حذّر مسؤولون أميركيون من أن العمليات العسكرية الروسية في سوريا "تزيد من خطر التصعيد"، مشيرين إلى أن القوات الروسية انتهكت اتفاقية عدم التضارب في سوريا أكثر من 60 مرة منذ مطلع آذار الماضي.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن "المقاتلات الروسية حلقت مراراً وتكراراً بشكل خطير بالقرب من المقاتلات النفاثة الأميركية في سوريا"، مضيفين أن "المقاتلات والطائرات المسيرة الروسية تضايق القوات الأميركية بوتيرة متزايدة، مما يخلق مخاطر جديدة لسوء تقدير مميت".
وأوضح المسؤولون أن الطائرات الحربية الروسية المسلحة "انتهكت مراراً الاتفاقيات القائمة منذ فترة طويلة مع الولايات المتحدة، على مدار الشهرين الماضيين، من خلال التحليق الخطير بالقرب من المقاتلات الأميركية فوق سوريا، وفوق القوات الأميركية العاملة في البلاد".
انهيار في الاحترافية و60 انتهاكاً منذ آذار
وقال الضابط في القوات الجوية الأميركية والمشرف على العمليات العسكرية في سماء سوريا، الجنرال أليكسوس غرينكويتش، إن "الوضع الحالي يمكن أن يتطور إلى نوع من سوء التقدير"، مضيفاً أنه "يشير إلى انهيار في الاحترافية، لم أشهده من قبل في القوات الجوية الروسية".
وذكر الضابط الأميركي أنه منذ بداية آذار الماضي، انتهكت القوات الروسية اتفاقية عدم التضارب أكثر من 60 مرة، موضحاً أن الطائرات الروسية، التي من المتوقع أن تبقى على بعد ثلاثة أميال بحرية على الأقل من الطائرات الأميركية، حلقت على بعد 500 قدم (150 متراً) من الطيارين الأميركيين مرتين على الأقل في الأسابيع الأخيرة.
وأشار الجنرال إلى أن "الأمر الأكثر إثارة للقلق، هو أن طائرات روسية مسلحة حلقت فوق القوات الأميركية في جنوبي سوريا أكثر من 20 مرة منذ بداية الشهر الماضي، في حين حلقت هذا الأسبوع طائرات روسية وقاذفات وطائرات مسيرة فوق قاعدة التنف جنوب شرقي سوريا".
اتفاقية عدم التضارب
وتتفق الولايات المتحدة وروسيا على سلسلة من القواعد تهدف إلى تجنب المواجهة المباشرة في سوريا، وأنشأ البلدان خطاً ساخناً خاصاً، يستخدمانه لضمان عدم وجود حسابات خاطئة عند تنفيذ عمليات عسكرية في سوريا.
وأعلنت الولايات المتحدة، عقب هزيمة "تنظيم الدولة" في آذار 2019، عن تخفيض عدد قواتها في شمال شرقي سوريا إلى نحو النصف وتحولت مهامها من الدعم القتالي إلى الدعم اللوجستي والتدريب وغيرها من أشكال دعم عمليات "مكافحة الإرهاب" التي تقدمها الولايات المتحدة لـ "قوات سوريا الديمقراطية".
وينتشر بضع مئات من قوات "التحالف الدولي" شمال شرقي سوريا، بينهم 900 جندي أميركي، في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور.
ويوجد في محافظة الحسكة أكثر من 7 قواعد ومراكز عسكرية أميركية، أكبرها تقع في ريف رميلان ومدينة الشدادي، إلى جانب وجود قواعد عسكرية أميركية في ريف دير الزور، فضلاً عن قاعدة التنف جنوب شرقي سوريا، والتي استهدفتها طائرات مسيرة وصواريخ بشكل متكرر من قبل ميليشيات تدعمها إيران.
وتحدثت تقارير أميركية عدة عن تكثيف القوات الروسية لـ "سلوكها العدواني" في محيط القوات الأميركية منذ العام الماضي، وفي حزيران الماضي، شنت القوات الروسية غارات جوية بالقرب من قاعدة التنف، وأخطرت موسكو واشنطن بالضربات عبر خط عدم التضارب، لكن المسؤولين الأميركيين وصفوا الهجمات بأنها "مضايقات" لقواتها.
تبادل اتهامات بشأن الأنشطة الجوية
وأمس الثلاثاء، تبادلت الولايات المتحدة وروسيا الاتهامات حول الأنشطة العسكرية في سوريا، حيث اتهم الجيش الأميركي روسيا بأنها "تقوم بأنشطة غير آمنة وغير احترافية"، في حين اعتبر رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا أن "التحالف الدولي ينتهك بروتوكولات سلامة الطيران".
وقال قائد قوة المهام المشتركة لعملية "العزم الصلب" في "التحالف الدولي"، الجنرال ماثيو ماكفارلين، إن الولايات المتحدة "ما تزال ترى نشاطاً غير آمن وغير احترافي للقوات الروسية في سوريا"، مشيراً إلى "تواصل مستمر عبر خط عدم التضارب" بين الجانبين.
وأشار الجنرال الأميركي إلى أن واشنطن تراقب الأنشطة الروسية "عن كثب، لأننا نريد التأكد من أننا نستطيع الاستمرار في التركيز على مهمتنا في هزيمة داعش، والتأكد من أننا نستطيع القيام بذلك دون عائق من قبل اللاعبين المختلفين في ساحة المعركة".
من جهته، اتهم رئيس "المركز الروسي للمصالحة"، أوليغ غورينوف، قوات "التحالف الدولي" بأنها "تنتهك، بشكل مستمر ومنهجي، بروتوكولات السلامة الجوية وسلامة الطيران في سوريا.
وذكر المسؤول الروسي أنه منذ بداية العام الحالي تم تحديد 665 انتهاكاً لقوات "التحالف الدولي"، منها 213 انتهاكاً في شهر نيسان الجاري.