تراجعت زراعة القطن في المحافظة السورية بشكل حاد خلال الموسم الحالي، فقد سجل المحصول أدنى مستوى له على الإطلاق، إذ لم تتجاوز الكمية المسوقة الستة آلاف طن، ما يهدد شركات عامة كالغزل والزيوت وغيرها بالتوقف نهائياً، أو العمل لمدة شهر في أفضل التقديرات، وذلك في ظل أزمة الزيوت الحادة في البلاد وانهيار قطاع النسيج.
وقالت مصادر مطلعة في المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان التابعة للنظام إن الشركة استلمت فقط 6 آلاف طن قطن خام محبوب حتى يوم أمس، وبالتالي، لن تتجاوز كميات الأقطان المحلوجة 2000 طن، وهي لا تكفي حاجة شركات الغزل بمستودعاتها الفارغة لأكثر من شهر واحد.
وأضافت المصادر لصحيفة الوطن الموالية أن السياسات والإجراءات الاعتباطية لـ"وزارة الصناعة" بمؤسساتها التابعة لها مثل (الأقطان- النسيجية) وضعف الإدارة في تسويق المحصول، ستعطي نتائج كارثية على واقع الصناعة النسيجية السورية، التي تشكل 50 بالمئة من الصناعة السورية.
وحذرت المصادر من توقف شركات الزيوت عن العمل بشكل كامل في ظل الحاجة الماسة للزيوت النباتية في السوق المحلية، بعد أن كان إنتاج زيت القطن والكسبة العلفية يفيض عن حاجة السوق.
وتساءلت المصادر: "أين دور المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان في تأمين حاجة شركات الغزل والزيوت، وهي الجهة الحصرية المعنية باستلام الأقطان وحلجها وتسويق النواتج من الأقطان المحلوجة وبذور القطن إلى شركات الغزل والزيوت في القطاعين العام والخاص؟"
وأكدت المصادر أن الإجراءات الكارثية الكبيرة التي ارتكبتها "مؤسسة الأقطان" شجعت بدورها على قيام المحالج الأهلية الخاصة المنتشرة في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على حلج الأقطان والاتجار بنواتجها والإحجام عن تسليمها عبر وسطاء إلى المحالج التابعة للنظام، كما جرى في السنوات السابقة، علما أن المساحات المزروعة بالقطن ضمن هذه المناطق تشكل 80 بالمئة من إجمالي المساحات المزروعة في البلاد.
القطن في سوريا
شهدت زراعة القطن في سوريا انخفاضاً كبيراً خلال المواسم السابقة، نتيجة للظروف الأمنية السائدة وعدم استقرار المزارعين وصعوبة تصريف المحصول. كما تشكّل هجرة الفلاحين، وارتفاع أسعار البذار والمبيدات الحشرية، وقلة المياه اللازمة للري، عوامل إضافية لتراجع زراعة القطن في عموم سوريا.
ويحتل محصول القطن صدارة المحاصيل الزراعية في سوريا، وكان يعد من المحاصيل الإستراتيجية التي يعتمد عليها الاقتصاد السوري، نظراً لحجم المساحات المزروعة التي بلغت قبل العام 2011 نحو 250 ألف هكتار في محافظات الحسكة وحلب والرقة ودير الزور وحماة.