أعلنت الحكومة الهولندية عن عدة إجراءات لحل أزمة اللجوء التي تشهدها البلاد منذ أشهر وكان أبرزها التشديد "المؤقت" للم شمل أُسر طالبي اللجوء - الذين يشكل السوريون معظمهم - حيث قد تصل فترة انتظار طالبي اللجوء للم شمل ذويهم إلى مدة عام ونصف.
وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام هولندية فإن الحكومة الهولندية وافقت على تدابير للحد من تدفق طالبي اللجوء، مشيرة إلى أن هذا التدابير "جزء من خطة رئيسية لتحسين استقبال طالبي اللجوء".
وكتب وزير الهجرة واللجوء إريك فان دير بورغ في رسالة إلى مجلس النواب بأن "الوضع المحزن الذي لا يمكن تحمله في تير أبيل يتطلب حلولاً فورية".
لم الشمل بعد الحصول على منزل
وأعلنت الحكومة أنها بسبب الازدحام ستفرض قيوداً مؤقتة على لم شمل الأسرة حتى عام 2023 وقال وزير اللجوء والهجرة إريك فان دير بورغ: "إن الإجراء يخفف الضغط على مراكز استقبال اللجوء"، مضيفاً بأن هذا الإجراء سيحد من وصول أفراد الأسرة بعد لم شملهم إلى تير آبل "خوفاً من بقائهم بدون رعاية".
ومع الإجراء الجديد، سيحصل الأقارب على تأشيرة (وبالتالي إذن بالحضور إلى هولندا) عندما يكون المنزل جاهزاً لهم.
إذا لم يكن هناك منزل متاح بعد خمسة عشر شهراً من تقديم الطلب، فسيبقى لديهم الحق بالحصول على تأشيرة للقدوم إلى هولندا.
وبحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية فإن هذا الإجراء سيطبق حتى عام 2023 ويأتي ذلك بسبب الازدحام في مراكز استقبال اللجوء في هولندا وخاصة في تير أبيل.
ووفقاً لشبكة "إن أو إس" فإن مركز تسجيل اللاجئين في تير آبل ممتلئ منذ الخريف الماضي وأعداد اللاجئين لا زالت في ازدياد.
ويأتي عدد كبير من اللاجئين إلى هولندا في سياق لم شمل الأسرة بعد أن يسبقهم أفراد من عائلتهم ويحصلون على تصريح الإقامة.
هولندا تنفي حظر اللجوء الكامل
وفي الأشهر الستة الأولى من هذا العام، جاء نحو 5700 من أقارب اللاجئين في سياق لم الشمل إلى هولندا، وفي المجموع وصل نحو عشرين ألف طالب لجوء جديد إلى هولندا خلال هذه الفترة.
وبحسب ما قالت وسائل الإعلام الهولندية فإنه لم يكن الحظر الكامل على اللجوء أبداً خياراً، لأنه يتعارض مع المعاهدات الدولية التي تعد هولندا جزءاً منها.
وتقول الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء (COA) إن هذا أمر إيجابي، مضيفة إنها تأمل في الحصول على نتائج سريعة في تير آبل، ولكنها تشير أيضاً إلى أنه لا يوجد حل على المدى القصير جداً للأشخاص الذين يقيمون الآن في مركز تسجيل طلبات اللاجئين في تير آبل.
وأشار فان دير بورغ في تصريحات صحفية له إلى أن الأمر "سيستغرق أسبوعين على الأقل" حتى تظهر النتائج.
أماكن استقبال إضافية
كما تم الاتفاق على أن تبذل المناطق الأمنية في البلاد "أقصى الجهود" لتحضير 225 مكان استقبال إضافي في كل منطقة، وذلك بالإضافة إلى الأماكن المتفق عليها سابقاً في مأوى الطوارئ للأزمات.
وتم التراجع عن تاريخ 1 أكتوبر المقبل كموعد نهائي لإغلاق بعض ملاجئ الطوارئ الحالية، وتريد الحكومة أيضا التوقف مؤقتاً عن استقبال اللاجئين المسموح لهم بالقدوم إلى هولندا وفقا لـ"اتفاق تركيا"، ووفقا لفان دير بورغ، "أعادت هولندا توطين عدد كبير من الناس لسنوات، أي أكثر نسبياً من جميع الدول الأوروبية الأخرى، نحو ألف شخص سنوياً. لكن الآن بعد أن أصبح لدينا أشخاص ينامون على العشب في تير آبل، أو في القاعات الرياضية، لم يعد ذلك ممكنا".
في عام 2016، اتفقت تركيا والاتحاد الأوروبي على مساعدة بعضهم بعضا في مواجهة تدفق اللاجئين الناجم بشكل أساسي عن الحرب في سوريا، حيث إن تركيا لا تمنح اللاجئين حرية المرور إلى أوروبا، في المقابل، تستقبل دول الاتحاد الأوروبي لاجئين لكن لم تلتزم جميع الدول الأوروبية بهذا الاتفاق لذلك فإن هولندا لا تفعل ذلك مؤقتاً أيضاً، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الهولندية.
تأمين سكن لـ 20 ألف لاجئ
إلى ذلك أبرم مجلس الوزراء الهولندي اتفاقية أخرى مع البلديات حول استقبال اللاجئين حيث يجب على البلديات تأمين السكن لـ 20 ألف من حاملي الإقامات هذا العام.
وفي الوقت الحالي هناك ما يقرب من سبعة عشر ألفاً ما زالوا يعيشون في مركز لطالبي اللجوء، الأمر الذي تسبب بمشكلات هائلة في مركز تسجيل طالبي اللجوء في مدينة تير آبل.
والعديد من البلديات متخلفة في أداء واجباتها بتأمين سكن لطالبي اللجوء، وهناك قوائم انتظار ضخمة للإسكان الاجتماعي ويتم بناء عدد قليل جداً من المنازل التابعة للسكن الاجتماعي.
ويؤكد فان دير بورغ أنه لن يكون هناك توقف كامل للجوء ويقول "نحن لسنا نيوزيلندا أو إنجلترا".
ازدياد مدة دراسة طلب الحصول على إقامة
ستوفر الحكومة 15 مليون يورو لإنشاء موقع استقبال إضافي لطالبي اللجوء وقال فان دير بورغ إنه يأمل أن يكون الموقع جاهزاً بحلول العاشر من سبتمبر أيلول على أبعد تقدير، كما ستساهم وزارة الدفاع أيضاً بحل الأزمة حيث ستوفر موقعاً لاستقبال طالبي اللجوء.
كما سيتم بناء مساكن مؤقتة (مسبقة الصنع) حيث تسعى الحكومة لبناء 7500 منزل من هذا القبيل هذا العام و30 ألفاً أخرى في العامين المقبلين، وسيُخصص ثلثها للحاصلين على تصاريح إقامة.
أما فيما يخص السكن الاجتماعي (ذا الإيجار الرخيص المخصص لأصحاب الدخل المحدود) فستزيد نسبة الحاصلين عليه من اللاجئين إلى نحو 12 بالمئة بعد أن كانت تلك النسبة بين 5 و10 بالمئة سابقاً.
روته يشعر بالخجل
وفي الأسابيع الماضية نام مئات طالبي اللجوء في العراء في تير آبل الأمر الذي دفع منظمة أطباء بلا حدود للذهاب لأول مرة في التاريخ إلى هولندا لتقديم الرعاية لطالبي اللجوء في تير آبل.
قال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته في مؤتمره الصحفي الأسبوعي، إنه لا يمكن أن يكون هناك أي سؤال يتعلق بوقف اللجوء، وهو الأمر الذي تطالب به بعض الأحزاب في مجلس النواب، وقال مجلس الوزراء عدة مرات إن "حظر اللجوء غير ممكن، لأن هولندا ليست جزيرة وملزمة بالاتفاقيات الدولية".
كما قال روته إنه يشعر بـ"الخجل" من الوضع في تير أبيل، ولدى سؤاله عما إذا كان هذا إخفاقًا إدارياً، أجاب: "بالتأكيد"، لكنه أضاف أن "الوضع معقد".
وأضاف رئيس الوزراء الهولندي: "يمكنك إجراء الكثير من التحليلات بشأنه"، لكن أحدها بحسب روته هو أن الملاجئ أُزيلت تدريجياً بسرعة كبيرة قبل أعوام، وتحدث روته عن "درس يجب أن نتعلمه"، مؤكداً أن الجميع يبذل قصارى جهده لحل المشكلات.
ومنذ بداية العام الجاري، وصل أكثر من 13 ألف لاجئ سوري إلى هولندا، وخلال الربع الثاني من العام الجاري كان غالبية من تقدموا بطلب لجوء في هولندا من السوريين حيث بلغ عددهم بالمجمل 2260.
وعلى مدار العشرة أعوام الأخيرة فر من الحرب في سوريا عشرات آلاف اللاجئين السوريين إلى هولندا وحصل عدد كبير منهم على الجنسية الهولندية، في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد أن يستوفوا الشروط اللازمة وأبرزها امتحانات اللغة.
ويقدر عدد السوريين في هولندا بأكثر من مئة وستة وعشرين ألف شخص بحسب التقارير الرسمية.