات الشراء الجديدة بهدف تأجيرها".
وبحسب بيانات بلدية إسطنبول الكبرى، يتراوح عدد المنازل الفارغة في إسطنبول بين 450 ألف و750 ألف منزل.
دعم شراء المنازل للاستثمار
يعتقد هاكان أكدوغان أن فرض ضرائب على المنازل الثانية والثالثة لن يحل مشكلة الإسكان الحالية، وبدلاً من ذلك يجب زيادة عدد المساكن الاجتماعية.
ويرى أكدوغان أن اللوائح التي تحد من شراء المنازل الجديدة ستزيد من مشكلة الإسكان لأن عدد المساكن الاجتماعية غير كاف حالياً. وبدلاً من ذلك، يقترح تحفيز شراء المنازل لأغراض الاستثمار، مع اشتراط تأجيرها، وتقديم خصومات على المنازل المؤجرة، وغيرها من اللوائح.
وأضاف: "لا تستطيع الفئة ذات الدخل المنخفض شراء منزل أو الحصول على قرض سكني. هذا يعني أنه يجب علينا كسياسة حكومية زيادة عدد منازل الإيجار بشقق بأسعار معقولة لخلق منافسة".
وفقاً لدراسة أجرتها شركة أريدا سيرفي (Areda Survey) بمشاركة 1100 شخص من جميع أنحاء تركيا، فإن 86 بالمئة من المستأجرين واجهوا زيادات في الإيجارات تجاوزت حد 25 بالمئة خلال العام الماضي.
ويعتقد 59.5 بالمئة من المشاركين أن الحد يجب أن يتم تمديده مرة أخرى. وفي النزاعات بين المستأجرين وأصحاب المنازل، يرى 59 بالمئة من الجمهور أن المستأجرين هم الضحايا. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد 77.3 بالمئة أن امتلاك منزل أصبح حلماً بعيد المنال، ويؤكد 92.1 بالمئة من المشاركين أنه يجب وضع حد رسمي للرسوم الشهرية.