قررت بلدية فيلسن نورد شمالي هولندا استقبال ألف طالب لجوء في سفينة "سيليا أوروبا" الراسية على بحر الشمال اعتباراً من يوم الإثنين وسط رفض واحتجاج من بعض السكان ورجال الأعمال على استقبال اللاجئين الذين يشكل السوريون جزءا منهم.
ونقلت وسائل إعلام هولندية عن مدير الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء ميلو سخونماكير، قوله "إن استقبال اللاجئين في السفينة "استثناء حقاً، ولكنه في الوقت نفسه امتداد خاص لملاجئنا".
وشهد مدير الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء "Coa" العديد من مواقع الاستقبال (للطوارئ) في السنوات الأخيرة، لكن السفينة السياحية الكبيرة ذات اللونين الأزرق والأبيض المتلألئة تحت أشعة الشمس على رصيف قناة بحر الشمال في فيلسن نورد ذات "أمر مختلف"، بحسب المسؤول الهولندي.
ويبلغ طول السفينة 202 متراً وارتفاعها 55 متراً وتحتوي على 12 طابقاً وإذا تم استخدام السعة الكاملة للسفينة فإنها تتسع لأكثر من 3600 شخص إضافة إلى طاقم العمل.
اقرأ أيضا: هولندا "تغص" باللاجئين ومقترح بإرسالهم إلى جزر الكاريبي وإغلاق نظام اللجوء
واعتباراً من يوم الإثنين، ستكون السفينة بمنزلة مركز استقبال طارئ لطالبي اللجوء، وحتى 1 من آذار، وسيبقى ألف - وبحد أقصى 1200 طالب لجوء على متن السفينة لمدة 30 يوماً، ومن المتوقع أن يتم الوصول إلى هذا العدد في غضون أسبوع.
ويقول المسؤول الهولندي: "كل يوم يعمل زملائي ما بوسعهم ليقدموا لكل طالب لجوء سريراً وسقفاً فوق رؤوسهم".
و"قررت الكوا عدم استخدام السعة الكاملة للسفينة" بحسب ما يقول سخونماكير لأنه على الرغم من أن السفينة كبيرة إلا أن هذا العدد من طالبي اللجوء يمكن التحكم فيه.
وبحسب الكوا فإن السفينة "عبّارة" تتنقل عادة بين مدينة هلسنكي ومدينة تالين عبر بحر البلطيق، ومعظم المرافق الموجودة على السفينة مغلقة حيث ستظل "الأضواء مطفأة" في المسبح وصالة الساونا والمطاعم والبار والمسرح والديسكو والكازينو وسيحصل طالبو اللجوء على غرف بسيطة للنوم.
كما سيكون هناك ملعب للأطفال وسيتلقى طالبوا اللجوء ثلاث وجبات في اليوم في المطعم لأنهم لا يستطيعون الطهي في غرفهم.
سكان ورجال أعمال من البلدية يحتجون!
ومنذ أن تم الإعلان أن بلدية فيلسن أعطت الضوء الأخضر لرسو سفينة سياحية كموقع لاستقبال طالبي اللجوء، عبر العديد من الهولنديين في القرية التي يبلغ عدد سكانها خمسة آلاف نسمة عن غضبهم من ذلك.
وشارك المئات من الهولنديين في مسيرة احتجاجية ضد استقبال اللاجئين في البلدية، كما تم تلطيخ لافتات الطرق التي كانت تهدف إلى إرشاد طالبي اللجوء على متن سفينة اللاجئين في القرية، وفق صحيفة "تراو" الهولندية.
كما أعلن عدد من رجال الأعمال اعتراضهم على ذلك كون السفينة تقع بجوار منطقة صناعية لصناعات الموانئ الثقيلة.
وتم رفع دعوى في محكمة مدينة هارلم ضد استقبال اللاجئين في السفينة وفق الصحيفة الهولندية التي قالت إنه لا يخشى رجال الأعمال فقط من دخول طالبي اللجوء إلى مبانيهم والتسبب في وقوع حوادث أو أضرار، بل يشيرون أيضاً إلى أن موقع الاستقبال "ليس آمناً".
وتعارض البلدية و"الكوا" بشدة ذلك ويذكران أن الاستقبال قد تم تنظيمه بعناية، رغم قول عمدة البلدية ديلز بأن موقع السفينة "ليس مثالياً".
وسيصدر القاضي حكمه بعد ظهر يوم الإثنين إذا تم رفض الاعتراضات، فسيُسمح لطالبي اللجوء بالنوم على متن السفينة في الليلة نفسها.
وقبل أسابيع شغلت قضية إيواء طالبي لجوء في أحد فنادق بلدة ألبيرخن وسائل الإعلام الهولندية، ولا سيما بعد أن تم إشعال النار فيه بالتزامن مع قرار قضائي لصالح وكالة إيواء اللاجئين "الكوا"، وجاء ذلك بعد أن شهدت البلدة احتجاجات رافضة لاستقبال اللاجئين.
في سياق متصل، يتعين على وزير الدولة لشؤون الهجرة واللجوء إريك فان دير بورغ الرد على البرلمان الأوروبي بشأن أزمة استقبال طالبي اللجوء في هولندا بعد أن اضطر المئات منهم للنوم في العراء في الأسابيع الأخيرة نتيجة لسياسة الحكومة التي أعلنت مؤخراً أيضاً أنه سيتعين على اللاجئين الانتظار لفترة أطول للم شمل أسرهم.
وتريد لجنة الحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية التابعة للبرلمان الأوروبي أن يأتي فان دير بورغ ليشرح الأمر، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام هولندية.
وتقول عضو البرلمان الأوروبي تينيك ستريك (من حزب خرون لينكس): "إن محاولة الحكومة الهولندية الآن أيضاً حل أزمة الاستقبال التي خلقتها بنفسها من خلال انتهاك الحق في لم شمل عائلات اللاجئين أمر غير إنساني".
وأضافت "على أي حال فإن تمزيق الأسرة الهاربة من الحرب لفترة طويلة أمر سيئ للطفل، كما يؤدي لتفاقم الصدمة إضافة إلى أن ذلك كارثة للاندماج".
وتشير سترايك إلى أنه من غير المفهوم سوء الوضع والازدحام الكبير في مركز الإيواء في تير أبل "بينما لا تواجه هولندا على الإطلاق عدداً كبيراً من طالبي اللجوء!".
اللجوء إلى هولندا
وعلى مدار الأشهر الماضية وصل الآلاف من طالبي اللجوء خصوصاً السوريين إلى هولندا بحثاً عن الأمان لهم ولأطفالهم الأمر الذي تسبب باكتظاظ مراكز الإيواء لا سيما مركز "تير آبل" لتسجيل طلبات اللجوء.
وعلى إثر الأزمة أعلنت الحكومة الهولندية عن عدة إجراءات لحل أزمة اللجوء التي تشهدها البلاد منذ أشهر وكان أبرزها التشديد "المؤقت" للم شمل أُسر طالبي اللجوء حيث قد تصل فترة انتظار طالبي اللجوء للم شمل ذويهم إلى مدة عام ونصف.
ومنذ بداية العام الجاري، وصل أكثر من 13 ألف لاجئ سوري إلى هولندا.
وعلى مدار العشرة أعوام الأخيرة فر من الحرب في سوريا عشرات آلاف اللاجئين السوريين إلى هولندا وحصل عدد كبير منهم على الجنسية الهولندية، في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد أن يستوفوا الشروط اللازمة وأبرزها امتحانات اللغة.
ويقدر عدد السوريين في هولندا بأكثر من مئة وستة وعشرين ألف شخص بحسب التقارير الرسمية.