icon
التغطية الحية

المساحة الجغرافية وتكاليف الصيانة ترهق أصحاب الحصّادات شمالي سوريا |صور

2024.05.29 | 06:20 دمشق

آخر تحديث: 29.05.2024 | 06:20 دمشق

حصادات شمالي سوريا
ارتفاع تكاليف صيانة الحصّادات شمال غربي سوريا (تلفزيون سوريا)
+A
حجم الخط
-A

يواجه أصحاب وملّاك حصادات المحاصيل الزراعية في مناطق إدلب وشمالي حلب، تحديات صعبة للغاية مع بداية الموسم الزراعي الحالي، وسط ضيق المساحة الجغرافية وارتفاع تكاليف الصيانة، وارتفاع أسعار المحروقات، ما يجعلهم رهن انخفاض الأرباح تارةً والخسارة تارةً أخرى.

وبدأ العاملون في مجال حصادات المحاصيل الزراعية الموسم الزراعي 2023-2024، بعد خطوات صيانة الآليات الزراعية، وتوفير المحروقات، والأيدي العاملة التي ترافقهم في رحلة الحصاد لمدة شهر تبدأ أواخر أيار الجاري حتى نهاية حزيران المقبل.

المحروقات وقطع الصيانة

يشتكي عاملون في مجال الحصادات الزراعية شمال غربي سوريا، من ارتفاع أسعار المحروقات وزيت المحركات وقطع التبديل وتكاليف الصيانة، التي باتت حملاً ثقيلاً على عاتقهم في ظل انخفاض أجور الحصاد والظروف الاقتصادية العامة التي تتحكم بالمنطقة.

وكان عبد القادر نجار -مالك حصادة زراعية- يوفر نحو 70% من العمل في موسم الحصاد الذي يمتد إلى شهرين تقريباً، بعد مصاريف العمال وزيوت المحركات والمحروقات وتكاليف صيانة وإصلاح الآليات الزراعية وقطع تبديلها، بينما اليوم باتت أرباحه محدودة جداً، وتتراوح بين 10 إلى 15% لا أكثر.

وقال خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: إنّ "ارتفاع أسعار المحروقات وزيوت المحركات مرهقة للعاملين في مجال الحصادات الزراعية، كونها تستهلك كميات كبيرة خلال موسم الحصاد حيث يصل سعر البرميل إلى 120 دولاراً أميركياً، وسط انخفاض أجور حصاد الهكتار".

وأضاف "نجار" أنّ "تكاليف الصيانة وقطع التبديل باهظة الثمن وتحتاج إلى مصاريف نقل لتأمينها، لكنها لا تتناسب إطلاقاً مع مستوى الأجور، ما يجعل العاملين في مجال الحصادات عرضةً للخسارة أو العمل دون أرباح".

وأوضح أنّ العاملين في مجال الحصادات الزراعية يضطرون إلى اختيار الأيدي العاملة التي تملك خبرة في مهنة إصلاح الآليات (ابن مصلحة) لتخفيف أعباء الصيانة.

وأشار إلى أنه يعمل طورنجي ولديه معدات كاملة، واختار عمّال خياطة الشوالات وسائق الحصادة وفقاً للمهن التي يتقنونها بأجر يومي يصل إلى 7 دولارات، بينهم مكنسيان، ومعلم هيدروليك، ومعلم حدادة، مؤكّداً أنه في حال عدم الالتفاف على المهنة، فإن الأرباح تكاد تكون معدومة ولا يمكنها أن تغطي نفقات الصيانة، كما تعرّض مالك الحصادة للخسارة.

واعتاد العاملون في مجال حصاد المحاصيل الزراعية صيانةَ الحصادات والآليات الزراعية المرافقة، قبل أسابيع من بدء مرحلة حصاد المواسم الزراعية، ونتيجة لانخفاض نسبة الأرباح من موسم الحصاد بات ملاك الحصادات يلجؤون إلى اختيار الأيدي العاملة بدقة، والتي سترافقهم خلال رحلة الحصاد، بهدف تخفيف الأعباء المادية المرهقة.

ضيق المساحة الجغرافية

ضيق المساحة الجغرافية يعتبر أيضاً عاملاً أساسياً في تراجع مستوى أرباح العاملين في مجال الحصادات الزراعية، فملاك الحصادات لا يجدون فرصة للعمل خارج مناطق شمال غربي سوريا، إذ إنّ عملهم محصور في مناطق شمالي حلب وإدلب وريفيها الشمالي والغربي.

وكان العاملون في مهنة الحصادات يتنقلون في معظم المحافظات السورية بشكل تدريجي بدءاً من محافظتي السويداء ودرعا والجزيرة السورية، وصولاً إلى محافظتي حلب وإدلب، في رحلة تمتد إلى قرابة شهرين ونصف (منتصف نيسان حتى آواخر شهر حزيران من كل عام)، لكنهم اليوم محصورون في بقعة جغرافية ضيقة.

وطالب "نجار" بفتح المعابر أمام الحصادات الزراعية للعبور إلى منطقة تل أبيض ورأس العين في منطقة عملية "نبع السلام"، إضافة إلى فتح المعابر الداخلية للمرور إلى مناطق الجزيرة السورية للعمل في الحصاد لأنّ مناطق شمال غربي سوريا يوجد فيها عدد كبير من الحصادات الزراعية وتوجد مضاربات في الأسعار ما يعرضهم لخسائر.

وفي منتصف أيار الجاري، سمح معبر جرابلس الحدودي مع تركيا، بمرور نحو 40 حصادة زراعية ترافقها 80 آلية، بينها سيارات وجرارات تحمل معدات الحصادات الزراعية، للعبور إلى منطقة تل أبيض شمالي الرقة مروراً بالأراضي التركية.

واستقرت الحصادات الزراعية في منطقة جرابلس، أواخر شهر نيسان الفائت، للمطالبة بعبورهم إلى منطقة تل أبيض، إلا أنّ إجراءات تنظيم العبور تأخرت حتى منتصف أيار الجاري، وذلك مقابل رسوم مالية وصلت إلى 300 دولار أميركي و500 ليرة تركية على كل حصادة ترغب في العبور، ومن المفترض أن تمتد الرحلة لثلاثة أشهر من تاريخه.

من جانبه، أحمد صطيف طبوش -مالك حصادة زراعية ويعمل في مناطق شمالي حلب- قال خلال حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا: "المساحة الجغرافية ضيّقة ولا تحقّق هامش ربح للعاملين في مجال الحصادات الزراعية، وتشكل عبئاً ثقيلاً على الأشخاص الذين لا يمتلكون خبرة في إدارتها".

وأضاف: "في السابق كان يتنقل في موسم الحصاد إلى ريف حماة وريف حمص والبادية وريف حلب الجنوبي في رحلة حصاد تصل إلى 70 يوماً من دون توقف، إذ تواصل الحصادات عملها في ساعات الليل والنهار، لكنه اليوم يعمل لساعات معدودة والأجور لا تغطي الكلفة الحقيقية"، مؤكّداً أنّ "أرباح موسم الحصاد كانت تمكّن المالك من شراء حصادة خلال تلك الفترة".

أجور الحصاد منخفضة

تتباين أجور حصاد الهكتار بحسب نوع المحصول الزراعي، كما تختلف من منطقة إلى أخرى، ففي منطقة إدلب يرتفع حصاد الهكتار من المحاصيل الزراعية مقارنة مع أسعار حصاده شمالي حلب، بسبب ضيق المساحات الزراعية الموسمية في إدلب.

وأوضح "طبوش"، أنّ "عدد الحصادات مرتفع جداً في مناطق شمال غربي سوريا، ما يسهم في انخفاض الأجور بسبب المضاربات بين أصحاب الحصادات الذين يضطرون إلى تخفيض الأسعار تماشياً مع السوق، والمستوى الإنتاجي للمحاصيل الزراعية".

وتابع: "المساحات الزراعية في إدلب ضيقة والأجور أعلى من شمالي حلب، حيث المساحات الزراعية الواسعة والأجور المنخفضة، لكن في إدلب لا يستطيع حصاد أكثر من ثلاثة هكتارات في اليوم، في حين هناك تصل إلى 6 هكتارات يومياً، ما يعني أنها متناسبة".

ووصل أجر حصاد هكتار الشعير نحو 65 دولاراً أميركياً، باعتباره أول المحاصيل الزراعية التي تدخل قائمة الحصاد، ومن المتوقّع أن يصل أجر حصاد هكتار القمح نحو 75 دولاراً أميركياً، أمّا الفول فوصل إلى 80 دولاراً للهكتار، بينما حصاد هكتار العدس والحمص وحبة البركة والكزبرة يتراوح بين 65 و70 دولاراً.

ويعتبر العمل في مجال الحصادات الزراعية من المهن الموسمية التي تعرف بمردودها المالي العالي مقارنة مع الأعمال والمهن الأخرى، بحسب العاملين بها، لكن ذلك المردود لا يتحقق حالياً لأنه يحتاج إلى التنقل من جنوبي سوريا وشرقها إلى شمالها الغربي، بينما هم اليوم ضمن حدود جغرافية ومساحات زراعية ضيقة.

تلقي تداعيات الظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تعيشها سوريا بثقلها على مختلف نواحي الحياة اليومية التي يعيشها السوريون، ومنهم العاملون في مجال الحصادات الزراعية، لكنهم جزء من آلاف المهن التي أصبح إنتاجها هباءً منثوراً، ما يدفع بعضهم إلى تعدّد المهن ومصادر الدخل في إطار مواجهة صعوبات الحياة.