أحدثت مقاطع فيديو نشرها لاجئون سوريون عن حياتهم اليومية على متن سفينة خصصت كـ"مركز لجوء مؤقت" غضبا لبعض الهولنديين لا سيما الأحزاب اليمينية وأنصارها الذين طالبوا بإغلاق أبواب بلد الطواحين أمام اللاجئين.
وبدأت القصة عندما نشر لاجئون سوريون عبر حساباتهم على منصة "تيك توك" مقاطع فيديو تظهر جزءا من حياتهم على متن سفينة "SIlja Europa" التي خصصتها الحكومة الهولندية كمركز إيواء مؤقت لطالبي اللجوء.
وتُظهر الفيديوهات التي نشرها لاجئون سوريون على "تيك توك" غرف طالبي اللجوء التي تتضمن سريرا وحماما خاصا بالإضافة إلى قاعات مشتركة كالمطعم المشترك وغرفة يقدم فيها موظفو السفينة المعلومات للمقيمين المؤقتين.
@bassam5432 #كامب #باخرة_سيلجا_اوروبا #فيلسن #هولندا🇳🇱 #امستردام #fypシ #fyp ♬ Ti Ra Ra - Always April & Bashaar Al Jawad
وكانت الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء "COA" أعلنت في وقت سابق أن الكازينوهات والحانات والمطاعم والمتاجر على متن السفينة ستظل مغلقة.
وتفاعل العديد من الهولنديين على مقاطع الفيديو بشكل سلبي خصوصاً رئيس حزب "الحرية" اليميني المتطرف خيرت فيلدرز الذي نشر بعض تلك الفيديوهات عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر.
"الهولنديون يحصلون على الفتات"
وكتب فيلدرز المشهور بعدائه للإسلام واللاجئين على صفحته في (فيسبوك) تدوينة مرفقة بأحد الفيديوهات حيث قال: "كل شيء مجاني لطالبي اللجوء.. طعام ساخن، تدفئة، رعاية".
وأضاف: "كل شيء مقابل لا شيء على متن السفن السياحية الفاخرة، بينما لا يستطيع موظفونا دفع فواتير الطاقة والعديد من كبار السن يرتدون حفاضات بسبب نقص طاقم الرعاية الصحية".
كما قال فيلدرز في تدوينة أخرى: "يُظهر اللاجئون بلا خجل على تيك توك كيف يكذبون.. يسافرون بالسيارات والباصات والطائرات عبر أربع أو خمس دول آمنة ثم يطيرون إلى هولندا لطلب اللجوء هنا والحياة على متن السفن السياحية ذات الخمس نجوم من أموالنا"، مضيفاً: "أقول أغلقوا الحدود".
وتابع: "يأكلون نصف فطيرة تفاح بعد العشاء مع اللحم والبطاطس والأرز والخضروات المختلفة على حسابنا، بينما لم يعد باستطاعة العائلات الهولندية التي لديها أطفال دفع ثمن مشترياتها من البقالة.. عار".
ووصف فيلدرز اللاجئين في تغريدة على تويتر بأنهم "باحثون عن الثروة"، منتقداً "سياسة الحكومة ووصفها بـ"المجنونة" وزعم أن الشعب الهولندي "يحصل على فتات والغرباء يحصلون على كل شيء".
وعلق المئات من الهولنديين المناصرين لفيلدرز على تدويناته وعبروا أيضاً عن انتقادهم للحكومة لأنها تستقبل طالبي اللجوء، مطالبين بإغلاق باب اللجوء في وجه اللاجئين، كما زعموا أن الكثير من العائلات الهولندية لا تملك المال لإطعام أطفالها.
مطالبات بإغلاق الحدود
في سياق متصل، نشر حزب مندى الديمقراطية اليميني المتطرف تدوينة حول موجة الهجرة التي تشهدها هولندا وقال فيها: "لم يسبق أن جاء الكثير من المهاجرين إلى هولندا في مثل هذا الوقت القصير، 160 ألفاً هذا العام. هذا يعني ضغوطاً غير مسبوقة على سوق الإسكان لدينا وعلى ثقافتنا"، مضيفاً "نريد إغلاق حدودنا".
وتفاعلت بعض وسائل الإعلام الهولندية مع ما نشره اللاجئون السوريون وغضب "اليمين" ضدهم، كصحيفة "مترو نيوز" التي نشرت مقالاً بعنوان "فيديو على تيك توك يظهر الحياة على "قارب اللجوء" في فيلسن نورد ويسبب ردود فعل غاضبة".
ومؤخراً، استعانت السلطات الهولندية ببعض السفن لإيواء طالبي اللجوء بهدف حل أزمة اللجوء التي تشهدها البلاد منذ أشهر بعد تدفق آلاف طالبي اللجوء إليها.
وأثار تحويل السفينة إلى مركز إيواء احتجاجات وغضبا من بعض سكان بلدية فيلسن نورد، لكن عمدة البلدية فرانك ديلز قال الأسبوع الماضي إنه يتوقع اتخاذ تدابير كافية لتهدئة جميع المخاوف.
وشارك المئات من الهولنديين في مسيرة احتجاجية ضد استقبال اللاجئين في البلدية، كما تم تلطيخ لافتات الطرق التي كانت تهدف إلى إرشاد طالبي اللجوء على متن سفينة اللاجئين في القرية، وفق وسائل إعلام هولندية.
سفينة أخرى
وفي أمستردام أيضاً، سيجري قريباً استيعاب ألف طالب لجوء على متن سفينة سياحية أخرى "إم اس غالكسي"، لمدة ستة أشهر على الأقل، ووصلت السفينة إلى ميناء "Westelijk Havengebied" وقال مدير وكالة إيواء اللاجئين "كوا"، ميلو سخونماكير، إن "هذه الحلول تخفف من حدة الأزمة إلى حد ما، لكن هناك حاجة ماسة لهذا المأوى لفترة زمنية أطول".
ووفقاً لعضو المجلس المحلي في البلدية، روتخير خروت، فإن القارب الضخم وموقعه "ليس مثالياً كموقع استقبال".
ويقول خروت خلال جولة في السفينة: "نظراً للوضع في تير أبيل كان علينا بصفتنا بلدية المساعدة وترتيب الاستقبال بطريقة إنسانية"، إضافة إلى تجهيزات أخرى في المكان الذي سترسو في السفينة.
وتعمل سفينة "إم اس غالكسي" كعبّارة بين السويد وفنلندا ويبلغ طول السفينة 212 متراً، وتتكون من عشرة طوابق وتتسع لأكثر من 2800 شخص.
وسيكون هناك متسع لألف شخص على متن السفينة لمدة ستة أشهر ويمكن تمديدها كمركز إيواء لمدة ثلاثة أشهر أخرى ومن الممكن أن يرتفع عدد المقيمين فيها إلى 1500شخص.
وقبل أسابيع شغلت قضية إيواء طالبي لجوء في أحد فنادق بلدة ألبيرخن وسائل الإعلام الهولندية، ولا سيما بعد أن جرى إشعال النار فيه بالتزامن مع قرار قضائي لصالح وكالة إيواء اللاجئين "الكوا"، وجاء ذلك بعد أن شهدت البلدة احتجاجات رافضة لاستقبال اللاجئين.
أزمة متصاعدة
ولا تزال البلاد تعاني من أزمة اللجوء وسط تبادل الحكومة وبعض البلديات الاتهامات بالتسبب بها، وترفض بعض البلديات الإيفاء بالتزاماتها في استقبال طالبي اللجوء وسط انتقادات المنظمات الإنسانية والحقوقية للحكومة والبلديات.
ونام عدد من طالبي اللجوء عدة مرات خلال الأيام في خيم وعلى الكراسي في مركز تسجيل طلبات اللجوء في تير آبل.
وعلى مدار الأشهر الماضية وصل الآلاف من طالبي اللجوء خصوصاً السوريين إلى هولندا بحثاً عن الأمان لهم ولأطفالهم الأمر الذي تسبب باكتظاظ مراكز الإيواء.
وعلى إثر الأزمة أعلنت الحكومة الهولندية عن عدة إجراءات لحل أزمة اللجوء وكان أبرزها التشديد "المؤقت" للم شمل أسر طالبي اللجوء حيث قد تصل فترة انتظار طالبي اللجوء للم شمل ذويهم إلى مدة عام ونصف.
ووصل منذ بداية العام الجاري أكثر من 13 ألف لاجئ سوري إلى هولندا، ووصل خلال العشرة أعوام الأخيرة عشرات آلاف اللاجئين السوريين إلى هولندا وحصل عدد كبير منهم على الجنسية الهولندية، في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد أن يستوفوا الشروط اللازمة وأبرزها امتحانات اللغة.
ويقدر عدد السوريين في هولندا بأكثر من مئة وستة وعشرين ألف شخص بحسب التقارير الرسمية.