أصبح الالتحاق بمراكز ونوادي اللياقة البدنية وكمال الأجسام في سوريا، أمرا مكلفا على الشباب وطلبة الجامعات والثانويات، حيث يركز السوريون في مناطق سيطرة نظام الأسد على حاجاتهم الأساسية، في ظل وضع اقتصادي مُتردٍّ، وتضخم أسعار كل السلع والخدمات إلى درجات غير مسبوقة، وبالطبع رواتب قليلة وانهيار في قيمة الليرة السورية أمام الدولار.
وتعد هذه المراكز التي لا يوفرها إلا القطاع الخاص في سوريا، ملاذاً للشباب والطلاب خصوصاً الذكور منهم، لملء أوقات فراغهم في ممارسة الرياضة والحركة وبناء أجسامهم.
في حين أن أسعار هذه النوادي باتت اليوم مرتفعة جداً، ولا تناسب دخل معظم العائلات التي تقطن في العاصمة دمشق أو ريفها، خاصة إن كانت تدفع أجرة البيت بعد نزوحها من مدن أخرى تعرضت للقصف أو التهجير خلال السنوات الماضية، إلى جانب السعي لتحصيل الأساسيات اليومية.
الاشتراك الشهري مكلف في دمشق
ويبدأ الاشتراك الشهري في دمشق بين 300 ألف ليرة سورية و500 ألف ليرة، في حين تنخفض الأسعار في ريف دمشق مثل عرطوز أو جرمانا إلى ما بين 30 ألف إلى 40 ألف ليرة، بحسب رصد موقع "تلفزيون سوريا".
وتفوق هذه الأسعار الرواتب التي تعطيها حكومة نظام الأسد لموظفيها بما يصل لثلاثة أضعاف وأكثر، حيث لا يستطيع موظف حكومي أن يسجل أحد أبنائه في مثل هذه النوادي.
وقال أسامة زينو، وهو طالب جامعي (21 عاماً)، إن هذه النوادي تستقطب اليوم فئة محددة من الناس، من يمكنه أن يدفع، وهم فئة قليلة من الشعب، بصراحة أنا أتدرب بالمنزل حيث لا يمكنني دفع ما يصل لـ 300 ألف ليرة عن كل شهر، حيث لدي مصروف الجامعة وشراء المحاضرات وأجرة المواصلات".
وأضاف في حديثه مع تلفزيون سوريا، أن الاشتراك الشهري بهذه النوادي، هو فقط للدخول واللعب هناك، من يشترك يحتاج لنظام غذائي وبروتين وإشراف مدرب وهذا كله عليه دفع، لكن هناك نوادٍ تقدّم عروضاً لاستقطاب الشباب خاصة أن الإقبال ضعيف".
وأشار إلى أنه "توجد في ريف دمشق نوادٍ أرخص، ومعدات قديمة لكن مشكلة المواصلات تدفع أي شخص للبقاء في منزله، أولاً للكلفة العالية في الذهاب والعودة وثانياً سيصبح الموضوع مكلفاً من ناحية الوقت والمال".
من جانبه، قال عبد الرحيم (28 عاماً)، إن النادي هو ملاذه الوحيد، والمكان الذي يذهب إليه يومياً بلا انقطاع بعد العمل، مؤكداً أن الاشتراك الشهري مرتفع إلا أنه مضطر، فكل شيء سعره مرتفع في سوريا.
وأضاف أن "الاشتراك الشهري هو بدل دخان لأي مدخن شره، من يستهلك في اليوم باكيتاً أو اثنين، بإمكانه استبدال ذلك بالرياضة، فهي مفيدة"، مبيناً "يمكن أنني أبالغ بعرف أن حالة الناس صعبة، لكن هذا هو الوضع الذي نعيشه معاناة مستمرة في كل شيء"
أسعار البروتين
من جانبه، قال الكابتن سعيد الذي يملك نادياً في أحد أحياء دمشق، نقدم في النادي جميع خدمات اللياقة البدنية، وألعاب كمال الأجسام للشباب، وإنقاص الوزن واللياقة للنساء، وننظم للمشتركين نظاما صحيا، وبرنامج بروتين، كل بحسب حاجته، ولكل خدمة سعرها".
وأردف الكابتن في حديث مع "تلفزيون سوريا" أن "الاشتراك لدينا يبدأ بـ 370 ألف ليرة شهرياً، ومع مدرب خاص 350 ألف ليرة أخرى، ونقدم البرنامج الصحي مجاناً".
وأوضح أن بعضهم يشتكي من غلاء أسعار البروتين، وهذا ليس بيدنا صراحة، إذ إن البروتين سيروس ماس (5 كيلوغرامات) يصل لـ 480 ألف ليرة، والبروتين واي (5 كيلوغرامات) بـ 650 ألف ليرة، وتوجد عبوات (2.5 كيلوغرام) ما بين 260 ألف و 360 ألف ليرة، في حين تسعّر عبوة الكيرياتين بـ 80 ألف ليرة".
وأشار الكابتن إلى أن المدربين في النادي يرافقون المتدرب من لحظة دخوله إلى النادي، يعطونه ملاحظات عن المعدات ومتى يمكنه استخدامها، ولا يشرف على أكثر من 6 أشخاص في وقت واحد، لضمان جودة الخدمة.
وأكّد سعيد أن "الإقبال ضعيف، فأنا أعمل في هذا المجال منذ 15 عاماً تقريباً، في الأعوام الأخيرة قلّ الإقبال مع زيادة الأسعار، ولكن عموماً ما زال هناك من يستطيع أن يدفع، وبالتأكيد نحن نعمل في قطاع غير أساسي بالنسبة للناس".
أقسام خاصة وأخرى مختلطة
وتستقطب نوادي اللياقة البدنية في دمشق وريفها، الرجال والنساء، إلا أن الأسعار تتباين بين منطقة وأخرى، حيث ترتفع في أحياء مثل المزة وأبو رمانة ومشروع دمر، وتقل نسبياً في أحياء البرامكة والميدان، وتنخفض بدرجة أكبر في المناطق الريفية.
وتعمل النوادي على تقديم عروض خاصة بالنساء لاستقطابهن بحسومات شهرية ما بين 15 و25 في المئة، حيث تتيح بعض النوادي أوقاتاً خاصة أو مختلطة بحسب رغبتهن، إلا أن الإقبال يبقى ضعيفاً مقارنة بالرجال.
وقالت سهام شمالي (33 عاماً)، "أنا مشتركة في أحد النوادي، وأدفع شهرياً 250 ألف ليرة بسبب التخفيض الذي حصلت عليه، وألعب في فترات محددة بقسم نسائي".
وأخبرت موقع "تلفزيون سوريا" أن مدربة تتابع تمارينها بشكل منتظم، ورغم ارتفاع الاشتراك الشهري بالنسبة لها، فإن شقيقها يرسل لها مساعدة مالية شهرية ما يجعلها تتدبر شؤونها، مضيفة "حالي متل حال هالعالم كلنا عايشين على مساعدة أهلنا يلي برا تقريباً لولا هيك الوضع لا يحتمل مطلقاً".
وفي مكالمة هاتفية مع مدربة سهام، أكّدت أن اللياقة البدنية وتخفيف الوزن أو زيادة الوزن وبناء جسم سليم، يحتاج إلى المواظبة، وترى أن الاشتراك بالنادي ليس ترفاً أو رفاهية بل ضرورة لأنه يحافظ على الحالة النفسية في ظل هذه الضغوط التي يعيشها السوريون.
وأضافت "ثقافة الجيم (اللياقة البدنية) غير موجودة بشكل واسع لدى النساء في سوريا، 95% من المشتركين في النادي من الرجال، ومؤخراً بدأت النساء في التسجيل بشكل أكبر".
وترى أن "الأسعار المرتفعة في النادي مرتبطة بالوضع الاقتصادي، إذ إن المعدات مستوردة، ولدينا تكاليف كبيرة في ظل انقطاع الكهرباء من مولدات أو بطاريات لإبقاء الإنارة في الصالات والتعقيم المستمر لمواجهة وباء كورونا المستجد".